يثب

ردا الاعتبار .. شهادة على العار

د. كمال اللبواني 

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

قام الائتلاف أخيرا برد الاعتبار لسهير الأتاسي وفريقها ووزير الصحة بعد اتهامهم بالإهمال الذي تسبب في قتل عشرات الأطفال الذين لم يتجاوزوا السنة من العمر في قرى إدلب المحررة ، وهذا يعتبر سابقة خطيرة تكشف حجم الفساد والمحسوبيات التي تدار فيها الثورة السورية ممثلة بالائتلاف المنعقد في استانبول .

في الوقائع : 

قبل أكثر من سنة عرض على الإتلاف مشروع تشكيل فريق وطني للتلقيح وطلب رصد مبلغ 5 مليون دولار كدفعة أولية لتشكيله وتدريبه ، وتبنت الموضوع ودافعت عنه سهير ، يومها اعترضت وقلت أن مسألة اللقاحات ليست ذات أولوية ويمكن لمشافي وأطباء المناطق المحررة أن يقوموا بهذا الواجب اضافة لما يقوموا به من مهام أعقد وأصعب منها ، والأحرى أن نرسل المبلغ لدعمهم ونرسل ما يتوفر من لقاحات لهم ويكون في تصرفهم علما بأن مخاطر الأمراض المفترضة أقل بكثير من مخاطر أخرى يتعرض لها أهلنا من نقص في الأمن والغذاء والدواء ، وحذرت أن يكون الهدف من وراء هذا المشروع هو هدف اعلامي ومسرحي وتسجيل انجازات شخصية ، وتبديد الأموال على الأقارب والأصحاب ، فتشكيل فريق من ثلاثة آلاف موظف يشبه تشكيل جيش للقبض على عنزة … وقلت وكررت بأن خبرتي كطبيب تؤكد عدم الحاجة لهكذا فريق وعدم الحاجة للكثير من اللقاحات أصلا وفي هذه الظروف بالذات …

ومع ذلك ركبوا رأسهم وبدأت التجارة وتبديد الأموال وصرنا نتعرض كل شهر لحملة اعلام وتصوير ومؤتمرات صحفية، تعلن عن انطلاق وتعلن عن الانتهاء ، مع أن حجم الخدمة بقي هزيلا جدا لا يقارن بالمبالغ المصروفة ولا بحجم العمل المنجز ولا بالعدد الهائل من الموظفين ، علما أن اللقاحات تأتي مجانا لسوريا من منظمة الصحة العالمية منذ عشرات السنين …

وعندما حدثت الوفيات تبين أن السبب هو استبدال مخدر عام قوي جدا ومركز بالمحلول المذيب للقاح ، لتشابه شكل الزجاجة ( أي لا أحد يقرأ اسم الدواء ولا صلاحيته ولا عياراته ) ، وهذا يعني اهمال وظيفي ، ويعني أكثر استخدام من لا خبرة له ولا دراية في التخزين والصيدلة . وفوق ذلك يعني أن جهاز التمريض المختص بالتلقيح غير منفصل عن بقية الأجهزة الطبية، أي أن المشافي الميدانية التي هي وحدها تمتلك هذا النوع من المخدر هي من تقوم بهذه المهمة فعلا .. وهنا بيت القصيد ..

في التحليل : 

إذا كان الفريق الطبي الذي شكلته وحدة تنسيق الدعم بالتعاون مع الحكومة غير معني وغير مسؤول عن الجريمة ، فلماذا صرفت عليه هذه الأموال الطائلة ؟ وكيف لا يكون مسؤولا وهو الذي يطلق الحملات ويتلقى الهبات والدعم . طالما غيره من يتسلم اللقاح ويوزعه ويقوم بتطعيم الأطفال .. ( تصبح الجريمة هنا جريمة فساد كبرى واختراع مؤسسات وهمية بقصد التربح مادة 10 ب من قانون العقوبات الاقتصادية التي تصل أحكامها للمؤبد )

ممن يتكون هذا الفريق وما مستوى تخصصه وتأهيله ؟ ( أيضا قضية فساد وتربح ومحسوبيات مادة 10-أ التي تحكم من سنة إلى خمس سنوات )

يضاف ذلك لجريمة الاهمال الطبي الذي تسبب بالقتل( المعاقب عليها بست سنوات سجن على الأقل ) وغرامة مالية كبيرة، وسببها توظيف من هو غير مؤهل ، واعتماد نظام عمل غير مراقب ، ودمج المسؤوليات ومخازن الأدوية دون نظام صيدلي مراقب ، وهذا يتحمل مسؤوليته الجنائية الموظف المختص ومن وظفه ، ومن صمم المؤسسة ونظامها وأشرف على ادارتها ، ويتحمل مسؤوليته الاعتبارية من صمم المشروع وأشرف عليه ونسبه لنفسه كإنجاز شخصي … ومن وافق عليه واعتمده أي رئيسة وحدة تنسيق الدعم شخصيا، ووزير الصحة  ومن ورائها الائتلاف  .

في النتيجة : لا يجوز قانونا وعرفا رد الاعتبار لسهير وفريقها، ولا تبرئة ساحتها ، احتراما للعدالة ولروح الأطفال البريئة التي أزهقت عن جهل وتعالي وتنطح للكراسي والمسؤوليات الإدارية والسياسية من دون دراية ولا معرفة ولا متابعة … وهذا القرار الذي صدر عن الائتلاف هو بمثابة العار على من أصدره والعار بحق الشعب السوري وثورته . وعلى سهير ورفاقها الاستقالة فورا من كل المهمات السياسية والادارية ، وهذا أقل ما يقال أمام هذه الجريمة التي هي بمثابة فضيحة جلبت العار علينا جميعا قبل أن تكون مأساة لعشرات الأسر ندعي تمثيلها والدفاع عنها ، فقط لتتخيل سهير أو أي أم  أن ابنها تعرض لمثل ذلك ماذا تراها فاعلة ؟؟؟

نأمل أن يعيد الائتلاف النظر في الموضوع قبل أن ينهي جلساته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.