احتضنت العاصمة القطرية «منتدى الدوحة العشرين» الذي افتتح أعماله أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وشارك فيه عدد من رؤساء الدول والحكومات والسياسيين والبرلمانيين والمفكرين وصناع القرار من جميع أنحاء العالم. ولأول مرة في هذه المنصة العالمية، مثّل «الائتلاف الوطني» المعارض، سوريا، أمام ممثلي 163 دولة، منهم رؤساء دول، ومنظمات دولية.
ويتناول منتدى الدوحة، جملة من القضايا الكبرى في العالم ويبدو من خلال عنوان دورته لهذا العام «التحوّل إلى عصر جديد» أنها تحمل بعداً استراتيجياً هامّاً حيث سيناقش مواضيع مفصلية وهي «التحالفات الجيوسياسية والعلاقات الدولية، والنظام المالي والتنمية الاقتصادية، والدفاع، والأمن السيبراني، والأمن الغذائي، بالإضافة إلى الاستدامة وتغير المناخ».
وتحدث رئيس الائتلاف سالم المسلط، خلال الجلسة التي عقدت السبت، عن الوضع السوري، ودور المجتمع الدولي في إدارة تدفق اللاجئين، وقدّم المسلط الشكر لتضامن جميع الدول مع أزمة اللاجئين السوريين، لافتاً إلى أهمية التركيز على الأسباب الرئيسية لتدفق اللاجئين.
وقال في كلمته خلال الجلسة إن الشعب السوري لم يكن لديه الخيار في البقاء أو الخروج من بيته، بل خرج مرغماً خوفاً من القتل والاغتصاب والاعتقال، مضيفاً أنه لا يوجد شخص يترك منزله ويختار العيش في خيمة تحت الأمطار والثلوج.
وأوضح، المسلط، وفق بيان رسمي نشره الائتلاف السوري عبر معرفاته الرسمية، أن عمليات تدفق اللاجئين لم تتوقف، إذ «أن السوريين في مناطق نظام الأسد لا يزالون يبحثون عن مخرج للهرب من تلك المناطق، وهو ما تؤكده الأرقام الصادرة عن مراكز الدراسات والأخبار التي تبثها وسائل الإعلام يومياً، مضيفاً أن الطائرات التي قصفت الأحياء السورية، هي نفسها التي تقصف المدن الأوكرانية الآن، وأن المرتزقة الذين جاء بهم بوتين إلى سوريا هم الآن يقاتلون في الأراضي الأوكرانية، وهو ما تسبب بنشوء موجة لجوء جديدة».
وأكد المسلط على أن «قضيتنا في سوريا سياسية وليس أزمة إنسانية، مطالباً بالبحث عن حل لإنهاء جميع الأزمات التي ولّدها نظام الأسد، في ظل العجز الدولي الراهن، معبراً عن أمله في أن يتم الحديث خلال المنتدى القادم عن التنمية والتطوير بدلاً من الحديث عن حل قضية اللاجئين».
وقالت وسائل إعلام محلية إن رئيس الائتلاف الوطني التقى كلاً من: مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، ونائبة وزير خارجية أوكرانيا أمينة جاباروفا، والسيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، والسفير الفرنسي في الدوحة جان باتيست فافر، والسفير البريطاني في الدوحة (جون ويلكس)، والمبعوث الأمريكي السابق لسورية جويل رايبورن والفريق الأمريكي المشارك، والمبعوث الأمريكي السابق جيمس جفري. كما التقى وزراء وشخصيات تركية وغربية وعربية عدة.
ونظرًا لحالة الاستعصاء السياسي، وترهل المعارضة السياسية السورية، أداء ومؤسسات، كثرت التكهنات حول أهمية حضور ممثلي المعارضة السورية في المنتدى والنشاط المكثف لرئيس الائتلاف واعتبر معارضون للنظام السوري، أن مثل هي الخطوة «مهمة سياسياً» كونها قد «تعيد الملف السوري أمام العالم الحاضر بممثليه في هذه المنصة العالمية التي تتواجد فيها المعارضة بشكل رسمي، مع عدم وجود أي ذكر للنظام سوى جرائمه».
وفي هذا الإطار يقول الخبير السياسي والقانون، عبد الناصر حوشان، إن هذه الدورة للمنتدى المعروف بأنه اقتصادي سياسي، تتناول القضايا الكبرى في العالم، وهي قضايا ليست بسيطة أو إقليمية، وإنما هي أساس النظام العالمي، ولذلك اعتبر المتحدث، بأن هذه الدورة ستشكّل منعطفاً مهماً يمكن من خلال نتائجها والتوصيات التي ستخرج عنها قراءة أهدافها المستقبلية ومعرفة اتجاهات السياسة الدولية، لاسيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وتداعياته على أسس النظام العالمي القائم والذي أصبح مهدداً بالانهيار.
واعتبر عضو هيئة القانونيين السوريين، في حديث مع «القدس العربي» أن الاتجاه العالمي وفق عنوان هذه الدورة للمنتدى ينحو في اتجاه معاقبة المارقين من الدول والأنظمة والرؤساء الذين يهددون هذا النظام، حيث قال «طالما أن العالم توحّد في وجه بوتين رغم مكانة روسيا في النظام العالمي، وحيث النظام السوري ربط مصيره بمصير بوتين من خلال مواقفه المؤيدة للعدوان الروسي على أوكرانيا، فإن مصير بشار الأسد أصبح مرهوناً بمصير بوتين، وبالتالي لا يمكن إعادة انتاجهما أو تأهيلهما لثبوت تمردهما على المجتمع الدولي واستقوائهما بالسلاح الكيميائي والنووي».
وحول توقعاته، أبدى المتحدث اعتقاده بأن العالم «منذ 5 سنوات يتجه نحو وضع نظام عالمي جديد وهو بالأصل تجديد يأتي كل مائة سنة وبما أن النظام القديم الذي تم ترسيخه بعد الحرب العالمية الأولى قد مضى عليه مائة سنة، ولو أخذنا بعين الاعتبار التحولات الكبرى في مناطق عدة في العالم والأحداث المتسارعة والحروب والنزاعات، نجد أن ما يجري هو الإطار التمهيدي لرسم معالم النظام العالمي الجديد والذي ستتغير فيه قواعد التحالفات والعداوات وتصعد دول وقد تتجزأ أو تتفكك دول أو تنقرض دول أخرى، ومنطقتنا وسوريا هي جزء من هذا السيناريو».
الشرق الأوسط