يثب

دستور لسوريا من دون سوريين

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

تستكمل عملية القتل والتدمير المادي لسوريا بقتل وتدمير معنوي ودستوري أيضا ، فتنتشر قصة الفيدراليات والتقسيم ، ويتسرع ديمستورا في طرح المسائل الدستورية على من هم غير مفوضين لذلك وربما غير مؤهلين لهذه المهمة خاصة الجهة المجرمة التي لم تحفظ عهد ولا نظام ولا حق ، ليطلب منها أن تساهم في صناعة سوريا القادمة … لتستكمل إفناء السوريين … فالسوريون عمليا هم خارج بلدانهم وقضيتهم مستبعدين ومحاصرين ومقيدين ومسروقي القرار أيضا في كل محافل التمثيل وأخيرا في جنيف.

لذلك توجب أن نطلق حملة مشاركة عامة في هذا النقاش بالافادة من وسائل التواصل التي صارت هي الرابط الوطني الأهم بعد النكبة بين أبناء الشعب السوري ، لإغناء الحوار وإفادة المفاوضين الذين اختارتهم الدول. وكجزء من عمل هيئة المتابعة الشعبية التي تتقدم بشكل عفوي لتعطي للشعب جزء من دوره الحقيقي في صنع القرار بعد أن استبعد تزويرا وتهجيرا وقتلا من تمثيل وحكم نفسه من قبل النظام ثم من قبل الدول التي تدعي صداقة الشعب والتي سرقت قراره تحت مسميات تمثيلية قاصرة .

ومساهمة منا في هذا الإطار المتابع … نقدم هذه الدراسة الدستورية التي أعدت في معهد دمشق للدراسات والبحوث قبل فترة طويلة ، نجتزئ منها :

كل دستور يجب أن يضم ثلاثة أبواب أساسية :

الأول هو هوية الدولة ، والثاني هو النظام السياسي ، والثالث هو النظام القضائي والحقوقي …

سوف نعرض هنا فقط تصورنا بشكل عام عن النظام السياسي المناسب لسوريا والتي ركز دي مستورا أسئلته عليه:

  • – الشعب السوري بهيئته العامة هو وحده صاحب السيادة العليا , وهو مصدر كل شرعية وكل سلطة . ويقيم على الأراضي السورية دولة لا مركزية اداريا وثقافيا تحكمها سلطة سياسية وقانونية واحدة تمتلك وحدها حق السيادة . ومنقسمة إلى محافظات ووحدات إدارية محلية خدمية .
  • – الشعب السوري شعب واحد متنوع الألوان الأهلية والثقافية، يتمثل سياسيا في نظام سياسي برلماني عبر مجلسين بطريقتين مختلفتين بهدف تحقيق تمثيل أوسع وأكمل لكل من (المجتمع الأهلي عبر مجلس الشيوخ) , و (المجتمع المدني عبر مجلس النواب ) .كما يمكن تمثيل فئات أو قطاعات أو طبقات المجتمع بطرق مختلفة متنوعة أخرى .أهمها مجالس الإدارة المحلية , ثم الأحزاب والجمعيات والنقابات والأندية . وهي كلها حرة تعتمد مبادئ الديمقراطية ذاتها في كل سويات العمل الجماعي ..
  • – توزع في مقاعد مجلس الشيوخ بحسب النسبة المئوية للقطاعات الأهلية المختلفة تبعا للإحصاء العام , والتي تحددها رغبة كل فرد في الإعلان عن انتمائه الأهلي , يعلن عنه عند تسجيل اسمه في لوائح التسجيل التي تجدد كل سنتين . و يهمل كل انتماء يحصل على أقل من 2% من مجموع المسجلين , والتي تكون بحسب الدين أو المذهب أو القومية أو أي انتماء قطاعي عامودي أهلي أخر . بما فيها قطاع (بدون) أو (مدني علماني ) . ولا يجوز لمن سجل اسمه التصويت في قطاع آخر .
  • – مجلس النواب تتمثل فيه الأحزاب السياسية المسجلة أصولا وفقا لقانون الأحزاب السياسية وشروطه والتي لا تقبل فيها الا الأحزاب الوطنية المدنية غير القومية غير الدينية ذات الادارة الشفافة والتمويل الذاتي ,و التي تتقدم للانتخابات ببرامج سياسية مرفقة بقائمة مرشحين . و يجري انتقاء العدد الفائز حسب تسلسل القائمة وباحتساب نسبة أصوات كل حزب في التصويت . و عتبة دخول المجلس هي 4% من مجموع الأصوات. وتعتبر سوريا دائرة واحدة . وللناخب صوت واحد لصالح قائمة أو حزب .
  • – يناط بمجلس الشيوخ الإشراف على وظيفة الدولة الأولى في حفظ الأمن الداخلي والخارجي . وحماية الحقوق الأساسية وتحقيق العدالة وحراسة السلم الأهلي والعيش المشترك والتصديق على المعاهدات والتحالفات الخارجية وإعلان حالة الحرب .

يشرف مجلس الشيوخ على مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية ومجلس الأمن والدفاع الأعلى . وهيئة أمن الدولة وهيئة الرقابة والتفتيش , ويشرف على عمل ثلاث وزارات سيادية هي الدفاع والعدل والخارجية.

  • – مجلس النواب مكلف أساسا بمهمة الدولة الثانية الإدارية والخدمية والاقتصادية……والحكومة مسئولة أساسا أمامه ومكلفة بتنفيذ قراراته . وتضع بالتعاون معه وبموافقته القوانين والموازنات والخطط والمشاريع .
  • – ينتخب العضو لمدة 4 سنوات . ويتم تجديد نصف العدد كل سنتين , الاقتراع حق شخصي لا يفوض . وكل تمثيل يتم عبر الانتخاب الحر ، وهو تفويض لمرحلة واحدة فقط . ولا يعتد بالاقتراع غير المباشر أو المتدرج . ويشرف على الاقتراع الحر والنزيه جهاز القضاء. ولا مانع من مشاركة رقابة محلية أو دولية محايدة. وتكلف اللجان القضائية المشرفة من قبل مجلس الشيوخ بأغلبية مطلقة . وتقوم بالإشراف و التحكيم والنظر في الطعون والاعتراضات . كما تحدد هذه اللجان أسماء الأحزاب والكتل المقبول مشاركتها في العملية الانتخابية كمؤسسات مجتمع مدني سياسية الطابع . وتشرف على تطبيق قواعد الدعاية والتمويل.
  • – يكفل الدستور حق التجمع والتعاون والدعاية وتكوين الجمعيات المدنية والأهلية والثقافية والدينية والفنية والرياضية والأحزاب السياسية . ولكن لا يدخل الانتخابات النيابية إلا الأحزاب السياسية المدنية القائمة على مبدأ المواطنة . والتي تلتزم بمعايير محددة من الشفافية والحياة الداخلية الديمقراطية , وتلتزم علنية الحسابات والتمويل والمصاريف وبسقف الحملات المحدد . كما تلتزم أدبياً بالبرامج السياسية التي تعلن عنها. وكل ترشيح للمجالس الأخرى يتم بصفة شخصية غير حزبية.
  • – تنظم قوانين خاصة الحملات الانتخابية وتضع قواعدها, بهدف ضمان عدم انحراف التصويت عن هدفه بتأثير ضغط المال السياسي , أو بسبب احتكار الإعلام . الذي من شأنه التأثير على إرادة الناس الحرة .
  • – ينتخب مجلس الشيوخ رئيس الدولة من أعضائه بأغلبية مطلقة أو بأغلبية بسيطة بشرط موافقة المجلس النيابي، ليمثل البلاد في المحافل القانونية والدبلوماسية الدولية , ويشرف على حماية الدستور وسلامة تطبيقه.
  • – يسمي رئيس الدولة بعد استشارات نيابية ملزمة رئيس الحكومة المراد تشكيلها . على أن تحصل التشكيلة المقترحة من الأخير على ثقة أغلبية مجلس النواب خلال شهر من التكليف . وتصدر بمرسوم من رئيس الدولة خلال ثلاثة أيام, وفي حال اعتراض الرئيس يعود الأمر لمجلس الشيوخ. الذي يثبت أو يعارض ثقة مجلس النواب .
  • – يحق لكل مجلس الاطلاع على مشاريع القوانين الخاصة المطروحة أمام المجلس الآخر, وكذلك اقتراح التعديلات عليها بمراسلات خاصة ملزمة وسريعة، وله أن يطلب التصويت عليها أيضا. وتعتبر باطلة إذا رفضها احد المجلسين بأغلبية مطلقة. وفي حال الأغلبية العادية يحل التناقض باعتماد اختصاص كل مجلس ، أو بتحكيم رئيس الدولة أو المحكمة العليا.
  • – تنظم المجالس التمثيلية طريقة عملها وأساليب دعوتها وانحلالها وانتخاب لجانها بقوانين تنظيمية داخلية خاصة بها, تعدل بأغلبية عادية فكل مجلس هو سيد نفسه. ويعتبر نصاب النصف ضروري لعقد الجلسات النظامية . والأغلبية هي أغلبية الحضور , والأغلبية المطلقة هي أكثر من نصف عدد الأعضاء الكلي ..
  • – كل جلسات المجالس التشريعية علنية . إلا ما يقرر المجلس سريتها لأسباب خاصة .
  • – الدستور أعلى من القانون والمرسوم أدنى من القانون ثم يليه النظام الإداري ، ثم التعليمات ، أما تسلسل قوة الأمر التنفيذي فهي بحسب التراتب الوظيفي واللوائح التنظيمية للدولة والمؤسسات , كما أن القانون الدولي أعلى من القانون المحلي. والمعاهدات الدولية لها قوة القانون بعد إقرارها في المجالس .
  • – تعلن حالة الطوارئ أو الحرب بقرار من مجلس الشيوخ أو باجتماع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الدولة. ويتوجب عرضها على مجلس الشيوخ خلال 15 يوم . على أن تحاسب الحكومة على سلوكها أثناء حالة الطوارئ التي تنتهي حتما بعد 15 يوما . إذا لم تجدد من قبل مجلس الشيوخ أو تلغى قبل ذلك بقرار منه . واستمرارها مدة تتجاوز الشهرين يتطلب موافقة المجلسين معاً . وبعد أربعة أشهر تحتاج لأغلبية مطلقة من مجلس الشيوخ وعادية من النواب , وبعد ستة أشهر لابد من موافقة الاستفتاء العام على استمرارها الذي لا يجب أن يتجاوز السنة في أي حال من الأحوال ، حيث يتوجب إجراء انتخابات برلمانية تجديدية ملزمة حينها   .
  • – الإدارة المحلية ثلاث مستويات : المحافظات –المناطق و المدن- البلدات أو القرى. وتختص المجالس المحلية بمهام تنفيذية وإدارية وخدمية غير سياسية . ولها بنود خاصة في الموازنة العامة ,ولها موازنتها الخاصة .وتخضع لقرارات المجالس الأعلى منها …و الحكم في المنازعات بينهما هو مجلس الشيوخ.
  • – في كل مجالس التمثيل والتشريع يجب أن يكون على الأقل ثلث أعضائها من أحد الجنسين.
  • – لا تمييز من حيث الجنس ( الذكر والأنثى ) أو الدين أو القومية عندما يتعلق الأمر بشغل منصب تشريعي أو تنفيذي في كل مستويات الدولة الأعلى والأدنى. ويرفض مبدأ المحاصة القومية والطائفية في كل مستويات الدولة ، ولا يقبل إلا في مجلس الشيوخ فقط ، فهو المعبّر الوحيد عن هذا التقسيم الأهلي وهو الضامن للعقد المدني المبرم بينها .
  • – كل نشاط ومؤسسة وتنظيم وجمعية تقوم على أساس أهلي ( جغرافي ديني طائفي قومي ) تمارس نشاطها السلمي في المجتمع بحرية , لكن بشكل مستقل عن المؤسسات السياسية والعسكرية الرسمية للدولة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.