يثب

علم تخريب الثورات Science of revolutions sabotage

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الثورة تعريفا هي حالة تفكيك وتركيب جذرية للنظام السياسي ، تجري بقوى المجتمع ذاته ،التي تهدم وتعيد بناء نظامها ومؤسساتها بطريقة جديدة ومختلفة  ، تحدث ذلك عندما ينسد باب التطور والتغيير السلمي التدريجي ، و عندما تتفاقم أزمات المجتمع ، وتعجز قوى الاصلاح عن حلها ، أو عندما  يُستفز المجتمع بجرائم جديدة لا يتحملها ، كما حصل عندما تمت مواجهة الاحتجاجات الشعبية بالرصاص الحي ، فبدل الاستجابة وتطبيق مبدأ تداول السلطة ، قررت السلطة خوض حرب عسكرية مع الشعب بهدف تركيعه ..

وكل ثورة لا تهدف لإسقاط النظام هي ليست ثورة ، وكل ثورة لا تعتمد أساسا على ذاتها وقدراتها المحلية سوف تصبح أداة بيد الآخرين بطريقة أو أخرى …  بالتأكيد لو اعتمدت الثورة على قواها الذاتية فقط ونجحت في اسقاط النظام ، لكانت قد حصنت نفسها من الكثير من الأمراض ، لكن تأخر فئات مجتمعية كبيرة عن اللحاق بالثورة ، ووقوفها على الحياد ، وانخراط أخرى في دعم النظام بشكل طائفي ، وبشكل خاص (أغنياء المدن ورجال الدين ، والطائفة العلوية ، وتردد بقية الأقليات المتوجسة من عودة السنة للسلطة ، بعد استبعادها الطويل  الذي بدأ بالاستعمار واستكمل بالاستبداد الذي قادته ومارسته الأقليات دون مراعاة المسألة الوطنية وحقوق كل المكونات …) هو ما سمح للنظام الأقلوي المستبد الفاسد بالاحتفاظ بقدر وجزء من الدولة تحت تصرفه ، وبذلك استطاع تحويل الثورة الشعبية لحرب أهلية وطائفية ، والسبب الرئيس في ذلك ليس الشعارات الاسلامية ، بل موقف الأقليات أساسا منذ بداية الثورة ، وعندما تطورت الحرب العسكرية بين الفريقين ، صار كلا النظام والمعارضة بحاجة لحشد دعم الأجنبي … فتحولت الحرب الأهلية لحرب اقليمية ، ولم يعد قرار السوريين بأيديهم لا في النظام ولا في المعارضة .

وبينما يدعم أصدقاء النظام بصدق واخلاص يتناسب مع استغراق هذا النظام في تحقيق مصالحهم على حساب قتل وتشريد شعبه … وقعت المعارضة في تناقض بين الأمانة لقضايا الثورة ومصلحة الوطن ، وبين مطالب الداعمين وشروطهم التي لا تتماشى معها بل تناقضها أحيانا .. مما جعل الدول الصديقة للثورة مترددة بتقديم الدعم ، أو تقدمه بطريقة تحقق لها مصالحها هي وليس رغبة الشعب الثائر ..

الذي سنناقشه هنا هو الآليات التي قُدّم بها هذا الدعم بحيث لا يستفيد منه المتلقي ، بقدر ما يحوله لأداة بأيدي المانحين ، ووكيل لمصالحهم على حساب قضيته  ..إنه الدعم الذي يشبه الخمر ( ضرره أكثر من نفعه )  والذي ما كان ليكون بهذا القدر من الضرر  لو وجدت القيادة القادرة على ضبط وتحصين الثورة وادارة الدعم المقدم لها .. فالمسؤولية مشتركة : تقع على عاتق الدول الصديقة ، وعاتق من تنطح للقيادة والادارة أيضا وبشكل خاص عصبة الاخوان المسلمين وعصبة اعلان دمشق الذين كلفوا بإدارة المجلس الوطني والائتلاف قبل أن يسحب منهم هذا التوكيل مؤخرا فقط ، لكن مع ملاحظة أن الدول الصديقة هي من اختارت هذا النوع من القيادات المناسبة لها ، في حين عجزت الثورة حتى الآن عن انتاج قيادة أصيلة ، واعتماد نظام عمل ثوري محترم وفعال .

بسوء نية ، أو عن جهل ، كان سلوك الدول الشقيقة والصديقة على الاجمال سلبيا وضارا جدا بالثورة السورية التي هي الأكثر عنفا وجذرية وطموحا في موجة الربيع العربي على الاطلاق ، بالنظر لحجم التضحيات الهائلة التي قدمها ويقدمها الشعب السوري والذي أثبت قدرته واصراره على الاستمرار حتى في أقسى الظروف ..   فمساعدة الشقيق والصديق لم تكن  تهدف للإسراع في إسقاط  النظام بيد الشعب و الديمقراطيين ( لأن الديمقراطية خطر على الأنظمة العربية) ، مع أنها لا ترغب في الحفاظ على هذا النظام  كونه معادي ومتحالف مع قوى اقليمية خطيرة على الجميع ، بل كانت تهدف أولا لوأد الربيع العربي الديمقراطي في نسخته السورية ، وبنفس الوقت منع النظام من تحقيق نصر واستقرار كونه حليف لإيران التي تخطط للهيمنة على المشرق العربي … فكانت المساعدات تهدف دوما لحرف الثورة السورية وليس نصرها ، وبالتالي ادامة الصراع مع نقله لمكان آخر لا يخدمها ، ولا يخدم أعدائها ، وهو ما وصلنا اليه بالنتيجة ، وحول سوريا لدولة فاشلة مدمرة لا أمل في استعادتها .  لتشكل هذه الدولة الفاشلة مع جيرانها الذين سبقوها في الفشل خطرا من نوع آخر على جميع المتذاكين ، الذين لعبو بالنار .. والذين قريبا سيدفعون ثمن أفعالهم ، عملا بالمثل القائل من حفر حفرة لأخيه وقع فيها …

إن الدرس العملي القاسي الذي تعلمناه في سوريا يستحق أن يكون نموذجا يُدرّس في أكاديميات الاستبداد والاحتلال والاستعمار  والهيمنة ، والخبث والنفاق والخيانة … وما إلى ذلك من أنظمة قهر الانسان لأخية الانسان .. وتدمير محاولاته لنيل الحرية والكرامة . ويؤسس لعلم جديد هو علم افساد وتخريب الثورات

لقد انقسمت الدول بين داعمة للنظام ، تريد الحفاظ عليه (ربما كرها بالعرب والسنة وحبا بالاستبداد )، ودول كارهة للنظام لا تريد له البقاء لتحالفاته في المنطقة ، وليس لطبيعته الاستبدادية التي هي مطلوبة في كل أنظمة المنطقة ، فالتجديد والتمديد للاستبداد والفساد ، وأنظمته هي سياسة ثابتة لكل الدول التي تدعي صداقة سوريا والتي مع كرهها للنظام الأسدي هي لا تريد انتصار الثورة أيضا … التي ستهددها بطريقة أو أخرى .. لذلك كان اصدقاء سوريا يتصرفون بطريقة تشبه دعم الثورة … وتشوهها وتحرفها عن أهدافها ، بل كانوا ميالين لتحويلها لحرب أهلية بدلا عن كونها ثورة تحررية تقدمية .. وهذه الطريقة الملتبسة والمزدوجة الوجه ، والمتناقضة المفعول ، هي ما أدت إلى توازن الضعف الذي يحكم الحال السوري حيث لا أحد قادر على حسم الصراع ، فالبديل الوحيد الأفضل من بشار هو دمار سوريا ، وبعد تحقق ذلك … أصبح الأشقاء ينتظرون طرفا ثالثا ليس فيه النظام ولا الثورة  يستطيع تحمل مسؤولية اعادة تنظيم كل هذه الفوضى التي صنعوها بأيديهم ..  هذا الطرف يجب أن يكون كامل العمالة بل لابد له من ذلك …يتم تشكيله بالحوار  أو في الواقع … ليدعموه ويسلموه البلاد المدمرة  . ولكي ينضج هذا البديل ، أو حتى ينضج لا بد سيتسمر استنزاف كلا الطرفين حتى النهاية ، ومعهم وأهم منهم المجتمع السوري والشعب السوري الذي انقسم بين قتيل ومشرد ومحاصر ..

هنا سنعرض لأهم الاجراءات  المرتكبة (عن عمد أو جهل ) والتي أدت لتراجع الثورة ووصولها لدرجة من الضياع والتشتت الذي يتسبب بعجزها عن تحقيق أهدافها .. رغم أنها على خبثها لم تستطع قتل هذه الثورة المباركة ، التي هي قادرة على الاستمرار في استهلاك النظام بل وحلفاءه أيضا.

1-      خلل الجغرافيا … مع بداية الحراك الشعبي بدأ التركيز على معارضة الخارج ليكونوا صوتها وقادتها ، وتحويل الداخل لمجرد ناشطين بدل العكس .. وعندما حاولت معارضة الداخل والنشطاء تكوين قيادة ميدانية قمعت وأفشلت هذه المحاولات ، وكان الإعلام الخارجي الذي هو عنصر هام في الثورة يركز على وكلاء معينين في الخارج ، وكان الاعتراف الدولي يتم بهم وحدهم ، وكل ذلك ضمن هدف هو تصنيع قادة يمكنهم اختطاف تمثيل هذا الحراك الشعبي الهائل ، الذي يصعب السيطرة عليه .            ثم جرى تسفير أكبر عدد من القادة المتوقعين من الداخل للخارج بالتوافق مع النظام الذي يسعى  لترهيبهم وابعادهم عن قيادة الحراك على الأرض ، ومن رفض  التواري والفرار اعتقل أو قتل ، وبذلك ضعفت القيادة على الأرض ، وكبرت وتضخمت في الخارج .. وصار هناك افتراق جغرافي لا يمكن اصلاحه بينها وبين الثورة ،

2-      الوكلاء بدل الأصلاء  : المعيار الأهم لقادة المعارضة المختارين في الخارج والمرضي عنهم ..هو الارتباط بأجهزة الأمن العالمية والعمل بتوجيهاتها ، وممن أقاموا طويلا في الخارج ، واستبعاد من قدموا حديثا من الداخل أو من صميم الحراك ، وكذلك من يحتفظون بارتباط به .

3-      العميل بدل الوطني الحر : استبعاد كل من يتخذ قراره بشكل مستقل ولا يقبل مرجعية غير ضميره وشعبه ، ولا يصغي إلا لصوتهم عندما يتخذ قراره ( فهو مستبعد لأنه يضرب من راسه .. كما يقول سمو الأمير ؟؟ ) .

4-      المتسلق بدل المعطاء : استخدام اللاهثين وراء المناصب والاضواء والمنافع من فاشلي المغترب ومشوهيه ، لأنهم مستعدين للبيع ، بينما الذين دفعوا الثمن الباهظ يجدون صعوبة بالغة في نسيان ما دفعوه ولا يقبلون البيع لأي كان ، فيصبحون تلقائيا خارج اللعبة التي تشبه البازار .. (هات دولار وخود قرار ) كما هو حاصل اليوم في الائتلاف حيث يتحكم المال السياسي الخليجي كليا بقرار الثورة .

5-      افشال كل محاولات التمثيل الوطنية والتعتيم عليها ، والتركيز فقط على المرتبطة مع الخارج منها … وهكذا حصل وبسرعة عجيبة الاعتراف فقط في المجلس الوطني  الذي كلف بتأسيسه كل من  بسمة قضماني ووائل ميرزا وملهم الدروبي ، ليكونوه من تركيبة غريبة عجيبة وأناس لا يعرفون بعضهم ، وكل ما يجمعهم هو الجهات التي تشغلهم ، بمساعدة لوجستية من أجهزة غربية .. وتحركت ما كينة الاعلام لتلميعهم واقناع الشعب بالقبول بتفويضهم ، وايهامهم أن اسقاط النظام ينتظر فقط تفويضهم لهذا المجلس المعطوب الغير وطني بامتياز .. وهذا ينطبق أيضا على وريثه الائتلاف الذي صممته ذات هذه الأجهزة ، ثم عدلته عندما اقتضت الضرورة وحسب الطلب .

6-      غياب معايير التعيين: حيث لم تعتمد الجهات الوصائية أي آلية لاختيار من يفترض بهم تمثيل الثورة ، وبقي اختيارها يتم مزاجيا وحسب الصدف ، وليس هناك أي معيار حتى للتسمية من قبل المخابرات الدولية سوى قبولهم بالولاء لها ، وبذلك تجد سويات ونماذج متباينة جدا بين أعضاء الهيئات التي شكلتها المعارضة .. وغياب تام للمكونات الثورية الحقيقية . بحجة أنها عسكرية .

7-      التعيين بدل الانتخاب أو التفويض : ولم تهتم هذه الدول ولا مرة في تطوير آلية اعادة انتاج هذه الهيئات بحيث يكون للداخل دور متنامي في تجديدها ومراقبتها . بل بالعكس تماما اعتبرتها منتديات مغلقة وغير قابلة للتجديد والمحاسبة . ولم تضع أي آلية لإنتاج قيادة حقيقية للثورة تبدأ من الأسفل نحو الأعلى ومن الداخل نحو الخارج حتى بعد ثلاث سنوات من الثورة ، و بعد تحرير مناطق واسعة ،

8-      اعتماد الفاشلين بدل الفاعلين : الفاعل والمنتج يستمد شرعية وقوة من انجازه، ويصعب السيطرة عليه، بينما المغمور والفاشل لا يمكنه سوى البقاء وضيعا وتحت السيطرة .  ولذلك يتم اعتماد الفقاعات الإعلامية الذين يكثرون من القول  ويقلون من العمل .

9-      فصل العسكري عن السياسي   في ثورة تبنت الكفاح المسلح ، في ظل غياب المؤسسات الحزبية السياسية الناضجة . واستخدام بديلا عنها لمكونات وهمية لا وجود لها ولا قيمة .

10-   تغييب أي تفاعل وتواصل وتناغم بين السياسي والعسكري . بسبب استمرار تبني المجلس الوطني لخيار الثورة السلمية، في حين الجيش الحر يقاتل في كل الجبهات، واستمرار ذلك حتى مرحلة متأخرة من الثورة .

11-   اعتماد فكرة الجيش النظامي المنضبط ، التي هي مستحيلة في ظروف الثورة ومن دون وجود دولة قانونية منظمة وقادرة خلفه ، والذي لا يمكن أن يتكون إلا بالخارج ، ولكنه سيكون معرض للانهيار بمجرد دخوله المعارك.. يتم اعتماد هذا المنطق النظري المصطنع  بدل ابداع صيغ تنظيم وضبط ومراقبة قوى الثورة الطبيعية المتشكلة على الأرض وتطويرها .

12-    عدم اشتراط الدخول للداخل على أي من قيادات المعارضة المعترف بها ، بل افشال أي محاولة للدخول للداخل ، فمن يدخل ينقطع عنه الدعم ، ويضطر للخروج .

13-   افشال العمل المؤسسي والمدني ، واستبداله بالبداوة الادارية  والمحسوبيات الشخصية .

14-   منع الاستثمار في الادارة والتنظيم والقيادة ، والذي هو اساسي بل حاسم في نجاح الفعل الثوري

15-   منع كل جهود المحاسبة والمراقبة . واستمرار غيابها التام .

16-   التسبب بالفوضى المالية ، ومنع تشكيل صندوق مالي موحد للثورة يضع سياسة صرف مراقبة ووسائل مضبوطة يخضع لمؤسسات المعارضة ،

17-   ( التوظيف في شراء الولاءات ، وليس في دعم الثورة ) فتح أقنية ولاءات خاصة عبر وكلاء معتمدين يهتمون بشراء الولاءات وليس مساعدة الشعب ولا الثورة ، التي كان من المفترض أن تمتلك صندوق وبيت مال واحد .

18-   تعمد التوزيع غير العادل ، فالتوزيع المتفاوت من دون معايير ، ومن دون عدالة ، والجزئي يثير الصراعات والمنافسات بين الرفاق .  وهي سياسة ثابتة ومستمرة .

19-   تقديم الأموال دون اعلام وبشكل سري ،  وإهمال كل آليات المراقبة والمتابعة ،

20-   التغاضي  عن / بل رعاية الفساد المالي ، والامتناع عن طلب وثائق عن الذمم المالية للمسؤولين وللناشطين  والموظفين وهو اجراء معتمد في كل الدول .

21-   العمل على اثارة الصراعات ودفع أموال لجماعات معينة كي تختلف مع أخرى أو تحتل مكانها ، أو تهاجمها .

22-   افشال التكامل والتنسيق ، وكل مسعى للتوحد العسكري ، أو اعتماد للمؤسسات … حيث كان كل توافق ينتهي بسرعة بعد أن تدفع بعض الدول لمجموعاتها للانسحاب من التوافق وتخريبه سرا ، أو علنا ومن دون حياء .. وهو ما حدث بعد اجتماع أنطاليا العسكري مثلا .

23-   تنافس الدول الداعمة وتناحرها  بل صراعها على السيطرة على الثورة والقرار كل عبر وكلائها .

24-   تموج وتقطع الدعم مما يؤدي لتحطيم كل زعامة قادرة ، فبعد تقديم الدعم السخي والوعود السخية ، وعندما يصبح الاعتماد كليا على الدعم ، ويتجاوز حجم العمل القدرة على الاستمرار من دونه ، يتوقف الدعم فجأة وتتحطم كل قيادة وكل مصداقية ، وتنتشر المنازعات وتنهار سمعة القادة وينضمون لقائمة الفاشلين والفاسدين ..

25-   التغاضي عن التمويل السري لقوى التطرف ، مع دعم علني وغزير لتنظيم الاخوان الذي يعتمد على الأرض على مجموعات اسلامية خرجت عن ارادته فيما بعد ، وتبين أنها ذات مشاريع مختلفة .

26-   تبني فكرة الفشل السياسي ، وتشجيع روح الهزيمة ، والاستمرار في المطالبة بتخفيض سقف المطالب ، وتشجيع الحوار مع النظام . وفتح أقنية سرية معه ومع حلفائه .

27-   مساعدة عملاء النظام على اختراق المعارضة  ، والدخول في مؤسساتها .

28-   تبني ورعاية المنحطين أخلاقيا وسلوكيا واستعمالهم في زعامة المعارضة ، لتكون نموذج مقرف تكرهه الناس وتكره الثورة بسببه ، لتستفيد منه دعاية النظام .

29-   التعامل السيء والمهين مع المنشقين خاصة من الضباط لمنع زملائهم من ترك النظام .

30-   الاستمرار في رفض فكرة تجديد بناء جسد سياسي عسكري تنفيذي واحد ومنسجم يقود الثورة لهدف معلن ، وقصر الاعتراف بائتلاف وهمي لوكلاء المال الخليجي ، حتى بعد أن فشل في حكم شبر واحد في سوريا ، وفكك كل مؤسسات الثورة وخربها ، وترك الفراغ الكبير الذي ساعد على نمو التطرف وأمراء الحرب.

31-   رفض الاستثمار في الادارة والتنظيم الذي هو مفتاح النجاح .. وهو ما يميز داعش عن غيرها ويجعلها تتفوق كإمارة حرب منظمة ذات موارد ، في حين تفشل جحافل الثوار في الوقوف في وجهها .. مما يؤكد أن فشل الثورة هو حتى الآن فشل اداري وتنظيمي ، وهو ناتج حتمي ومتعمد لمساعدة الشقيق والصديق .

32-   معايرة كمية ونوعية الدعم بحيث لا تؤدي لانتصار الثورة  ، فالكميات والتوزيع تتناسب مع الواقع على الأرض ، وحيث العاصمة والساحل يمنع الدعم بشكل مستمر ، وحيث يحدث تقدم يتوقف الدعم ، وعندما يحدث تقدم كبير للنظام يقدم دعم محدود للمعارضة. فالمطلوب هو توازن ضعف واستمرار التدمير .

33-   رفض تقديم مساعدة كافية وكريمة للمهجرين وتعمد اذلالهم واهانتهم ، وعدم تسهيل أمور عملهم وسفرهم وتنقلهم ، في أرض الله الواسعة .

34-   اختراق أجهزة مخابرات صديقة للكثير من المنظمات المتطرفة والتلاعب بقرارها ، وتنفيذ بعض الاغتيالات بواسطتها ، واستعمالها كيد قذرة .

35-   تقديم مبالغ نقدية هائلة للخاطفين لتشجيع غيرهم على فعل الخطف تحت غطاء ومبرر انساني

36-   الامتناع عن الافصاح عن المبالغ المدفوعة لقادة المعارضة ولمؤسساتها ، وصرف مبالغ خاصة لهم لشراء الولاءات ، بهدف سرقة قرار الشعب المعذب .

37-   الوعود الكاذبة المتكررة ، وهذا الكذب المتعمد يستخدم لتمرير القرارات ، ثم يتم التنصل منه بتعذر أو من دون تعذر ، ويتسبب بالتالي بتناقضات وخلافات تبدأ ولا تنتهي . حتى ينطبق على الدول الصديقة قول الشاعر:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول   متيم في إثرها لم يفد مكبول

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا      إلا أغن طويل الطرف مكحول

أكرم بها خلة لو أنها صدقت           أو لو أن هذا الوعد مفعول

لكنها علة قد صيت من فمها               ولع دلع  إخلاف وتبديل

كانت مواعيد عرقوب لها مثلا            وما مواعيدها الا الأباطيل

المثل يقول صديقك من صدقك .. أما من يتعمد الكذب عليك ومن يحاول سرقة قرارك ويستخدم المال لإفساد بيتك ، فلا تنطبق عليه صفة الصداقة …

كما أن الشعب الذي لم يتعلم من هذا الدرس ، ويستمر في الاعتماد على الغير وطلب العون منهم فهو سيستمر في دفع الثمن طويلا جدا .

تنتهي معاناتنا فقط عندما نعتمد على ذواتنا ومواردنا ، ولدينا والحمد لله الكثير ، وعندما ننظم أمورنا بحيث لا يتسبب أي دعم قادم بتخريب عملنا عن جهل أو عن سوء نية ، فالثورة ليست فقط حربا ، بل تخطيط وادارة ومحاسبة وشعور بالمسؤولية ، ومن ينجح في الادارة ينتصر ، ومن يريد أن يدعم قوى الاعتدال عليه أن يستثمر في التنظيم والادارة الفاعلة أولا لتشكيل جسد سياسي عسكري  ثوري وطني فاعل وقادر على توحيد الجهود وتنسيقها .

وطالما أن أمرنا بيد هؤلاء الوكلاء والمتسلقين الذين احتلوا واجهات المعارضة ، فلن يصلح حالنا ولن تنتهي مأساتنا . فتغيير نظام المعارضة أصبح  ذو أولوية في طريق اسقاط النظام الأسدي ومواجهة التطرف والتكفير ، ووضع نهاية لهذه المأساة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.