كشف رجل الأعمال السوري، بشار نوري عن تحرك أهلي يقوده عدد من وجهاء وتجار العاصمة دمشق، بما يخص أوضاع مدينة السويداء خلال اليومين المقبلين بهدف إيقاف نزف الدم وإنجاز عمليات تبادل للإفراج عن موقوفين، وإعادة الحياة إلى طبيعتها، والعمل على ترسيخ الحلول السياسية التي ترضي كل الأطراف على أساس تطبيق اللامركزية الإدارية تحت علم واحد وضمن دولة واحدة.
نوري الذي كان سابقاً، أمين سر غرفة تجارة دمشق، والعائد من الولايات المتحدة، قال في تصريح خاص لـ«القدس العربي» إننا شعرنا بالمخاطر التي تحيق بدولتنا، وإن هناك شرخاً كبيراً سيحيق بسوريا، وإن لم نكن سياسيين لكننا نرفض القتل وسفك الدماء فكل ما يهدر هو دم سوري إن كان من العشائر أو الدروز أو من أهالي درعا، ودورنا اليوم إيقاف نزف الدم وإعادة الحياة إلى طبيعتها.
وتابع: ننشط كمجموعة تصل إلى أكثر من عشر شخصيات دمشقية، ويأتي عملنا الحالي استكمالاً لزيارة سابقة لنا إلى السويداء قمنا بها نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي بعد سقوط النظام والتقينا خلالها مع شيخ العقل في طائفة المسلمين الموحدين الدروز حكمت الهجري، ولاقينا حينها منه كل الترحيب وعبر لنا عن سعادته بانتصار الثورة.
«الوفاء لسوريا»
وبيّن نوري أنه وبعد انتصار الثورة، تحركنا كمجتمع أهلي، وتوجهنا إلى مدينة السويداء وجرمانا وإلى بعض كنائس دمشق، وقرى للعلوية في محافظة حمص، وكنا نتحرك ضمن «مؤسسة الوفاء لسوريا»، وهو تجمع مدني أهلي ولا يحمل أي طابع سياسي، وانصبت جهودنا بعد سقوط النظام على ترميم بعض المدارس والمستوصفات والمساجد، وعملنا كان خيريا في الأساس.
وأضاف: إننا تجار، ولنا علاقات في جميع المحافظات، وسخرنا علاقاتنا هذه في زياراتنا لتهدئة النفوس وتطمينها، وللوقوف في وجه التجييش الطائفي، وقلنا لهم إياكم أن تظنوا أن السنة قد انتصروا على الدروز أو العلوية وإنما جميعنا كمكونات سورية، انتصرنا على عصابة كانت تتحكم بالدولة ولم تشكل إلا قلة صغيرة ولا يمكن تعميمها على جميع العلويين أو غيرهم من الطوائف السورية.
وعن جهودهم الحالية، قال نوري: أجرت مجموعتنا اتصالاتها مع عدد من تجار السويداء، وأبلغونا بأنه لا تتوفر لديهم مواد غذائية كافية ولا المواد الضرورية للحياة اليومية، فنعمل على تنظيم قافلة مساعدات ستدخل معنا.
وتابع: إننا على تواصل يومي مع شخصيات من السويداء بهدف تأمين سلامة زيارتنا من دون أن نتعرض للأذى، ونحن لا نتحرك باسم «هيئة الوفاء لسوريا» وإنما كنوع من الوفاء الدمشقي لأهلنا في السويداء، ولسنا ضد الهجري ولا ضد ليث البلعوس ولا علاقة لنا بخلافاتهم الداخلية، ونعمل فقط على موضوع وقف إراقة دماء السوريين. وتابع نوري: كانت زيارتنا في كانون الثاني/ يناير، ناجحة، والأصدقاء من السويداء قاموا بواجب الاستقبال والاستضافة، وحينها لم نتحرك بناء على توجيه من أحد وإنما كتجمع أهلي نحب الخير لدولتنا، وأهالي السويداء من أطيب الناس، لكن الضخ الإعلامي واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب الذباب الإلكتروني قد ترك آثاره الكارثية على عموم سوريا، موضحا أن للإعلام دورا مهما وأساسيا لكن وللأسف فإن الإعلام السوري ضعيف.
وتوقع نوري أنه خلال يومين أو ثلاثة أيام سيكون هو وزملاؤه في مدينة السويداء ولكن بعد الحصول على الضمانات الكافية لزيارتنا وعودتنا سالمين، موضحا أنهم سيعملون على إنجاز اتفاقات تؤدي إلى إفراج متبادل لموقوفين من كلا الطرفين، وأبلغتني شخصية قريبة من أصحاب القرار في دمشق باستعداد الحكومة لتنفيذ مثل هذه العملية، لكننا يجب ألا نقبل إلا بتنفيذ العدالة وخصوصا على من نفذ انتهاكات بحق المدنيين وهؤلاء يجب أن يحاسبوا أمام القضاء وينالوا جزاءهم العادل، وقال: «نحن نحب دولتنا ونسعى لرفعة شأنها ولكننا لا نقبل لها أن تكون ظالمة». وتحدث نوري عن حماسة ومطالبات من الأوساط التجارية للمشاركة في هذه الزيارة «لكن ما نسعى إليه هو تنظيم زيارة بمشاركة شخصيات دمشقية ذات ثقل اقتصادي واجتماعي».
الجزيرة بعد السويداء
وإن كانت جهودهم التي تركز على محافظة السويداء قد تدفعهم لتحرك مماثل مع محافظات الجزيرة والتواصل مع الإدارة الذاتية المؤقتة هناك، قال: نعم بالتأكيد وإن وفقنا الله في مسعانا في السويداء فإننا سنتجه نحو الأكراد وأنا والدتي من عشيرة الشيخاني الكردية وسوف نذهب سويا إلى الحسكة إن شاء الله.
وقال: سنحافظ على سوريا وآمالنا معقودة على الحلول السياسية، فبعد أن تخلصنا من ظلم النظام البائد فإننا سنعمل على الحلول السياسية التي ترضي كل الأطراف، على أساس تطبيق اللامركزية الإدارية، وأن ينتخب أبناء المحافظة محافظهم وإداراتهم المحلية وحتى عناصر شرطتهم سواء في السويداء أو حمص أو أي محافظة سورية أخرى، من دون أن يعني ذلك فتح الباب للتدخل في السياسة العامة للدولة المتفق عليها تحت علم واحد وضمن دولة واحدة.
وقال: يجب أن تلقى المحافظات التي عانت التهميش في ظل النظام السابق من دعم اقتصادي يسمح لمواطنيها العيش وفق شروط حياة كريمة، والاستثمارات التي نسمع أنها ستأتي من السعودية أو قطر لبناء الأبراج في العاصمة فإننا نرى بتوجيهها إلى المحافظات الأخرى لافتتاح معامل تؤمن فرص عمل للمواطنين هناك، كدعم القطاع السياحي في السويداء على سبيل المثال، فلا يجب حصر الاستثمارات في دمشق أو إدلب، إنما يجب توزيعها على كامل الجغرافيا السورية.
القدس العربي