خلية الأزمة السورية كانت تصدر آوامر الإغتيال بحق النشطاء والسياسيين الكرد وحزب العمال الكردستاني يقوم بتنفيذ هذه الاغتيالات

محمود الناصر, ضابط مخابرات سوري سابق من رأس العين:
» خلية الأزمة السورية كانت تصدر آوامر الإغتيال بحق النشطاء والسياسيين الكرد وحزب العمال الكردستاني يقوم بتنفيذ هذه الاغتيالات « 

كردووتش، 27 نيسان (ابريل) 2014 – لقاء أجراه موقع كردووتش مع ضابط المخابرات السوري محمود الناصر حول علاقة المخابرات السورية مع الحركة الكوردية وأحزابها محمود الناصر [المُلقّب “أبو حارث” ] مواليد 1962 ،متزوج ولديه 6 أبناء كان موظفا في إدارة المخابرات العامة ،عمل في أقسام الفرع 330 ،خضع لدورات أمنية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي لدى دول صديقة لسوريا، كما عمل في مكتب الأحزاب فرع 30 أمن الدولة في قسم رأس العين وقسم المعلومات حتى تاريخ إعلان إنشقاقه في نوفمبر 2011.

كردووتش: كيف قررت في بدايات حياتك الإنضمام إلى أجهزة المخابرات السورية والعمل معهم؟
محمود الناصر: في العام 1981 وبعد حصولي على شهادة البكلوريا قمت بالإنتساب للجامعة لدراسة الحقوق، و كنت وقتها عضو في حزب البعث. أثناء فترة دراستي بحثت عن عمل و قمت بتقديم طلب للحصول عليه. وبحكم أنّ تلك الفترة كانت فترة محاربة الإخوان المسلمين ،كان أي شخص يقوم بتقديم طلب وظيفي لشعبة الحزب تقوم هي برفع الطلب إلى رئاسة مجلس الوزراء التي كانت تعيينه في عمل وظيفي في دوائر الدولة، فتم تعييني في مكتب إدارة الحبوب في مدينة القامشلي، فيما بعد جائني كتاب لمراجعة إدارة المخابرات العامة ، فعلمت بأنه تم توظيفي لدى المخابرات بقرار من رئاسة مجلس الوزراء. فكنت موظفا لدى المخابرات منذ السنة الأولى لدراستي الجامعية.

كردووتش: كما هو معروف المخابرات كانت تقوم بعمليات تعذيب ، هل لديك معلومات عن عمليات تعذيب تمت في محافظة الحسكة حيث كنت؟
محمود الناصر: لم تمر علي حوادث تعذيب إلا في العام 2004 أثناء إندلاع الانتفاضة الكردية، حيث بدأت الإعتقالات التعسفية ، وكانت هناك توجيهات بأن كل من يتم إعتقاله يجب تعذيبه وإنتزاع الإعترافات منه وبعدها يتم تحويله للأقسام المسؤولة ،وكان رئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار يشرف على التحقيقات، أما في الحسكة فكان محمد منصورة. وأنا أعلم أنه حصلت الكثير من الإعتقالات نتيجة لرفع تقارير بأشخاص لم يكن لهم أي علاقة حتى بالتظاهرات حينها، ولكن لأسباب شخصية تم تقديم شكاوي ضدهم وتم اعتقالهم على إثرها.

كردووتش: هل لديك اطلاع على حوادث تعذيب أدت إلى الوفاة؟
محمود الناصر: أنا شخصيا لم أشرف على هكذا علميات ولكن أعرف تماما أنه في كل فروع المخابرات السورية في دمشق ومحافظات أخرى تتم ممارسة علميات تعذيب شديدة و بشكل خاص ضد الكثير من المعتقلين السياسيين من جماعة الإخوان المسلمين حيث كانت تؤدي إلى الوفاة. إحدى هذه الحالات على سبيل المثال كانت في الثمانينات من القرن الماضي بحق ابن خالد ملا سلمان من قرية الداودية في منطقة رأس العين، حيث تم إرسال جثته من دمشق إلى أهله هناك.

كردووتش: متى و لماذا قررت الإنشقاق عن النظام السوري؟ وكيف خرجت من سورية؟
محمود الناصر: قررت الانشقاق بعد تأكُدي من أن النظام السوري يقتل المتظاهرين السلميين بدم بارد ويسعى إلى عسكرة الثورة، وقتها جاء احد المجندين إلى فرعي وكان سابقا خدم في حماة وأخبرني أنهم تلقوا آوامر بالتسلل بين المتظاهرين وإطلاق الرصاص باتجاه الأمن السوري لكي تكون ذريعة لمهاجمة الأمن للمظاهرة وقتل المتظاهرين فكانت هذه بداية عسكرة الثورة بتوجيه من النظام ،و هذا كان أحد الأسباب الرئيسية لإنشقاقي، فقررت الانشقاق وبدأت بالتنسيق مع جهات سياسية سورية معارضة في الخارج والذين بدورهم كلفوا أحد كتائب الجيش الحر بتأمين انشقاقي فجاءت الكتيبة وأخذتني من رأس العين إلى مدينة منبج وبقيت هناك يومين ومنها إلى تركيا.

كردووتش: هل تستطيع أن تصف لنا قسم المخابرات الذي ترأسته في رأس العين، ماذا كانت مهامه وكيف كنتم تحصلون على معلوماتكم الإستخباراتية؟
محمود الناصر: القسم كان عبارة عن إدارة مخابرات عامة مصغرة يعمل في مجال الأمن الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي. بشكل عام جهاز المخابرات العامة يعتدم على عناصره وعلاقاتهم الاجتماعية في الوسط الذي هم متواجدون فيه إضافة إلى المندوبين المجندين العاملين مع الجهاز والذين كانوا يعملون تحت التأثير الإيديولوجي أو المادي على جلب المعلومات لنا.

كردووتش: كيف كانت علاقات قسمكم الأمني مع الأحزاب الكوردية المختلفة؟
محمود الناصر: الأحزاب الكوردية مثلها مثل بقية الأحزاب الموجودة على الساحة السورية مع فارق أن الأحزاب الكوردية كانت تحت مراقبة المخابرات العامة. كانت هناك نوعين من العلاقات الأول هو التجسس على الأحزاب الكوردية ومعرفة ما يدور في كواليسها والنوع الثاني كانت هناك علاقة صِلة وصل مباشرة مع قيادات الأحزاب الكوردية لسؤالهم حول آرائهم فيما يدور في سوريا والتواصل معهم بشكل دائم بدون أن نحسسهم أنهم مجبرون على إبداء رأيهم. وكنا نحن كمخابرات نعطيهم إحساس أننا جميعا نعمل سوية تحت شعار “مصلحة الوطن” أي أن عليهم التنسيق مع الأجهزة الأمنية كي لا تحصل أي خلافات من الممكن أن تضر الوطن ونسيجه الاجتماعي ولكن في الواقع الخفي كان الهدف منه أن كل شيء يجب أن يصب في خدمة النظام.

كردووتش: هل كانت هناك أحزاب كوردية تعمل بشكل وثيق مع أجهزة المخابرات السورية؟
محمود الناصر: كانت لدينا علاقات مع أغلب الأحزاب الكوردية ولكن الحزب الذي كان له ارتباط نوعي مميز مع أجهزة الاستخبارات السورية كان “حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)” الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني(PKK )، إنّ القيادات الأولى لحزب العمال الكردستاني جاؤوا كطلبة يساريين من تركيا ولذلك كانت كل قياداته تتنقل بين تركيا وسوريا. ال(PYD)و ال (PKK ) كانت لهما علاقات أساسية مع دمشق، ونحن في الاقسام والفروع كنا نتواصل معهم شخصياً وبالسر. فنحن كنا نعلم أن الحزبين كانا من المقربين لدى النظام ولكن لم نصرح بهذا، فمثلا حينما كان يقوم حزب العمال الكردستاني بتجنيد شابات وشباب للذهاب لدورات تدريبية في لبنان أو جبال قنديل في العراق كان يأتينا كتاب من دمشق لإعلامنا بذلك وهذا يعني بالنسبة لنا في الفروع أن هناك موافقة ضمنية للسماح بذهاب هؤلاء الشباب باتجاه الأراضي اللبنانية أو العراقية أو باتجاه تركيا ، وهذا كله كان قبل الثورة السورية . ال(PYD) كان عونا كبيرا للمخابرات السورية وأجهزته الأمنية حيث ان حزب العمال الكردستاني كان يسيطر على الشارع الكردي الفقير والمتوسط الفقير وكان أغلب منتسبيهم هم من تلك الطبقة التي كان من الممكن ان تشكل خطرا على الدولة وبالتالي كان حزب العمال يريحنا من مواجهة تلك الطبقة.

كردووتش: وماذا عن علاقة المخابرات السورية مع بقية الأحزاب الكردية ؟
محمود الناصر: معظم قيادات الأحزاب الكردية كانت على علاقة مع أجهزة المخابرات السورية بشكل مباشر أو غير مباشر وخصوصا بعد أحداث القامشلي في 2004، وقوة العلاقة مع المخابرات كانت تتوقف على حجم الحزب. على سبيل المثال حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) الذي كان يتزعمه المرحوم اسماعيل عمر سابقا، كان هذا الحزب يشكل ثقلا سياسياً في الشارع الكردي ولذلك كان النظام حريصا على ان تكون علاقته جيدة مع المرحوم اسماعيل عمر، ولكن الأستاذ اسماعيل عمر كان لا يمد يده كاملة إلى النظام السوري ولذلك كان مطلوبا منا اختراقه على مستوى اللجان الفرعية والمناطقية ، ولكن حينما استلم محي الدين شيخ آلي قيادة الحزب والذي كان مقربا جدا إلى النظام السوري بشكل واضح، والنظام يثق فيه ثقة كاملة وبالتالي أصبحت العلاقة جيدة جدا مع الحزب و أصبح بذلك تحت سيطرة النظام بشكل جيد، في حين كان النظام بذلك يسعى لفرض حالة واقعية برغماتية على الشارع الكردي عبر هذا الحزب وقيادته.

كردووتش: أي سكرتير حزب كردي كان الأقرب إلى النظام السوري وذو صلة وثيقة مع مخابراته؟
محمود الناصر: بالدرجة الأولى كانت قيادات حزب العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي وعلى رأسهم صالح مسلم، وبعدهم كان الأقرب هم: محي الدين الشيخ آلي سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا محمد موسى محمد سكتير الحزب اليساري الكردي في سوريا جمال محمد باقي سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي السوري صالح كدو سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سوريا

كردووتش: في بداية الثورة السورية كانت هناك مظاهرات في المناطق الكردية أيضاً، ولكن الأجهزة الأمنية المختلفة لم تتدخل ولم يقوموا بقمع المظاهرات الكوردية المنادية بإسقاط النظام، لماذا؟
محمود الناصر: كان هناك اتفاق ولكن غير معلن بين المجلس السياسي الكوردي والاتحاد الديمقراطي مع النظام على أن لا تخرج المظاهرات الكردية عن طابعها السلمي، فكانت بعض قيادات الأحزاب الكردية تتواصل على مستوى المناطق مع منظمي المظاهرات ويعطونهم التعلميات على ألا تخرج المظاهرات عن إطارها السلمي وتحديد مسارها بشكل دقيق وعدم السماح لها بالدخول إلى المناطق العربية أو مراكز الأمن، فكان الأمن السوري يرغب في أن يخرج الشارع الكردي للتظاهر ولكن ضمن الضوابط التي يضعونها هم، بالاضافة إلى زرع الحساسية بين الكردي والعربي كي لا ينضمو إلى مظاهرات مشتركة من الممكن أن تشكل خطرا على النظام.

كردووتش: هل تلقيتم إذا آوامر مباشرة من النظام بعدم التعرض للمظاهرات الكردية؟ وكيف كنتم تتعاملون مع بعض المتظاهرين الذين كان من الممكن أن يشكلوا خطورة على النظام ؟
محمود الناصر: نعم لقد تلقينا آوامر من دمشق بعدم التعرض نهائيا للمظاهرات الكردية، وكان يُمنع حتى تواجد عناصر مخفيين من الأمن داخل المظاهرات لتجنب حصول تصعيد. ولكن كانت تصلنا الأنباء حول السياسيين أو المتظاهرين الذين يحاولون أو لديهم نية في تصعيد العمل الثوري وكنا نرسل تلك التقارير إلى العاصمة دمشق التي كانت توكل مهمة اختطاف أو تصفية النشطاء إلى حزب الاتحاد الديمقراطي ،والذين بدورهم كانوا يقومون بإبعاد النشطاء بأي طريقة عن الشارع الثوري تفاديا لأي تصعيد.

كردووتش: مَن مِن السياسيين الكرد في اعتقادك ومن وجهة نظر جهازك الأمني كان الأخطر بالنسبة للنظام السوري؟
محمود الناصر: عندما بدأ ظهور بوادر التوجه الوطني السوري داخل الحركة السياسية الكردية احس النظام بخطر شديد وكان من يتبنى هذا الخط هو مشعل التمو الذي شكل كفكر خطرا ليس فقط على النظام السوري فحسب بل أيضا على السياسيين الكرد الذين سلكو خط مغاير تماما له، و ذلك لأنه كان خطا جديدا في الحركة السياسية الكردية فكان لابد من تصفيته، فتم تصفيته بتوجيه مباشر من النظام لينفذ عملية التصفية مسلحون تابعون لحزب العمال الكردستاني ،ونحن تلقينا الآوامر من دمشق بضرورة رفع حالة التأهب القصوى تحسبا لأي ردة فعل من الشارع الكردي و ذلك بعد عملية اغتيال مشعل التمو بنصف ساعة فقط. وأما الخط القومي فلم يكن مرعبا أو مخوفا للنظام السوري بل على العكس النظام السوري كان يستطيع احتواء تلك الحالة القومية الكردية وكان يسوقها بشكل يسبب استفزاز للجانب العربي الذي تم تهيئته أيضا ليكون موجها ضد الجانب الكردي الأمر الذي كان يشكل حالة توازن واستقرار بالنسبة للنظام ويضمن بذلك انشغال الطرفين ببعضهما البعض، على عكس الخط الوطني الكردي السوري الذي كان يدعو إلى توحيد الصف الكردي مع العربي وتوجيهه ضد النظام.

كردووتش: هل لك أن تتحدث لنا عن بعض التفاصيل عن العمل المشترك بين العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي مع النظام السوري منذ قيام الثورة السورية؟
محمود الناصر: الأجهزة الأمنية السورية تلقت آوامر مركزية من دمشق بضرورة العمل على تسليم قرار الشارع الكردي لحزب العمال الكردستاني، كما تضمن القرار أيضا أنه في حال دخول الجيش الحر إلى أي مكان في المناطق الكردية فعلى الأجهزة الأمنية والعسكرية الاستعانة بحزب العمال الكردستاني الأمر الذي كان يتطلب أحيانا تسليم المناطق والمقرات لهم. ولكي لا يتشنج الشارع العربي فكان مسموحا لحزب العمال الكردستاني السيطرة فقط على بعض مقدرات الدولة السورية في محافظة الحسكة. بدأت الأجهزة الأمنية بالمساعدة في تقوية حزب الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني عبر تزويدهم بعربات وسيارات من كل الأنواع للتنقل حيث كانت الاتفاقية كالتالي: عدم استفزاز الشارع الكردي والعربي كي لا يظهر الأمر أنه اتفاق علني بين النظام والعمال الكردستاني، حيث يقوم مسلحو الحزب بالاستيلاء على العربات والسيارات التابعة للفروع الأمنية وازالة النمر عنها واستخدامها والترويج على أن الحزب أخذها بالقوة من النظام كما فعل الجيش الحر. فيما بعد ومع اقتراب كتائب من الجيش الحر إلى تل حميس ومنطقة رأس العين أحسّ النظام باقتراب الخطر فتم الاتفاق مع الحزب على الاستيلاء على القطعات العسكرية والأقسام الأمنية بما فيها من أسلحة من أجل الإسراع في الوقوف في وجه الجيش الحر، فانتقل التعاون بين حزب العمال الكردستاني و النظام مرحلة جديدة شبه رسمية حيث كان يأتي مقاتلو الحزب إلى الأقسام الأمنية ويتسلمون الفروع بأسلحتها ويوقعون على وصولات استلام وتسليم الأسلحة، وبعدها انسحبت الأجهزة الأمنية من المناطق الكردية بدون سفك أي نقطة دم.

كردووتش: هل كانت تعقد بينكم وبين قيادات حزب العمال الكردستاني لقاءات لتنظيم علميات الإستلام والتسليم؟ وهل كانت هناك أحيانا معارضة من بعض العناصر لعملية التسليم؟ وماذا كانت الخدمات التي يقدمها حزب العمال الكردستاني للنظام وماذا كان يتلقى بالمقابل؟
محمود الناصر: اللقاءات كانت تتم على مستوى مركزي وتُرسل لرؤوساء الفروع الأمنية في المحافظة الذين بدورهم يقومون بلقاءات مع القيادات المحلية لحزب العمال الكردستاني، وكون جهاز أمن الدولة بغالبية عناصره من العرب من أبناء المنطقة وتفاديا لمعارضة بعض العناصر لعملية التسليم كان هناك مخطط ننفذه دوما كالتالي: يقوم عناصر حزب العمال الكردستاني بمحاصرة القسم أو الفرع أو المؤسسة التي تم اتخاذ القرار بتسليمها لتقول القيادة لعناصرها يجب عدم تسليم الفرع ولكن في نفس الوقت يجب عدم الاشتباك مع مسلحي حزب العمال الكردستاني، ومع استمرار الحصار لفترة يصيب العناصر حالة يأس فيقررون الاستسلام فيتصلون بالقيادة مترجيا ايجاد حل لهم فتواقف القيادة على انتقالهم الى فرع في مدينة أخرى ويتم تسليم ذلك القسم لحزب العمال وهكذا. فكانت عمليات الاستلام والتسليم مبرمجة ولكن بطريقة مقنعة و مدروسة ،بينما إذا كان الجيش الحر يحاصر أحد الفروع فكانت تاتي الأوامر بالاشتباك المسلح معهم والدفاع حتى الموت حتى أخر رصاصة. حزب العمال الكردستاني كان يقوم بحماية النفط والغاز والمنشآت وتأمين امداد النظام بالنفط من حقول الرميلان وغيرها في منطقة الجزيرة وفي المقابل كان يتلقى حزب العمال الكردستاني مقابل حماية حقول النفط والغاز في منطقة الجزيرة شهريا 150.000.000 ليرة سورية بالاضافة إلى مبلغ 80.000.000 ليرة سورية رواتب لعناصره.

كردووتش: فيما يتعلق بالجانب العسكري كيف استطاع حزب الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني في هذه الفترة القصيرة مضاعفة قوته العسكرية وهل دعمتهم الأجهزة الأمنية السورية بالأسلحة؟
محمود الناصر: حزب العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي كانا يملكان السلاح الخفيف ومع بداية الثورة السورية قامت قنديل بتزويد جميع عناصر الحزب المتواجدين في سوريا بارسال السلاح الخفيف لهم مع العناصر التي تم إرسالها إلى سوريا. فيما بعد قام النظام السوري بإمداد عناصر الحزب بالسلاح والذخيرة حيث كانت تفرض على الحزب معارك وإثر كل معركة يتم تزويد حزب العمال بالسلاح والذخيرة من فوج القامشلي ومطار القامشلي وتحت إشراف المخابرات العسكرية فتم تسليمهم أسلحة دوشكا، مضادات طيران، مضادات دروع بالاضافة إلى صواريخ وأسلحة متنوعة أخرى.

كردووتش: مع من سياسيي حزب الاتحاد الديمقراطي أو العمال الكردستاني كانت المخابرات السورية تجري محادثاتها؟
محمود الناصر: على المستوى المركزي كانت اللقاءات والمحادثات مع دمشق تتم مع صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي جناح العمال الكردستاني في سوريا وباهوز أردال أحد القادة العسكريين لحزب العمال الكردستاني بينما على مستوى فروع محافظة الحسكة فكانت تتم مع القادة العسكريين والمسؤولين الميدانيين ، على سبيل المثال ألدار خليل وجمشيد أوصمان.

كردووتش: هل كان للمخابرات السورية يد في تأسيس وإعلان المجلس الوطني الكردي في مدينة القامشلي؟ وهل كانت هناك اتفاقيات مع المجلس الوطني الكردي أيضا؟
محمود الناصر: قرار تأسيس المجلس الوطني الكردي جاء على خلفية ضرورة وجود قيادة كردية موحدة قرارها موحد تستطيع احتواء جميع الشباب والتنسيقيات والأحزاب الكردية والسيطرة عليهم خاصة الشباب الغير مُسيس والذي لديه فكر ثوري من الممكن أن يتطور إلى مرحلة حمل السلاح ضد النظام. فكانت الفكرة نابعة من المخابرات السورية بهدف توحيد الخطاب السياسي الكردي وضبطه في إطار واحد من السهل السيطرة عليه لعدم فتح المجال لحزب أوتنسيقية أخرى لقيادة حراك ثوري عنيف ضد النظام. وأما عن اتفاقيات النظام السوري مع المجلس الوطني الكردي و الاتحاد الديمقراطي فكانت هي تلك التي تم عقدها بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي في اقليم كردستان العراق والتي كان للمخابرات السورية تاثير واطلاع كامل عليها أيضا. على مستوى منطقة رأس العين كان فرعنا على سبيل المثال يعقد اجتماعات دورية مع رئيس المجلس المحلي للمجلس الوطني الكردي السيد محمد صالح عطية وكنا نعطيهم التوجيهات بضرورة السيطرة على المظاهرات وعدم السماح برفع شعارات ضد رأس النظام وأفراد عائلته. المجلس الوطني الكردي كان يعمل على هذا الأساس وحققوا نجاحات في بعض الأحيان وفشلوا في أحيان اخرى في السيطرة على الشارع وهكذا.

كردووتش: كيف كانت علاقة المخابرات السورية مع حكومة إقليم كوردستان العراق؟
محمود الناصر: بالنسبة لنا نحن الأقسام الفرعية والمناطقية لم يكن لدينا اطلاع على عمق الاتفاقيات الموجودة ولكن كنا نعلم ان حكومة إقليم كردستان كانت أيضا على علاقة جيدة مع النظام السوري ولذلك كان حزب الاتحاد الديمقراطي يعقد اجتماعاته ولقاءاته واتفاقياته هناك، وكنا نعلم أن حكومة إقليم كردستان تعمل على تحييد الكرد والحرص على عدم عسكرة الأحزاب والأطراف المرتبطة به.

كردووتش: هل لديك اطلاع مع من من حكومة إقليم كردستان كانت تتم المحادثات؟
محمود الناصر: في تصوري أن من يترأس الاجتماعات واللقاءات بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي في أربيل هم ذاتهم الذين تتم معهم المحادثات والذين لم يكونو بعيدين عن التواصل مع الاستخبارات السورية ومن جملة من كان يترأس هذه الاجتماعات قيادات عليا كـ الفاضل الميراني و مسرور البارزاني و نيجرفان البارزاني ومحمود كركري. في النهاية هذه مصالح دول ولعل إقليم كردستان كان يرى أن من مصلحة الإقليم أن يبقى الكرد السوريون بعيدين عن الثورة السورية وعدم انتقال المعارك إلى مناطقهم الكردية.

كردووتش: ماذا كان دور محمود كركري؟ وهل كان على تواصل مع المخابرات السورية؟
محمود الناصر: موظفو الحزب الديمقراطي الكردستاني (عراق) ومسؤوليهم في سوريا كانوا جميعهم في دمشق، ويمكن وصف محمود غرغري أنه كان كسفير للحزب الديمقراطي الكردستاني (عراق) لدى المخابرات السورية والنظام السوري. و محمود كركري لديه بيت في القامشلي والمعلومات التي لدي تقول أنه كان له لقاءات متعددة مع المخابرات في القامشلي وكان هو المشرف على تأسيس المجلس الوطني الكردي وكان بمثابة قناة للتواصل.

كردووتش: أثناء الثورة السورية تم اغتيال العديد من السياسيين والنشطاء الكرد مثل مشعل التمو و نصر الدين برهك و جوان القطنة، هل تعرفون من كان المسؤول عن اغتيالهم؟
محمود الناصر: في تصوري أهاليهم وأحزابهم يعرفون جيدا من اغتالهم، ولكن يمكن أحزابهم حفاظا على الدم الكردي – الكردي صمتوا على اغتيالهم. خلية الأزمة السورية كانت تصدر آوامر الإغتيال بحق النشطاء والسياسيين الكرد وترسل لحزب العمال الكردستاني الذي كان يقوم بتنفيذ هذه الاغتيالات وكنا نعلم أن لدى حزب العمال الكردستاني قوائم للتصفيات والاغتيالات الموكلة له ، منها التي جاءت بآوامر من النظام بشكل مباشر ومنها شخصيات كانت تسبب الازعاج للنظام أيضا وكان يرغب بالتخلص منها، وحتى ولو كانت هذه الاغتيالات لم تكن بآوامر النظام فإنها بكل تأكيد ترضيه.

كردووتش: ماذا لديك معلومات حول اغتيال الناشط السياسي محمود والي (أبو جاندي) في منطقة رأس العين؟
محمود الناصر: مغتالو أبو جاندي معروفين بشكل واضح لأنه أعلن مواجهة صريحة ضد حزب العمال الكردستاني. تم تنبيهه أول مرة عبر الضرب المبرح ودخل المستشفى على إثرها والجميع كان يعلم أن الذين ضربوه كانوا من حزب العمال الكردستاني ، وفيما بعد حين تم إغتياله كان هناك عدة أشخاص على بعد أمتار كانوا شاهدين على جريمة الإغتيال وتم تهديدهم بالتصفية في حال نطقوا بأي شيء بخصوص عملية الاغتيال.

كردووتش: هل كانت هناك مخطاطات لكيفية التعامل مع الأحزاب الكردية في حال انتصار النظام السوري على الثورة؟
محمود الناصر: حتى ولو كانت هناك مثل هذه المخطاطات فهي كانت على المستوى المركزي في دمشق ولا اطلاع لنا نحن في الفروع والأقسام المناطقية عليها، ولكن في تصوري كان هناك وعود للحركة السياسية الكردية على مكافأتهم في حال منعهم لقيام تصعيد عسكري ضد النظام ومنحهم نوع من الإدارة الذاتية لمناطقهم وإن كان على مستوى البلديات وعلى ما يبدو أن الأجدر بهذه المكافأة كان حزب العمال الكردستاني الذي استطاع أن يقدم خدمات كبيرة للنظام السوري على عكس المجلس الوطني الكردي الذي كان عاجزا على إرضاء النظام السوري رغم رغبة ومحاولة المجلس الكردي أن يكون هو البديل لدى النظام بدلا من حزب العمال الكردستاني. وفي تصوري أن تدريب الكوادر في إقليم كردستان العراق كان جزءا من المخطط الرامي لمنافسة حزب العمال الكردستاني في السيطرة على الشارع الكردي وأن يكون الأقرب للنظام.

كردووتش: أي الأحزاب الكردية كان يشكل هاجسا أو خوفا لدى النظام السوري؟
محمود الناصر: في الحقيقة ولا أي حزب كردي كان يشكل خوفا لدى النظام السوري، و لكن تيار المستقبل الكردي في سوريا سبب لدينا في البداية هاجسا وذلك بسبب سيطرته على الشارع الثوري والمظاهرات ومحاولة توجيهها بشكل منظم وتصعيد الحالة الكردية ضد النظام ، ولكن المخابرات السورية قامت بتوجيه بقية الأحزاب الكردية لمواجهة تيار المستقبل الكردي وبالتالي تم عزلهم وإضعافهم بشكل سريع ونفس الشيء ينطبق على التنسيقيات الكردية، حيث حاولت الأحزاب الكردية اختراق التنسيقيات الوطنية الكردية المستقلة و استبدالها بتنسيقيات حزبية كردية . ولذلك لو تلاحظ أن أغلب النشطاء الذين تم تصفيتهم كانوا ينتمون إلى التنسيقيات الوطنية وليس التنسيقيات الحزبية. وحالة مشعل التمو الوطنية الجامعة بين الكرد والعرب ومختلف المكونات كانت تشكل الخوف الأكبر لدى النظام ولدى الأحزاب الكردية أيضا.

كردووتش: كيف كانت التوجيهات والآوامر لكم في كيفية التعامل مع المكون العربي في محافظة الحسكة في حال إنضمامهم للثورة السورية ضد النظام السوري؟
محمود الناصر: الخلية الأمنية في دمشق أرسلت آوامرها بمنع المكون العربي منعا قاطعا في المشاركة في التظاهرات ضد النظام، لذلك تم استدعاء مسؤولي التنسيقيات العربية وأبناء العشائر العربية وأخذ تصاريح منهم بعدم المشاركة في أي حالة تظاهر ضد النظام تحت طائلة الملاحقة والمحاسبة الشديدة، وكانت لدينا الصلاحية في الإعتداء على المكون العربي في المنطقة من الاعتقال إلى التعذيب وحتى إلى التصفية في حال مشاركته في التظاهر ضد النظام على عكس المكون الكردي الذي كان حزب العمال الكردستاني هو المسؤول عن محاسبتهم.

كردووتش: ماذا عن ميليشيات محمد الفارس وجيش الدفاع الوطني؟
محمود الناصر: النظام كان لديه مخطط خبيث في ذلك وهو دفع المكون العربي في المنطقة لتشكيل ميليشيات لحماية مناطقهم مع الأخذ بعين الإعتبار عدم الاتشباك مع الكرد وعزلهم عن التواصل مع الجيش الحر والتيارات الأخرى مقابل دفع مادي كبير طبعا، وكان مخطط أيضا أنّه وفي مرحلة لاحقة بعد القضاء على الجيش الحر والثورة السورية سيقوم النظام يإشعال الحرب بين هذه الميليشات العربية المتشكلة وميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني لإنهاء بعضهم البعض ليبقى هو المنتصر الأخير في سوريا.

Kurd Watch

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.