أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تمديد حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالوضع في سوريا عاما إضافيا، وذلك في وثيقة صدرت عن المكتب التنفيذي للرئيس الخميس.
ووفق الوثيقة، فقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية حالة طوارئ وطنية في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019، استنادا إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، الذي يشكله الوضع في سوريا على الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
أمر تنفيذي
وجاء في الوثيقة أنه في 15 يناير/كانون الثاني 2025، أصدر ترامب الأمر التنفيذي رقم 14142 في ضوء تغيّر الظروف الميدانية في سوريا ومن أجل اتخاذ خطوات إضافية بشأن حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في الأمر التنفيذي 13894.
وأوضحت الوثيقة أنه في 30 يونيو/حزيران 2025، صدر الأمر التنفيذي رقم 14312 لتوسيع نطاق حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في الأمر التنفيذي 13894، واتخاذ خطوات إضافية لضمان المساءلة الفعلية عن مرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وإساءة استعمالها، وانتشار شبكات الاتجار بالمخدرات في سوريا وما يتصل بها خلال فترة نظام بشار الأسد ومن يرتبطون به، مشيرة إلى أن مرتكبي تلك الأفعال يهددون بتقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
وقالت الوثيقة إن الوضع في سوريا وما يتصل بها يقوض الحملة لهزيمة تنظيم «داعش»، ويعرض المدنيين للخطر، ويهدد بمزيد من تقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. وبناء على ذلك يجب اتخاذ خطوات إضافية لضمان المساءلة الفعلية لمرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وإساءة استعمالها، وانتشار شبكات الاتجار بالمخدرات في سوريا وما يتصل بها خلال فترة نظام بشار الأسد ومن يرتبطون به.
وذكرت الوثيقة أن مرتكبي تلك الأفعال يهددون السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
وقالت إن الوضع يستمر في تشكيل تهديد غير عادي واستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
واستنادا لما سبق، ورد في نص الوثيقة: «لهذا السبب، يجب أن تستمر حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في الأمر التنفيذي 13894 بتاريخ 14 أكتوبر 2019، والتي اتخذت بشأنها خطوات إضافية في الأمر التنفيذي 14142 بتاريخ 15 يناير 2025، والتي جرى توسيع نطاقها في الأمر التنفيذي 14312 بتاريخ 30 يونيو 2025، إلى ما بعد 14 أكتوبر 2025.
وختم ترامب الوثيقة بالقول: «إنني أمدد لمدة عام واحد حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في الأمر التنفيذي 13894 في ما يتعلق بالوضع في سوريا وما يتصل بها».
انفتاح أمريكي مشروط
المدير التنفيذي لمنظمة «مسيحيون من أجل الديمقراطية»، والزميل في «مركز أبحاث الشرق الأوسط» في واشنطن أيمن عبد النور، شرح في حديث مع «القدس العربي» قرار تمديد الولايات المتحدة لحالة الطوارئ الوطنية الخاصة بسوريا، معتبرا أنه «استمرار لتفعيل أداة قانونية تمنح الإدارة الأمريكية صلاحيات استثنائية في فرض العقوبات على سوريا ( تمديد العقوبات السابقة على مهربي المخدرات ومجرمي الحرب التابعين لنظام الأسد وإمكانية فرض عقوبات بالمستقبل على من يرتكب أفعالا مماثلة من الدولة الجديدة) مثل تجميد الأصول التابعة لهم في أمريكا وملاحقة أي أنشطة تهدد الأمن القومي والسياسة الخارجية لواشنطن». ومن ثمّ فإن ما بين الإلغاء والتمديد تبقى يد الولايات المتحدة على مفتاح الطوارئ السورية، وفق قوله «لتفتح أو تغلق مسار الانفتاح وفق ما تراه مناسبا».
رسائل سياسية متعدّدة
وأضاف : القرار لا يعكس تراجعا عن الانفتاح الأمريكي على «دمشق الجديدة»، لكنه يوجّه رسائل سياسية متعدّدة المستويات. ففي الداخل الأمريكي، يُعتبر بمثابة طمأنة للكونغرس والرأي العام بأن أدوات الضغط لم تُرفع بالكامل، وأن الإدارة ما زالت تملك الآليات القانونية للتحرك عند الحاجة، وذلك ردا على مطالبات أعضاء من الكونغرس بتوفير تلك الآلية من خلال تمديد قانون قيصر.
وكذلك حيال السلطات الانتقالية الجديدة في دمشق، قال: يحمل معنى أوضح يفيد بأن الانفتاح الأمريكي مشروط والسقف القانوني للطوارئ سيبقى مرفوعا، فإذا انحرفت المسارات أو عادت أنماط القمع والتهريب والفساد، فإن واشنطن قادرة على إعادة فرض عقوبات واسعة بلا تأخير.
الحفاظ على قدرة الردع
أما على المستوى الإقليمي «فهو تذكير لحلفاء الولايات المتحدة وخصومها على السواء بأنها لم تغادر الساحة السورية، فهي ما زالت تحافظ على أدوات الردع من خلال العقوبات»، لافتا إلى أن «التمديد الأخير يظهر كأنه إعلان مزدوج: من جهة يمنح «سوريا الجديدة» مساحة للعمل والتطوير والانفتاح، ومن جهة أخرى يؤكد أن مفاتيح اللعبة ما زالت في يد واشنطن. وبذلك تتحول حالة الطوارئ من مجرد إجراء قانوني يمدد سنويا إلى أداة استراتيجية تتيح للإدارة الأمريكية أن توازن بين دعم الاستقرار والحفاظ على قدرة الردع كي تضمن مصالحها».
في حين اعتبر رئيس المجلس السوري ـ الأمريكي فاروق بلال تمديد حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بسوريا في تصريح لـ «القدس العربي» بأنه «يخص أزلام النظام المخلوع في جرائم ضد الإنسانية بالإضافة الى تجار المخدرات، كما أن ذلك يشمل الإدارة الجديدة في سوريا في حال تم ارتكاب جرائم بحقوق الإنسان» مؤكدا أن القرار الذي اتخذه الرئيس ترامب في حزيران/يونيو لا يرفع العقوبات بشكل كامل، بل يبقي على الصيغة القانونية للمحاسبة.
وقال: أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية حزيران 2025، قرارا أنهى بموجبه حالة الطوارئ الخاصة بسوريا، والتي فُرضت لأول مرة عام 2004 في عهد الرئيس جورج بوش، وجُدّدت بشكل سنوي منذ ذلك الوقت. هذه الحالة كانت تشكّل الأساس القانوني لمعظم العقوبات المفروضة على سوريا طوال العقدين الماضيين.
وتابع: من المهم أن نوضح أنّ الرئيس ترامب لم يلغِ جميع حالات الطوارئ المرتبطة بسوريا. ففي عام 2019، كان قد أعلن حالة طوارئ جديدة بموجب مرسوم آخر، استهدفت نظام الأسد بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب وتجارة المخدرات. هذه الحالة لم تُلغَ، بل على العكس، تم توسيع نطاقها في مرسوم 30 حزيران 2025
وهذا يعني أنّ «واشنطن وإن رفعت العقوبات العامة، أبقت على الإطار القانوني الذي يسمح لها بفرض عقوبات جديدة على الأسد وأركان نظامه في أي وقت، تحت ذريعة استمرار تهديدهم للأمن والسلام والاستقرار في المنطقة. كما أكّد البيت الأبيض في بيانه أنّ هؤلاء الأشخاص ما زالوا يشكّلون خطراً على الأمن القومي الأمريكي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة».
رئيس السياسات ومدير الشؤون الحكومية في المجلس السوري الأمريكي، محمد علاء غانم، رأى أن ما جاء في الوثيقة التي تقضي بتمديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «حالة الطوارئ» هو رغبة «البيت الأبيض في الإبقاء على عصا غليظة لضرب شبيحة نظام الأسد».
وأوضح في تدوينة له عبر منصة «إكس»: ألغى ترامب بموجب مرسومه الصادر في 30 حزيران 2025 حالة الطوارئ المتعلّقة بسوريا، التي فرضت للمرّة الأولى عام 2004 أيّام الرئيس جورج بوش وجُدّدت كلّ عام منذ حينها وحتّى عام 2025».
وتابع: في المرسوم الصادر في30 حزيران 2025، الذي رفع العقوبات عن سوريا، أبقى ترامب حالة الطوارئ هذه ووسّعها بحيث يبقى عند الحكومة الأمريكية أساس قانوني لإبقاء العقوبات على الأسد وأزلامه «رغم رفع العقوبات الذي جرى» ولفرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان ومرتكبي جرائم الحرب في سوريا وتجّار المخدّرات من تلك الحقبة مستقبلاً إن لزم الأمر، لأنّ مجرمي النظام هؤلاء «ما زالوا يشكّلون تهديداً بتقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، ولا تزال هذه الحالة تشكّل تهديداً غير عادي واستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة» كما ذكر إعلان البيت الأبيض بالحرف الواحد». وبيّن أن «البيت الأبيض أبقى عصا غليظة لضرب الشبيحة.
وأضاف: أخيراً للجمهور السوري الذي قد لا يعرف الولايات المتّحدة: لفظ «حالة طوارئ» هنا لا يعني ما قد تفهمونه في اللغة العربية. تقوم فلسفة الحكم في الغرب على تحديد صلاحيّات الحاكم لا على إطلاقها. ليس للرئيس الأمريكي قانوناً الحقّ أو الصلاحية بفرض عقوبات على سوريا أو غيرها في الحالة الطبيعيّة. لكن الكونغرس، وهو الجهّة المختصّة بإصدار القوانين، يقول إنّ من الممكن للرئيس أن يكتسب تلك الصلاحيّة قانوناً إذا كان الظرف استثنائيّاً. وليستطيع الرئيس فعل ذلك فعليه إعلان أنّ هناك ظرفاً استثنائيّاً (حالة طوارئ) تخوّله فرض عقوبات. ولذا يُعلن الرؤوساء الأمريكيون هذه الحالات ويخطرون الكونغرس بذلك.
القدس العربي