النمو الواضح في المخاوف الأردنية من إعلان الخلافة لدولة داعش ونفوذها المتزايد في سوريا شمالي المملكة وفي العراقشرقيها اصبح علامة لافتة لا يمكن التسترعليها في الاطار السياسي والدبلوماسي الاردني تتطلب مغادرة منطقة الصمت والثقة بالنفس ولو قليلا استعدادا لكل الاحتمالات والطواريء.
على نطاق ضيق جدا في دوائر القرار الأردنية يعتقد ان تنامي المخاوف من داعش وصل في الاونة الاخيرة فقط الى المجسات الأردنية الحساسة مما ساهم بالمقابل في ابراز وتطوير نمط جديد من الاتصالات والتواصل مع النظام السوري خصوصا وان المعركة حتى في المعسكر العربي الحليف لعمان حسمت لصالح الرئيس السوري بشار الاسد.
هنا تحديدا يمكن الاشارة لاكثر من تطورعلى صعيد تحريك المياه الراكدة بين عمان ودمشق فقد تقلصت الاتصالات بين وزارة الخارجية الأردنية والائتلاف السوري المعارض وتراجعت خطوة متفق عليها سابقا بعنوان تأسيس مكتب للائتلاف تحت ذريعة المساهمة في رعاية شؤون اللاجئين.
هذه الفكرة صرف النظرعنها في الوقت الذي لم تبرز فيه اتصالات واجتماعات لا سرية ولاعلنية بين الاردن ومعارضين سوريين.
لاحقا تم ابلاغ دمشق بالرسالة التي تقول ان عمان لن تكون طرفا باي برنامج تصعيدي ضد النظام السوري حتى بعد عودة الامير بندر بن سلطان الى الحكم في بلاده خصوصا في ظل التقارير التي تحدثت عن استئناف برنامج السعوديةفي تسليح وتدريب المعارضة بعد عودة الامير بندر في الوقت الذي تقلصت فيه فيما يبدو ايضا برامج التمويل الامريكية لمراكز ايواء وتدريب تخص معارضين سوريين وهو ما اعلنت عنه واشنطن عمليا وتحدثت به تقارير اعلامية قبل ان ينفيه رئيس الوزراء عبد الله النسور جملة وتفصيلا.
يبدو في السياق ان دمشق استشعرت عودة للاتصالات التشاورية الفنية التي تحاول تنشيط وجمع شتات برنامج سعودي لدعم وتسليح المعارضة وهو الامر الذي يجيد الامير بندر العمل عليه انطلاقا من ساحات مثل الاردن ولبنان.
هنا تحديدا وجدت عمان ولاسباب تخص مصالحها المباشرة نفسها خارج سياق اي برنامج مستجد يمكن ان يستأنفه الامير بندر بن سلطان حيث تم ايصال اشارات لكل من الرياض ودمشق ان ظروف ومصالح عمان تقتضي عدم التعامل مع المعارضة السوريا المسلحة باي شكل من الاشكال مما يعني بالنتيجة عدم وجود استعداد اردني للتعامل مع عودة الامير بندر للملف السوري والاحتمالات التي تثيرها خصوصا وانها عودة تمت برافعة ونصيحة اماراتية.
الموقف في الساحة الأردنية انتهى بالتراجع عن شراء وتسجيل قصر فخم كان يخطط له الامير بندر في احدى ضواحي عمان الغربية في الوقت الذي يثير فيه موقف الاردن المتوازن والرافض لاستئناف التعاون في مجال التدريب للمعارضة انزعاج العديد من امراء ومشايخ القرار في السعودية.
هذه المستجدات بالتحالف مع نمو مشاعر القلق الأردنية من تنظيم داعش هي السبب المباشر لفتح قنوات غير علنية في التواصل ما بين عمان والنظام السوري حيث نجحت قنوات التواصل في ترتيب بروتوكول تفاهم امني لا يتضمن اي اشارة عدائية متبادلة خصوصا وان الجانب الاردني يجتهد في منع عمليات التسلل الحدودية.
القنوات تواصلت مع القصر الجمهوري السوري ومع الرئيس بشار الاسد مباشرة ومع قيادة اركان الجيش السوري ولم تصل بطبيعة الحال الى مستوى التنسيق الامني المشترك بعدما بقيت في مستوى رسائل الثقة المتبادلة وتمرير بعض الملاحظات الثنائية المتعلقة بالحدود حصريا.
هذا الوضع العملياتي اعاد انتاج الموقف الاردني عمليا من الازمة السوريا وسمح بتسلل مبعوثين اردنيين الى دمشق وبتقبل الاخيرة لفكرة الاردن عن تحجيم او اغلاق او تقليص برامج التدريب وتمويل المعارضة وترحيب دمشق بوجود مسافة أمان فاصلة بين عمان والرياض.
بطبيعة الحال لا تثق دمشق بعمان والعاصمة الأردنية تبادلها نفس المشاعر لكن الطرفان يظهران حرصا مرجحا على نزع فتائل التأزم وتبديد ايحاءات الخصومة الى ان تتغير معطيات الواقع الاقليمي والخارطة.
بسام البدارين – القدس العربي