النظام يعدم مقاتلين سلموا أنفسهم في حمص

النظام يعدم مقاتلين سلموا أنفسهم في حمص بعد الاتفاق على إطلاقهم واشنطن تقدّم مساعدات «فتاكة» للمعارضة المعتدلة

أعلنت الولايات المتحدة أمس أنها تقدم «دعماً فتاكاً وغير فتاك» الى المعارضة السورية المعتدلة. وذكر الائتلاف الوطني السوري أن نظام الأسد أعدم قرابة 20 شخصاً في حمص بعد أن تم الاتفاق معهم على أن يطلق سراحهم حال تسليم أسلحتهم.

فقد أعلنت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي للرئيس الأميركي باراك أوباما في تصريح لشبكة «سي ان ان» أمس، أن الولايات المتحدة تقدم «دعماً فتاكاً وغير فتاك» الى المعارضة السورية المعتدلة.

وقالت رايس غداة إعلان إعادة انتخاب بشار الأسد رئيساً لولاية ثالثة إن «الولايات المتحدة كثفت دعمها للمعارضة المعتدلة المؤكد أنها كذلك، مقدمة لها مساعدة فتاكة (سلاحاً) وغير فتاكة».

وترافق رايس الرئيس الأميركي في زيارته الى شمال فرنسا، حيث تجري الاحتفالات بالذكرى السبعين لإنزال النورماندي.

وكانت الولايات المتحدة تؤكد حتى الآن أنها تكتفي بتقديم دعم غير فتاك للمعارضة السورية خوفاً من وقوع الأسلحة بأيدي مجموعات متطرفة تنشط في صفوف المعارضة.

وعن سؤال حول ما إذا كانت رايس تعلن بذلك تغييراً رسمياً في الاستراتيجية الأميركية رفضت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي كاتلين هايدن الرد، واكتفت بالقول «نحن لسنا الآن في موقع يتيح تفصيل كل مساعدتنا، ولكن وكما قلنا بشكل واضح، فإننا نقدم في الوقت نفسه مساعدة عسكرية وغير عسكرية الى المعارضة» السورية.وذكر الائتلاف الوطني السوري أن نظام الأسد قام بإعدام قرابة 20 شخصاً ونقل أكثر من 80 آخرين من مقاتلي حمص إلى فرع 235 (المعروف باسم فرع فلسطين) في دمشق، وكان هؤلاء المقاتلون سلموا أنفسهم وخرجوا من أحياء حمص المحاصرة إلى حي الخضر بعد أن تم الاتفاق مع النظام على أن يطلق سراحهم حال تسليم أسلحتهم، وحدث ذلك قبل عقد الاتفاقية التي رعتها الأمم المتحدة حول إخلاء أحياء حمص الشهر الماضي، بحسب معلومات وصلت إلى الائتلاف من ناشطين في المدينة.

واستنكر الائتلاف الوطني عملية الإعدام التي نفذها نظام الأسد بحق هؤلاء المعتقلين، وعبر عن قلقه الشديد إزاء مصير البقية الذين تم نقلهم، وطالب المنظمات الدولية بالتحرك السريع للتأكد من سلامتهم بعد توثيق آلاف المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون الأسد.

ودان الأمين العام للائتلاف الوطني السوري بدر جاموس بشدة «استمرار نظام الأسد باستخدام الغازات السامة ضد المدنيين»، مشيراً إلى «استقبال المكتب الطبي في مدينة عربين بريف دمشق صباح (أول من) أمس 10 حالات اختناق ناتجة عن استنشاق غازات سامة ألقتها قوات نظام الأسد«. 

وأضاف جاموس في تصريح صحافي أنه «بعد أخذ العينات، رجح الأطباء الذين عاينوا المصابين أن تكون هذه الغازات شبيهة بغاز الكلور الذي استخدامه نظام الأسد في كل من حرستا والمليحة الشهر الماضي«. 

وأكد رفض الائتلاف لمحاولات نظام الأسد «التلاعب بقرارات المجتمع الدولي والإبقاء على 12 موقعاً لتصنيع الأسلحة الكيميائية مغلقة بدل تدميرها وفقاً لقرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذي تبناه مجلس الأمن»، مشيراً في هذا السياق إلى أن «المنسقة الخاصة للبعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة سيغريد كاغ؛ كشفت خلال جلسة إحاطة لمجلس الأمن، عن وجود تناقضات في القائمة الأصلية التي أعلن عنها النظام، مما يعني أن الأسد ربما يتمكن من الاحتفاظ ببعض المواد الكيميائية ما لم يتخذ المجتمع الدولي موقفاً حازماً وجاداً تجاه هذه المحاولات«.

ميدانياً، سقط قتلى وجرحى إثر غارات جوية على مدن بريف حلب، وسط تواصل الاشتباكات بين مقاتلي الجيش الحر وقوات النظام في حي القابون بدمشق ومحيط بلدة المليحة بريف دمشق الشرقي.

وقالت شبكة سوريا مباشر إن الطيران الحربي شنّ غارات جوية عدة على مدن إعزاز ومدينة الأتارب ومدينة تل رفعت التي قتل فيها ثلاثة أشخاص وأصيب عدد آخر بجروح.

من جهتها، قالت شبكة شام إن عدداً من القتلى والجرحى سقطوا إثر قصف منطقة السكن الشبابي بحي الأشرفية في حلب بالبراميل المتفجرة، كما أغار الطيران الحربي على أحياء الهلك وباب النصرة وقسطل حرامي.

وذكر ناشطون أن ثلاثة قتلى – بينهم طفل- لقوا حتفهم نتيجة قصف الطيران الحربي بلدة أخترين بريف حلب، كما أدى القصف أيضاً إلى سقوط جرحى.

وفي دمشق، استهدف قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة حي جوبر، كما سقطت قذيفة هاون على حي الصالحية.

يأتي ذلك وسط استمرار الاشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام في حي القابون بدمشق ومحيط بلدة المليحة بريف دمشق الشرقي، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي، مما أسفر عن مقتل أحد عناصر الجيش الحر متأثراً بجراحه ومقتل ثلاثة من جنود النظام أثناء الاشتباكات، وفق اتحاد تنسيقيات الثورة السورية.

كما قال ناشطون إن قصفاً مدفعياً وصاروخياً عنيفاً تعرضت له مدينة دوما بريف دمشق الشرقي أثناء تأدية صلاة الجمعة. 

وفي حماة، ذكرت المؤسسة الإعلامية بحماة أن هناك غارات بالبراميل المتفجرة على عدد من المدن وقرى حماة، وسط اشتباكات بمحيط قاعدة تل عثمان العسكرية بريف حماة الغربي.

وشنّ النظام السوري غارات جوية على مدن إنخل ونوى وسحم الجولان، وقصف بالمدفعية بلدات اليادودة وعتمان بريف درعا.

واستهدف مقاتلو المعارضة السورية بالمدفعية الثقيلة تجمعات لقوات الأسد جنوب معرة النعمان بريف إدلب.

وفي اللاذقية، قالت مسار برس إن كتائب المعارضة استهدفت بالمدفعية والهاون تجمعات لعناصر الدفاع الوطني في قرية السمرا وقتلت عدداً منهم. 

وفي دير الزور، سيطر مجلس شورى المجاهدين التابع للجيش الحر على قرية الفدين بريف دير الزور الشمالي بعد اشتباكات مع تنظيم «داعش».

وتشهد الأنفاق المحفورة في باطن الأرض على المدخل الشرقي لدمشق، على حرب من نوع آخر بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة تستعمل فيها الى الأسلحة التقليدية، تقنيات متعددة منها الإنصات والمكر والتسلل.

ويقول مازن وهو ضابط في الجيش السوري برتبة نقيب، لوكالة فرانس برس «نعتمد بالدرجة الأولى على آذاننا. عندما نتمكن من تحديد مصدر الضجيج (الناتج عن الحفر المضاد)، نحفر في اتجاه الهدف».

ويضيف وهو جالس في ما يشبه الجحر في أسفل مبنى مهجور في حي جوبر الدمشقي، «ثم تحصل المفاجأة: إما نجد المسلحين أمامنا وتقع معركة ومواجهة مباشرة، وإما نسد لهم نفقهم، وإما نستخدمه لصالحنا».

ويُعد الحي الواقع في شرق العاصمة ويشهد معارك يومية بين طرفي النزاع اللذين يتقاسمان السيطرة عليه، محوراً استراتيجياً لقربه من ساحة العباسيين. ويمثل وصول المقاتلين الى الساحة تهديداً جدياً للعاصمة التي تُعد نقطة ارتكاز نظام الأسد.

ويمكن رؤية حفرة عمقها سبعة أمتار في موقع النقيب مازن، وهي تقود الى «غرفة مراقبة» وضعت فيها أجهزة كومبيوتر وشاشات متصلة بكاميرات منصوبة في الأنفاق التي حفرتها القوات النظامية.

ويشرح أحد العسكريين أن المعارك في جوبر تقسم الى قسمين: أولهما «حرب ناعمة» تدور فوق الأرض وتشمل نشر كل طرف قناصة تابعين له في مبانٍ تبعد عن بعضها أمتاراً قليلة أحياناً. وتترافق المعارك مع قصف من الطرفين واستخدام النظام للطيران الحربي.

لكن «الحرب الفعلية» تدور تحت الأرض. ويشرح الجندي وهو جالس قبالة جهاز كومبيوتر «هنا توجد مدينتان: واحدة فوق الأرض، وأخرى سفلية حيث نتواجد، وهي أكثر واقعية من الأولى».

ولتفادي نيران القناصة، حفر الجيش النظامي أنفاقاً ضيقة تصل بين المباني التي يسيطر عليها، ووضع فيها مصابيح إضاءة. وفي باحة مبنى من ثماني طبقات يمكن رؤية حفرتين ظاهرتين تؤديان الى نفقين. وغالباً ما تكون الأنفاق مؤلفة من مسارات عدة فوق بعضها.

ويشرح الملازم ماهر أن «الطبقة السفلية الأولى مخصصة للإمداد، والثانية للتواصل بين المواقع، والثالثة لإجلاء الجرحى. أما الطبقة الأخيرة التي قد يصل عمقها الى 12 متراً، فتكون مفخخة. وفي حال أراد العدو التسلل، نقوم بتفجير المتفجرات التي زرعناها فيها».

ويتفادى الطرفان المتقاتلان حفر الأنفاق على مستوى واحد، إذ إن ذلك يجعل عملية كشفها سهلة بالنسبة الى الخصم. ويشبه الوضع لعبة «القط والفأر»، إذ يحاول كل طرف تفادي الآخر، أو خداعه لكشف مخبئه.

ويقول أحد الجنود إن «النقيب علي يثير جنون المسلحين لأنه يعرف كيف يحفر الأنفاق بطريقة تتيح لنا التسلل من خلفهم».

ويقول العقيد رامز إن «التكتيك الذي يعتمده المسلحون مزدوج: حفر الأنفاق للوصول الى أبنيتنا لتفجيرها، أو حفر أنفاق تتخطى خطوط دفاعنا للتسلل الى المدينة من وراء ظهورنا».

ويستخدم مقاتلو المعارضة منذ أشهر عمليات تفجير الأنفاق في مناطق عدة تشهد معارك، وتكون هذه الأنفاق مربوطة إجمالاً بمواقع عسكرية أو مراكز تجمع للقوات النظامية، أو تهدف التفجيرات الى فتح طريق الى موقع آخر، وأبرز هذه التفجيرات حصلت في حلب في شمال البلاد وفي إدلب (شمال غرب).

وبث ناشطون معارضون على موقع «يوتيوب» أشرطة مصورة لعمليات التفجير وأخرى تظهر عمليات الحفر التي تتم بأدوات بدائية ويدوية. ويقول بعض المقاتلين في التسجيلات إن الأنفاق تهدف الى تأمين خطوط امداد للمناطق المحاصرة والتسلل الى مواقع النظام وتدميرها.

في دمشق، طلبت الفرقة التي يقودها العقيد رامز مساعدة خبراء في علم الجيولوجيا، مزودين بأجهزة استشعار قادرة على التقاط وجود تجويفات على عمق يراوح بين عشرة أمتار و15 متراً. إلا أن هذه الأجهزة تعطي إشارات مضللة في بعض الأحيان، إذ يتبين أنها تعود لقنوات رومانية قديمة. بالنسبة الى الجيش السوري، هناك خطان أحمران: ساحة العباسيين القريبة من وسط العاصمة، وبرج «مجمع 8 آذار/مارس» في جوبر، وهو بناء مرتفع يجعل الجزء الشرقي من دمشق في مرمى نيران قناصة المعارضين في حال تمكنوا من السيطرة عليه.

ويقول العقيد رامز إن الجيش أحبط قبل أشهر «هجوماً كبيراً على دمشق»، إثر اكتشافه «في اللحظة الأخيرة»، نفقاً يصل الى خلف خطوط دفاع القوات النظامية.

وبحسب ضابط في أجهزة الأمن، فإن مقاتلي المعارضة «حفروا العديد من الخنادق في جوبر، المئات منها تصل الى بلدات أخرى» في محيط دمشق.

بالنسبة الى مقاتلي المعارضة، قد يستغرق حفر نفق شهوراً.

ويوضح تقرير للمكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية التابعة للائتلاف الوطني المعارض بعنوان «حرب الأنفاق»، أن «الثوار يقضون شهوراً لإنجاز الحفر والوصول الى النقطة المستهدفة وهم يستخدمون وسائلهم البدائية ويتغلبون على نقص الأوكسيجين والعتمة أيضاً بالوسائل المتاحة، ويحدث أحياناً أن يتم اكتشاف النفق قبل إتمامه، وتكون النتيجة تفجيره وضياع شهور من التعب».

وأشار الى أن «حفر الأنفاق ليس خياراً سهلاً ولكنه الحل الوحيد في ظل انعدام التكافؤ في التسليح والمعدات» بالمقارنة مع ترسانة النظام وتجهيزاته.

ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية سليم حربا في مقره في دمشق، «لم توجد في العالم شبكة أنفاق متشعبة كتلك الموجودة في سوريا حالياً«. ويشير الى أن الظاهرة «انطلقت في حمص (وسط) في 2012. ومنذ ذلك الحين، اكتشف الجيش (النظامي) 500 نفق في البلاد، لكن أعتقد أن عدد الأنفاق المحفورة هو ضعف ذلك».

المستقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.