في حصيلة هي الأعلى في العالم… مدير شبكة حقوقية لـ«القدس العربي»: مقتل أكثر من 80 مدنياً بسبب الألغام شمال غربي سوريا

يمثل الشمال السوري محط قلق للمنظمات الحقوقية والإنسانية، التي تقف عاجزة أمام الاستجابة للمدنيين في تلك المناطق وتلبية احتياجاتهم الأساسية، في ظروف أمنية وصحية صعبة، تحول دون الحد من فقدان المزيد من الأرواح جراء العمليات العسكرية والأمنية المكثفة، وتمنع من الوقوف على الأوضاع الصحية وتقديم الدعم اللازم للأهالي وسبل الحماية.
وقتل أمس مدني وأصيب 3 آخرون في قصف صاروخي لنظام الأسد استهدف مركبة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا. وأفاد المسؤول الإعلامي في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) حسن الأحمد، لوكالة الأناضول بأن قوات النظام استهدفت بقذيفة صاروخية مركبة تقل مدنيين بالقرب من قرية البارة في الريف الجنوبي لإدلب. وأشار إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل أحد المدنيين وإصابة 3 آخرين تم اسعافهم من قبل الدفاع المدني إلى المشافي في المنطقة.

أوضاع إنسانية متدهورة

وأبدت فرق الخوذ البيضاء العاملة شمال غربي سوريا، قلقها أمس إزاء مصير أكثر من 3 ملايين نسمة، محاصرين في بقعة جغرافية صغيرة قرب الحدود السورية – التركية في أوضاع إنسانية متدهورة، حيث سلطت منظمة الدفاع المدني السوري، الضوء على التكتيك الجديد الذي شرعت روسيا باستخدامه مؤخراً كوسيلة جديدة لاستهداف المدنيين في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، إذ تفخخ الطائرات المسيرة الروسية المنطقة بأنواع جديدة من الذخائر والألغام الذاتية الانفجار.

وأوضح فريق الخوذ البيضاء في بيانه، أن فِرقها عثرت في الموقع المستهدف على ألغام «POM – 2» التي تنشر أسلاكاً في محيطها بطول 10 أمتار لتشكل فخاخاً، تنفجر أحياناً بمجرد لمس تلك الأسلاك، كما أنها قد تنفجر ذاتياً بعد تفعيلها بمدة تتراوح بين 4 إلى 24 ساعة حسب حرارة الجو، مشيرة إلى انفجار 3 ألغام بشكل ذاتي بدون تسجيل إصابات.
وذكر فريق الخوذ البيضاء في بيان له، أن فِرق المسح وإزالة الذخائر التابعة له أجرت يوم أمس عملية مسح وبحث عن ذخائر ألقتها طائرات مسيرة – يرجح أنها روسية – على مزرعة غرب إدلب، والتي انفجرت بفرق الدفاع المدني، وبعض الأهالي، ما أدى إلى سقوط ضحية و5 إصابات من المدنيين.
شبكة «نداء سوريا» المحلية، أكدت من جانبها أن طائرة مسيرة يرجح أنها روسية قذفت ذخائر في منطقة زراعية مأهولة بالمدنيين قرب بلدة «الشيخ بحر» غرب مدينة إدلب، ما أدى لمقتل امرأة، وإصابة 5 آخرين، من بينهم أطفال، وعقب توجه فِرق الدفاع المدني إلى الموقع المستهدَف كررت الطائرة استهدافها للمكان.
وجاء في بيان الدفاع المدني «عمل فريق المسح التابع لفرق إزالة الذخائر في الدفاع المدني على إجراء عمليات مسح وبحث عن مخلفات الألغام التي استهدفت فريقنا والمدنيين في مزرعة مأهولة بالسكان غرب إدلب، وتم وسم المكان باللافتات وتنبيه الأهالي لضرورة الابتعاد عن المكان وعدم لمس أي جسم غريب».
تزامناً، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن 6 مدنيين أصيبوا، بينهم نساء يعملون في قطاف الزيتون، جراء استهداف حافلة تقلهم من قِبل قوات النظام بصاروخ موجه في بلدة البارة جنوبي إدلب، وذلك بعد هدوء نسبي استمر منذ منتصف ليل الأحد – الاثنين.
وأوضح المرصد أن قوات النظام البرية، بدأت بجولة جديدة من القصف الصاروخي على مناطق متفرقة من جبل الزاوية جنوبي إدلب.
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني تحدث لـ»القدس العربي»عن توثيق 126 ضحية، قتلوا خلال الشهر الفائت، بينهم 18 طفلاً ، قضوا على يد قوات النظام السوري والقوات الروسية، موضحاً أن 86 مدنياً بينهم قتلوا بسبب الألغام منذ بداية العام بينهم 15 طفلاً في حصيلة هي الأعلى في العالم.
واعتبر عبد الغني أن جريمة القتل اتخذت نمطاً واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه بشكل أساسي، وأن عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا ازدادت تعقيداً بعد دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري، وأضاف « لقد استمرَّ وقوع ضحايا من المواطنين السوريين بسبب الألغام في تشرين الأول، في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وهذا مؤشر على عدم قيام أيٍ من القوى المسيطرة ببذل أية جهود تذكر في عملية إزالة الألغام، أو محاولة الكشف عن أماكنها وتسويرها وتحذير السكان المحليين منها».

قصف عشوائي

وشهد العام الحالي منذ بدايته، عملية عسكرية عنيفة قادها النظام السوري وحليفاه الروسي والإيراني ضدَّ المناطق الخارجة عن سيطرته في إدلب وما حولها، وتعرَّضت المدن والأحياء السكنية في تلك المناطق لعمليات قصف واسعة وعشوائية تسبَّبت في مقتل العشرات وتشريد سكان مدن بأكملها، وشهدَ الشهران الأول والثاني من العام ارتفاعاً ملحوظاً في حصيلة الضحايا، وفقا للمتحدث.
في غضون ذلك، تحدث فريق «منسقو استجابة سوريا» عن أوضاع إنسانية سيئة تواجه النازحين السوريين في الشمال السوري، بالتزامن مع بدء انخفاض درجات الحرارة وبدء موسم هطول الأمطار. وأصدر الفريق بياناً رسمياً ذكر فيه، أن أكثر من مليون مدني من سكان الخيام في ريف إدلب، يتحضرون لمواجهة فصل الشتاء بدون أي مقومات لذلك. ودعا الفريق المنظمات الإنسانية إلى تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية تجاه النازحين في مخيمات شمال غربي سوريا.
وأشار البيان إلى صور وثقت أحوال المخيمات في شمال غربي سوريا، مع بداية فصل الشتاء، حيث بدت الخيم محاطة ببرك من المياه، وقال «هذه هي الأحوال ولم تبدأ الهطولات المطرية بشكل فعلي».
وفي مايو/ أيار 2017، أعلنت تركيا وروسيا وإيران، التوصل إلى اتفاق على إقامة «منطقة خفض تصعيد» في إدلب، ضمن اجتماعات أستانة المتعلقة بالشأن السوري. ورغم تفاهمات لاحقة، تم إبرامها لتثبيت وقف إطلاق النار بإدلب، إلا أن قوات النظام وداعميه واصلت هجماتها على المنطقة.‎
وفي 5 مارس/ آذار الماضي، أعلن الرئيسان التركي رجب طيب اردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، توصلهما إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بإدلب، بدأ سريانه في اليوم التالي. ورغم قيام قوات النظام بخرق وقف إطلاق النار بين الفينة والأخرى فإن المنطقة يسودها هدوء نسبي.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.