الحل يبدأ من سوريا وواشنطن مطالبة بتزويد المقاتلين بصواريخ مضادة للطائرات وإنشاء جيش للمعارضة المعتدلة

ذأثار تقدم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» والتحالف السني معها مخاوف الدول القريبة من العراق، الأردن الذي قالت صحيفة «فايننشال تايمز» إن الخطوط الملكية الأردنية باتت تطالب المسافرين على طائراتها إبراز دفتر الخدمة العسكرية لشركات السياحة قبل الحصول على تذكرة، ويشمل التعميم الأشخاص المولودون في الفترة ما بين 1976 -1996.

وقالت الصحيفة إن هذه الإجراءات جزء من محاولة تعزيز الجبهة الأردنية بعد وصول داعش لمدن حدودية وحماية الحدود مع العراق التي تمتد على طول 180 كيلومترا. وقد دفع الأردن بتعزيزات عسكرية لهذه المناطق.

ويواجه الأردن نزاعين على حدوده وتحمل آثار الحرب الأهلية السورية المشتعلة منذ أكثر من 3 أعوام، واستقبل ما يقرب مليون ونصف سوري منهم 650 ألف لاجيء سجلوا أسماءهم لدى مفوضية اللاجئين.

وتقول الصحيفة إن الأردن كان في زمن الإحتلال الأمريكي مصدر لتجنيد المتطوعين في الحرب ضد الأمريكيين وأشهر المتطوعين كان أبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق الذي قتل بغارة أمريكية عام 2006.

ويقدر عدد المتطوعين في الحرب السورية من الأردن 2.000 شخص يقاتلون في صفوف تنظيم جبهة النصرة المرتبط بالقاعدة.

ويواجه الأردن مشاكل واضطرابات في مدينة معان الجنوبية التي شهدت تظاهرات ضد الأمن في الأشهر الأخيرة ورفعت فيها أعلام القاعدة وداعش. وبنفس السياق تعيش السعودية حالة من الفزع من تقدم داعش.

وفزع سعودي

فقد وضعت السعودية قواتها على أهبة الإستعداد. وأكدت مصادر أمنية في الخليج ان تعزيزات نشرت على طول الحدود مع العراق. وتقول صحيفة «التايمز» إن مخاوف السعودية نابعة من حدوث هجوم من الداخل بعد أن كشفت الشهر الماضي عن خلية قالت إن لها علاقة مع داعش وتخطط لاغتيال شخصيات سعودية.

ونقلت عن مستشار للحكومة السعودية قوله «هناك عملية أمنية واسعة تحت الإعداد، وأي شخص له علاقة بأي شخص أو يشك بتورطه أو بتعاطفه مع هذه الجماعات هو تحت المراقبة».

ويقول كاتب التقرير هيو تومليسون أن السعودية دعمت بشكل واضح الثورة السورية ولكنها تحاول الآن إغلاق مصادر التمويل. وتعتقد مصادر غربية أن هناك 3000 متطوع سعودي في سوريا ومئات منهم انضموا للإنتفاضة في العراق.

الأسد و«داعش»

ولا يستثنى من الفزع النظام السوري لبشار الأسد المتهم بدعم التنظيمات الجهادية، فبحسب تحليل لإيان بلاك، محرر الشؤون الدولية في «الغارديان» فالأسد يشعر بالفزع، وبات قلقا من تهديد داعش الذي عقد معه علاقة متبادلة ولكنها انتهازية.

ومشاركة الطيران السوري بضرب مواقع لداعش في الرطبة والقائم ومعبر الوليد في العراق، والرقة والحسكة ودير الزور في سوريا تأكيد على مخاوف النظام وفزعه.

وفي الوقت الذي قللت فيه المعارضة السورية من أهمية التطورات وقالت إنها محاولة من النظام السوري الحصول على دعم من المجتمع الدولي بعد كشف عورة النظام وتعامله مع داعش والجهاديين من أمثاله إلا أن الكاتب يستخلص من العمليات التي رحب بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هو أن التفسير الاقرب «هو أن التطورات الأخيرة دفعت الأسد للتعامل مع داعش بطريقة أكثر جدية، فالتعاون التكتيكي مع عدو خطير ربما انتهى». وأشار الكاتب لتطور علاقة النظام أو دوره في صعود تنظيمات الجهاديين، حيث يقول أن النظام السوري قام بالإفراج عن مئات من السلفيين المتشددين في عام 2011 و 2012 كان الهدف الرئيسي هو تمتين روايته عن التهديد الإرهابي الذي تواجهه سوريا، فالنصر في الحرب الدعائية كان يعني منع الدول الغربية من دعم المعارضة السورية المعتدلة وتحريك الفتنة والإنقسامات داخل صفوف المعارضة نفسها.

وهناك جانب آخر للخوف وهو نابع من كون داعش أصبح قادرا على تمويل عملياته وتسليح قواته بدون دعم خارجي، وتحول بهذه المثابة من «رصيد لتهديد» للنظام خاصة أن هدف إقامة خلافة إسلامية يعني نهاية الدولة السورية الحديثة.

وارتبطت الإتهامات عن علاقة داعش بالنظام من شن الأول هجمات دائمة على الجيش السوري الحر ولم يستهدف قوات النظام إلا نادرا، «وهو ما يدعو للشك». ويظل كما يقول بلاك العثور على دليل أمر صعب لكن لا أحد يشك في دور المخابرات السورية التي اخترقت الجماعات المتطرفة.

ويتحدث الكاتب عن «الإتهامات التي ظهرت في الأشهر الأخيرة عن قيام داعش وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة بيع النفط والغاز الطبيعي للنظام، مع أن المشككين في هذا يقولون إن هذا يعكس اقتصاديات الحرب وليس مؤامرة شريرة.

ولا بد من الإشارة لزيارة ويليام هيغ وزير الخارجية البريطاني المفاجئة لبغداد والتي قال مراسل صحيفة «إندبندنت» إنها محاولة لإظهار التضامن مع الحكومة العراقية ولكن رسالته للمالكي لا تختلف عن رسالة جون كيري، وزير الخارجية، أي تشكيل حكومة موسعة ومد اليد للسنة. وفي رد على سؤال حول دعم المعارضة السورية المعتدلة بالسلاح وأنه عادة ما ينتهي بيد داعش، أجاب أن بريطانيا لا تدعم المعارضة بالسلاح.

وينقل الكاتب عن مصادر عراقية زعمها إن سجناء داعش عادة ما يعبرون عن فرحهم من وصول أسلحة للمعارضة المعتدلة اشترتها لهم دول غربية لأنها تنتهي في ترسانة داعش.

دفع الفاتورة

ولاحظت مجلة «إيكونوميست» البريطانية التغير في سلوك النظام السوري تجاه داعش، وتعتقد المجلة أن انهيار الجيش العراقي أقنع النظام السوري وربما بإلحاح من حليفته إيران للتعامل مع الخطر الذي تمثله داعش بجدية.

ومثلما قدم العراق في السابق دعما لنظام الأسد الذي لا يملك قدرات جوية متقدمة فقد حان وقت المساعد منه النظام في بغداد. وبنفس الوقت الذي دخلت فيه سوريا في حرب العراق، فقد دخلت إسرائيل الحرب في سوريا وإن بشكل مؤقت.

وذلك عندما قامت 23 مقاتلة حربية إسرائيلية بضرب 9 معسكرات للجيش السوري انتقاما لما وصفه المتحدثون باسم إسرائيل استهداف السوريين سيارة كانت تحمل مواطنين إسرائيليين، وقتل أحدهم.

ولم تكن العاصمة اللبنانية بعيدة عن هجمات الجهاديين والحرب، ذلك أن داعش والجماعات الأخرى تلوم حزب الله والميليشسيات الشيعية على دعمهم للنظام السوري بالرجال والعتاد. وهذا يعطي فكرة عن المخاطر التي بات الجهاديون يمثلونها على المنطقة.

وتشير إلى أن الدعم هو جزء من استراتيجية إيرانية لتحقيق النفوذ الإقليمي أو ما قالت عنه المجلة الهلال الشيعي الذي يمتد على مناطق بما فيها عراق المالكي. وترى المجلة أن الأزمة في العراق مرشحة للتصاعد وبآثار كارثية مثل تلك التي حدثت في سوريا.

وتعتقد أن داعش نجحت في تحقيق أهدافها المباشرة، مع أن هناك مسلحين سنة معادون لها يسيطرون على مناطق على نهر الفرات في كل من سوريا والعراق. فعلى الجانب السوري يرى المقاتلون المعارضون لبشار الأسد أن داعش مهتمة ببناء دولتها بدلا من تحرير سوريا من النظام الديكتاتوري. وتحدثت المجلة عن تداخل المصالح بين النظام وداعش.
ولكن الإنجازات التي حققها داعش في العراق والغنائم التي حصل عليها جعلت بعض الجماعات المقاتلة تبحث عن طرق للتحالف مع التنظيم.

وهناك بعض التنظيمات في شرق سوريا قدمت البيعة له.. وقد صعقت طهرانمن هزيمة الجيش العراقي وهو ما أدى بها للهروع ودعم أصدقائها في بغداد بالسلاح وطائرات الإستطلاع، وللمفارقة فطائرات إيران تشترك في الاجواء مع الطائرات السورية وكذا الطائرات الأمريكية وتقوم بنفس المهمة لإنقاذ المالكي.

وتقول مصادر أمريكية أن هناك 35 طائرة لجمع المعلومات وكشف مواقع المقاتلين. ورغم تركيز الولايات المتحدة على العراق إلا ان الترابط العضوي بينهما جعل البعض يرى أن الحل يبدأ من سوريا.

البداية من سوريا

فالرئيس أوباما كما يقولون محق في تاكيده على حل سياسي وتوسيع المشاركة للمكونات العراقية كلها إلا أن امريكا والغرب بحاجة لعمل شيء ما في سوريا حسب أندرو تابلر من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى نشرته مجلة «فورين أفيرز».

ويقترح الكاتب عزل داعش في العراق وسوريا وإحكام إغلاق المجال الذي يتحرك فيه مما يسهل قسمه لنصفين وبالتالي هزيمته.

وهذا هو المدخل الذي استخدمه الأردن حيث قام بالتحكم بالحدود ومراقبتها والعمل مع المعارضة السورية المعتدلة من أجل مواجهة الراديكاليين، وقد ساهمت المخابرات الأمريكية ـ سي أي إيه- بهذه الجهود. ويقترح الكاتب تطبيق نفس المدخل في تركيا وإغلاق الحدود والتحكم بها لمنع تدفق الجهاديين، ومن أجل التغلب على تردد أنقرة يمكن للغرب المساعدة في نشر طائرات بدون طيار لضرب الجهاديين في شمال- شرق سوريا. كما ويمكن استخدام القبائل العربية التي تمتد بين سوريا والعراق مثل الدليم والجبور والعقيدات وشمر وغيرها كي تلعب دور الحاجز لداعش وطموحاتها ويمكن للمخابرات العربية تزويدها بالأسلحة الفتاكة وغير الفتاكة للقيام بالمهمة.

ولأن الولايات المتحدة ليست في وضع لقيادة هذه الجهود نظرا لعدم وجود قوات على الأرض فهي بحاجة للتنسيق مع دول الخليج لدعم هذه القبائل خاصة أن بعضها تمتد فروعه للسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.

وهناك حاجز آخر وهو الأكراد في شمال- شرق سوريا، فتشديد الرقابة على الحدود السورية مع العراق يعني عزل داعش داخليا وخارجيا.

وفي الوقت نفسه تعمل الحكومة الأمريكية مع العراقية لجذب دعم القبائل السنية في العراق والقيام بهجمات ضد داعش. ويتم تحقيق هذا من خلال إنشاء وحدة مهام للعمليات الخاصة التي تقوم بمراقبة النشاطات الحدودية.

وسيعززهذا موقع القبائل السنية على طرفي الحدود. ويرى الكاتب أن هذا المدخل كفيل بمواجهة الوضع في سوريا والعراق والتهديد الجهادي بشكل عام.

الحل في سوريا

ويقول تابلر إن الفصل بين داعش في العراق وسوريا يعطي الأمريكيين القدرة على ضربه في العراق من خلال الضربات الجوية.

ومن ثم يتم التحول نحو سوريا حيث يراوح الحل الدبلوماسي في مكانه وتمت إنتخاب الأسد لفترة جديدة، وفي نفس السياق تعاني الجبهة من حالة جمود لا منتصر فيها ولا مهزوم.

ولتحريك الماء الراكد يتم تقديم الدعم العسكري لقوات المعارضة المعتدلة خاصة صواريخ مضادة للطائرات كي تحافظ على ما بيدها وتستعيد ما خسرته.

وقد تساعد الولايات المتحدة بتزويد المعارضة بمعلومات أمنية لتسهيل عملياتهم ضد النظام وطائراته. ويبقى السؤال لمن تقدم الأسلحة؟ وفي ظل الخلافات بين الجماعات المقاتلة والتمزق الذي يعيشه المجلس الأعلى للثورة السورية فتزويد الأسلحة المتقدمة يظل إشكاليا خشية وقوعها في يد الجهاديين. وقد قدمت واشنطن معدات متقدمة لجماعات مقاتلة مثل حركة حزم وغيرها، لكن على الولايات المتحدة حل المشكلة.

ويبقى خيار تزويد المقاتلين بصواريخ مضادة للطائرات الخيار الأسوأ في ظل تزايد التهديد الجهادي. ويقول الكاتب إن إدارة أوباما وللعام الثاني تفكر بالقيام بضربات عسكرية، وغارات وطائرات بدون طيار في المنطقة.

ولن تحل هذه المشكلة في الشرق الأوسط خاصة تلك المنطقة بين الفرات ودجلة.

ومن هنا يقترح الكاتب على أوباما استخدام اموال صندق الشراكة لمكافحة الإرهاب الذي رصدت له الإدارة 5 مليارات دولار لمكافحة التطرف والإرهاب في المنطقة.

ولكن السوريين لا يمكنهم الإتحاد حول قوة واحدة ولهذا يحتاجون كما يقول الكاتب لبرنامج تدريبي جيد كفيل ببناء قوة عسكرية معتدلة في سوريا قادرة على مواجهة الأسد والتخفيف من حدة الأزمة، مع أنه لا يعرف أي من الجماعات السنية المقاتلة التي ستكون جزءا من الحل النهائي لكن بالتأكيد فداعش ومثيلاتها لن تكون.

إبراهيم درويش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.