في تقرير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»: القتل تحت تعذيب النظام مستمر

بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي الحادي عشر، إنَّ التعذيب نهج مستمر على مدى أحد عشر عاماً، مؤكدة أن حصيلة الذين قتلوا بسبب التعذيب قرابة 15 ألف شخص منذ آذار/ 2011 حتى حزيران/ 2022 بينهم 181 طفلاً و94 سيدة الغالبية العظمى منهم قتلوا على يد قوات النظام السوري.

وقال التقرير – الذي جاء في 45 صفحة – إن التعذيب المحظور بأقسى العبارات في القانون الدولي، ما زال يمارس بشكل واسع بحق المعارضين سياسياً أو عسكرياً، بين أطراف النزاع، أو من القوى المسيطرة بحق أبناء المجتمع الذين تحكمهم، بهدف بسط السيطرة وقمع أي مطالبات حقوقية أو ممارسة ديمقراطية.

أنماط التعذيب

وأضاف أن عملية اعتقال الأشخاص في سوريا شكل من أشكال التعذيب، لأنها تتم دون مذكرة قضائية، وهذه ممارسة شائعة من قبل أطراف النزاع والقوى المسيطرة، تضاف إليها أنماط أخرى من التعذيب كما أنَّ الغالبية العظمى من المعتقلين يصبحون مخفيين قسرياً، والإخفاء القسري يعتبر شكلاً من أقسى أشكال التعذيب. واستند التقرير إلى قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وعمليات التوثيق اليومية على مدى عام كامل، بما فيها مقابلات تمت مع عائلات ضحايا وناجين من التعذيب من مراكز الاحتجاز لدى مختلف أطراف النزاع، واستعرض 13 رواية تم الحصول عليها بشكل مباشر.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: التعذيب في سوريا يمارس بالوتيرة والمنهجية ذاتها منذ عام 2011، ولا يوجد لدينا اعتقاد أو أمل بأنه سوف يتوقف من قبل النظام السوري أو بقية أطراف النزاع دون تغيير سياسي للقيادات الموجودة التي لم تقم بأي عملية تحقيق أو محاسبة جدية للمتورطين في عمليات التعذيب. ما زلنا نوثق حالات تعذيب وحشية، ووفيات بسبب التعذيب، ونخشى على مصير عشرات آلاف المختفين قسرياً.
ووثق التقرير مقتل 14685 شخصاً بسبب التعذيب منذ 2011 على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، النظام السوري مسؤول عن مقتل 14464 بينهم 174 طفلاً و75 سيدة، وتنظيم داعش مسؤول عن مقتل 32 بينهم طفل واحد و14 سيدة، أما هيئة تحرير الشام فمسؤولة عن مقتل 31 بينهم طفلان بسبب التعذيب، وحسب التقرير فإنَّ 83 شخصاً بينهم طفل وسيدتان قد قتلوا بسبب التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية، فيما قتل 50 بينهم طفل وسيدتان بسبب التعذيب على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، وسجل التقرير مقتل 25 شخصاً بينهم طفلان وسيدة على يد جهات أخرى.

عمليات تعذيب

ووفقاً للتقرير فإنَّ النظام السوري قد اعتقل العدد الأكبر من المواطنين السوريين، ولا يزال لديه العدد الأكبر منهم، ومن المختفين قسرياً، ويتزامن التعذيب طوال مدة اعتقال الشخص، ورصد التقرير ممارسة النظام السوري لعمليات التعذيب في كثير من الأحيان على خلفية انتماء الضحية لمنطقة ما مناهضة له، كنوع من الانتقام الجماعي في مراكز احتجازه، وأشار إلى أنَّ محافظتي درعا وحمص كانتا في مقدمة المحافظات التي فقدت أبناءها بسبب التعذيب، كما استعرض التقرير المؤشر التراكمي لحصيلة الوفيات بسبب التعذيب في سوريا منذ عام 2011.
ووفقاً للتقرير فإن النظام السوري وضع «قوانين» تسمح بالتعذيب وتمنع محاسبة المجرمين وتعطي حصانة تامة من الملاحقة القضائية للذين ينفذون أوامره، واستعرض أبرزها، وقال إنه نظام شديد المركزية، ولا يمكن أن يعذب عشرات آلاف المعتقلين، ويقتل منهم الآلاف، دون أوامر مباشرة من رأس الهرم وهو رئيس الجمهورية، ورأى التقرير أن هذا الكم الهائل من التعذيب والقتل يقتضي اشتراك مؤسسات عدة في الدولة.
وحسب القانون الدولي الإنساني، يتحمل القادة والأشخاص الأرفع مقاماً مسؤولية جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم، وعرض التقرير أبرز أسماء المتورطين لدى النظام السوري في جريمة التعذيب، حسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان الخاصة ببيانات مرتكبي الانتهاكات، كما طالب لجنة التحقيق الدولية المستقلة عن سوريا بالكشف عن أسماء الأفراد الذين تحققت من تورطهم في ارتكاب انتهاكات فظيعة تُشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وضمنها جريمة التعذيب.

استمرار القتل

ومنذ صدور قانون تجريم التعذيب رقم 16 في 30/ آذار/ 2022، سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 11 شخصاً بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، إضافةً إلى العديد من عمليات الاستدعاء من قبل الأجهزة الأمنية في مختلف المحافظات السورية استهدفت ذوي ضحايا التعذيب، وقد تم التحقيق معهم وتحذيرهم من الإعلان عن الوفاة، وتهديدهم بإعادة اعتقالهم في حال قاموا بذلك، وهذا يؤكد أنَّ قانون تجريم التعذيب شكلي ويستحيل تطبيقه على أرض الواقع، كما أثبت التقرير أنّ جميع القوى المسيطرة في سوريا قد مارست التعذيب ضد خصومها، وبأن هذه الممارسات ما زالت مستمرة حتى الآن وأنّ النظام السوري قد انتهك بشكل واضح نصوص الدستور السوري، وبنود اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها سوريا في عام 2004، وتلاعبَ في سنِّ القوانين والتشريعات التي تحمي عناصر قواته من أية ملاحقة.
ودعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مجلس الأمن والأمم المتحدة لإيجاد آلية لإلزام كافة أطراف النزاع وبشكل خاص النظام السوري لوقف عمليات التعذيب، والكشف عن أماكن جثث الضحايا وتسليمها للأهالي. وأوصت المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عقابية جديَّة بحق النظام السوري لردعه عن الاستمرار في قتل المواطنين السوريين تحت التعذيب، والضغط على بقية أطراف النزاع بمختلف الطرق الممكنة لوقف استخدام التعذيب بشكل نهائي.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.