لبنان يشدد إجراءاته لمواجهة أزمة النزوح السوري

اتخذت الحكومة اللبنانية سلسلة إجراءات مرتبطة باللاجئين السوريين ولا سيما المخالفين منهم، مهدّدة بإسقاط صفة اللاجئ عن كل من يخرج من الأراضي اللبنانية، كما أكدت الاستمرار في متابعة العودة الطوعية لهم، وذلك في اجتماعين عُقدا أمس برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزراء العدل والخارجية والداخلية والشؤون الاجتماعية والقادة الأمنيين.
وتأتي هذه التدابير التي سبق أن اتُّخذ عدد منها ولم تجد طريقها للتطبيق لأسباب عدة؛ منها عدم تعاون النظام السوري ورفض مفوضية شؤون اللاجئين لعودتهم، في ظل تصاعد التوتّر في لبنان والانقسام حول ملف عودة السوريين إلى بلدهم، بحيث ترتفع الأصوات الرافضة لاستمرار وجودهم في لبنان وتطالب بالعمل على إعادتهم لبلادهم، مقابل تأكيد أطراف أخرى على أهمية أن ترتبط هذه العودة بضمانات لهم.
وترأس ميقاتي، أمس، اجتماعين لبحث ملف النزوح السوري، شارك في الأول الوزراء المعنيون والقادة الأمنيون، وفي الثاني وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار ووزير الداخلية عباس مولوي ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وممثل مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، وذلك بعد ارتفاع منسوب التوتر في لبنان على خلفية هذه القضية التي كادت تؤدي إلى مواجهة بين اللبنانيين والسوريين، إثر الدعوة لمظاهرتين في مواجهة بعضهما أمس (الأربعاء) أمام مفوضية شؤون اللاجئين، ما أدى بوزير الداخلية إلى اتخاذ قرار بمنع التظاهر من قبل النازحين والمظاهرات المضادة، واتخذت إجراءات أمنية مشددة أمس في محيط مقر المفوضية في بيروت.
وأكد الوزير حجار بعد الاجتماعين على توافق كامل بين رئيس الحكومة والوزراء والقادة الأمنيين حيال الإجراءات التي تم اتخاذها، قائلاً: «لبنان موحد بالنسبة لهذا الموضوع»، لافتاً إلى أنه إذا كانت هناك ضرورة للتنسيق السياسي سيذهب ووزير العمل إلى سوريا لمتابعة هذا الموضوع.
وفي حين أكد وزير الداخلية بسام مولوي أن الأجهزة الأمنية اللبنانية سوف تتخذ كل التدابير أمام مخيمات النازحين السوريين، أعلن حجار عن سلسلة إجراءات ستبدأ الدولة اللبنانية بتنفيذها، مرتبطة بتنظيم وجود اللاجئين والعمل على عودتهم إلى بلادهم، منها الطلب من الأجهزة الأمنية التشدد في ملاحقة المخالفين ومنع دخول السوريين بالطرق غير الشرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية، والطلب من المفوضية العليا لشؤون النازحين، وضمن مهلة أقصاها أسبوع من تاريخه، تزويد وزارة الداخلية والبلديات بـ«الداتا» الخاصة بالنازحين السوريين على أنواعها، على أن تسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الأراضي اللبنانية.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية، الاستمرار في متابعة العودة الطوعية للنازحين السوريين، مع مراعاة ما تفرضه الاتفاقيات والقوانين لناحية المحافظة على حقوق الإنسان، وذلك تحت إشراف الوزارات والإدارات المختصة، لا سيما وزارة الشؤون الاجتماعية والمديرية العامة للأمن العام.
ومن ضمن القرارات المتخذة، الطلب من وزارتي الداخلية والبلديات والشؤون الاجتماعية إجراء المقتضى القانوني لناحية تسجيل ولادات السوريين على الأراضي اللبنانية بالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون النازحين والطلب من وزارة العمل، وبالتنسيق مع المديرية العامة للأمن العام، التشدد في مراقبة العمالة ضمن القطاعات المسموح بها.
وفي ظل ارتفاع عدد الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، تقرّر الطلب من وزير العدل البحث في إمكانية تسليمهم للدولة السورية بشكل فوري مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة، وبعد التنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية، كما التوجه من جهة أخرى إلى الدول الأجنبية للمشاركة في تحمل أعباء النزوح السوري في ضوء تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
واتفق المجتمعون على تكليف وزير الشؤون الاجتماعية والعمل وأمين عام المجلس الأعلى للدفاع ومدير عام الأمن العام بالإنابة متابعة تنفيذ مقررات اللجنة والتنسيق بشأنها مع الجانب السوري ورفع تقارير دورية بهذا الخصوص إلى اللجنة الوزارية.
وبعدما كانت مفوضية شؤون اللاجئين قد رفضت إعطاء وزارة الشؤون اللبنانية اللوائح الموجودة لديها بأسماء اللاجئين، وهو الأمر الذي أدى إلى توتّر العلاقة بينهما، أعلن حجار، أمس، أنه تم إبلاغ المفوضية بالمقررات الأساسية التي تعنى بالنازحين السوريين، وتم التوافق على أن تبدأ المفاوضات غداً (اليوم) بموضوع «كيفية تسليم (الداتا) على أن يتم تسليمها خلال أسبوع بالحد الأقصى، وقد تم تعيين لجنة للمتابعة».
كما تحدث وزير الداخلية عن قضية النازحين وقرار منع المظاهرات، مؤكداً ضرورة أن يحترم السوريون الموجودون في لبنان القانون والنظام. وقال بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان: «نؤكد حقوق الإنسان ونحميها، ونقدر حقوق الجوار وحقوق كل إنسان بخاصة الإنسان العربي والإنسان بعامة. إنما من الواجب احترام القانون اللبناني، وحفظ النظام، وأن يكون السوريون الموجودون في لبنان خاضعين للقانون اللبناني وللنظام، ويجب تسجيلهم في الدوائر الرسمية المختصة وتنظيم وضعهم، لأن هذا الفلتان مضر بلبنان ومضر بمصالحهم وبالوضع الأمني الذي نحن مسؤولون عنه».
وشدد في المقابل على أنه «يجب تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع الموجودين على الأراضي اللبنانية، دون أن يكون اللبنانيون مظلومين على أرضهم، ودون أن يتعرضوا لظلم من إخوة لهم موجودين على الأراضي اللبنانية».
وفي رد على سؤال عما إذا كانت السلطات تملك معلومات حول انفجار أمني كاد أن يحصل، أجاب: «نحن نأخذ كل الاحتياطات كي لا يقع أي حدث أمني، لن أقول انفجار، لكن أي احتكاك أمني ممكن إذا تفاقم أن يؤدي إلى نتيجة غير محسوبة أو لا تحمد عقباها. نحن نتابع الوضع الأمني بتفاصيله، ومن هنا حرصنا على تنظيم الوضع السوري في لبنان حماية للأمن وحماية لكل الموجودين في لبنان». وأكد على رفض التحريض على الجيش اللبناني، على خلفية ترحيله عشرات السوريين من لبنان، وقال: «لن يسمح بالتحريض على الجيش اللبناني وعلى الدولة اللبنانية… السوري الموجود في لبنان يجب أن يلتزم بالقانون اللبناني، وسنفرض عليه التزامه».
وسئل عن الإجراءات الأمنية أمام مداخل المخيمات، فأكد أن «الأجهزة الأمنية اللبنانية من قوى أمن داخلي وجيش سوف تأخذ كل التدابير أمام مخيمات النازحين السوريين. كذلك تقوم الأجهزة الأمنية الاستخباراتية والمعلوماتية بواجبها بكل جهد لحفظ الأمن وإيداعنا بكل المعلومات اللازمة».

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.