الثورة السورية عندنا… الويل لنا!

عندما هجّرت اسرائيل الفلسطينيين من أرضهم لجأ عدد كبير منهم الى لبنان في شكل موقت، ريثما يعودون الى ديارهم، واحتفظ عدد منهم بمفاتيح المنازل التي غادروها قسراً، فاذ بالمفاتيح تصدأ، ويموت اصحابها، ويرث ابناؤهم مفتاح الذكريات، و”حجّة” عقار لم يعد موجودا بعدما هدمت اسرائيل البيوت واقامت المستوطنات لمحو كل آثار اهل الارض الاصليين.

ماذا بقي من الثورة الفلسطينية؟ ربما لا شيء. كل ما ورثه لبنان مخيمات، صارت مع الوقت بؤراً للخارجين على القانون ومأوى لإرهابيين من جنسيات مختلفة يلجأون اليها ويجدون فيها ارضا خصبة لتجنيد مناصرين وانتحاريين، لا نعلم متى يفجّرون انفسهم في البلد الذي فتح قلبه وأبوابه لهم.
ومع الوقت ذهبت الوعود الأممية باحتضان اللاجئين أدراج الرياح، ولم يوفر المجتمع الدولي سوى الجزء اليسير من حاجاتهم بما يسد رمقهم ويبعد عنهم الموت، ليس اكثر.
اليوم المشهد عينه يتكرر. في الارقام، وفق التقرير الاسبوعي الذي تصدره مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، انه “تمّ تسجيل أكثر من 9400 نازح سوري لدى المفوضية خلال الاسبوع الماضي ليبلغ مجموع عدد النازحين السوريين في لبنان، الذين يتلقون المساعدة من المفوضية وشركائها، 957773 لاجئاً.
إذاً بلغ العدد الرسمي للذين يتلقون المساعدات مليونا، اما الآخرين من ميسوري الحال وابناء الطبقة المتوسطة، ومن لجأوا الى اهل واقارب ولم يسجلوا اسماءهم فهم في حدود النصف مليون شخص. وفي عملية حسابية بسيطة يتبين ان استمرار الحال على ما هي عليه، من تسجيل نحو عشرة آلاف لاجئ كل اسبوع، يرفع العدد بعد نحو سنة من اليوم الى نصف مليون لاجئ جديد، ليتجاوز العدد الرسمي المليوني لاجئ.
أما الأشد خطورة فهو استشراس النظام في ملاحقة المسلحين والمقاتلين بهدف حشرهم في مناطق حدودية، كما في منطقة يبرود حاليا، وبالتالي دفعهم الى خارج الحدود، اي الى لبنان، وتحديدا عبر بوابة عرسال، كما يحصل راهنا. وهؤلاء لا امل لهم بالعودة الى بلادهم اذا تمكن النظام من الاستمرار في الحكم، بل سينقلون معهم ثورتهم وعتادهم وعائلاتهم الى لبنان، ليشكلوا عبئا جديدا على البلد الذي يعجز احيانا كثيرة عن فرض امنه على مواطنيه، وسيقيم هؤلاء في مخيمات جديدة، على غرار المخيمات الفلسطينية، قبل ان تتحول عبئاً لبنانياً إضافياً بامتياز.
أما اللاجئون “المدنيون”، والذين يتمتع كثيرون منهم، برعاية اممية توفر لهم عيشا افضل مما توافر لهم في بلادهم، فقد يفضلون البقاء ايضا في لبنان، ولا خطة لبنانية او عربية او اممية تفرض عليهم العودة.
الويل لنا لان الثورة السورية، بعد الفلسطينية، صارت عندنا!

 

غسان حجار – النهار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.