إنطباعات الأسد خلف الستارة

العطار بدون «صلاحيات» وتعيينها «يدفن» فاروق الشرع سياسيا والمعركة مع «المعارضة» لن تحسم إلا بإتفاق واشنطن وموسكو

لا يبدو الرئيس السوري بشار الأسد مستعدا رغم الإحتفالات الكرنفالية بتجديد انتخابه لولاية جديدة لمغادرة «الواقعية» في قراءة المشهد السياسي الإقليمي وفي بلاده بعد سلسلة المستجدات الأخيرة خصوصاعندما يتعلق الأمر بحوارات وعبارات وتقييمات خاصة تصدر عنه شخصيا خلال إستقبال أنصار له ومؤيدين لحزبه من المعسكرات العربية.
آخر ما رشح لعواصم مجاورة من بينها القاهرة أبو ظبي وتمكنت «القدس العربي» من الإطلاع عليه يشير الى أن قواعد اللعبة سياسيا وميدانيا بالنسبة للأسد أصبحت مكشوفة أكثر خصوصا بعدما توثقت دول عربية من بينها الأردن أن تعيين نجاح العطار في موقع «نائب الرئيس» كان عبارة عن «رسالة مستجدة» من المرجح أنها وصلت للمرسل إليه.
تعيين العطار وبسرعة بعد إنتهاء مراسم التنصيب المترفة على طريقة الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر وهي «لم تكن معتادة» كان عبارة في تقييم مستويات أمنية عربية عن رسالة لطبقة «التجار» والعائلات العريقة في «الشام» بمعنى في قدماء وأركان دمشق الذين وقفوا طوال الفترة مع النظام وبصورة جماعية.
تكريم هؤلاء تمثل في ضم العطار التي لا تعتبر «نشطة وفاعلة» حيويا وأن كانت تنتمي لطبقة حليفة يعزز الأسد تواصله معها على أساس ضمان مصالح المعنيين عندما يحين تقاسم الكعك في معركة «إعادة البناء».
العطار لن تحظى حسب مقربين من القيادة القومية لحزب البعث السوري الحاكم بـ «صلاحيات النائب» المعتادة ولن يكون لها دور تنفيذي في جهاز الدولة بسبب التجارب السابقة مع عبد الحليم خدام وفاروق الشرع.
الأهم أن تكليف العطار بموقعها الجديد لا يقف عند حدود إظهار قدر من «النعومة» في القيادة السورية تجاه الدول الغربية التي تهتم بدور وحقوق المرأة بقدر ما يشكل خطوة «تدفن» عمليا كل الإحتمالات وتجيب على كل التساؤلات والإستفسارات في شأن مصير ومستقبل لاعب بمستوى فاروق الشرع.
آخر الأنباء عن الشرع تفيد أنه منعزل تماما و»سجين» بالمعنى الحرفي تحت عنوان الإقامة الجبرية رغم عدم التوصل لحقائق «حاسمة» عند التحقيق في مسألة زيارته الشهيرة قبل عام ونصف لمنطقة درعا والتي فسرت على أساس أنها محاولة للهرب والفرار فيما قدم هو شخصيا إفادات تثبت انها زيارة «إجتماعية» وعائلية وللتواصل مع الأهالي لمصلحة النظام.
رواية الشرع رفضت المستويات المحيطة بالرئاسة تصديقها لإن الزيارة لم يتم «الإبلاغ» عنها وفقا للأصول ولم تكن ضمن بروتوكول الرئاسة المعتاد لكن في المقابل لا يوجد «أدلة» محسوسة تدين نوايا الشرع أو تكشفها في الواقع فصادق الرئيس الأسد على توصية أمنية بوضعه تحت الإقامة الجبرية.
تعيين العطار يحسم إشكالية الشرع ويبقيه بعيدا في كل الأحوال في عزلة تامة مقابل ضمان أمنه الشخصي.
الأهم تمثل في الرؤية السياسية التي تتسرب عن الرئيس الأسد في خصوص النقطة التي وصلت إليها بلاده مرحليا وبعد تجديد ولايته الرئاسية فالأوساط المحيطة بالرجل في أقرب الحلقات تتحدث عن «معركة لا يمكن حسمها» في ذهن الأسد مع الجماعات التي يسميها بـ»الإرهابية» والمعنى أن المواجهة قائمة وستبقى كذلك ولا يمكن للنظام حسمها فيما تجاوز النظام أيضا بتقدير الأسد مخاطر الهزيمة في الوقت نفسه.
الموقف عليه معقد فلا النظام يتصور أنه يستطيع حسم المعركة ولا يقدر انه يستطيع الإنتصار تماما فيها بالتوازي مع القناعة أن الجماعات المعارضة ايضا ليست في موقع «الحسم والإنتصار».
المواجهة في قراءة أركان نظام الأسد «ستطول» والنظام يتصرف اليوم على هذا الأساس والحسم لن يكون حاضرا إلا في حالة واحدة فقط تتمثل في جلوس «الأمريكي والروسي» معا وتسوية الأمر وهو جلوس سيحسم في النهاية التعقيدات الميدانية إلى ان يحصل ذلك سيبقى النظام في حالة «قتال» أمنية وليس عسكرية محضة هذه المرة إلى فترة مفتوحة.
أحد أقطاب لجنة مناصرة سوريا في العاصمة الأردنية عمان كشف في جلسة مغلقة مؤخرا النقاب عن «توجيهات» قيلت لبعض المناصرين حول التحدث عن «رسائل مجاملة ومصالحة « تصل للنظام السوري من دول خليجية متعددة على رأسها السعودية مع ملاحظة في غاية الأهمية سجلها الأسد نفسه فالسعودية ودول خليجية أخرى تتحرك كثيرا وتسعى لاستقطاب أطراف أساسية في الإطار المتحالف مع نظام دمشق.
الكلام هنا عن تكثيف الرسائل والإتصالات مع مسؤولين بارزين في إيران وروسيا وقد نقل عن الأسد نفسه القول أن جميع «أعداء سوريا» بدون إستثناء وخصوصا من العرب يوجهون «رسائل عن بعد عبر الأصدقاء» لكنه اي الأسد «لن يصفح» ولن يتجاوب وبلاده ستحاسب كل من أساء إليها وشارك في « المؤامرة» على حد تعبيره.
في احد اللقاءات التي تنظم لأغراض المناصرة سئل الرئيس السوري عن النظام المصري الجديد فأمتدح الجنرال عبد الفتاح السيسي مشيرا الى انه «يبدو عاقلا» مع الإشارة لإن رسائل»سلام وود» وصلت منه عبر قناة إيرانية أيضا لم تتطور بعد ولم تصل لمستوى الإتصال المباشر وإن كانت تحالفات السيسي الوثيقة مع السعودية تعيق- حتى الآن على الأقل- تبادل ونقل الرسائل.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.