تجدُّد الاقتتال شمال حلب بين «الجيش الوطني» و«تحرير الشام»

تجددت المواجهات العنيفة، أمس (الاثنين)، بين تحالف «الفيلق الثالث»، أحد مكونات «الجيش الوطني السوري» المدعوم من أنقرة، والتحالف الذي تقوده «هيئة تحرير الشام – هتش» بالاشتراك مع فصائل أخرى أبرزها (العمشات) و(الحمزات)، بريف عفرين الخاضعة للنفوذ التركي شمال غربي حلب. وذلك عقب اتفاق لم يصمد طويلاً كان قد أُبرم مساء الجمعة، يقضي بوقف الاقتتال الذي دار بين الطرفين الأسبوع الماضي، بعدما سيطر تحالف «الهيئة» على مدينة عفرين وعشرات القرى والبلدات المحيطة بها.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، صباح أمس، إلى أن هيئة تحرير الشام أبلغت قيادات فصيل الجبهة الشامية (التي تضم الفيلق الثالث)، بإلغاء الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، في 15 من الشهر الجاري، بذريعة عدم الالتزام بتنفيذ بنودها.
ورفضت الهيئة تسليم مقرات الفيلق الثالث في عفرين، بالإضافة لرفض تبادل الأسرى، واشترطت على الجبهة الشامية، إخلاء مقراتها في قرية كفر جنة الاستراتيجية وتسليمها للهيئة، غير أنها رفضت خوفاً من توجه هيئة تحرير الشام نحو مدينة إعزاز للسيطرة عليها. فير ان المرصد تحدث مساء امس، عن سيطرة هيئة تحرير الشام على قرية كفرجنة، بعد معارك دارت بينها وبين الفيلق الثالث داخل الأحياء السكنية في القرية.
وكان مصدر عسكري في فصائل المعارضة (فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية)، أفاد «بتجدد الاشتباكات بصورة عنيفة، واستخدام للأسلحة الثقيلة والدبابات والصواريخ بين الطرفين، في منطقة مريمين وكفر جنة شمال مدينة عفرين، في محاولة من الأخيرة للتقدم والسيطرة على المنطقة تمهيداً للسيطرة على مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، التي تشهد الآن غلياناً شعبياً واستنفاراً عاماً من أهالي المدينة والبلدات المحيطة بها وقطعاً للطرق العامة وإغلاقاً للأسواق والمحال التجارية، استعداداً لمؤازرة (الفيلق الثالث) بمواجهة الهيئة ومنعها الدخول إلى المدينة».
ويأتي تجدد الاقتتال، حسب المصدر، بعد تبادل سيل من الاتهامات بين تحالف «الفيلق الثالث» وتحالف «هيئة تحرير الشام» على مدار اليومين الماضيين، واتهام كل طرف الآخر بالتقاعس وعدم تنفيذ الاتفاق الذي ينص أول بنوده على إنهاء القتال الذي دار بين الطرفين الأسبوع الماضي، ووقف إطلاق نار شامل وكل أشكال العمليات العسكرية. إضافةً إلى إطلاق سراح الموقوفين خلال الأحداث الأخيرة من جميع الأطراف، وعودة قوات «الفيلق الثالث» إلى ثكناته ومقراته ونقاط رباطه العسكرية، مقابل عدم التعرض لمقراته وممتلكاته وسلاحه وعناصره، على أن يتركز نشاط الفيلق في المجال العسكري فقط، مع عدم ملاحقة أي شخص بناء على خلافات فصائلية وسياسية، وانسحاب (هيئة تحرير الشام) من مناطق عفرين باتجاه إدلب تنفيذاً للاتفاق.
وقالت مصادر مقربة من (هيئة تحرير الشام)، إن هناك أطرافاً لم تسمِّها تحاول تعطيل الاتفاق الذي أُبرم مؤخراً مع (الفيلق الثالث)، ودفعها المدنيين في مدن إعزاز والباب ومارع وصوران وقرى وبلدات أخرى، إلى الخروج بمظاهرات حاشدة رفضاً لتنفيذ أحد بنود الاتفاق الذي يتيح لـ(الهيئة) دخول أرتالها العسكرية (الاستعراضية) إلى تلك المدن، وصولاً إلى جرابلس والعودة إلى عفرين. وقد عدّ الأهالي الأمر استفزازياً دفعهم إلى الخروج بمظاهرات حاشدة وإعلان النفير العام في مختلف مساجد المناطق بريف حلب الشمالي، للتصدي لـ(هتش) فيما لو حاولت إرسال أرتالها العسكرية، وسط دعوات إلى حمل السلاح والمشاركة بالتصدي للهيئة. في الوقت ذاته بدأت المنطقة تشهد عودة الاستنفارات العسكرية لفصائل (الفيلق الثالث) وحليفه (جيش الإسلام)، قرب خطوط التماس في منطقتي كفر جنة ومريمين، مع تحالف (هيئة تحرير الشام) شمال عفرين قبيل تجدد الاشتباكات.
ويرى أهالي مدن الباب ومارع وأخترين وصوران وإعزاز وعشرات القرى والبلدات بدخول (هيئة تحرير الشام) إلى مناطقهم والسيطرة عليها، أنها ستتحول من منطقة (آمنة)، تخضع للنفوذ التركي، إلى هدف مشروع للروس وقوات النظام و«قسد»، على اعتبار أن الهيئة فصيل مصنّف على لوائح الإرهاب العالمي ولا يحق لتركيا الدفاع عنها، حسب أحد أبناء مدينة إعزاز.
وعلى هامش الاقتتال المتجدد، ناشد النازحون في مخيمات كفر جنة ومشعلة وزيارة حنان بريف عفرين الفصائل، بوقف الاشتباكات وإعطائهم فرصة للنزوح إلى مناطق أكثر أمناً، وسط أنباء عن وقوع قتلى وجرحى نازحين بينهم أطفال ونساء.
وقال فريق «منسقو استجابة سوريا»، إن «عشرات المناشدات من المخيمات الواقعة في محيط إعزاز وعفرين شمالي حلب تطالب بتأمين نزوحها إلى مناطق أكثر أمناً بعد عودة الاشتباكات إلى المنطقة، إذ سُجل استهداف أكثر من 4 مخيمات في المنطقة ما تسبب بإصابات بين المدنيين بينهم نساء وأطفال».
وناشد الفريق، الفرق الطبية والإنقاذ، العمل على دخول المخيمات التي تحوي إصابات والعمل على إخلائها إلى النقاط الطبية بشكل عاجل.

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.