“مستوطنات” إيرانية في الجنوب السوري

تعمل إيران منذ دخولها إلى سوريا لدعم الحكومة السورية، على التغلغل في مناطق مختلفة، وخاصة في جنوب سورية، لتكون مجاورة لحدود إسرائيل من جهة، كذلك تطل على البوابة البرية للأردن ودول مجلس التعاون الخليجي.بدأ العمل الإيراني في سوريا منذ العام 2012، وبلغ ذروته عسكريا في العام 2014 بإنشاء غرفة عمليات تابعة لفيلق القدس الإيراني في منطقة مثلث الموت الواقع بين درعا والقنيطرة، والتي أسسها قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، وأشرف بشكل شخصي على تجهيزها وإدارتها.

منذ ذلك الوقت عملت إيران في خطوط محددة في جنوب سوريا، الخط الأول هو الخط العسكري والأمني، من خلال إنشاء مقرات عسكرية متنوعة بعضها متقدم نحو الحدود الأردنية والإسرائيلية، والخط الثاني هو تجنيد مقاتلين من محليين، وتمكنت من تجنيد عدد كبير منهم بعد تسوية 2018، حتى بلغ العدد نحو 3 آلاف شخص.

أما الخط الثالث والذي يعتبر الأهم على المدى البعيد، فهو شراء عقارات مكونة من بيوت، وأراض، من خلال الاعتماد على وكلاء محليين، ودفع مبالغ كبيرة لقاء هذه العقارات.

هل تعمل إيران لتحويل الجنوب السوري لضاحية جنوبية ثانية؟

قال موقع قناة “إيران أنترناشيونال” يوم أمس، أن طهران قامت في السنوات الأخيرة بشراء مئات الهكتارات من الأراضي، في درعا والسويداء والقنيطرة، مستغلة الضعف الاقتصادي وهجرة أبناء المنطقة، في محاولة لبناء مناطق سكنية شيعية قرب الحدود مع إسرائيل.

وأضافت القناة، أن مناطق قرفا في درعا، وسعسع في القنيطرة، من بين هذه المناطق التي يعيش فيها الشيعة الذين قدموا من إيران وأفغانستان، والعراق وبعضهم عناصر من “حزب الله” اللبناني.

ولكن وبحسب مصادر خاصة لموقع “الحل نت”، فإن بلدة قرفا، مسقط رأس اللواء السابق رستم الغزالي، يتواجد فيها شيعة من أبنائها، وعدد من عناصر “حزب الله” اللبناني و”الحرس الثوري” الإيراني، دون أن يكون فيها استيطان لأفغان أوعراقيين.

وتعتبر بلدة قرفا مركز عمليات إيران من أجل نشر التشيع، وشراء العقارات، حيث يتواجد فيها أبرز دعاة التشيع من أبنائها، مثل بدران الكايد، واليان الكايد، والذين وصلوا لمرتبة السيد الدينية عند الطائفة الشيعية.

ومن جهة أخرى، كانت صحيفة “الشرق الأوسط” نقلت في 15 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، عن تقرير جديد للاستخبارات الإسرائيلية أن “النشاط الإيراني آخذ في الاتساع حاليا خصوصا في منطقتي جنوب وشرق سوريا، وكذلك قرب الحدود مع لبنان، حيث تقوم جهات بشراء بيوت وأراض بأعداد هائلة، ويأتون بسكان جدد من إيران أو من مجموعات سكانية شيعية أخرى من عدة بلدان في المنطقة، مثل العراق وأفغانستان واليمن، وغيرها، كما يستغلون الفاقة والضائقة المالية للسكان المحليين فينشئون الجمعيات الخيرية لإغراء السكان”.

وأضاف التقرير في حينه أن “جهات إيرانية، أرسلت في الشهور الأخيرة، حقائب مليئة بالدولارات إلى عدة جهات في البلدات السورية الجنوبية، في منطقتي حوران والجولان، بغرض تجنيدها لأهدافها السياسية والعقائدية، وهذه الأموال وصلت إلى عدد من قادة المجتمع في مدينة السويداء، أبناء الطائفة العربية الدرزية، الذين عرف بعضهم بتأييدهم (لحكومة دمشق)، فراحوا يبدون تحولا نحو إيران وحزب الله اللبناني.

كما وصلت الأموال إلى قادة بلدة قرفا التي نجحت إيران في تحويلها من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، وإلى جهات أخرى تسعى لتجنيدها أو تشييعها واستخدامها في تسهيل مهمات حزب الله”.

كيف يتم شراء العقارات؟

تعمل إيران، على شراء العقارات بنفس الطريقة التي تعمل فيها في دمشق وريفها، وذلك بالاعتماد على وكلاء محليين من أبناء هذه المناطق، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف وللتغطية على بعض الأعمال قامت بافتتاح “جمعية الزهراء” في مدينة درعا في صيف عام 2018، بحضور ممثل المرشد الخامنئي، وتسلم رئاسة الجمعية محمد الصيدلي، وهو من شيعة محافظة درعا.

وهناك عدد من الوكلاء العاملين في مجال شراء العقارات، وهم من الشخصيات المعروفة في درعا، أبرزهم ” ح أ خ “، و”ش ط “، وهم من رجال الأعمال في المحافظة، وتتم عملية الشراء من خلال علاقات هؤلاء الوكلاء مع المكاتب العقارية، وسماسرة العقارات المتوزعين في المحافظة.

هناك حالات شراء لأراض تم عرضها فعلا في المكاتب أو عن طريق السماسرة، حيث يختار الوكلاء ما يرونه مناسبا منها، وهناك بعض العقارات التي يقرر الوكلاء شراؤها، فيوعزون لأصحاب المكاتب والسماسرة، لمتابعة أصحابها وإقناعهم بالبيع، مع وجود إغراءات بالسعر حسب موقع الأرض ومساحتها وأهميتها.

ومن ناحية ثانية، يتمتع الوكلاء بعلاقات نافذة في دوائر السجل العقاري، والمديريات العقارية، التي تعاني من الفساد ودفع الرشاوى قبل العام 2011.

يؤكد مصدر خاص، من درعا، لموقع ” الحل نت”، أن هؤلاء الأشخاص قاموا بشراء مساحات واسعة من الأراضي على الطريق الدولي “أتستراد دمشق – درعا”، بخاصة في المناطق القريبة من الجامعات الخاصة، في مناطق غباغب، وجباب.

وأضاف المصدر أن تسجيل هذه العقارات في السجل العقاري، يجري بشكل طبيعي، دون أي تساؤل من إدارة وموظفي الدائرة، مع علمهم أن هذه العقارات يتم شراؤها لجهات غير سورية، لكن ليس أمامهم سوى خيارين، إما تسجيلها وقبض مبالغ كبيرة مقابل ذلك، أو المساءلة من قبل الأجهزة الأمنية.

كما أشار المصدر إلى أن أحد مدراء السجل العقاري في درعا، ممكن تركوا عملهم، استطاع خلال الأشهر الخمسة الأولى من شراء منزل كبير في ريف درعا يبلغ سعره نحو 50 ألف دولار في العام 2018.

ليس هناك أي جهة قادرة حتى الآن، على ثني إيران عن تنفيذ مخططاتها جنوب سوريا، فالدول المناوئة لإيران، كالولايات المتحدة، وإسرائيل، تعمل من خلال توجيه ضربات عسكرية جوية لمواقع إيرانية، لكن ما يجري من شراء عقارات، وتشييع للأهالي، وتجنيد للعناصر هو الأخطر، ويحتاج لعمل طويل الأمد لإنهائه.
الحل نت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.