سوريا: مخاوف على الأسر الأشد ضعفاً نتيجة النقص الحاد في المساعدات المنقذة للحياة

حذرت منظمات وهيئات إنسانية عاملة في إدلب ومحيطها، من النقص الحاد في تمويل المجال الإنساني وضعف المساعدات المنقذة للحياة، ما يهدد حياة الأسر الأشد ضعفاً، ولا سيما في المخيمات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي وصعوبات في تأمين مادة الخبز، حيث وصل عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية 4.4 مليون مدني بزيادة قدرها 11% عن العام الماضي، فيما حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من أن المدنيين في شمال غربي سوريا «ما زالوا يتأثرون بتصعيد الأعمال العدائية الأكبر منذ العام 2019».
ووسط عجز هائل في عمليات الاستجابة الإنسانية، والنتائج الكارثية المتوقعة على المدنيين عموماً والنازحين ضمن المخيمات بشكل خاص خلال فصل الشتاء الحالي، أطلقت منظمة «منسقو استجابة سوريا» نداء مناشدة عاجل لتغطية القطاعات الإنسانية في شمال غرب سوريا، لتغطية الحد الأدنى من التمويل الخاص بعدد من القطاعات على رأسها لقطاع التعليم بالدرجة الأولى، وقطاع الأمن الغذائي وسبل العيش، وقطاع الصحة والتغذية، وقطاع المأوى، وقطاع المياه والإصحاح، وقطاع الحماية، وقطاع المواد الغير غذائية.
مدير منظمة «منسقو استجابة سوريا»، محمد حلاج، تحدث في تصريح لـ «القدس العربي» عن الاحتياجات الإنسانية الملحّة للمدنيين في المنطقة، سيما مع حلول فصل الشتاء.
وأكد أن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري شمال سوريا تشهد زيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية، مشيراً إلى ارتفاع أعداد المحتاجين لهذه المساعدات إلى أكثر من 4.4 مليون نسمة، تعيش النسبة الأكبر منهم ضمن المخيمات. لافتاً إلى ارتفاع أسعار المواد والسلع الأساسية في المنطقة، وتزايد معدلات البطالة بين المدنيين بنسب مرتفعة للغاية وصلت إلى 88.74 % بشكل وسطي.

وأشار الحلاج إلى بيان المناشدة الصادر عن المنظمة، التي دعا فيها كافة المنظمات الإنسانية للمساهمة الفعالة بتأمين احتياجات الشتاء للنازحين ضمن المخيمات بشكل عام، والعمل على توفير الخدمات اللازمة للفئات الأشد ضعفاً، كما حث المنظمات بالعمل على إصلاح الأضرار السابقة، ضمن تلك المخيمات وإصلاح شبكات الصرف الصحي والمطري وتأمين العوازل الضرورية لمنع دخول مياه الأمطار إلى داخل الخيام والعمل على رصف الطرقات ضمن المخيمات والتجمعات الحديثة والقديمة بشكل عام.
ووجهت المنظمة مناشدتها لجميع الجهات المانحة التي تقدم الدعم الإنساني في مناطق شمال غربي سوريا، للمساهمة بشكل عاجل وفوري لمتطلبات احتياجات الشتاء للنازحين ضمن تلك المخيمات والتجمعات، والالتزام الكامل بكافة التعهدات التي قدمت خلال مؤتمرات المانحين.
ووفقاً لتقارير المنظمة، فقد ارتفع سعر سلة الغذاء المعيارية الكافية لإطعام أسرة مكونة من خمسة أفراد لمدة شهر واحد، إلى حوالي 98 دولاراً أمريكياً (2,793 ليرة تركية) بزيادة قدرها 147 ليرة عن شهر أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما يستهلك 67% من راتب عامل مياومة لمدة شهر كامل، بعد ارتفاع نسب التضخم في المنطقة إلى 75.04 % على أساس سنوي مقارنة بالعام الماضي.
كما ارتفعت نسبة المخيمات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي إلى 88.7 % من المخيمات و95.1 % منها من صعوبات في تأمين مادة الخبز، ووصل عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية 4.4 مليون مدني بزيادة قدرها 11% عن العام الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة بمقدار 17.3 % حتى نهاية العام الحالي، نتيجة المتغيرات الكثيرة أبرزها تغيرات سعر الصرف وثبات أسعار المواد الغذائية على المستوى المرتفع، وزيادة أسعار بعض المواد الأخرى.
وحسب المصدر، فإن مئات الآلاف من المدنيين يسعون اليوم إلى تقليل عدد الوجبات اليومية وكميات الطعام للحصول على المستلزمات الأساسية، في خطوة جديدة نحو الهاوية وزيادة الفجوات في تمويل الاستجابة الإنسانية في سوريا، حيث بلغت أعداد الأسر التي خفضت أعداد الوجبات الأساسية إلى 71.2 %، في حين وصلت ضمن المخيمات إلى 93.8 %.
وتزداد المخاوف من استمرار العجز في تمويل العمليات الإنسانية في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها المدنيون في شمال غرب سوريا، حيث طالبت المنظمة الوكالات الدولية ببذل المزيد من الجهود من خلال تقديم الدعم اللازم للنازحين ضمن المخيمات، وناشدت المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري من أجل العمل على تأمين المستلزمات الأساسية للنازحين وخاصةً مع دخول فصل الشتاء، وعجز المدنيين الكامل في التوفيق بين تأمين مستلزمات التدفئة وتأمين الغذاء.
وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا من النقص الحاد في التمويل، معتبراً أن ذلك قد يؤدي إلى تعريض قدرة الشركاء في المجال الإنساني على تقديم المساعدات المنقذة للحياة للخطر.
واعتبر
في بيان، أن عدم تلبية الاحتياجات الماسة للعائلات يعرض الأسر الأشد ضعفاً لمستقبل قاتم. ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى تكثيف ودعم جهوده لمنع هذه المعاناة الإنسانية.
وفي مؤتمر صحافي، أمس الأربعاء، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن القصف الذي استهدف الأحياء السكنية في مدينتي إدلب وسرمين أسفر عن مقتل 9 مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال السبت الماضي، كما أدى القصف إلى إشعال النار في سوق المدينة، وقصف مخيم للنازحين، ما أسفر عن تدمير أماكن إيواء النازحين.
وأشار إلى أن هذا الهجوم هو الأحدث في سلسلة من الهجمات خلال الأسبوعين الماضيين، مضيفاً أنه في 2 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أبلغ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن إحدى المدارس في إدلب تعرضت للقصف في أثناء حضور الطلاب، ما تسبب في وقوع إصابات بين الطلاب والمعلمين.
وقال المسؤول الأممي: «بشكل عام، منذ 5 تشرين الأول الماضي، أدى القتال في شمال غربي سوريا إلى مقتل ما لا يقل عن 92 مدنياً، 40 % منهم أطفال، وإصابة نحو 400 آخرين».
وحول منطقة شمال شرقي سوريا، قال المتحدث باسم الأمين العام إن الاشتباكات العنيفة في دير الزور تؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك محطات المياه والمدارس، فيما يظل نحو 27 ألف شخص نازحين منذ آب الماضي، عندما بدأت الأعمال العدائية في المنطقة.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.