حمعية الزهراء في حلب

إلامَ ستدعو المعارضة السورية.. «إن حوصرت حلبُ»؟.. والحصار الوشيك يضع المعارضة أمام مأزق

 تبدو الصورة أحلك من أي وقت مضى على جبهات مدينة حلب شمال سوريا بعد عامين تماماً على «تحرير» الجزء الشرقي منها من قبل الجيش الحر لتشاركه لاحقاً أكثر الفصائل الإسلامية تشدّداً قبل أن تستحيل عدواً مبيناً.
الحديث عن حصار حلب من قبل قوات النظام السوري بات اليوم من أكثر المواضيع طرحاً على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بعد التقدم الذي أحرزته الأخيرة على الجبهة الشرقية منها ولكن النتائج المترتبة على ذلك قد يكون لها أثراً موجعاً للمدينة التي تلقت آلاف البراميل المتفجرة منذ الإعلان عن تحرير جزئها الشرقي قبل عامين.
قبل عشرة أشهر من الآن استطاعت قوات النظام السوري الزحف والسيطرة على مدينة «السفيرة» جنوب شرقي المدينة لتمتد شمالاً وتسيطر على منطقة «النقارين» وتصل إلى تخوم المدينة الصناعية في الشمال الشرقي، ولا يعدو الإعلان عن سيطرة النظام على المدينة الصناعية مؤخراً إلا مؤشراً على الهدف المنشود وهو إطباق الطوق على المدينة من الجهة الشمالية تماماً والوصول إلى قريتي «نبّل، والزهراء» المحاصرتين من قبل قوات المعارضة المسلحة.
وليس غريباً أن هذا السيناريو طرح قبل عام من الآن وقبل حتى أن تسقط «السفيرة» إلا أنّ جميع أجزائه تستحيل حقيقة يوماً بعد يوم وسط تخوّف من إطباق الحصار على المديــــنة والذي ســيؤدي قطعاً إلى عزلها عن ريفها الشمالي الرئة الوحيدة والمتنفس الوحيد المتبقي لها.
وكانت مدينة حلب تتصل بجزئها المسيطر عليه من قبل الكتائب المعارضة مع الريف الشمالي والشرقي عبر ثلاثة طرق أبرزها طريق «الصناعة» في الشمال الشرقي المؤدي إلى قرى «فافين، تل رفعت» وصولاً إلى الأراضي التركية، والآخر شرقاً والمؤدي إلى مدينة الباب، والرقة وصولاً إلى دير الزور، والثالث شمالاً عبر «حندرات- طريق كاستيلو» وتأتي العمليات العسكرية مؤخراً بتعليق العمل على الطريقين الأول والثاني وبقاء الثالث، فضلاً عن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على أجزاء واسعة من الريف الشرقي وتكوين بؤرة له في مدينة «الباب» الأمر الذي جعل طريق «الباب» مستحيلاً بعد طرد التنظيم من حلب المدينة ودخول قوات النظام مع تقدمها الأخير في الوسط بين تنظيم الدولة من الشرق وبين قوات المعارضة من الغرب.
وبذلك يبقى طريق (حندرات- كاستيلو) هو المنفذ الوحيد من الجهة الشمالية للريف الشمالي وهو الوحيد العامل مؤخراً.
ومن أبرز نتائج الحصار -إن حصل- فإن قطع الإمداد عن الكتائب داخل المدينة يأتي في أولويات قوات النظام إضافة إلى حصار غذائي سريع كون المدينة تتغذى على محاصيل الريف الشمالي إلى الآن، ولا يتوقع للكتائب الصمود إلا أشهراً قليلة قبل أن يجثم السيناريو الحمصي واقعاً أمامها، خاصة بعد إرهاقها مؤخراً على عدة جبهات أبرزها (الشيخ نجار، الريف الجنوبي، الجبهات الغربية داخل المدينة، جبهة الزهراء شمالي غرب المدينة).
المعارضة السورية الغارقة في مستنقع المحاصصات والتجاذبات السياسية تبدو اليوم أبعد ما يكون عن ما يحدث على أرض الواقع، فهي تصارع في النزاعات الداخلية بين الكتل المكوّنة لجسم الائتلاف الوطني، والحكومة المؤقتة ويدور الصراع على الأراضي التركية في مفارقة تبين حجم الانفصال عن الواقع.
وسبق أن دعت الأجسام السياسية بمختلف أطيافها إلى مبادرات إسعافية من أجل منع سقوط «القلمون، وحمص» إلا أن ذلك كان ضرباً من المحال في ظل نقص التسليح والإمكانيات، وامتلاك النظام لزمام المبادرة على الأرض بدعم روسي- إيراني لا محدود.
قبل حجب الثقة عنها أكد نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة المؤقتة «إياد قدسي» رداً على أحد الصحافيين أن قرار سقوط مدينة حمص كان «قراراً دولياً» ولا يد للحكومة أو الفصائل المقاتلة على الأرض فيه.
قد يكون تصريح «القدسي» من أجلى التصريحات المعبّرة عن جملة «درويش» الشهيرة «عرب أطاعوا رومهم» المتمثلة في قرار سقوط حمص، أو سقوط حلب في المستقبل، وإن كانت الحكومة وعبر سنة غير مكتملة من العمل دعت في جولاتها 133 دولة حول العالم للوقوف مع الشعب السوري بما فيها الولايات المتحدة المتقلّبة المزاج الباحثة عن «المعتدلين» فمن ستدعو الآن «إن حوصرت حلبُ»؟

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.