الربيع العربي صار بركاناً والعالم يتفرج

يقف العالم منذ قرابة ثلاثة أعوام متفرجاً وشاهداً على الأزمة السورية وكأنها مسرح سياسي يديره قائد (أوركسترا) – إسرائيل، محدداً معالم هذه المسرحية السياسية وفارضاً توجهاتها ومطبقاً المخططات. يتردد على هذا المسرح زعماء دول أجنبية أو مندوبون عنهم، لأخذ التعليمات والتوصيات. ألم يأت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارة استثنائية لإسرائيل؟ ألم يرسل الرئيس الأميركي باراك أوباما مندوبيه خلال حملته الرئاسية الثانية، وقام بعد الحملة الانتخابية بزيارة شخصية؟ ألم يرسل الاتحاد الأوروبي وزراءه إلى إسرائيل؟ الم يتردد وزير الخارجية الأميركي جون كيري ثماني مرات على إسرائيل للاستفسار أمام كل عقبة تتصاعد في مسيرة الربيع العربي، الذي تحول بركاناً؟

ألم نسمع بكاء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ونحيبهما على رحيل حكم «الإخوان» في مصر، بعد عام من فشل إداري إخواني مريع كاد يودي بالاقتصاد المصري إلى خراب ودمار؟ لكن الجيش المصري وقف وراء الشعب وأوقف الدمار والتراجع الحضاري المريع.

إسرائيل سعيدة بهذه الفوضى العارمة التي تعم الشرق العربي، وهي سعيدة بدمار الوطن السوري وتفتيت جيشه بأيدي أبنائه وحكامه، وتعمل عل استمرار الأزمة، وقد تقبل بالإنهاء بعد الانهيار الكامل وفق شروطها التي تم إبلاغ ساسة الدول الغربية إياها.

وإذا تابعنا هذا البركان العربي، نجد إن الجميع يساهم بانفجاره، شعوباً وحكاماً. منهم من يدري وأكثرهم ينفذ من دون أن يدري. ووفق المخطط الصهيوني، فإن الأندية السياسية الدولية تعمل على بقاء الأزمة، لأن في ذلك الخرابَ والدمارَ اللذين تسعى إليهما إسرائيل.

وكي تستمر الأزمة، خصوصاً في سورية، فإن الأطراف المتنازعة تتلقى مساعدات متوازنة من الطرف الأول (روسيا وإيران وحزب الله) ومن الطرف الثاني (أوروبا والولايات المتحدة) بحيث لا يتم النصر لأحد، إنما الدمار والخراب.

وقد يتساءل المرء عن إنتاج هذا البركان العربي، فيرى الانقسام والتردي في تونس، والفوضى المسلحة في ليبيا، والانقسام الشعبي المتأجج في مصر، والاضطرابات التي لا تتوقف في اليمن، والخراب والدمار والقتل في سورية.

نقرأ في كتاب «أحجار على رقعة الشطرنج» في طبعاته المتتالية التي صدرت منذ قرن بقلم ضابط بريطاني، التخطيطَ للحرب العالمية الأولى، ثم للحرب العالمية الثانية، وأخيراً الحرب العالمية الثالثة بين العرب والصهيونية.

كان الأحـــرى بالساسة العرب إدراك هذا المخطط والعمل من خلال الجامعة العربية أو مجلس يضم أعلى المستويات السياسية والفكرية، على إحباط المخطط الصهيوني الموضوع منذ عقود عدة.

وكان القرار التاريخي الجريء للمملكة العربية السعودية برفض عضوية مجلس الأمن، وليس من سابقة له، صفعةً مدوية للأمم المتحدة، هذه المنظمة العالمية التي عملت على فرض سياسة مزدوجة تسمح بتطبيق قراراتها على البلاد الضعيفة فيما تتجاهل الدولُ القوية -ومنها إسرائيل- هذه القرارات، وأبرزها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. كما أن نظام «الفيتو» في مجلس الأمن، الذي سمح لخمس من أعضائه بقتل فعالية هيئة الأمم ومجلس الأمن، سمح للأزمة السورية بالاستمرار ثلاث سنوات، ما تسبب أمام مرأى العالم أجمع، بمقتل 150 ألف سوري ونزوح الملايين ودمار وطن بأكمله، فيما المجتمع الدولي يتراقص أمام المشهد ومجلس الأمن يتفرج…

وإذا أرادت هيئة الأمم المتحدة أن تحظى بشرعيتها وتصل إلى أهدافها في السلم العالمي، فلا بد من إلغاء حق «الفيتو» في مجلس الأمن حتى يتم إلغاء ازدواجية معاييرها السياسية.

 

منقول من صحيفة الحياة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.