الكوليرا وسوء التغذية يحاصران السوريين في الشمال وسط «انخفاض حجم المساعدات»

قالت منظمة إنسانية أمس الخميس، إن أكثر من 16 ألف طفل يعانون من سوء التغذية شمال شرقي سوريا، بارتفاع تجاوزت نسبته 150% خلال 6 أشهر فقط، بينما أعلنت منظمة الخوذ البيضاء ارتفاع عدد الوفيات بمرض الكوليرا في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في إدلب والأرياف المحيطة بها. وأحصت “القدس العربي” استناداً إلى برنامج الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة، ووزارة الصحة في دمشق العدد الإجمالي التراكمي للإصابات المثبتة، حيث بلغ نحو 2000 إصابة وأكثر من 40 حالة وفاة بالكوليرا في عموم البلاد.
وأفادت منظمة “سيف ذا تشيلدرن” (أنقذوا الأطفال) بأن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرقي سوريا ارتفع من 6650 طفلاً بين تشرين الأول وآذار 2022 إلى 16895 بين نيسان وأيلول 2022.
وقالت سارة علي، مسؤولة التغذية في المنظمة، في بيان، “نتعامل كل يوم مع عدد أكبر من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية مقارنة باليوم السابق (…) ما يهدد حياة الأطفال”، مشيرة إلى أن العائلات تُعد الفقر وعدم القدرة على شراء الغذاء كسببين رئيسيين خلف ازدياد حالات سوء التغذية.

انخفاض المساعدات

وتحدث مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني عن السبب وراء سوء التغذية وسوء الأوضاع المعيشية عموماً، في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا ومناطق سيطرة القوات الكردية شرقاً، حيث عزاه المتحدث إلى انخفاض حصص المساعدات المخصصة لكل شخص من الأشخاص النازحين، وهو ما انعكس على الأطفال والمشردين قسرًا. وقال عبد الغني في تصريح لـ”القدس العربي” إن السبب الأساسي وراء هذا الوضع الكارثي هو “انخفاض وتراجع حجم المساعدات المقدمة إلى سوريا، من الدول المناحة المقدمة في مؤتمر بروكسل وغيرها”. مضيفًا أن “حالة القلق السائدة شمال غربي سوريا، خوفاً من إغلاق روسيا لمعبر باب الهوى الوحيد المتبقي، هو وراء اضطراب عمليات الإغاثة وتأسيس مشاريع على مدى بعيد لسنتين أو ثلاث”. وأكد عبد الغني أن أبرز المتضررين من هذا الوضع “هم الأطفال لأنهم أكثر الأشخاص احتياجاً لتأمين الغذاء لصحتهم ونموهم”. وبالنسبة لمناطق نفوذ القوات الكردية شمال شرقي سوريا، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن المنطقة تعاني “من نقص المساعدات، والسبب أن القوافل الإغاثية كانت تدخل من معبر اليعربية على الحدود العراقية الذي أغلق نتيجة الفيتو الروسي، ما جعل المساعدات المخصصة لشرق سوريا تدخل عن طريق النظام السوري وتصل إلى دمشق ما سمح للأخير الذي يتحكم بهذه المساعدات بنهب أكثر من 60 في المئة منها، ومنح قسم محدود لا يتجاوز 40 في المئة فضلاً عن عرقلة مسير القافلات وهو ما ينعكس على العمليات الإغاثية، وما يزيد نسبة الاحتياجات مع الزمن”.
ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، كما يعاني 12.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي، في وقت تسجل البلاد ارتفاعاً كبيراً في معدلات التضخم والأسعار. وفيما لم يتحسن دخل العائلات في سوريا، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 800% بين 2019 و2021، ولا تزال في ارتفاع، “ما يدفع بأعداد متزايدة من الأشخاص نحو أتون الجوع”، وفق منظمة “أنقذوا الأطفال”. وضاعف النقص في المساعدات الوضع سوءاً في شمال شرقي سوريا، بعد إغلاق معبر اليعربية في بداية 2020، والذي كانت تدخل منه مساعدات الأمم المتحدة. وبات إيصال تلك المساعدات إلى مناطق سيطرة “قسد” يتطلب موافقة مسبقة من النظام السوري.
ونقلت “أنقذوا الأطفال” عن مهى (30 عاماً)، التي تبحث في النفايات لتوفير الغذاء لأطفالها الخمسة، وأصغرهم يعاني من سوء التغذية، “الحرب أتت بالجوع الشديد معها. في السابق لم نكن نقلق بشأن تأمين الطعام برغم كوننا فقراء”. وأشارت المنظمة إلى أن “5.5 مليون شخص في سوريا سيصبحون بحاجة إلى دعم مباشر بالغذاء في 2022-2033، نصفهم في شمال شرقي البلاد”. ودعت المنظمة الدول المجتمعة في مؤتمر المناخ في مصر إلى الاعتراف بتأثيرات التغير المناخي على المجتمعات وخصوصاً الأطفال في أنحاء العالم كافة، مثل الجفاف في شمال شرق سوريا.
في موازاة ذلك، قال “الدفاع المدني” في منشور على معرفاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إن عدد وفيات مرض الكوليرا في منطقة شمال غرب سوريا، ارتفع إلى 7 وفيات والمصابين إلى 270، بحسب الجهات الطبية في المنطقة. ودعا الأهالي للانتباه لمصادر مياه الشرب وغليها قبل شربها، إن لم تكن معقمة بالكلور الخاص بتعقيم المياه، وبإشراف جهات طبية، وطهي الطعام بشكل جيد، وغسل اليدين جيداً بالماء والصابون، والالتزام بإجراءات الوقاية.
وفي 27 من تشرين الأول الماضي، صنّفت “وزارة الصحة” في حكومة الإنقاذ، عدداً من تجمعات مخيمات المهجرين قسرياً شمال إدلب، مناطق عالية الإصابة بمرض الكوليرا، وقالت إن تجمع مخيمات الكرامة في منطقة أطمة، وتجمع مخيمات الجزيرة في بلدة قاح، ومخيمات دير بلوط، مناطق عالية الإصابة بمرض الكوليرا.
وبيّنت أن التصنيف جاء بناء على الخط البياني لانتشار المرض، حيث لوحظ ارتفاع في عدد الإصابات المثبتة مخبرياً، والمشتبه بها التي أبلغ عنها في التجمعات والمخيمات آنفة الذكر، إضافة إلى بلدة أطمة.

مناطق موبوءة بالكوليرا

وحذّرت من احتمال ارتفاع الإصابات أكثر في هذه التجمعات، فتصبح مناطق موبوءة بالكوليرا، داعية الأهالي إلى ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية، وحثّتهم بشكل خاص على استخدام الماء المضاف إليه الكلور للشرب، والاهتمام بالنظافة، وغسل الخضروات بشكل جيد.
وطالبت السلطات الطبية، بالابتعاد عن تناول الخضروات الورقية النيئة، والالتزام بالتوصيات التي نشرت على الصفحات الرسمية “لوزارة الصحة”، للحفاظ على سلامة الأهالي في شمال سوريا.
برنامج الانذار المبكر والاستجابة للأوبئة أعلن أمس، عن 8300 حالة مشتبه بها وأكثر من 300 حالة مثبتة في إدلب ومحطيها شمال غربي سوريا، مؤكدًا أن عدد الحالات المثبتة شمال شرق البلاد بلغ نحو 300 حالة، بينما يشتبه بوجود 21 ألف حالة، كما وثق البرنامج 700 حالة مشتبه بها و23 حالة مثبتة في منطقة نبع السلام.
و قالت وزارة الصحة السورية، إن العدد الإجمالي التراكمي للإصابات المثبتة في محافظات حلب ودير الزور والحسكة اللاذقية والرقة والسويداء وحماة وحمص ودمشق وريف دمشق وطرطوس ودرعا والقنيطرة بلغ /1298/ بينما بلغ العدد الإجمالي التراكمي للوفيات في المحافظات المذكورة /49/.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.