يثب

في العام الخامس خطة للحفاظ على أهداف الثورة

د.كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

نظرا للمتغيرات الدولية المتعلقة بظهور الارهاب والتطرف الاسلامي وهيمنته في المناطق المحررة من النظام ، ونظرا لتغير التحالفات والتفاهمات الدولية التي تصب في صالح النظام الايراني وحلفاءه في المنطقة . ونظرا للمبادرات الدولية الكثيرة التي تنتهي كلها في الحفاظ على نظام الأسد قاتل ومشرد ومدمر سوريا … وضمن هذه المعادلة الصعبة سوف نناقش بعض الأفكار التي تحدد لنا مسارنا نحو تحقيق أهداف الثورة ضمن هذه التضاريس الصعبة والتي تزداد تعقيدا ..

أولا محددات لابد من مناقشتها بعقلانية وأخذها بعين الاعتبار :

كل المبادرات الدولية للحل السياسي لم تلق النجاح لأنها تقفز فوق السبب الرئيس للصراع وهو نظام الأسد الذي أعلن الحرب على شعبه ولا يريد التوقف … ولن يفعل إلا بالقوة .

محاولات التصالح مع نظام الأسد أيضا تفشل لأن من يقبل بها هم ممن لا قيمة لهم ولا شأن ولا نفوذ ، والأسد يضع الشروط التعجزيزية دوما في هذا الطريق . في ظل الدعم الروسي والايراني اللامحدود.

الدول الغربية والصديقة ما تزال ترفض استخدام القوة ضد نظام الأسد محتجة بالقرار الدولي الذي تعطله موسكو بالفيتو ، وثانيا باحتمال حلول التطرف والارهاب مكانه .

الدول الغربية تفضل نظام الأسد على نظام سني متشدد بقيادة الجبهات الاسلامية التي اجتاحت كل مناطق الثورة وهيمن أمراؤها عليها ، ناهيك عن داعش المرفوضة كليا . لذلك تصر على بقاء النظام السابق ولو حتى مع تغيير اشخاصه ، وهي مستعدة لدعمه عسكريا في مواجهتها .

نظام الأسد مجرم باعتراف الجميع وبالوثائق الدولية ، لكن البديل المطروح أيضا سيمعن في الجريمة ضد الأقليات والمعتدلين من السنة وسيكون حاضنة للارهاب والتطرف في المنطقة … فالخيارات المطروحة عمليا في الواقع وليس على الورق مرفوضة من قبلهم وليس فيها ما يشجع على التدخل لصالحه … لذلك كل الجهود تتجه للتهدئة وليس للحسم . وهو ما يفهمه الشعب السوري مؤامرة عليه .

المعارضة السورية الحقيقية المدنية والشعب السوري المتحضر المعروف غائب عن الوجود السياسي والعسكري .. خاصة بسبب توجيه الدعم للاسلاميين المتشددين والاخوان حصريا طيلة سنوات الثورة ، والذي ترافق بفرض قيادات سياحية منفصلة تماما عن التأثير والفعل والأرض وهموم الناس فاسدة وفاشلة ومرفوضة شعبيا …

المناطق التي كانت تخضع لما يسمى بالجيش الحر وسياسيا لخيمة الائتلاف ، سلمت بسهولة بالغة للجبهات الاسلامية المتشددة ، ووقع سلاحها الذي قدمه الغرب بيد هذه الجبهات .

يعتبر الغرب هذه الجبهات الاسلامية أشكالا مختلفة من القاعدة والارهاب ، فالمسافة بين داعش والنصرة آيديولوجيا غير واضحة ، كما أن المسافة بين النصرة والأحرار والأجناد والاسلامية وو …. أيضا صغيرة جدا … ومن وجهة نظر الغرب هي مجموعات متشابهة لا فروق بينها سوى في السلوك الذي هو مؤقت وقابل للتغير في أي لحظة …

معظم الدول لا تستطيع المفاضلة بين المعارضة بشكلها الحالي ( قيادة الأمراء الجهاديين السنيين المتشددين ) والنظام (بقيادة المجاهدين الشيعة المتشددين) … لذلك تعتبر استدامة الصراع بينهما استراتيجية مناسبة جدا لاضعاف الخصمين في الوقت الراهن بانتظار ولادة خيار ثالث .

الشعب السوري يدفع بسبب هذا الواقع الكثير الكثير وينزف وبشدة في كل مكوناته وقواه وممتلكاته … والزمن المنتظر طويل جدا ومكلف جدا . واختصاره هو واجب السياسيين .

ضمن الظروف الحالية لا يقبل الغرب تقديم السلاح للحرب على النظام … حتى لما تسمى القوى المعتدلة … لأنها سبق وانهارت وسلمت المجاهدين المرتبطين بالقاعدة كل شيء بأيام قليلة … ( جبهة ثوار سوريا … حزم …. وغيرها )

مشكلة القوى المعتدلة هي ضعف الادارة والتحكم والسيطرة والتنسيق والتكامل رغم توفر الحاضنة الشعبية التي تشردت بفعل براميل النظام … وهذا يتطلب اصلاح مؤسسات المعارضة واستبدالها جذريا ، والدفع بالحاضنة الشعبية وراء قوى الاعتدال على الأرض واقامة سلطات ومؤسسات فاعلة في المناطق المحررة التي يجب أن تحظى بحماية من قصف النظام …

لا يمكن حل هذه المشكلة ولا تعويض هذا النقص بتدريب الآلاف على برنامج طويل ومكلف ولا يتوقع له أي نتيجة … والأفضل والأسرع هو تنظيم قوى الأرض واقامة سلطات مراقبة ومحاسبة وضبط وادارة .

لنجاح واستمرار وجود المعارضة المعتدلة المدنية بشكل مقنع وقوي عسكريا لابد من الاستثمار في الادارة والتنظيم والقيادة ولا بد من تدعيمها بحاضنتها الشعبية ، وهذا يتطلب حماية من همجية النظام . أي فرض مناطق آمنة و تقديم دعم لوجستي واقتصادي واداري وسياسي متكامل .

من المحتمل أن تتدخل الدول الاقليمية عسكريا للقضاء على داعش التي تسببت بالكثير من المشاكل والتي يوظفها النظام وايران لقضم المنطقة … ولمنع قيام واقع تقسيمي يهدد استقرار الدول الجارة خاصة تركيا .

يمكن لنا تبديد المخاوف الغربية والاستعانة بالدول الإقليمية لفرض مناطق آمنة على حساب مناطق داعش ، قابلة للتمدد نحو بقية المناطق المحررة أو التي يتم تحريرها .

ثانيا – ملامح الخطة المقترحة بشكل موجز :

بدلا من السعي الدولي الفاشل لعقد صلح مع النظام والذي يبرر بهدف القضاء على الارهاب … وهو ما ترفضه معظم القوى الفاعلة والشعب ، والذي يتناقض مع منطق العدالة الذي لا يتحقق السلم من دونه … فالعدالة لا يحققها التعاون مع المجرمين والقتلة . ولا يمكن القفز فوق نصف مليون شهيد …

نعرض أن تنتظم قوى مجتمعية وسياسية وعسكرية معا من أجل خوض هذه الحرب على التطرف من دون التحالف مع النظام ، بدعم ورعاية من قوى التحالف ومن الدول الاقليمية كالتي قدمت للأكراد في عين العرب … ويراعى بشكل خاص ادخال الحاضنة الاجتماعية التي تمسك الأرض وقيام سلطات مدنية معتدلة تبعد المتشددين . ومن دون التخلي عن أهداف الثورة في اسقاط النظام …

إذا أراد التحالف شريكا على الأرض فالشعب السوري سيكون شريكا للحرب على الارهاب في حال توفر الدعم وفي حال احتفظ بمطلبه في اسقاط النظام … لكن أن تستخدم الحرب على الارهاب لتثبيت النظام أو تكريس الاحتلال الإيراني فهذا غير مقبول وسيلقى الاعاقة … لأن المشروع الإيراني مشروع مجرم ويهدف للتدمير والتهجير وتغيير البنية الديموغرافية للمنطقة. ودخول أي قوة أجنبية من دون تعاون وقبول شعبي سيعرضها للكثير من الخسائر وقد يؤدي لحرب اقليمية .

إذا كان المجتمع الدولي يضع أولوية الحرب على الارهاب قبل النظام لضمان عدم استفادة الارهاب من سقوط النظام ، فنحن نرى أن النظام والارهاب وجهين لعملة واحدة … وكلاهما مستفيد من الآخر ويسانده وكلاهما يخوض حربا ضد الشعب السوري والثورة وقوى الاعتدال … ومن دون هوادة … والقضاء على أحدهما سيضعف الآخر ، ونحن عمليا نخوض هذه الحرب على جبهتين … فلماذا لا نستفيد من الدعم الذي يقدم لمن ينخرط في مكافحة التطرف والارهاب .

يلتزم التحالف المجتمعي بتوجيه معظم القوة للحرب على داعش وتفكيك دولتها التي تنهار وتتقلص ، وتسلم تباعا للميليشيات الايرانية ، ونحتفظ بالقوة اللازمة لتثبيت الجبهات مع النظام … وهذا مرتبط بسلوك النظام …

في حال رغب المجتمع الدول في تبريد الجبهات مع النظام أثناء العمليات البرية ضد داعش ، عليه أن يضمن عدم مساندة النظام لداعش ومحاربته لصالحها واستغلال الفرصة لتحسين وضعه العسكري كما عودنا في أكثر من معركة …

بعد الانتهاء من تفكيك داعش يجب البدء فورا في اقامة سلطة وطنية مدنية ، واستعادة الحياة وعجلة الاقتصاد واستيعاب اللاجئين … وتركيز الجهود لاسقاط النظام سلما أو حربا … فالحل السياسي في سوريا يعني رحيل من اصدر الأمر بالقتل وعمل على انتاج الارهاب … وزيادة الضعط على هذا النظام هو الطريق الوحيد للحل السياسي … الذي يجب أن يتم بين مكونات الشعب ومن دون مشاركة المجرمين والارهابيين …

من المهم جدا والحاسم استبعاد القيادات السياحية الفاسدة والفاشلة من قيادة العمل . وكذلك استبعاد قوى التشدد من الهيمنة على الثورة ومؤسسات الدولة … لأن كليهما سيطيح بكل فرص عودة الوحدة الوطنية و تدفق الدعم الدولي و بناء التوافق المجتمعي واستعادة وحدة سوريا … وهذا يتطلب جهد تغييري في صعيد قيادة الثورة لا يجوز التغاضي عنه ، ولا بد من حشد الزخم الشعبي الراغب بحدوثه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.