د. كمال اللبواني
أوباما الذي امتنع عن التدخل لوقف جرائم الحرب والانسانية التي ترتكبها عصابات النظام السوري ومليشيات غازية ايرانية ولبنانية وعراقية في سوريا ، يتنطح اليوم لقتال ثوار العرب السنة في العراق ويصدق كذبة داعش الايرانية ، ويصر على الصاق تهم الارهاب بكل سني يدافع عن حريته وكرامته ، مثله مثل بشار والمالكي وحسن ….
أوباما يتبنى وجهة نظر طائفية عنصرية ضد العرب السنة ، و يدرس خطط الحرب مع ايران وزعرانها ضد أصحاب الأرض وسكانها التاريخيين، الذين أطلق المالكي عليهم لقب داعش التي صنعها بيديه .. أوباما يتبنى الاعلام المضلل ويصاب بعمى ألوان فتصبح خطوطه الحمراء خضراء وبالعكس ، وتصبح الشعوب التي تنتفض ضد الظلم والقهر والجريمة وارهاب الأجهزة … منظمات ارهابية .
لقد جاءت القوات الأمريكية للعراق لتحريره من الاستبداد ، لكن ديمقراطية أمريكا المزيفة جاءت باستبداد المالكي ورعته وجددت له عشر سنوات، وبنت دولة الفساد والارهاب والتمييز والحقد الطائفي تحت رعاية الاحتلال الأمريكي . وفوق ذلك أرسلت ميليشياتها الطائفية لارتكاب المجازر في سوريا ، ودعمت سرا الارهاب ومنظماته التي عانى منها الشعب السوري … وأغلقت كل طريق سلمي نحو العدالة ، إنها ديمقراطية القهر والاستعباد والاضطهاد والتمييز ، والتي لا تحمل أي مشروع سياسي حضاري للعراق، مع العلم أن موارد العراق كافية لجعله من أفضل دول العالم .
في النتيجة عادت صور صدام للارتفاع في سماء العراق ، وعاد عزت الدوري والشيخ حاتم لحكم المناطق السنية وليس داعش التي يعرفونها صنيعة المالكي ، وانتشرت الفوضى في أفغانستان وفي العراق وفي سوريا ولبنان ومصر وليبيا ، وفي كل المنطقة تثبت الأيام والأحداث فشل السياسة الأمريكية الذريع ، ليس لعيب في جينات البشر ولا دياناتهم ، بل لعيب في هذه السياسات الحمقاء التي لا تراعي ضروريات الاستقرار والعدالة والعيش الكريم للشعوب ، وهذا يتطلب اعادة نظر جدية وعاقلة وتغيير الفريق الحالي الذي شوه الوعي ونشر الفوضى وضيع البوصلة وعمي عن الألوان الحقيقية والمصالح الحقيقية ، لقد قالها السفير فورد وقبله هوف بكل صراحة ( لم أعد قادرا على الدفاع عن سياسات بلادي ) . فإلى متى الامعان في هذه السياسة والتمادي في الخطأ .
نعم داعش مدانة والارهاب مدان لكن في كل مكان وعلى الجميع ، نعم يحق لكل سكان العراق الشعور بالحرية والأمن والكرامة ، ولا يقبل أن يقع أي مكون تحت تمييز واضطهاد ولؤم مستمر ، ولا يقبل أن لا يحاسب الحاكم على فساده والأجهزة على تجاوزاتها وارتكاباتها ، والا فالثورة ستصبح الخبز اليومي للشعوب ، فدولة الباطل لا تدوم .
كفى اتهام السنة بالتطرف .. فأنتم من تدفعونهم للسير وراء المتطرفين، عندما يفشل سياسيوهم المعتدلون في رفع المظالم عنهم ، نعم السنة متطرفون اذا ظلموا ، والله قد حرم الظلم على نفسه لأنه ظلمات يوم القيامة ، وللمظلوم الحق في الدفاع عن نفسه بالوسائل التي يملكها ، فهل ترك المالكي أو بشار طريقا سلميا لرفع المظالم ؟ أم تريدون تخليد الظلم والجريمة والتمييز بشعارات غبية وسياسات أغبى ، واعلام سخيف ، هل ستدخلون الحرب إلى جانب المجرم المالكي والمجرم بشار والمجرم حسن ، ضد المجتمع الأهلي العراقي والسوري ، الذي حُرم طويلا من تشكيل بنى سياسية تمثله ، بسبب الاستبداد والاضطهاد والتزييف الذي مارسه وكلائكم من الحكام والسياسيين المأجورين..
إن فعلتموها ثانية فعليكم أن تتوقعوا ما تسمونه الارهاب .. الذي هو رد فعل الضعيف الغاضب على غطرسة القوي المتجبر ، فالحرب على الارهاب تكمن في سلوك القوي الذي عليه أن يحترم كرامة الآخرين وعقلهم وهويتهم ، عندها سيقاتل الجميع إلى جانبه لو تعرض للإساءة ، ولن يضطر لاستخدام قوته طالما هو يعرف الحق ويحترمه، لأن هذه القوة ستصبح ضرورية لصيانة الحق والدفاع عنه ، وفي ذلك مصلحة للجميع ..
لا أصدق أن أي مجتمع يعيش حياة عادلة وكريمة سيدعم التطرف أو يحتضن الارهاب .. إنه الظلم يا أوباما وليس الدين من يولد الارهاب، فلا تنظر بنظارة طائفية عنصرية يستعملها من تعتمد عليهم حولك ، وحذار حذار من دخول الحرب إلى جانب ايران فإن ذلك سيكون حريقا في كل المنطقة ولكل شيء، فقد بلغ بالعرب الغضب درجة الجنون، وكما قال الشاعر
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينَ
أنظر إلى شبابهم الذي يترك حياة الرفاه ويأتي ليموت في ساحات الصراع ، أنظر إلى شعوبهم التي خرجت مجتمعه للثورات غير آبهة بتحطيم كل شيء .. تعقل واعد النظر في حساباتك الخاطئة في العراق وسوريا ولبنان وغيرها .. وليكن ذلك قبل فوات الأوان، وسلم ملف السياسات الخارجية لفريق آخر لا يرى بعيون ايران ، ويصدق كذبة السياسات الناعمة مع مجرمي الحرب ومرتكبي المجازر ، أو كذبة أن العالم يمكن أن يدار من دون نظام دولي تحترمه الدول الكبرى قبل الشعوب . فروسيا وأمريكا هما من يعطلا النظام الدولي، وهما سبب معاناة الشعوب وانتشار الفوضى في العالم ، وهما من يحمي الرهاب الذي يمارسه بشار والملكي وحسن …
هل فكرت للحظة بمعاناة عشرين مليون سوري بسبب سياساتكم ، كيف سنربي أطفال مخيمات وملاجئ الذل على غير الحقد والكراهية ودوافع الانتقام ، هل فكرت كيف تجعل أمريكا محبوبة لكي لا يفكر أحد باستهدافها ؟؟؟ هل الأمن القومي عندكم يعتمد على قيم وحضارة أمريكا أم على غطرستها وتعاونها مع المجرمين والقتلة من أمثال بشار والمالكي .
ألا يجب القوة الأمريكية أن تستخدم أولا لعزل المالكي ومحاسبته ، وعزل بشار ومحاكمته ، عندها لن يكون هناك قاعدة ولا تطرف ، فشعوب المنطقة قادرة على احترام صداقاتها الحقيقية .
