خريطة الصراع في الشرق الأوسط عام 2015

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

ما أسفرت عنه انتخابات الائتلاف الوطني السوري وقبله اعادة تشكيل الحكومة المؤقتة والمجلس العسكري لا يشكل هو بذاته العنصر الفاعل في المرحلة المقبلة ، بقدر ما  يعكس ملامح تحرك الدول الراعية التي تمسك بالملف السوري، الذي خرج من بين أيدي أهلها وصار في مهب الرياح الاقليمية المتنازعة للسيطرة على سوريا المتفككة ، وعلى المعارضة المصنّعة التي تمثلها. بعد أن تشتت المجتمع السوري وتفتت وحدته وهام على وجهه سياسيا وجغرافيا وصار مثال حاله (ربي أسألك نفسي ) نظاما ومعارضة معا، ضمن مسار للتفكك يبدو أنه لم ينته بعد .

ومع أن  د. خالد خوجة،  و د. أحمد طعمة، و د. سليم ادريس ، هم كأشخاص جيدين بمعايير الشخص وقيمه وأخلاقياته ،لكنهم ما يزال ينقصهم الخبرة السياسية والادارية وفريق العمل، ويقودون مؤسسات توصف بالتافهة والفاشلة والفاسدة و العصبوية، ويخضعون لهيمنة مستورة لحزب يوصف بالسوداوية والتدليس والشمولية ، وهذه بحد ذاتها عناصر كافية لفشلهم مهما بذلوا من جهد، لكن المطلوب على ما يبدو ليس نجاحهم بقدر ولائهم وطاعتهم، فنحن عندما نقرأ نتائج التصويت في مجلس يبيع الولاءات والأصوات والقرارات مكون من انتهازيين فاسدين وكلاء للغير منفصلين عن سوريا ( الائتلاف) ، نفهم أن تركيا قد أصبحت عمليا هي من يدير هذا الملف وهي بالتالي المسؤولة مباشرة عنه، فهي تملك الجغرافيا والأدوات و صار بيدها قرار المعارضة أيضا . ولا حاجة بعد الآن لأي تورية فالفشل سيعني فشل تركيا ، كما كان فشل مرحلة المجلس الوطني فشلا قطريا ، وفشل مرحلة الجربا فشلا سعوديا بامتياز . فلو عاد الأمر للشعب السوري لأزاح كل هذا الائتلاف عن صدره وأنتج قيادة أصيلة مرتبطة بالحراك الثوري وتعمل معه ، والتي بسبب حرمانه منها تشت وضاع فملأت الفراغ التنظيمي قوى التطرف والارهاب .

ويظهر لنا بعد هذا التطور أن تركيا قد قررت أن تضع يدها علنا على هذه المؤسسات وتدخل بقوة فاعلة أكثر في الملف السوري ، بعد أن عززت تحالفاتها العسكرية مع القوى العاملة والمسيطرة في الشمال السوري، والتي بدورها استبعدت الموالين للدول الأخرى وطردتهم واستولت على سلاحهم، فتركيا على ما يبدو لا تريد لمؤسسات المعارضة حتى لو كانت شكلية أن تعيق تنفيذ برنامجها القادم  لا بتداخلات الغير ولا بصبيانية التصرفات، وهذا شكلا يكرس انقسام المعارضة السياسي  وعمالتها وانقسام سوريا الجغرافي أكثر بكثير مما يعزز وحدتها .

أما مضمونا فهو سيعني لأول مرة قيام دولة صديقة للثورة السورية بتقديم دعم جدي ، فنحن ممن يستشعرون الصداقة والود من مواقف تركيا تجاه الشعب السوري ، ومواقف ادارة أردوغان بالذات الأخلاقية والانسانية، ونريد لتركيا أن تنخرط في المساعدة لوضع حد للمأساة واعادة بناء سوريا كجار وشقيق وحليف ، مع الاستمرار كسوريين في تقييم  وتقدير فوائد وأضرار دورها السياسي المنتظر ضمن محاولة تكييفه لصالح قضية شعبنا . وشعوب المنطقة المتجهة نحو مواجهة اقليمية حتمية (باردة وبالواسطة أو حارة ومباشرة ) … والتي نرى ملامح تطورها تسير باتجاه رسم المشهد التالي:

تركيا تتدخل بشكل غير مباشر عبر المعارضة السورية وبشكل خاص الجبهات الإسلامية المتشددة بكل فروعها ، وستقوم بدعمها أكثر في الشمال السوري بدءا من حماه حتى الحدود ، وهذا سيكون متاحا وسهلا في حلب وادلب بالنظر لتوافقها مع هذه القوى ، وصعبا في الرقة والحسكة التي تقع تحت نفوذ ميليشيات معادية،

تركيا ستحارب داعش فقط في حال السماح لها بلجم المشروع الانفصال الكردي في شمال سوريا و تقييد المجموعات الكردية المصنفة ارهابية عندها . وستحاول فرض منطقة عازلة من طرف واحد ومن دون غطاء دولي كما يبدو . وكما حاولت ايران توظيف داعش واستثمارها في مشاريعها ، ستحاول تركيا استخدامها كوسيلة ضغط للقبول بمطالبها التي تحقق أمنها القومي ، فهي غير مستعجلة للحرب معها من دون ضمان مصالحها ، لذلك يرجح أن تبقى خارج التحالف الذي يسعى لتقوية نزعة الانفصال الكردي كهدف استراتيجي ثابت له.

الخطر الأهم على المشروع التركي هو العامل الكردي في حال انتصاره على داعش بدعم من التحالف الذي يضع كل ثقله وراءه، أو في حال قدرة الكرد على زعزعة استقرار تركيا عند دخولها لإحباط المشروع الانفصالي ولهزيمة داعش ، وهو ما قد ينقل التوتر لداخل تركيا …

وبالتالي فدور تركيا رغم قوتها يبقى محدودا ومترددا ، والنتيجة المتوقعة لهذا الدور الملجوم هي قيام ثلاثة كيانات في النصف الشمالي من سوريا ، كيان علوي في الغرب تابع لإيران ومحروس روسيا ، وكيان سني متشدد إخواني في الوسط تابع لتركيا ، وكيان كردي صغير في الشرق بعد أن يقوم بتهجير العرب وغيرهم منها ، وستندفع داعش أكثر وأكثر نحو البادية والوسط ، حيث سيصعب عليها اقتحام هذه الجبهات الثلاث المدعومة اقليميا ودوليا.

وبالإضافة للتردد الذي يضعف الدور التركي ، وضغوط المعارضة الداخلية، والضغوط التي يضعها الغرب على حكومتها ، وخلافاتها مع دول الخليج التي سببها جماعة الإخوان … سيلعب السوريون أنفسهم دورا في اضعاف دور تركيا عندما سيكتشف الأتراك: 1- مدى صعوبة ادارة ملفات المعارضة  السورية الانتهازية المتشرذمة ، 2- أن مجرد ولاء حزب لهم لا يكفي للنجاح العملي عندما ننتقل من بيع الولاء للإنجاز والعمل البناء ، وأن الشعب السوري بغالبيته يرفض هيمنة هذا الحزب 3- أن تنظيم الإخوان سيفشل في الإدارة والتنظيم، وسيتسبب بفشل كل مهمة تلقى على عاتقه بسبب تكويني فيه.

ايران/ النظام السوري سيعزز من تواجده في حمص باتجاه حماه وسيرسم جبهاته المدعومة روسيا ، والمحصنة بما يمتلك من سلاح تقليدي  وبما ترك له  من سلاح كيميائي، في غرب سوريا والساحل السوري تمهيدا لقيام كيان علوي شيعي أرثوذكسي يسيطر على الساحل ويمتد في لبنان ، ويحاول بشكل مستمر الاحتفاظ بوصلة جغرافية  تمر عبر حمص ، وهو قد أنجز هذا المشروع الذي صار ينتظر الإعلان عبر تهجير من تبقى من قرى محيطة وسكان يعيشون بحمص وحماه ، واستباحة السنة الذين يعيشون بالساحل وتهجيرهم ،

وسيحاول أن يحتفظ  بقسم من ادلب وحلب لكنه يتجه لخسارتها مع تزايد الدعم التركي ، لذلك نجد المبعوث الدولي دي مستورا يتحرك ملهوفا بهدف إنقاذه فيها ، والوساطة الروسية أيضا .

 وسيدافع النظام السوري الايراني بشراسة عن وجوده في دمشق والسويداء، لذلك تعتبر جبهة القلمون المتواصلة مع البادية ومع سنة لبنان هي الجبهة الأهم والأخطر التي ستقوض هذا المشروع ، وتجعله يخسر امتداده نحو الجنوب ويخسر بالتالي دمشق ، و عملية استجرار أو دفع المنظمات المتطرفة الى هذه المنطقة ستحقق مصلحة مزدوجة ومشتركة و الكثير جدا من المنافع .

الدول العربية ومعها اسرائيل ستجبر على دعم الجنوب ليحتفظ بعروبته بعيدا عن المشروع الإيراني ، و ليحتفظ باعتداله بعيدا عن المشروع الجهادي الإسلامي ، وبالتالي ستعمل عاجلا أم آجلا وتحت ضغط المخاطر على إيجاد منطقة آمنة في الجنوب يتم الانطلاق منها في مرحلة لاحقة للسيطرة على دمشق والقلمون وصولا لحمص والبادية ليحتفظ العرب بحصة كافية للمساهمة في رسم أي تسوية بين هذه الدول حول سوريا أو الشرق الأوسط . فإسرائيل مجبرة على اختيار التحالف مع العرب السنة المعتدلين بحكم تكوين جيرانها ، بينما تحاول ايران الافادة من عدائهم لإسرائيل لمد نفوذها في المنطقة ضمن لعبة المقاومة التي أصبحت مكشوفة، والدروز سيكونون مجبرين على فك تحالفهم مع النظام الذي لن يستطيع حمايتهم ويريد توريطهم ليدافعوا عنه ، وبالتالي التحالف مع اسرائيل ضمن الخيمة العربية المطبعة علنا أو سرا ، والذي يسهله قوة ونفوذ الطائفة الدرزية ، وهو ما سيتسبب بتوتر بين دروز لبنان وحزب الله ويساهم في اضعافه أكثر وأكثر بانتظار ضربة عسكرية قاسمة تنهيه كميليشيا ارهابية مسلحة.

سوف تواجه هذه الدول صعوبات جمة ، أهمها صعوبة السيطرة على أو احتواء العناصر المتشددة ، وصعوبات تنظيمية وادارية في انشاء مؤسسات لا بد من تشكيلها في المناطق المحررة لضمان ثبات الولاء والانضباط ، كما ستضطر لمواجهة المشروع الإيراني بشكل مباشر عسكريا في دمشق ولبنان ، المرشح ليكون أرض مواجهة قاسية بين الجماعات المتشددة السنية وبين المنظمات الشيعة الارهابية في الشمال والشرق ، وبين حزب الله وبين اسرائيل في الجنوب ، وهذا يشكل فرصة مناسبة للقضاء عليه ، واستعادة استقرار واستقلال لبنان ووحدته ، مع ملاحظة أن هذا السيناريو سيمتد على أكثر من عام بكل تأكيد .

تستشعر الدول العربية خطر التطرف والغلو والارهاب ، بسبب طبيعة مجتمعاتها البدوية المحافظة ، وبسبب تأثير فكر الإخوان وتنظيمهم الذي قام بتسييس الدين وتحديث منهج الخروج والتكفير والعنف ، وتستشعر أيضا خطر المشروع الفارسي الذي يهاجمها من كل الجهات ، وتدرك مدى تشارك الخطرين وخدمة بعضهما البعض . وتدرك أن هزيمة واسقاط النظام الإيراني يجب أن تكون هدفا مركزيا في هذه الحرب ، وهذا ما سيجعلها تتحرك بجدية أكثر وصولا لدخولها الحرب بجيوشها مباشرة ضمن التحالف وخارجه فيما بعد ، وستستخدم ثقل مصر في تحسين ميزان القوة ، وسعر النفط كسلاح فعال.

في العراق لا يمكن هزيمة التطرف السني ولا منظمات الارهاب من دون اعطاء العرب السنة حق تقرير المصير ، عندها فقط سيتحول الارهاب من مدافع عن وجودهم إلى عبء عليهم … ولا يمكن استعادة صيغ العيش المشترك في العراق من دون توازن ومصالح مشتركة …لذلك لا أفق لعملية استعادة وحدة العراق في ظل اصرار الكرد على الانفصال ، واصرار الشيعة على اضطهاد السنة والسعي لتهجريهم تحت مسمى محاربة داعش ، كما يحدث الآن في ديالا وصلاح الدين وحزام بغداد بمساعدة من الحرس الثوري الإيراني، وبالتالي لا مهرب من السير خطوات أخرى نحو تقسيم العراق في الوقت الراهن ، ليتم بعدها البحث عن المصالح المشتركة التي تعيد تجميعه ضمن تعاون اقليمي يقوم على أسس مختلفة عما يجري الآن ، وبالنتيجة لن تستقر المنطقة تبعا للخارطة السياسية الحالية ، التي صارت في مهب رياح التغيير . كما لن تنجح أي خريطة جديدة من دون قيامها على أسس وقيم مختلفة تتناسب مع طبيعة المصالح التي تجمع سكان المنطقة ، في عصر يتصف بالعولمة.

لبنان منخرط بشكل كامل في الصراع في المنطقة وهو سباق في هذا الاطار ، وقد دخل عمليا في عين العاصفة التي سيكون مربع دمشق بيروت طرابلس حمص مسرح صراع الحسم فيها ، وعملية تحييد لبنان أو سياسة النأي بالنفس التي يعلنها هي بمثابة دفن الرأس في التراب ، والسيطرة على هذا المربع سيكون عنوان خريطة الشرق الأوسط  القادمة، لذلك يجب تركيز كل الجهود نحو احباط هيمنة ايران على هذا المربع وبالتالي افشال مشاريع التقسيم جميعا . والعودة عنها لصيغ التعايش، أي أنه لا يمكن استعادة استقرار لبنان هو الآخر قبل تدمير مشاريع الهيمنة الطائفية وتفكيك منظماتها العسكرية. عندها تصبح وحدة لبنان  ووحدة سوريا مرهونة بمقدار نجاح  صيغ التفاهم والعيش الإقليمي المشترك ، وهذا لن يكون صعبا بين العرب والترك ، ولن يكون شديد الصعوبة مع الشيعة والفرس بشرط اسقاط النظام الإيراني الارهابي.

داعش والمنظمات المتطرفة ، سيؤدي استمرار الضربات عليها لتقزيمها عاموديا وتغلغلها في مجالها الحيوي وتوسيع نطاق ضرباتها ، وانتقالها من حرب الجبهات لحرب العصابات ، و التضييق على داعش من الشرق والشمال والجنوب سيؤدي لاندفاعها باتجاه البادية والوسط ولبنان والمربع الخطر ، لتتواجه بشكل جدي مع المليشيات الشيعية العاملة في الوسط السوري واللبناني ، وهذا ما سيستنزف قوى الطرفين ويحضر المناخ لصيغ تفاهم من دون قوى الإرهاب جميعا الشيعي والسني على السواء…

216

في مواجهة هذه الحالة أقترح الخطة التالية:

  • دعم الثلاثي خوجة طعمة ادريس باتجاه اعادة بناء مؤسسات الثورة  ووضع خطة متكاملة لتجديد الائتلاف بحيث يصبح جسدا تمثيليا تختاره قوى الثورة الحقيقية وليس الخلبية وبآليات مناسبة وباتجاه :

آ- تشكيل مؤسسات قضائية فعالة تطبق القانون على المدنيين والعسكريين في المناطق المحررة كأولوية

ب-  تشكيل جهاز أمن وطني

ج- تشكيل هيئات رقابية ومالية لمحاسبة الفاسدين.

  • الوقوف بحزم ضد أخونة مؤسسات المعارضة ، لفقدان الثقة تاريخيا بهذا التنظيم ولتشوه أساليبه ، وميله الشديد للشمولية والمكر ( وهذا لا علاقة له بالموقف من الدين الاسلامي ) فهو حزب سياسي بامتياز ويستخدم الدين لخدمة السياسة في سعيه لاحتكار السلطة، وليس العكس.
  • تعزيز قوة المجتمع الأهلي وسلطته على المقاتلين كانتماء بديل عن الانتماءات الأيديولوجية والسياسية في المرحلة الراهنة حفاظا على وطنية السلاح في مرحلة غياب سلطة قضائية وطنية فعالة تحكم المسلحين. وتشجيع الجبهات الاسلامية المتشددة على فك ارتباطها بالجهاد العالمي ، ووضع خطة عملية للدفع باتجاه استعادة تبعية المقاتلين لمجتمعهم . ( هنا نثمن دعوة د. خوجة جبهة النصرة لفك ارتباطها بالقاعدة ، مع العلم أن هذا الموضوع أعقد من ذلك ولا تكفي مجرد الدعوة له ، بل لا بد من برنامج كبير لإنجاز مثل ذلك التحول )
  • التواصل مع التركي لتشجيعه على الوقوف على مسافة واحدة من الألوان السياسية في المعارضة السورية، ولجعل علاقته مع الشعب وليس مع حزب واحد يدعي تمثيله للإسلام،
  • دعم التوجه التركي لإقامة منطقة آمنة في الشمال ولو كان من طرف واحد ، مع السعي للحصول على المزيد من الضمانات للحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها في المستقبل .
  • استغلال أي ردة فعل عربية على الهيمنة التركية والإخوانية ، واستثمارها لصالح الثورة خاصة في المناطق الجنوبية وفي البادية وتشكيل فريق عمل يتعاون معها حتى لو ظهر وكأنه منافس للائتلاف المعطوب .
  • العمل بسرعة على تشكيل جسد سياسي عسكري فرعي محلي في الجنوب يرضي هذه الدول الداعمة التي تنافس النفوذ التركي وتخشى هيمنته عبر تنظيم الاخوان ،
  • الاستمرار في الدعوة لإقامة منطقة آمنة في الجنوب تبدد مخاوف الدول المجاورة من تمدد الارهاب ، وتسعى لتحرير دمشق من الاحتلال الإيراني ، وتحتضن الكثير من المهجرين الذين ضاقت بهم الأرض .
  • تجنب التصادم بين المشروعين العربي والتركي عن طريق الاختصاص المكاني في الشمال والجنوب ، والحرص على فتح قنوات توفيقية دائمة بين القائمين على هذين المشروعين .
  • التواصل مع القوى الحليفة في لبنان والتفاهم معها لمساعدة لبنان الدولة على التحرر من هيمنة ميليشيا حزب الله الإيرانية ووضع سلاحه بأمرتها كهدف مشترك يحقق مصالح البلدين . مع محاولة استمالة قسم من المسيحيين والدروز والشيعة في لبنان وتحييدهم عن الصراع مع حزب الله، ضمن هدف واضح هو  هيمنة الدولة اللبنانية على كل المليشيات الطائفية والمتطرفة واستعادة استقرار لبنان.
  • فتح قنوات تواصل مع تيارات في الطائفة العلوية في محاولة لفك ارتباطها بالنظام والمشروع الإيراني، وتبريد نزعتها الانفصالية. وتعزيز العلاقة مع المسيحيين والدروز.
  • التعاون مع القوى الكردية التي ترغب في تحقيق طموحها القومي ضمن مسار سلمي تعاوني اتحادي في المنطقة، وليس تلك التي تسير في مسار عسكري تقسيمي عنصري.
  • العمل على تعزيز التعاون العربي في مواجهة حرب الوجود التي أعلنها النظام الإيراني في سوريا ولبنان والعراق واليمن ودول الخليج العربي ، و ومواجهة الطموحات الأقلوية و الاقليمية والدولية التي تسعى لتذويب وطمس الهوية العربية التاريخية في المنطقة ، بالتزامن مع الحرب على النزعات القومية العنصرية الشوفونية العربية وغير العربية.
  • التخلي عن العيش في الشعارات ، والتحلي بالبراغماتية اللازمة لتأمين تحالف قوة يحقق النصر في معركة الوجود التي نخوضها كعرب في مواجهة الغزو المجوسي ، والذي تعني هزيمته نهاية أحلام المغامرة والتسلط ، وعودة شعب ايران إلى موقعه وحجمه الطبيعي وعلاقاته التشاركية التاريخية المرحب بها.
  • تشجيع اسرائيل على استخدام نفوذها وقوتها للمساعدة على لجم الاجتياح الإيراني للمنطقة ، وتقويض نفوذ حزب الله في لبنان ، ولجم الاندفاع الغربي الأمريكي لمهادنة ايران أو للتحالف مع نظامها الذي يهدد الاستقرار في المنطقة . مع ملاحظة أن الدور الاسرائيلي ضروري وحاسم في تغيير ميزان القوى في المربع الخطر ،
  • البدء الفوري بورشات عمل وبفتح منابر فكرية تعالج المسائل التي ينطلق منها التطرف الديني والغلو والارهاب ، واطلاق مشروع ضخم وجذري للإصلاح الديني ، فكرا ومؤسسات ، ولجم محاولات تسييس الدين ، والتحريض الطائفي .
  • عدم وضع محاربة المنظمات المتطرفة كأولوية ، وتجنب الانجرار إلى هذا المطب ، بل محاولة عقد هدنات وتبريد جبهات معها أملا في توجيه القوة ضد الميليشيات الفارسية ، وبشكل خاص الاستمرار في التضييق على حزب الله الذي يستخدم لبنان كقاعدة انطلاق لعدوانه، ضمن خطة لمنع ايران من الاحتفاظ بحمص وحماه ودمشق والتي يجب أن توجه كل القوى العسكرية باتجاهها.
  • محاصرة وعزل بؤر تواجد النظام والعمل على اسكات نيرانها ، ومحاولة عقد هدنات معها مقابل فتح ممرات انسانية ، وتجنب اجتياحها ما أمكن ، من أجل توجيه كل القوة لإسقاط النظام في العاصمة . فدمشق هي بوابة النصر في كل المنطقة .
  • وضع خطط طويلة المدى لاستعادة وحدة سوريا، واعادة صياغة عقدها الوطني ، وبناء مؤسساتها
  • السير ضمن مسار يهدف لانضاج تحالف اقليمي بين شعوب المنطقة يقوم على مبدأ المشاركة وليس الهيمنة ، ويرسخ أسس الاستقرار والتقدم فيها، بعد التخلص من عوامل الصراع المذهبي والقومي .

وبشكل عام يجب علينا توقع فشل كل المحاولات السطحية لحل الأزمة في سوريا والعراق ولبنان ، والهادفة للعودة بها نحو الماضي الذي ذهب إلى غير رجعة ، نظرا لعمق الحاجة للتغيير ولتراكم أزمات الماضي المعززة بجرائم الحاضر . ولا يجب انتظار أي حل سياسي قبل تحقيق انتصار عسكري على محور الشر ، كما يجب علينا توقع حدوث جرائم انسانية وجرائم تطهير على نطاق واسع في المرحلة القادمة ( وهي المرحلة الأسوأ قيميا ) في هذا الصراع على ما يبدو .

وعلى الرغم من المسار التفكيكي الانقسامي الراهن ، نحن يتوقع للمنطقة أن تسير باتجاه الوحدة في النهاية ، نظرا لتداخل مكوناتها وتشابك مصالحها، فكل كيان انقسامي محدد لذاته وغير قادر على الاستمرار ، وتقسيم سوريا  تبعا لنفوذ القوى الإقليمية يمكن أن يكون محرضا لزيادة الدعم المقدم لثوارها ، ولفتح حدودها مع الدول المجاورة ، و لتوحيد المنطقة في مستقبل مختلف ، وعليه نحن كشعب ثائر علينا أن نعمل ضمن هذه المعطيات من أجل مشروع مستقبلي يلغي أسس الصراع ومبرراته ، وهو قدرنا ومخرجنا الوحيد على ما يبدو … فسوريا كما يقال مفتاح المنطقة وكل الدول تتأثر وتتدخل بما يحدث فيها ، وهي بسبب اختلافها لن تسمح بوحدة المعارضة السورية التي تحتاج دعمها ، لذلك وبالرغم من المصاعب والمعاناة والتضحيات التي يدفعها الشعب السوري ، وبالرغم من الصورة السوداوية التي تبدو عليها خريطة هذا الصراع ، ستحدد سوريا وثورة شعبها مستقبل المنطقة وسترسم تاريخها …

فقدر الشعب السوري بثورته المظفرة أن يكون هو محرك التغيير التاريخي في عموم الشرق الأوسط الكبير ، فالمسؤولية التي القاها القدير على هذا الشعب كبيرة ، وتضحياته العظيمة لن تذهب من دون ثمن دنيوي ناهيك عن الجزاء الأخروي لكل شهدائها و مجاهديها الذين هبوا للدفاع عن الحق والقيم في مواجهة الجريمة والعدوان والظلم ، فالشعب السوري يساهم ليس فقط في تغيير المنطقة بل العالم الذي يبحر لاجئا اليه … فسوريا هي مركز العالم القديم ومفاعله القيمي والثقافي والحضاري. وإذا سقطت سوريا كدولة فذلك لكي تحيى بلاد الشام كاتحاد غني بثقافاته المتنوعة التي احتضنت الحضارات وكانت مهدا للديانات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.