نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، الاتهامات للحكومة السورية بفرض حصار على السويداء، واصفاً إياها بأنها «كذب وتضليل»، في حين دخلت المحافظة، أمس الأربعاء، الدفعة الثامنة من قوافل الإجلاء لإخراج العائلات الراغبة في المغادرة، كما دخلت شاحنات وقود.
وقال في تغريدة على منصة «أكس» أن مزاعم حصار السويداء من قِبل الحكومة السورية «محض كذب وتضليل».
وبين أن الحكومة فتحت ممرات إنسانية لإدخال المساعدات إلى المدنيين داخل المحافظة بالتعاون مع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، و»لتسهيل الخروج المؤقت لمن شاء منهم خارج مناطق سيطرة المجموعات الخارجة عن القانون».
وزاد: «مزاعم الحصار دعاية أطلقتها المجموعات الخارجة عن القانون لتسويق فتح معابر غير نظامية مع محيط السويداء داخل الجمهورية وخارجها، لإنعاش تجارة السلاح والكبتاغون التي تُشكّل مصدر تمويل أساسياً لهذه المجموعات».
وشدد على أن «عودة المؤسسات الشرعية إلى عملها في فرض سيادة القانون داخل محافظة السويداء يهدد بقاء العصابات الخارجة عن القانون فيها، ويؤثر على تمويلها غير الشرعي، لذلك فهي تروّج لوجود حصار وتستغل الأزمة الإنسانية في السويداء، وتزيد من معاناة المدنيين حفاظاً على نشاطها الإجرامي».
في الموازاة، دخلت الدفعة الثامنة من قوافل الإجلاء إلى محافظة السويداء، لإخراج العائلات الراغبة في مغادرتها
وأوضح «تلفزيون سوريا» أن قافلة الإجلاء تتألف من سبع حافلات، تتقدمها سيارات تابعة للهلال الأحمر العربي السوري.
وأضاف أن عناصر الدفاع المدني السوري أمّنوا خروج عدد من العائلات من أبناء الطائفة الدرزية من المحافظة باتجاه العاصمة دمشق، وسط تنسيق مع الجهات المختصة لضمان سلامة المدنيين.
في حين دخلت المحافظة شاحنات محروقات.
وقالت «صفحة السويداء 24» إن قافلة صغيرة مؤلفة من صهريجي بنزين وصهريجي مازوت من مخصصات الدوائر الخدمية الرئيسية، دخلت السويداء للمرة الأولى منذ 17 يوماً.
وقال ثلاثة من مسؤولي الإغاثة لرويترز إن الأمم المتحدة تستعد لإرسال قافلة من المساعدات الإنسانية إلى محافظة السويداء في جنوب سوريا.
وبدأت الاستعدادات بعد أن منحت وزارة الخارجية السورية وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة الضوء الأخضر للوصول إلى السويداء مباشرة، وفقا لـ»رويترز»، وذلك بعد ثلاث عمليات لتسليم مساعدات من المنظمة إلى السويداء نفذها الهلال الأحمر العربي السوري.
وذكرت ماريان وارد، مديرة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في سوريا، أن قافلة الأمم المتحدة الجديدة ستشمل مواد غذائية وإمدادات أخرى.
وقالت لـ»رويترز» «ننظم قافلة بدعم من مجموعة من وكالات الأمم المتحدة المختلفة، ونتوقع أن تكون هذه بداية لوصول شامل» إلى الفئات الأكثر عرضة للخطر.
وزادت في مقابلة في دمشق «في الأساس كل من يعيش في السويداء الآن يحتاج إلى الدعم، وكل من غادر السويداء للذهاب إلى درعا يحتاج إلى الدعم».
وأرسل برنامج الأغذية العالمي بالفعل حوالي 250 طنا من طحين القمح إلى المخابز في السويداء ووجبات جاهزة للأكل إلى 50 ألف شخص في المحافظة، بالإضافة إلى الدعم الغذائي لعشرة آلاف شخص في درعا.
لكن التوتر المستمر في المحافظة منع منظمات الإغاثة من فتح طريق منتظم إلى السويداء في الأيام التي سبقت الحصول على الضوء الأخضر من الحكومة، وفقا لمصادر من العاملين في المجال الإنساني. وقالت وارد إن وكالات الأمم المتحدة تحتاج إلى وقف إطلاق نار مستقر لتحقيق هدوء دائم للوصول إلى سكان السويداء مباشرة.
وأضافت «لا يمكننا أن نلقيها (المساعدات) ونركض، بل يجب أن نكون قادرين على توصيلها وتقديمها إلى من هم في أمس الحاجة إليها».
وشهدت السويداء أعمال عنف في 13 تموز/يوليو وأسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص، الجزء الأكبر منهم دروز، وفق آخر حصيلة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وبدأت أعمال العنف في السويداء باشتباكات بين مسلحين محليين وآخرين من البدو، ثم تطورت إلى مواجهات دامية بعدما تدخلت فيها القوات الحكومية. وشنت خلالها اسرائيل ضربات قرب القصر الرئاسي وعلى مقر هيئة الأركان العامة في دمشق بذريعة «حماية الدروز».
وأفاد مدير الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، بأن انسحاب قوات الدولة من المحافظة جاء استجابةً لضغوط دولية، وتفادياً لاندلاع حرب مفتوحة بين سوريا وإسرائيل.
وذكر خلال إحاطة قدّمها لبعض الموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة، أن بعض الأطراف وجّهت خلال الأيام الماضية «استدعاءً واضحاً» لإسرائيل لاستهداف قوات الأمن والجيش، أعقبه قصف مباشر لمبنى وزارة الدفاع في دمشق ثم القصر الجمهوري، واصفاً المشهد بأنه «شديد التعاسة».
وأضاف في الإحاطة التي نشرها موقع «تلفزيون سوريا» أن بعض الجهات في السويداء استعانت بقوة خارجية ضد بلدها، متسائلاً عن الأسباب التي دفعت تلك الأطراف لطلب حماية دولية وفتح معبر مع الأردن، رغم إعلانها الدائم أنها جزء من سوريا.وأشار إلى أن غرفة العمليات التي تواجه الدولة في السويداء تضم شخصيات محسوبة على النظام المخلوع، وأيديهم ملطخة بدماء السوريين، بمن فيهم أبناء السويداء أنفسهم.
وزاد: شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، حكمت الهجري، نشر على صفحته بياناً يدعم دخول الأمن إلى السويداء، وتبعه بعد دقائق بفيديو متناقض، مضيفاً أن ذلك شكّل مفاجأة له وأحرجه أمام الآخرين، خاصة بعد الإعلان عن وجود تفاهم بين الدولة وأطراف في السويداء.
وواصل الدولة تعرّضت لضغوط لإخراج قواتها، رغم تحذيرها من تبعات الانسحاب، موضحاً أن الأجهزة الأمنية حذّرت الدولة من أن انسحابها سيؤدي إلى تدخل العشائر، ويطلق العنان لصراعات لا يمكن السيطرة عليها، إلا أن تلك التحذيرات لم تجد آذاناً صاغية.
وأكد أن الدولة خرجت تحت ضغط القصف، حرصاً منها على منع التصعيد مع إسرائيل وجرّ البلاد نحو حرب مفتوحة مع الاحتلال، مضيفاً أن العشائر دخلت لاحقاً بعد أن قُتل أقاربهم، في حين لم تكن قوات الأمن قادرة على التحرك.
وبيّن أن الجهات الدولية عادت بعد يومٍ واحد فقط لتطلب من الدولة التدخل وفض النزاع بين العشائر والفصائل المحلية في السويداء، مشيراً إلى أن الوضع استقر منذ أربعة أو خمسة أيام بعد نشر النقاط الأمنية.
وحول الملف الإنساني، قال إن الدولة تعاملت معه بشكل مستقل، حيث أسهمت في إخراج المحتجزين من أبناء العشائر، وتأمين المحروقات والكهرباء والمساعدات إلى السويداء.
واعتبر أن ما جرى يمثل «جرحاً كبيراً» في تاريخ البلاد، مشدداً على أن الدولة لا تكنّ إلا الخير لأهالي السويداء، انطلاقاً من واجبها وأخلاقها وفهمها لتنوع المجتمع السوري.
وحثّ على توحيد الكلمة والصف لمواجهة الأجندات الخارجية، موضحاً أن الدولة، حتى وإن تعرّضت لضغط، تبقى ملتزمة بدورها في رعاية السوريين واحتوائهم، مهما كانت الأخطاء.
وأشار إلى جهود بناء مسار تصالحي لتعويض المتضررين وإعادة السويداء إلى وضعها الطبيعي، مؤكداً أن هذه الخطوات ليست للاستهلاك الإعلامي، بل ستتحول إلى واقع ملموس.
وتطرّق إلى تجارب سابقة في مناطق مثل جرمانا وصحنايا ونبل والزهراء، حين أعادت الدولة الأهالي إلى منازلهم، معتبراً ذلك نموذجاً لفهم الدولة لدورها الحقيقي.
ورأى أن التذكير المستمر بأخطاء الماضي يعطّل جهود المصالحة، مطالباً جميع الأطراف بإظهار روح المسؤولية، والالتزام بخيار وطني دون أجندات خارجية.
وختم بالقول إن الوجود الحالي للموقوفين مؤقت، فرضته ظروف غير مرغوبة، وإن الدولة تتواصل مع عائلاتهم لتمكينهم من العودة في أقرب وقت ممكن، مؤكداً أن كل من يهدد مصالح البلاد يجب أن يُنبذ.
القدس العربي