اعتبر محللون سياسيون سوريون أن مؤتمر «وحدة الموقف لمكونات شمال شرقي سوريا»، جزء من أجندات «قسد» للتهرب من اتفاق 10 آذار، فضلا عن كونه إعلانا صريحا لتشكيل «تحالف الأقليات» في مواجهة «حكم الأكثرية».
وقال الكاتب والباحث السياسي الكردي علي تمي لـ «القدس العربي» إن المؤتمر «هو جزء من أجندات «قسد» للتهرب من اتفاق 10 آذار، لأن الوقت يقترب وهناك ضغوطات تركية على دمشق لتنفيذ اتفاق 10 آذار قبل نهاية هذا العام».
ولفت إلى أن «قسد هي التي رتبت للمؤتمر ووجهت الدعوات، وهناك وجهاء من اللاذقية غزال غزال وحكمت الهجري من السويداء، إضافة إلى شخصية مسيحية، وابن المرشد الخزنوي، أما العشائر العربية ووجهاؤها الحقيقيون فقاطعوا المؤتمر وأنا كنت على تواصل معهم وأكدوا أنهم لن يحضروا، وأن من حضر لا يمثل المكونات داخل منطقة شرق الفرات»، مؤكدا على «مقاطعة تامة من قبل النخب الكردية».
في برأي المتحدث، فإن هذا المؤتمر جاء من حيث التوقيت بعد أحداث السويداء والساحل، وهو «جزء من أجندات «قسد» لتوجيه رسالة إلى العالم الخارجي بأنها تحتضن المكونات والطوائف ومشروعها (قابلة للاستمرارية الاجتماعية) لكن بالوقت نفسه «قسد» لا تمنح أهالي شرق الفرات حقوقهم وتقطع عنهم الماء والكهرباء، وفقا للمتحدث. وأكد أن هدف «قسد» من عقد المؤتمر هو «جزء من تجييش الشارع والرأي ضد الحكومة ومحاولة إضعافها وإحراجها امام الرأي العام»، جازما بأن «المؤتمر فشل ولم يستطع إيصال الرسالة بشكلها الصحيح».
في حين كتب الباحث عبد الرحمن الحاج يقول: مؤتمر «قسد» يمثل أول إعلان صريح لتشكيل «تحالف الأقليات» في مواجهة «حكم الأكثرية»، بغض النظر عن الشعارات البرّاقة المرفوعة مثل العلمانية، الديمقراطية، التعددية، واللامركزية. هذا التحالف لن يتوقف عند توحيد الموقف السياسي، بل سيمضي على الأرجح نحو تنسيق العمل العسكري المشترك، ما يعني الانتقال من مرحلة الموقف السياسي إلى مرحلة الفعل الميداني المنظم، وهو تطور ينذر بتغيير قواعد الصراع.
وعقّب الناشط خالد أبو صلاح، تحت عنوان حلف أقليات قائلا: «قسد» تتذاكى وتمارس لعبة سياسية مكشوفة، تحاول قلب الطاولة على الحكومة عبر ارتداء عباءة راعي الرياضة والرياضيين وحامي الأقليات، مستغلة تنوع المكونات السورية وخوفها في لحظة المأساة وانزلاق بعض قادتها الروحيين نحو خيار الصدام الصفري منذ أول أيام التحرير، وقبل حتى أن تتكشف سلسلة أخطاء ومصائب السلطة الناشئة، من «مؤتمر الحوار» الذي وُلد ميتًا، إلى «الإعلان الدستوري» الذي فتح باب الاستفراد المطلق بالقرار، وصولًا إلى الكوارث التي عصفت بالساحل والسويداء، سياسيًا واجتماعيًا وأمنيًا، لتعمّق الانقسام وتزرع بذور الانفجار.
وأضاف: تتوهم «قسد» أن هذا التكتيك سيدفع الحكومة لتقديم تنازلات، لكنها ومن يسير على نهجها يخطئون الحساب؛ فهذه المقاربة لن تثمر إلا في زيادة التصلب الطائفي، ودفع الشارع للالتفاف حول السلطة بلا قيد ولا شرط، مؤيدًا لها في الخطأ قبل الصواب. حتى الأصوات الوطنية التي تنادي بالانفتاح والمشاركة السياسية وترفض منطق الإقصاء لمنع الانزلاق نحو دوامة العنف، ستنكفئ تحت وقع طبول الحرب، ليعلو صوت الحشد والتعبئة على صوت العقل.
وتابع: من يراهن على أن «تحالف أقليات» سياسي، يبطن تهديدًا عسكريًا، قادرٌ على تغيير السلطة أو دفعها إلى تقديم التنازلات، إنما يطارد وهمًا قاتلًا. فهذا المسار لن يفضي إلا إلى أبواب جحيم جديدة، وحمامات دم قد تبتلع ما تبقى من البلد وأهله.
أما الباحث السياسي عباس شريفة فاتهم «قسد» بأنها تشتري الوقت «في سبيل اختراع ثلاث ممثليات للتفاوض مع دمشق».
وأضاف: تهدف «قسد» من خلال هذه الممثليات الثلاث إلى إطالة أمد المفاوضات وإغراق دمشق بالتفاصيل، إضافة لذلك تحاول «قسد» بعث النزعات الانفصالية عند بعض المكونات الأخرى وعسكرة الأطراف لتعويم المشروع الذي تسعى له بتوسيع دائرة الصراع مع الحكومة السورية.
القدس العربي