لجنة الدستور السوري من سوتشي إلى جنيف وموسكو لن ترغم طهران على سحب قواتها

اختُتمت أمس، اجتماعات «آستانة 10» التي استضافها منتجع سوتشي الروسي، من دون تسجيل اختراق في الملفات الجوهرية، فأُحيل ملف تشكيل «لجنة الدستور» السوري على اجتماع يُعقد الشهر المقبل في جنيف، على رغم تقديم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عرضاً أولياً للمرشحين، فيما تُرك ملف محافظة إدلب مفتوحاً على كل الاحتمالات. واستبعدت موسكو «هجوماً ضخماً»، ملقية بمسؤولية محاربة الإرهابيين على الأتراك والمعارضة المعتدلة. كما اتُفق في سوتشي على «تبادل محدود للمعتقلين» بين النظام والمعارضة كبادرة حسن نية بين الطرفين. وأُعلن عن اجتماع جديد للدول الضامنة في تشرين الثاني (نوفمبر) من دون تحديد مكانه.

واستكمل النظام السوري سيطرته أمس على الحدود المتاخمة للجولان المحتل، في وقت سعت موسكو إلى طمأنة تل ابيب كون جيش النظام وحده سينتشر على الحدود الجنوبية. وأكد السفير الروسي لدى إسرائيل أنتولي فتكتوروف أن اتفاق فصل القوات بين إسرائيل وسورية «سيطبق مجدداً». قال إن «ضمان أمن إسرائيل على رأس أولويات روسيا»، لكنه أقر بأن بلاده «لا تستطيع أن تفرض على إيران الخروج من سورية، كما لن تمنع إسرائيل من تنفيذ أي عملية عسكرية ضد الإيرانيين في سورية». وقال فكتوروف في مقابلة مع القناة العاشرة العبرية: «روسيا ستحاول إقناع إيران بإخراج قواتها من سورية، لكنها لا تستطيع أن تفرض عليها ذلك». وأقر بأن موسكو ودمشق تحتاجان في هذه المرحلة، مساعدة المستشارين العسكريين الإيرانيين والقوات الإيرانية الموالية من أجل إنهاء المعارك. واعتبر أن لهذه القوات «دوراً مهماً في الصراع المشترك للقضاء على الإرهاب. لذلك، فالمطالبة بإبعاد الجنود الأجانب من سورية ليست واقعية». وأشار إلى أن تأثير روسيا على قرارات إيران في سورية «محدود جداً. نستطيع أن نتحدث مع شركائنا الإيرانيين بصدق وانفتاح كبيرين، ومحاولة إقناعهم بفعل أو عدم فعل شيء ما، لكننا لا نستطيع أن نفرض ذلك عليهم».

وكان دي ميستورا اجتمع أمس، مع ممثلي الدول الضامنة لـ «آستانة» وقدم لهم قائمة «غير نهائية» بمرشحي «اللجنة الدستورية»، فيما أكد بيان أن الموفد الدولي يعتزم إجراء محادثات مع إيران وروسيا وتركيا في أيلول (سبتمبر) المقبل في جنيف، لوضع اللمسات النهائية على اللجنة التي تهدف إلى صوغ دستور سوري جديد. ونقلت وكالة «نوفوستي» الروسية عن مصدر في الوفد الإيراني، أن دي ميستورا ناقش مع ممثلي الدولة الضامنة طرائق تعيين ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة وكذلك المجتمع المدني.

وفيما اعتبر دي ميستورا اللقاء «مفيداً»، تعهدت الدول الضامنة في البيان الختامي «مواصلة جهودها لتعزيز المفاوضات السورية – السورية والتوصل الى تسوية سياسية، وتأمين الظروف للبدء بعمل اللجنة الدستورية».

وبدا واضحاً أن البيان الختامي حمل لمسات الروس، اذ تضمن عبارات فضفاضة من دون الخوض في الملفات الشائكة. وحرص البيان الذي تلاه المبعوث الروسي ألكسندر لافرينتييف، على تأكيد أن «جميع الأطراف اتفقوا على تحديد مفهوم مكافحة الإرهاب في سورية، من أجل القضاء على تنظيم داعش، وجبهة النصرة، وكل الكيانات الموالية لتنظيم القاعدة وفقاً لتعريف مجلس الأمن».

وكشف لـ «الحياة» مصدر شارك في الاجتماع مع الجانب الروسي أن وفد المعارضة «لم يتلق إجابات واضحة حول القضايا الأساسية وأهمها المعتقلون ومصير منطقة خفض التصعيد في إدلب ومخطط عودة اللاجئين». وأشار إلى أن الروس رفضوا «منح ضمانات بمنع النظام من شن هجوم على إدلب، وقالوا لن نتوقف عن استهداف الإرهابيين في إدلب لمنع هجمات النصرة على قاعدة حميميم (الروسية) والمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة قرب إدلب». ولفت إلى أن «كل السيناريوات مطروح».

وقال لافرينتييف في مؤتمر صحافي: «لا حديث عن هجوم كبير على إدلب». لكنه شدد على «ضرورة وقف نشاط المجموعات الإرهابية». وأضاف: «دعونا المعارضة المعتدلة والأتراك إلى العمل لحل موضوع التهديدات ضد العسكريين الروس والجنود السوريين»، في إشارة إلى دعم روسي لمحادثات الأتراك مع فصائل الشمال السوري لتشكيل «جيش موحد» لمواجهة جبهة النصرة.

وقال لافرينتييف: «في الشهر الأخير أسقطنا 26 طائرة درون محملة بمتفجرات استهدفت قاعدة حميميم ولن نقف مكتوفي الأيدي في حال تعرض جنودنا للخطر».

وكان أُعلن عن اتفاق على «مشروع تجريبي» يتضمن تبادلاً لعدد محدود من المعتقلين لدى النظام والمعارضة، في خطوة فسرت بأنها تأتي ضمن إجراءات بناء الثقة، من دون تحديد عدد المحتجزين الذين سيتم تبادلهم. وحض البيان الختامي لاجتماع «آستانة 10» «المجتمع الدولي على إعادة بناء البنى التحتية لمساعدة السوريين في استعادة حياتهم الطبيعية والآمنة».

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.