ضربات متلاحقة لقادة “بي كا كا” في سوريا.. اختراق للمخابرات التركية؟ أم باكورة التنسيق مع مخابرات الأسد؟ 

على مدى الأسابيع الماضية، أعلنت مصادر رسمية تركية عن سلسلة عمليات اغتيال واعتقال متلاحقة نفذتها أجهزة المخابرات والجيش والأمن التركية، ضد قيادات بارزة في تنظيم “بي كا كا” والوحدات الكردية بشكل عام في سوريا، وذلك عبر الضربات المحددة التي تنفذها الطائرات المسيرة أو من خلال العمليات المخابراتية الميدانية في عمق مناطق سيطرة الوحدات الكردية.

وعلى الرغم من أن العمليات العسكرية والمخابراتية التركية ضد تنظيم “بي كا كا” في سوريا مستمرة منذ سنوات طويلة، إلا أن الأسابيع الأخيرة شهدت توسعاً كبيراً لهذه العمليات، إلى جانب أنها كانت عمليات محددة ودقيقة، وكثير منها كان ميدانياً، ومبني على معلومات استخبارية محددة لم تكن متاحة في السابق.

هذه التطورات التي جاءت بالتزامن مع إعلان تركيا استئناف العلاقات على مستوى المخابرات مع النظام السوري، والحديث عن إمكانية حصول اتصالات سياسية بين أنقرة ودمشق في المرحلة المقبلة، فتحت الباب واسعاً أمام التساؤلات حول ما إن كانت هذه العمليات هي نتيجة اختراق ميداني وصلت إليه المخابرات التركية مكّنها من الوصول لهذه القيادات، أم أنها باكورة لاستئناف التعاون مع مخابرات النظام السوري؟

وطوال الأسابيع الماضية، انتشرت الكثير من التسريبات والتكهنات حول وجود اتصالات ولقاءات على أعلى المستويات بين الأتراك والنظام السوري، حيث تحدثت مصادر إعلامية عن لقاءات جرت بين رئيس مخابرات النظام السوري علي مملوك، ورئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، في دمشق وطهران وموسكو. وعلى الرغم من عدم تأكيدها رسمياً، إلا أن المؤكد حصول اتصالات مشابهة في الآونة الأخيرة.

وكان من اللافت في العمليات الأخيرة، أنها استهدفت قيادات بارزة في تنظيم “بي كا كا”، ومعظمها من القيادات التي تحمل الجنسية التركية، وليس قيادات الوحدات الكردية من الجنسية السورية، كما أنها من القيادات التي تلقت تدريباتها في جبال قنديل معقل “بي كا كا” الرئيسي في شمال العراق، وهي القيادات التي تدفع تركيا بدرجة أساسية لاتهام الوحدات الكردية في شمال سوريا بأنها جزء من “بي كا كا”.

وحتى اليوم، لا يوجد إعلان رسمي من أنقرة أو دمشق حول وجود تعاون استخباري مباشر في استهداف قيادات “بي كا كا” الأجنبية -القيادات من الجنسية التركية بدرجة أساسية- لكن الجانبين تحدثا بشكل واضح خلال الأسابيع الماضية عن تعاون استخباري يعتقد أنه تمثّل في مراحله الأولى بتبادل المعلومات الاستخبارية التي ساعدت المخابرات التركية في تنفيذ ضربات محددة ومكثفة ضد قيادات بي كا كا شمالي سوريا.

وإلى جانب عمليات الاغتيال المحددة عبر ضربات المسيرات التركية لسيارات تقل قيادات من التنظيم، نفذت المخابرات عمليات ميدانية على الأرض ضد قيادات بارزة سواء عبر الاغتيال الميداني أو الاعتقال وجلب هؤلاء الأشخاص إلى تركيا من مناطق تسيطر عليها الوحدات الكردية، وهي عمليات معقدة وحساسة وتستند بدرجة أساسية على المعلومات الاستخبارية والتعاون الميداني على الأرض.

وقبل يومين، قالت وكالة الأناضول الرسمية، إن المخابرات التركية تمكنت من جلب ثلاث قيادات ميدانية من تنظيم “بي كا كا” من شمال سوريا كانوا يخططون لتنفيذ هجمات ضد تركيا، لافتةً إلى أن الموقوفين يحملون الجنسية التركية. وقبلها بيومين أيضاً، أُعلن عن تمكن المخابرات التركية من تحييد “صباح أوغور” مسؤولة بارزة في “بي كا كا” ومطلوبة بالنشرة الحمراء في تركيا، حيث جرى استهدافها بعملية استخبارية ميدانية في حلب عقب الحصول على معلومات تفيد بوصولها لسوريا من العراق، وهي أيضاً تحمل الجنسية التركية.

وقبل نحو أسبوع، قالت مصادر تركية إن المخابرات حيّدت “محمد أق يول” القيادي في تنظيم “بي كا كا” في منطقة عين عيسى شمالي سوريا، وهو تركي تلقى تدريبات في جبال قنديل وانتقل إلى سوريا، كما أُعلن عن جلب قياديين من التنظيم في عملية استخبارية قرب الحدود التركية شمالي سوريا، أحدهما قيادي بارز مطلوب بالنشرة الحمراء، ومن اسميهما يعتقد أنهما من الجنسية التركية.

وقبل ذلك بأيام، أعلنت مصادر تركية عن تمكن المخابرات من تحييد “محمد غوربوز” القيادي في “بي كا كا”، والملاحق بالنشرة الحمراء، عبر ضربة نفذها مسيرة تركية في عين عيسى شمالي سوريا، وسبق ذلك الإعلان عن تحييد “محيي الدين غولو” القيادي البارز في “بي كا كا” خلال عملية استخبارية ميدانية، كما أعلن عن تحييد قيادي بارز في “بي كا كا” يحمل الجنسية الإيرانية في مدينة القامشلي السورية.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.