أثارت أحداث السويداء موجة من التحريض والشتائم الطائفية غير المسبوقة في سوريا وأكثر ما تجلت على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث ارتفعت معدلات جرائم المعلوماتية بشكل كبير، وتم تسجيل المئات من الشكاوى لدى النيابة العامة.
وعلى الرغم من مطالبات نشطاء حقوقيين بعيد سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي بإلغاء القانون رقم 22 لعام 2020 المتعلق بالجرائم المعلوماتية، باعتبار أن النظام المخلوع وضعه لكم الأفواه، إلا أن أحداث السويداء ومن قبلها الساحل، أثارت نزعات طائفية دفعت إلى مطالبات بتعديل القانون المشار إليه، بدلاً من إلغائه بل وتضمينه عقوبات أشد بحق كل من يرتكب جرائم معلوماتية متعلقة بالطائفية.
تضاعف الجريمة الإلكترونية
وأكدت مصادر قضائية في تصريح لـ«القدس العربي» أن وزارة العدل فعّلت الشكاوى المتعلقة بجرائم المعلوماتية لخطورتها وخصوصاً فيما يتعلق بالشتائم الطائفية، مشيرة إلى ارتفاع كبير في هذه الجرائم خلال الفترة الماضية، وأن النيابة العامة استقبلت مئات الشكاوى ضد اشخاص يديرون صفحاتهم من الخارج.
وتحدثت المصادر عن نشاط قضائي لتحريك ادعاءات عامة بحق الكثير من الصفحات التي تبث الشائعات والإساءات للطوائف، مقدرة أن هناك عشرات آلاف الصفحات تدار في الخارج، ومشيرة إلى أن هذا الموضوع يجب أن يتم بالتعاون مع وزارة الإعلام على الرغم من ان العقوبات الأمريكية لم ترفع بعد على موضوع التكنولوجيا، وبالتالي فإنه سيكون من الصعوبة في الوقت الراهن الوصول إلى أصحابها.
وأشارت المصادر إلى وجود قسم في النيابة العامة متعلق بالجرائم المعلوماتية، وأصبح بإمكان أي مواطن سوري مراجعة القاضي المختص في هذا الموضوع وتقديم معروض له لتتم إحالته إلى قسم الشرطة حسب طبيعة الجرم، على ان يرفق معروضه بصور تتضمن التعليقات التي أساءت له بغض النظر عن طبيعة هذه الإساءة سواء كانت طائفية أم قدحا أو زما أو نشر أخبار كاذبة وملفقة.
وحسب المصادر فإنه بعد إحالة الضبط إلى النيابة العامة من قسم الشرطة تتم إحالته إلى المحكمة المختصة ومن الممكن أن يكون الجرم من اختصاص محاكم الجنايات مثل الشتائم المتعلقة بالطائفة، وقد يكون من اختصاص المحاكم الجزائية وتكون العقوبات فيها خفيفة.
تشديد العقوبة
ولفتت المصادر إلى إمكانية تعديل القانون رقم 22 الخاص بالجرائم المعلوماتية لما في ذلك من فائدة أكبر، بحيث يتم تشديد العقوبات المتعلقة بالشتائم الطائفية مع ارتفاعها في الفترة الماضية، مشيرة إلى أن القانون الحالي يفتقر إلى المواد الجيدة ومواده في حاجة للتعديل على الرغم من أن العقوبات المتعلقة بالطائفية شديدة.
وقانون الجرائم المعلوماتية الذي أقره مجلس الشعب عام 2022، يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 3 ملايين إلى 6 ملايين ليرة سورية، أي ما بين 300 إلى 600 دولار، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو صفحة إلكترونية أو نشر محتوى رقمياً على الشبكة بقصد الإساءة إلى أحد الأديان أو أحد المقدسات أو الشعائر الدينية أو الحض على الكراهية أو التحريض على العنف.
وأكد محامون تواصلت معهم «القدس العربي» أن هناك استياء واضحا من الشتائم الطائفية التي تحدث على صفحات التواصل الاجتماعي، وهذا يدل على أن القانون الحالي غير مفعل بشكل كبير مع غياب واضح لدور القضاء في هذه المسألة.
وأكد (سامر. م) وهو محام من حلب يوجد في دمشق للقيام ببعض الأعمال القانونية، أنه يجب أن تكون هناك شرطة مختصة بالجرائم الإلكترونية وتحديداً في الظروف الحالية لأن هناك آلاف الجرائم تحدث على صفحات التواصل الاجتماعي من دون حسيب ولا رقيب عليها، مشيراً إلى ضرورة أن يتم تشديد العقوبات حتى تصل إلى عشر سنوات في السجن، والغرامة المالية يجب أن تتجاوز ثلاثة آلاف دولار حتى تكون رادعة لكل من يحاول أن يقوم بهذا الفعل.
زميله (خالد. ع) وهو محام من دمشق، اعتبر أن الجرائم الإلكترونية ليست جديدة، ولكن الحديث في الأمر هو أن الجرائم المتعلقة بالطائفية سابقاٌ كانت قليلة جداً وتكاد لا تذكر، أما حالياً فالأمر اختلف وأصبحت هذه الجرائم في المرتبة الأولى والسبب غياب الحزم من قبل القضاء في هذه المسألة.
فيما أشار المحامي (كريم. خ) وهو من الحسكة ومقيم في دمشق، إلى أنه لا توجد نيابة عامة مختصة بالجرائم المعلوماتية، كما أن غياب القسم المعني في ملاحقة الصفحات، والمقصود قسم المعلوماتية التابع للمباحث الجنائية، زاد من صعوبة ملاحقة الصفحات بشكل واضح، لافتاً إلى أنه من حق الدولة أن تقيم دعاوى الحق العام من دون أن يكون هناك طرف مشتك باعتبار أن الشخص المرتكب لهذا الفعل لا يسيء لشخص بعينه وإنما للمجتمع السوري بكامله كما يحدث حالياً فيما يرتبط بملف محافظة السويداء التي أظهرت جرائم معلوماتية متعلقة بالطائفية بطريقة لا يمكن وصفها.
القدس العربي