معارضون يفسرون سبب الكشف عن مرض أسماء الأسد: التمهيد لخبر أهم أو عزلها عن الدور الاقتصادي والتنموي الذي تلعبه لصالح قوى جديدة صاعدة داخل النظام

قالت رئاسة النظام السوري في بيان رسمي، أمس الثلاثاء، إنه جرى تشخيص إصابة أسماء الأسد، قرينة بشار الأسد، بسرطان الدم (لوكيميا)، وذلك بعد نحو خمس سنوات من إعلانها التعافي التام من إصابة بسرطان الثدي.
وأوضح أن أسماء الأسد (48 عاماً) ستخضع لبروتوكول علاجي متخصص يتطلب شروط العزل مع تحقيق التباعد الاجتماعي المناسب، وبالتالي ستبتعد عن العمل المباشر والمشاركة في الأنشطة العامة كجزء من خطة العلاج.
وأعلنت أسماء الأسد في أغسطس/آب 2019 عن تعافيها التام من سرطان الثدي التي قالت إنه اكتشف مبكراً.
وأثار النظام السوري بالكشف عن مرض شخصية مرتبطة به، الريبة والشك في نفوس السوريين، الذين اعتبروا أنه “لا يوجد في قاموس النظام اعتبار لمبدأ الشفافية”.
وانقسم معارضون في ترجمتهم للكشف عن مرض أسماء الأسد، فبينما رأى البعض أن “إعلان القصر الجمهوري عن مرض خطير بهذا المستوى للسيدة الأولى -لا سيما أن الأنظمة الدكتاتورية الشمولية دائماً ما تكون أخبار الرئيس ومن حوله سرية جداً وتخضع لرقابة شديدة – يعني إما التغطية عن خبر أهم وأكبر غير معلن أو أنه تمهيد لخبر ما أهم”، فقد ترجم آخرون الأمر بأنه مرتبط بمحاولة إبعاد أسماء الأسد عن الملف الاقتصادي بعدما انتهى دورها. الباحث لدى “مركز مشارق ومغارب للدراسات” عباس شريفة، فسّر عزل أسماء الأسد صحياً بأنه “لا يعني عزلها صحياً فقط، إنما عزلها عن الدور السياسي والاقتصادي والتنموي الذي تلعبه لصالح قوى جديدة صاعدة داخل النظام”. وحول الشخص الذي سيشغل مكانها الشاغر، رجح شريفة لـ “القدس العربي” أن يكون “اللواء كفاح ملحم هو الشخص الأكثر نفوذاً الآن، وسيحاول أن يملأ الفراغ الذي ستتركه أسماء الأسد في الأيام المقبلة”.
وقال: “لا شك أن أسماء الأسد شكلت حالة مزعجة ومقلقة للطائفة العلوية، حيث بدأت تتخلص من الكثير من رجال الأعمال والضباط المسؤولين من الطائفة، ما شكل امتعاضاً، وخصوصاً بإدارة منظمة التنمية السورية التي سيطرت على كثير من قطاعات الاقتصاد السوري فضلاً عن المساعدات الإنسانية.
وترأس الأسد الأمانة السورية للتنمية، وهي منظمة غير حكومية كبيرة تعمل كمظلة للعديد من عمليات المساعدات والتنمية في سوريا.
الباحث السياسي لدى مركز الحوار السوري د. أحمد القربي، استعبد أن يمهد الأمر لشيء ما أكبر أو أهم، معتبراً أن تأثيره سيكون محصوراً بالملف المساند للجانب الأمني والعسكري، الذي هو الملف الاقتصادي الذي تمسك به أسماء الأسد من خلال عدة أدوات، مثل الأمانة السورية للتنمية، و”منظمة تكامل” التي استطاعت من خلالها السيطرة على جزء كبير من “اقتصاد الظل”. ورجح المتحدث لـ “القدس العربي” أن يكون التأثير الوحيد حول هذا الموضوع دون سواه من الملفات الأمنية والعسكرية، وقال: “الموضوع يثير الشك لأن النظام السوري غير شفاف، فضلاً عن أن أسماء الأسد لا تتمتع بأي منصب داخل الدولة سوى أنها السيدة الأولى، ولكنها فعلياً تمسك بالملف الاقتصادي الذي كان له دور كبير في الآونة الأخيرة بعد طرد رامي مخلوف وتسلم أسماء الأسد تقريباً ملف الاقتصاد أو “اقتصاد الظل” إن صح التعبير، وإذا كان ذلك صحيحاً فإن الأمر يتعلق بالملف الاقتصادي”.
ورافقت أسماء الأسد زوجها العام الماضي في زيارة إلى دولة الإمارات، وهي أول رحلة رسمية معروفة لها إلى الخارج معه منذ عام 2011. والتقت بالشيخة فاطمة بنت مبارك، والدة الرئيس الإماراتي، خلال رحلة كان ينظر لها على أنها إشارة لدورها المتنامي في الشؤون العامة.
مدير وحدة الدراسات في “مركز أبعاد” محمد سالم، اعتبر في تصريح لـ “القدس العربي” أنه من الصعب التأكد من مدى مصداقية الخبر على اعتبار أن شفافية النظام السوري مشكوك بها دائماً، مستدركاً بأنه في حال كان الخبر صحيحاً، فإن الإعلان عنه يأتي في سياق كسب التعاطف الشعبي، وقد سبق الإعلان عن إصابتها سابقاً بالسرطان وخضوعها للعلاج.
وثمة احتمال آخر برأي المتحدث، “فمن الممكن أن تكون هذه محاولة لقصقصه أجنحتها وتقليص نفوذها، ويمكن أن يكون ذلك انعكاساً للتنافس الداخلي عند النظام”.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.