جولة «اللجنة الدستورية» السورية الرابعة في جنيف: خيبة أمل ونقاش عام لا مكان فيه للدستور

استمر انسداد أفق العملية السياسية حول سوريا، حيث تنهي اللجنة الدستورية مناقشة أعمالها للدورة الرابعة في جنيف، برعاية الأمم المتحدة، والتي انطلقت في 30 من نوفمبر /تشرين الثاني دون تحقيق نتائج إيجابية في مسار الإصلاح الدستوري، ولم تفّرغ ضمن جلساتها وقتًا لمناقشة للدستور، الذي غاب عن جدول أعمالها.
وذكر المكتب الإعلامي لهيئة التفاوض السورية، أن اللجنة الدستورية تابعت الخميس، مناقشاتها لهذه الدورة الرابعة، وتقدم أعضاء اللجنة من هيئة التفاوض باقتراحات حول عدة مضامين دستورية تشمل إنشاء هيئات مستقلة لرعاية شؤون المهجرين واللاجئين والنازحين، وإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان والتي تعنى بموضوع المعتقلين والمفقودين والمغيبين قسرًا.

وحول تفويض اللجنة إنشاء هيئات مستقلة؟ وتكليفها مهام جديدة، وما إذا كان ذلك ضمن «حوار بين وفدي نظام ومعارضة والمجتمع المدني، وضمن مسار سياسي يقود للمصالحة خارج الشروط التي كانت تطرح سابقاً» أجاب الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة للصحافيين السوريين قائلاً «لا داعي للتأكيد أن مهمة اللجنة الدستورية واستنادًا إلى القواعد الاجرائية هي القيام بالإصلاح الدستوري وذلك من خلال الوصول إلى دستور جديد لسوريا، دستور غير تقليدي يجب أن يتضمن بالإضافة إلى الأبواب والفصول التقليدية المعروفة (مبادئ أساسية، السلطات، المحكمة الدستورية العليا …الخ….مضامين دستورية تؤسس وتنظم لحل القضايا الكبرى والتي تعرض لها الشعب السوري خلال عشر سنوات».
وفي مقدمة هذه القضايا وفقاً للبحرة «قضية المعتقلين وكشف مصير المفقودين إضافة إلى المحاسبة والتعويض وجبر الضرر وبالتالي نحن نحتاج إلى هيئات عامة مستقلة لها وظيفة محددة في هذه القضايا….ويجب أن تكون هذه الهيئات محدثة بموجب نص دستوري والدستور ينص على ضمانات حماية استقلالها». وأضاف «لا يمكن بأي حال أن تكون هذه الهيئات تتبع للسلطة التنفيذية لأن ذلك سيضعف من استقلاليتها، وفق قوله، مشيراً إلى «أن اللجنة الدستورية تبحث أي موضوع وكل موضوع من خلال سبل تكيف هذا الموضوع في الدستور، إذًا، نحن لا نبحث في تفاصيل هذه الموضوعات بل نتعامل معها من خلال المضمون الدستوري لها فقط».
وكان البحرة قد قدم إحاطة حول مجريات جلسات الدورة الرابعة، وقال إنه من المقرر أن تتم متابعة نقاش الأسس والمبادئ الوطنية في الدستور، ومحاولة التوصل إلى صياغات في المضامين الدستورية لا سيما فيما يتعلق بضمان حقوق اللاجئين.
وجاء في بيان صحافي لهيئة التفاوض السورية، أن وفد الهيئة طرح المضامين الدستورية الواجب النص عليها لضمان حقوق اللاجئين والنازحين والمهجرين من العودة الطوعية والكريمة وحماية ممتلكاتهم وجبر الضرر والتعويض وضمان حقوق المعتقلين والمغيبين قسريا وتحقيق العدالة الانتقالية.
وتعقيباً على ما تقدم، قال الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي إن الهيئة المصغرة، ناقشت خلال الجولة الرابعة قضية الأسس والمبادئ الوطنية، والتي تعذّر الوصول إلى صيغة مشتركة حولها خلال الجولة الثالثة، كما أنها لم تضع مكاناً للدستور على جدول أعمالها، فيما يُفترض أن يتضمن جدول أعمال الجولة الخامسة المبادئ الأساسية للدستور. معتبرًا في حديث مع «القدس العربي» أن جدول الأعمال كان مخصصاً لمناقشة قضايا الانتماء والهوية، لكن وفد النظام السوري طرح قضايا أخرى وهي العقوبات والسيادة والإرهاب واللاجئين، وكذلك طرحت المعارضة قضايا مختلفة مثل المبادئ الاجتماعية والاقتصادية الناظمة للبلاد.
واستنتج المتحدث مما سبق، عدم التزام الوفود بجدول الأعمال أو عدم الاتفاق عليه بالأصل، «على سبيل المثال حاول النظام السوري إدراج قضية اللاجئين كأحد المبادئ الوطنية، في حين تمسّكت المعارضة بها كمبدأ دستوري، وكذلك فيما يخص قضايا السيادة والإرهاب».
وفي حين تبدو مساعي النظام السوري مرتبطة بكسب الوقت، والتفلّت من تقديم تنازلات كبيرة تؤدي إلى تغيير جوهري في محتوى الدستور، تحرص المعارضة السورية على دفع النظام السوري لمناقشة القضايا الدستورية، لا سيما أنّها كانت تأمل ذلك، قبل أن يُصرّ النظام السوري في الجولة الثانية على تضمين المبادئ الوطنية في جدول الأعمال كشرط مسبق لاستكمال المباحثات، وفق المتحدث الذي اعتبر أن طريقة سير المباحثات الدستورية لا توحي بإحراز أي تقدم جوهري في الجولتين الرابعة والخامسة، ما يضعف الآمال في الوصول إلى نتائج إيجابية من مسار الإصلاح الدستوري، وبالتالي استمرار انسداد أفق العملية السياسية.
وعن خيبة أمل المعارضة السورية من نتائج الجولة، يقول عاصي، إن ما سبق قد يشكل أرضية ملائمة لعدم التمسّك بتزامن المسارات، ما يعني خيبة أمل للمعارضة السورية التي كانت تدعو لفصل السلال الأربع عن بعضها، على عكس النظام السوري الذي قد يجد في ذلك فرصة جديدة له لطرح التباحث على سلّة الانتخابات.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.