انقذوا سنة العراق بإعلانه فيدرالية

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

يتعرض العرب السنة في العراق للهجوم  منذ اندلاع الثورة الاسلامية في إيران التي حاولت تصدير الثورة الشيعية له ، ثم الحرب على نظام صدام التي تبعتها ، ويتعرضون للاضطهاد والتمييز  والقمع والتضييق والاعتقال والتهجير منذ الاحتلال الأمريكي، ثم حكم المليشيات الشيعية الذي تبعه ، وخلال هذه العقود من الحرب والقمع تطورت ونمت الأيديولوجيات والمنظمات السنية المتطرفة التي تعتمد العنف كوسيلة من أجل الدفاع عن وجودهم التاريخي وحقوقهم ، وترعرعت الأيديولوجيات الجهادية بنموذجها الحديث ( القاعدة) ووجدت الأرض الخصبة لنموها … واليوم تستغل المليشيات الشيعية والحرس الثوري الإيراني الحرب الدولية على داعش للقيام بحملة ابادة وتطهير وتهجير منهجية ومنظمة تهدف للاستيلاء على مناطق تواجدهم وترحيلهم عنها …  فإذا قاتلوهم ، فهم يقاتلون مع الإرهاب ، وان استسلموا فهم يسلمون أنفسهم للإرهاب الشيعي ويفقدون وطنهم وديارهم وأبناءهم ، ولا يوجد أمامهم عمليا سوى هذين الخيارين ، مما يديم الحرب والتطرف ويزيد من مآسي العراق ككل .

وقد تبين بما لا يدعو مجالا للشك أن جيش العراق كذبة وأمنه كذبة أخرى وحكومة العراق كذبة أكبر فهي غير قادرة على ادارة مواردها ولا على حماية مواطنيها ، ولا هي قادرة على تأمين أبسط الخدمات كالكهرباء ورفع القمامة … و مع أن تكرار الكذبة قد يجعل البعض يصدقها لكنه أبدا لا يحولها لحقيقة، لذلك يجب التوقف عن العمل بها والبحث عن شيء حقيقي ينطلق من الواقع القائم، الذي هو تفكك دولة العراق وتحكم المليشيات والعصبيات والجريمة به ، فهو بشكله الحالي دولة فاشلة بمعايير الفشل جميعها .  لذلك وبما أن الحق والحقيقة هما أساس الحضارة والاستقرار فمن الواجب إذا التوصل لشكل سياسي يعبر عنهما ويحققهما.

وعليه وبعد عقود من هذا الصراع المرير في العراق من دون أفق ، فقد حان الوقت لإيجاد حل سياسي ، يتمثل في اعلان العراق دولة اتحادية فدرالية بين ثلاثة ولايات متمايزة تتمتع بالحكم الذاتي الكامل  بذات الطريقة التي منحت للإقليم الكردي ، فالمطلوب اليوم هو تعديل دستوري يمنح العرب السنة والعرب الشيعة كل على حدة حق تشكيل سلطة حكم ذاتي، على قدم المساواة أسوة بالأكراد ، ليتكون العراق الفيديرالي من ثلاث ولايات محددة الحدود هي ولاية كردستان العراق، و ولاية غرب العراق، و ولاية جنوب العراق ، واقامة حكومات محلية مختصة مكانيا، وحكومة فيدرالية تختص بالمصالح المشتركة لهذه الولايات.

وهذا أيضا يخدم الحرب على الارهاب ، لأنه لا يمكن التفكير بوضع حد للتطرف من دون أن يعطى السنة أمنهم في وطنهم وحقهم في تقرير مصيرهم ، عندها فقط سيصبح التطرف والارهاب عدوهم الداخلي وليس جيش الدفاع عن وجودهم ، وسيستطيع السنة المشاركة في الحرب على الارهاب دون أن يكون ذلك خيانة لمصالحهم وأخوتهم وخدمة للعدوان الفارسي…

كما لا يمكن تقليص دور المليشيات الشيعية من دون تناقضها مع مصالح الشيعة أنفسهم ، وهذا سيحدث تلقائيا عندما يشكلون دولتهم الخاصة بهم ، وعندها أيضا سيوضع حد لتوسع النفوذ الإيراني، بل ويصبح مزعجا للشيعة العرب أنفسهم، وستظهر التناقضات (المردومة بغبار الصراع الأهلي مع السنة) بينهم وبين الفرس… الذين يستغلون الصراع العربي – العربي بين السنة والشيعة لاضطهاد السنة وسلبهم ، ولاستغلال الشيعة والسيطرة عليهم ونهب ثرواتهم . ضمن مسعى النظام الإيراني لتصدير أزمته وتحقيق أيديولوجيته الدينية الخرافية ، كما سيتوضح التباين القومي والثقافي ، والديني بين مرجعيتين ، و ينقل الخلاف لداخل ايران ذاتها ( عربستان )، ويعزز عوامل التقارب من جديد بين الولايات العراقية التي تتشارك الأرض والموارد والتاريخ والهوية الثقافية.

فالحل المثالي والأسهل حاليا هو إجراء تعديل دستوري يحول دولة العراق لدولة اتحادية، وهذا كفيل بحل الكثير جدا من المشاكل التي ليس أقلها الارهاب ، والتمدد الفارسي الذي يدعي الدفاع عن المذهب الشيعي ، وحكم الميليشيات والعصابات …. فبدل ارسال الطائرات والجيوش لقتل أهل السنة والتمهيد لاجتياح الحرس الثوري لمناطقهم ، يجب ارسال الديبلوماسيين لإيجاد صيغة جديدة لهذا البلد وعقد وطني جديد يضع حدا للاضطهاد الذي يولد الحروب والعنف والارهاب  … وللبيان حرر .

270

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.