مسؤول أميركي لـ”العربي الجديد”: لا ندعم التطبيع مع الأسد

على الرغم من تراجع الملف السوري على أجندة الإدارة الأميركية الحالية برئاسة جو بايدن، في ظل توجّه الاهتمام إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، وملف الطاقة، والصين، وغيرها، وغياب أي خطوات عملية لدعم الحل السياسي للنزاع السوري أو محاسبة رئيس النظام بشار الأسد على جرائمه، إلا أن إدارة بايدن لا تزال تؤكد أنها لن تسعى لتحسين العلاقات مع النظام، ولا تدعم أي تقارب أو تطبيع إقليمي أو دولي معه.

وفي هذا السياق، يقول مسؤول في الخارجية الأميركية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن الحكومة الأميركية “لا تعرب عن أي دعم لجهود إعادة تأهيل النظام السوري أو بشار الأسد، ولن تقوم الولايات المتحدة بتحسين علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأسد”، مضيفاً: “نحن لا ندعم تطبيع العلاقات بين النظام والدول الأخرى”.

كلام المسؤول الأميركي جاء رداً على سؤال عن المعطيات التي تشير إلى أن واشنطن أعطت الضوء الأخضر للأردن لبدء تطبيع العلاقات مع نظام الأسد على مبدأ “خطوة بخطوة”، بالإضافة لطلب التعليق على المعلومات عن إمكانية التقارب بين النظام وتركيا.

وفي تعليقه، يحث المسؤول الأميركي دول المنطقة “على النظر بعناية إلى الفظائع التي لا يمكن تصورها والتي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري على مدار العقد الماضي، فضلاً عن جهود النظام المستمرة لمنع وصول الكثير من البلاد إلى المساعدات الإنسانية والأمن”.

وعن غياب الحل السياسي في سورية، وإمكان تبدل رؤية الولايات المتحدة إليه، يقول المسؤول الأميركي لـ”العربي الجديد” إن بلاده تعتقد بأن “الاستقرار في سورية والمنطقة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عملية سياسية تمثل إرادة جميع السوريين”.

ويضيف: “نحن ملتزمون بالعمل مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة لضمان بقاء حل سياسي دائم في متناول اليد، على النحو المبيّن في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

وفي الشأن السوري، يبرز ملف آخر بات أداة للأسد لتمويل حربه ونظامه، وهو تجارة وتصدير الكبتاغون، وأنواع أخرى من المخدرات. وعلى الرغم من تحرك الكونغرس الأميركي أخيراً في محاولة لتقويض تجارة الأسد بالمخدرات، إلا أن إجراءات الإدارة الأميركية لا تزال غير حازمة بوضع حد لتجارة المخدرات التي تتزايد يومياً والتي تشير المعلومات إلى أنها بدأت منذ العام 2016.

من درعا والسويداء جنوبي البلاد، دخلت المخدرات إلى الأردن ووصلت إلى السعودية، كسوق رئيسي لمخدرات الأسد، وكذلك إلى كل من الإمارات والكويت.

أما في أوروبا، فقد ضُبط الكبتاغون السوري في اليونان وإيطاليا ورومانيا وألمانيا وفرنسا عقب رحلات كانت محطاتها في مصر وليبيا، أي أن المتوسط بات الممر الأكبر لإيصال مخدرات الأسد للعالم.

وتشير تقارير وتحقيقات دولية إلى مليارات الدولارات التي يجنيها الأسد من هذه التجارة، وتتهم التقارير الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق بشار، بالإشراف على صناعة المخدرات وتهريبها وترويجها إلى جانب “حزب الله” اللبناني.

وأقر مجلس النواب الأميركي، الأسبوع الماضي، مشروع قانون يطالب الحكومة بتطوير استراتيجية مشتركة بين الوكالات لتعطيل وتفكيك عمليات إنتاج المخدرات والاتجار بها في سورية، بوصفها خطراً عابراً للحدود.

وتقدّم النائبان الجمهوري فرينش هيل، والديمقراطي براندون بويل، بمشروع القرار الذي ما زال يحتاج للمرور في مجلس الشيوخ قبل إرساله بصيغته النهائية إلى بايدن للموافقة عليه ليصبح نافذاً.

خلال جلسة التصويت على مشروع القرار، قال هيل إنه إضافة إلى ارتكاب جرائم حرب بانتظام ضد شعبهن فإن “الكبتاغون وصل بالفعل إلى أوروبا، وهي مسألة وقت فقط حتى يصل إلى شواطئنا”.

وينصّ المشروع على أن تجارة الكبتاغون المرتبطة بنظام الأسد في سورية تشكل تهديداً أمنياً عابراً للحدود الوطنية، وعلى الولايات المتحدة أن تطوّر استراتيجية لتفكيك شبكات إنتاج المخدرات وتهريبها المرتبطة بنظام الأسد.

ويطالب المشروع، وزراء الدفاع والخارجية والخزانة، ومدير إدارة مكافحة المخدرات، ومدير المخابرات الوطنية، ورؤساء الوكالات الفيدرالية المعنية الأخرى، بتزويد لجان الكونغرس المهتمة، في موعد لا يتجاوز 180 يوماً، باستراتيجية مكتوبة لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها، والشبكات المرتبطة بنظام الأسد في سورية.

وتتضمن هذه الاستراتيجية تعطيل الشبكات التي تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر البنية التحتية للمخدرات في سورية من خلال الدعم الدبلوماسي والاستخباراتي، فضلاً عن تعزيز قدرات مكافحة المخدرات للبلدان الشريكة أو التي تستقبل أو تمر من خلالها كميات كبيرة من الكبتاغون، إضافة الى استخدام التشريعات القانونية، بما في ذلك “قانون قيصر” للعام 2019 لاستهداف الأفراد والكيانات المرتبطة بالبنية التحتية للمخدرات لدى نظام الأسد.

وكذلك، الاستفادة من المؤسسات متعددة الأطراف والتعاون مع الشركاء الدوليين لتعطيل هذه البنية، ودعم حملات توعية عامة لزيادة الوعي بمدى ارتباط نظام الأسد بتجارة المخدرات.

وعن خطة الإدارة الحالية للتعامل مع مخدرات الأسد، يقول المسؤول في الخارجية الأميركية، الذي تحدث لـ”العربي الجديد”: “بصفة عامة، لا نعلّق على اتصالاتنا مع الكونغرس أو التشريعات المعلّقة”، مضيفاً: “يظل تهريب الكبتاغون مشكلة خطيرة لها آثار كبيرة على المنطقة وفي جميع أنحاء العالم نأخذها على محمل الجد”.

ويشير المسؤول إلى أن “كيانات تابعة لمسؤولين في نظام الأسد وحزب الله، بما في ذلك الفرقة المدرعة الرابعة للجيش السوري بقيادة ماهر الأسد، ارتبطت بإنتاج الكبتاغون وغيره من المخدرات غير المشروعة في سورية وعلى طول الحدود مع لبنان”، مضيفاً: “نحن نعمل على مكافحة الاتجار بالمخدرات من خلال جهود متعددة بما في ذلك أدوات وقدرات إنفاذ القانون التقليدية”.

وحول الوسائل التي يمكن أن تستخدمها الإدارة الأميركية لمكافحة مخدرات الأسد، يوضح المسؤول الأميركي أن “لدى حكومة الولايات المتحدة سلطات عديدة لتحديد أولئك الذين يقودون أو يسهلون أو يتواطؤون في الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، بالإضافة إلى ذلك، تمتلك وزارة الخزانة وإدارة مكافحة المخدرات (DEA) موارد يمكن مشاركتها مع شركائنا، بما في ذلك من خلال العمل على تعزيز الأطر القانونية والتنظيمية لأنظمة مكافحة غسل الأموال”. ويضيف: “سنستمر في استخدام جميع الوسائل المتاحة لنا لمكافحة تجارة الكبتاغون”.

العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.