أكد ناشطون سوريون أن القوات الحكومية تقدمت في حلب ومحيطها أمس الإثنين، في ما بدا أنها محاولة من النظام لمحاصرة أحياء يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في أكبر مدن الشمال السوري. وتزامن تقدم النظام في حلب مع شن طائراته غارات على حقل نفطية في محافظة دير الزور بشرق البلاد والتي بات معظمها في أيدي مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) بعدما طردوا منها مقاتلي «جبهة النصرة» (فرع «القاعدة» السوري) وجماعات إسلامية أخرى. وأفيد أمس أن «داعش» استعادت السيطرة على بلدة ميدعا في غوطة دمشق بعد أيام من طردها على أيدي جماعات إسلامية.
ووسط هذه التطورات الميدانية، شنت الإدارة الأميركية هجوماً عنيفاً على النظام، وقالت إن حجم القتل والجرائم التي ارتكبها النظام السوري منذ ٢٠١١ وحتى ٢٠١٣ «ليس لها سابق منالنازية»، كاشفة أن بحوزة إدارة الرئيس باراك أوباما وثائق ومواد وصور لتقديمها أمام المحاكم الدولية.
وقال المبعوث الأميركي في وزارة الخارجية لجرائم الحرب ستيفن راب، إن «هناك أدلة دامغة على أن آلة القتل الوحشي المستخدمة في سورية لم نر مثيلاً لها، وبصراحة منذ النازيين». وأضاف راب في محاضرة أمام معهد «أتلانتيك كاونسيل»: «إذا كانت الأمور كما تبدو عليه، فنحن نتحدث عن قتل عشرة آلاف فرد في المعتقل منذ ٢٠١١ و(حتى) ٢٠١٣، ليس الرجال فقط وإنما أيضاً الأولاد والنساء… والأدلة على ذلك قوية جداً».
ولمح راب، كما نقل موقع «دايلي بيست»، إلى أن الإدارة الأميركية شارفت على الانتهاء من التحليل الطبي لـ٢٨ ألف مادة وكلها تبدو صحيحة وتثبت «نسبة ممنهجة من الفظائع التي تثبت تورط مسؤولين سوريين بينهم الرئيس بشار الأسد في جرائم ضد الإنسانية». وقال راب: «ما نراه حتى الآن أنه من المستحيل اختلاق هذا النوع من المواد… هذه ليست أدلة مصطنعة… الجثث تم استحضارها لموقع واحد من ٢٤ معتقلاً (سورياً) حيث تم تعذيبهم حتى الموت بواسطة الخنق، الحرق، اللطم، التجويع وأبشع الوسائل الممكن تخيلها». وأشار إلى أن واشنطن تعمل لتحضير الأدلة للادعاء الجرمي وبوضعها خارج عهدة دولة واحدة.
في غضون ذلك، قال ناشطون إن القوات الحكومية السورية تقدمت في حلب ومحيطها أمس. واعتبرت وكالة «أسوشيتد برس» أنه في حال نجاح هذه المحاولة الحكومية، فإن ذلك سيمثّل أكبر ضربة لمقاتلي المعارضة منذ دخولهم حلب قبل سنتين. وقال رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا) وناشط آخر قرب حلب يستخدم كنية «أبو الحسن»، إن القتال أمس تركز قرب مدرسة المشاة التي استولى عليها مقاتلو المعارضة قبل سنتين. وقال عبدالرحمن: «الهجوم الأخير لا يعني أن حلب ستسقط. ستكون معركة بالغة الصعوبة».
وسيطرت القوات الحكومية الأسبوع الماضي على منطقة الشيخ نجار والمنطقة الصناعية فيها. وقال ضابط في القوات الحكومية للتلفزيون السوري إن الجيش النظامي بات الآن يسيطر على الطريق الرئيسي الذي يمر شمال حلب، في إشارة إلى سيطرته على قريتي كفر الصغير ومقبلة.
وفي محافظة دير الزور (شرق)، أعلن «المرصد» أن «الطيران الحربي نفذ ثلاث غارات على مناطق في حقل الخراطة النفطي في بادية الخريطة»، علماً بأن معظم أرجاء ريف دير الزور بات الآن تحت سيطرة «الدولة الإسلامية». وليس واضحاً إذا كان قصف طائرات النظام لحقل الخراطة يهدف إلى توجيه رسالة إلى تنظيم «داعش» لعرقلة قيامه ببيع النفط من الآبار العديدة التي باتت تحت سيطرته.
إلى ذلك، قالت سيغريد كاغ، رئيسة البعثة المشتركة لمنظمة حظر السلاح الكيماوي والأمم المتحدة، لـ «الحياة»، أمس، إن اغلاق الملف الكيماوي السوري في شكل كامل يتطلب إزالة 12 موقعاً كيماوياً والإجابة عن بعض الأسئلة التي طرحتها دول كبرى للتحقق من صحة البيان الذي كانت أعلنته الحكومة السورية، مشيرة إلى أن إزالة مواقع الأسلحة الكيماوية ستستغرق حتى بداية 2015.
الحياة