الصفوية النازية .. (إيران العظمى )

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

أربع أحداث جرت مؤخرا لها دلالات هامة على سير الأحداث . بدأت بنشر ديرشبيغل الألمانية دلائل على وجود مفاعل نووي سري بالقرب من القصير … وتبعها تصعيد شيعي في البحرين واليمن ، ثم خطاب حسن نصر الله التحذيري ، وتلته الغارة الاسرائيلية التي قتل فيها قياديين لحزب الله والحرس الثوري بالقرب من الجولان المحتل . وكلها على ما يبدو تقع في سياق المفاوضات مع إيران على ملفها النووي، تلك المفاوضات التي أصبحت الناظم لأحداث المنطقة ، التي تعيش على وقع عمليات تنفيذ المشروع النازي الصفي الفارسي الذي عمل عليه نظامها طيلة عمره أي ( مشروع ايران العظمى ) الذي يشكل البرنامج النووي ذروته ورمز ديمومته ، والذي سخرت له كل امكانات البلاد، التي وقعت في أزمات خانقة  لن يمكن حلها من دون انتصار هذا المشروع ، فأي خطوة إيرانية نحو الوراء ستنقلب قوة ضغط تودي بالنظام المأزوم الذي تعيّش على هذا المشروع وراهن عليه ، والذي يقاوم ضغوطا شعبية كبيرة تريد التغيير. وقد سبق لمثل هكذا مشاريع تعظيمية أن تسببت في حرب عالمية مدمرة في أوروبا . فهل تقودنا ايران النازية لحرب اقليمية كبرى في الشرق الأوسط ؟

المزيد في المقال التالي :

مؤشرات الأحداث الأخيرة  

  • لا يعتبر تسريب ديرشبيغل سبقا صحفيا ، فالمعلومات استخباراتية ذات تقنيات كبرى لا تملكها الصحافة ، وزمن التسريب متعلق بضغوط تمارس على الوفد الايراني المفاوض .
  • التصعيد الشيعي في البحرين هو رد على السياسة السعودية في تخفيض اسعار النفط والتي أنهكت الميزانية الإيرانية والروسية وحركت الركود في اقتصادات الغرب.
  • خطاب حسن نصر الله الأخير جاء للتحذير من ضرب مفاعل زمزم قرب القصير الذي نشرت الخبر عنه دير شبيغل … فهو يتوقع أن يهاجم الموقع بأي لحظة . للعلم هو بديل عن مفاعل الكبر الذي سلمه بشار للأمريكان عام 2007 عن طريق محمد سليمان، وبعد أن سمح لقوات خاصة بتفريغ محتوياته تبين أن النظام قد أخفى الهامة منها فقصفته اسرائيل.
  • التصعيد الإيراني في البحرين واليمن يعتبر أيضا وسيلة ضغط تفاوضية .
  • اصطياد اسرائيل لقيادات الحزب والحرس الثوري يعتبر ضربة لجهود حسن لفتح جبهة في سوريا مع اسرائيل يحركها عندما يريد الضغط على الغرب دون أن تعرضه لضغوط لبنانية أو شيعية من جمهوره . ويدل على قدرات استخباراتية اسرائيلية عالية جدا في الجنوب السوري .
  • صدى العملية على صعيد السوريين مهم حيث تغير صورة جيش الدفاع الإسرائيلي من جيش معادي ، لجيش على الأقل ليس حليفا للنظام والمشروع الفارسي الذي دمر العراق وسوريا ولبنان. خاصة وأن النظام رغم ادعائه للمقاومة يصر على ارسال اشارات تفيد أنه مدعوم ومحروس من قبل اسرائيل لأسباب تخص وضع طائفته المنهار .
  • الضربة الأخيرة في القنيطرة موفقة في المكان والتأثير وهي موجعة للحزب في زمن صعب يمر به .
  • نظريا حزب الله حاليا ليس بوارد فتح حرب واسعة مع اسرائيل مع أنه يستعد لها باستمرار وتصاعد ، إلا إذ فرضت عليه .
  • ومع ذلك حزب الله لا بد أن يرد هذه المرة لحسابات داخلية ومعنوية لبنانية وايرانية .
  • سيوظف هذا الرد كورقة قوة في التفاوض بين ايران وأمريكا . لذلك ايران ستشجع عليه ، وسوريا أيضا ستفعل لذات السبب .
  • لذلك لن يكون رد الحزب هذه المرة بالواسطة بل صريحا وباسم الحزب في رسالة موجة لأتباعه وللداخل الإيراني ، وليس لإسرائيل .
  • نوع رد حزب الله سيكون اعلاميا ومعنويا ، وليس من جبهة لبنان لحساسية الوضع هناك .
  • نوع الرد المفضل سيكون من النوع الذي يلجم ردة الفعل (عملية خطف مثلا ) فهي مفيدة جدا اعلاميا.
  • المكان المفضل للعملية الانتقامية مهما كان نوعها هو الأراضي السورية التي وقعت عليها عملية التصفية .
  • هناك عوامل لوجستية تتعلق بقدرات الحزب وبالخطط والاستعدادات التي حضرها مسبقا ، ستلعب هي الأخرى دورها في شكل الرد ومكانه وتوقيته.
  • لن تنتظر اسرائيل طويلا قبل أن تهاجم المنشآت التي تتعلق بأسلحة دمار أو بسلاح لحزب الله فهي من الخطوط الحمراء التي تضعها وتحرسها باستخدام القوة من دون تردد . ولا نستبعد عملية برية خاطفة على المفاعل تهدف للاطلاع على المستوى التقني . فأرض سوريا مستباحة و وقدرات اسرائيل كبيرة .

فرصة تقويض حزب الله

هناك  فرصة مناسبة لتقويض حزب الله وقص أظافر ايران ، وتحقيق استقرار طويل المدى مع سوريا ولبنان ،   في اسرائيل يدرسون هذا الخيار ويحضرون له مستفيدين من التغيرات التي أحدثتها الحرب الإيرانية مع الشعب السوري والعربي في الخليج واليمن ، وحزب الله أصبح عمليا عدوا مشتركا لإسرائيل وللشعبين اللبناني والسوري . وقيادة رعناء مزعجة للشيعة الذين ضاقوا ذرعا به . ولتحويل هذه الفرصة لاستراتيجية يجب مراعاة النقاط التالية من الأطراف المعنية بالقضاء على الجناح العسكري في الحزب :

  • توجيه الثوار السوريين بغض النظر عن راياتهم نحو جبهة القلمون التي يجب أن تتنشط وتهدد مباشرة قوات حزب الله وتحاول استعادة القصير وما حوله من مواقع عسكرية في جبال القلمون حيث معظم ترسانة الحزب ، والتي تعتبر وصلة جغرافية بين شيعة لبنان وعلويي الساحل في حال حدوث التقسيم .
  • تحييد الجيش اللبناني الذي يستخدم للدفاع عن الحزب فيصبح أي استهداف لمواقع الحزب استهدافا للبنان ، مع أنه لم يحترم قرار لبنان بعدم التدخل في الحرب في سوريا … فدور الجيش اللبناني الحالي غير مناسب وتقوية الجيش اللبناني في هذه الفترة غير صحيحة ولا تخدم لبنان وهذه رسالة للسعودية وفرنسا التي تدعم حزب الله بطريقة غير مباشرة .
  • توجيه الدعم لجبهة القلمون بغض النظر عن لون الرايات هي سياسة صحيحة كون المنطقة تقريبا خالية من السكان والموارد .
  • دعم سنة لبنان ورفع سقف مطالبهم هو عنصر ضروري ، خاصة في الشمال ، فالمصالحة مع حزب الله في هذا الوقت هي أكبر خدمة للمشروع الإيراني الذي سيعاود نقض اتفاقاته حالما ينتهي من الحرب في سوريا ، وسيعود لاضطهاد السنة والتضييق عليهم وتصفية قياداتهم واعتقال شبابهم .
  • ووجود رئيس رمزي في القصر لا يقدم ولا يؤخر عندما تكون السلطة والقوة بيد ميليشيا تأتمر بأمر طهران … فجهود تيار المستقبل الحالية التصالحية مع الحزب تجري في الزمان والمكان الخطأ .
  • بينما وضع لبنان على حافة التدهور سياسة اتبعها حزب الله مرارا وتكرارا وقد حان الوقت لاستعمالها ضده ، وهي فرصة لن تتعوض لتحقيق مكاسب ،
  • أي حرب يخوضها حزب الله مع اسرائيل ستنتهي بإجباره على وضع سلاحه بأمرة الشرعية ،
  • أيضا اسرائيل تستطيع التصعيد مع الحزب المنشغل والمأزوم والذي سيتجنب هذه الحرب ما استطاع لكي يتناغم مع مشروع ايران العظمى ويعمل بزمنه .
  • الفوضى والدمار الذي ستحدثه الحرب لن يسمح بعودة الاستقرار من دون حل جذري لمغامرات حزب الله ،
  • وجود عدد هائل من السوريين في لبنان عنصر مفيد في أي مواجهة بين السنة والحزب في لبنان ، وهو عنصر قوة غير دائم بيد تيار المستقبل ، بل يمكن استخدام مثل تلك المواجهات لتحقيق ذلك المطلب المرضي عنه دوليا وداخليا ( وضع سلاح حزب الله بيد الشرعية اللبنانية ) والمطلوب حتى من قبل تيارات شيعية كبيرة في لبنان وغيرها .
  • وضع حزب الله والحرس الثوري والباسيج بالنسبة للشيعة أصبح يشبه وضع داعش بالنسبة للسنة.
  • النظام السوري مشلول والإيراني منهك … والحزب شعبيا ضعيف … وهي عناصر هامة جدا قد لا تتكرر … في أي مواجهة قادمة مع الحزب . لذلك فالزمن الحالي هو زمن تصعيد وليس تهدئة .
  • من شأن تفعيل المواجهة مع الحزب أن تقوض المفاوضات مع ايران التي هي حتى الآن تخدم مصالح ايران وفقط ايران .

حسابات النظام الإيراني :

  • هدف ايران من التفاوض هو التفاوض بحد ذاته كسبا للوقت وتخفيفا للضغوط .
  • قضية السلاح النووي هي قضية حياة أو موت بالنسبة للنظام الإيراني ،
  • نظام إيران ككل نظام شمولي متكلس لا يستطيع تحمل أي تغيير لفقدان المرونة … وبالتالي أي فتح لبوابة التراجع أو الاصلاحات ستتدفق منها قوى التغيير وتحطم كامل النظام ، وهذا ما لن تسمح به العصابة الحاكمة المتشابكة المصالح والمرتبطة بأيديولوجيا فارسية عنصرية ممزوجة بعقدية جهادية دينية طائفية تشبه وتحاكي النازية بنكهة ايرانية شيعية صفوية ، ومسارها دوما نحو التشدد والغلو .
  • وصل النظام الإيراني مرحلة اللا عودة في مشروعه المكلف جدا ، وعودته عنه ستضعه أمام مواجهة قاسية مع ما تسبب به من مشكلات … لذلك لن يتراجع ليواجه مشكلات عنيفة في الداخل كفيلة بتفكيك ايران ، والمفاوضات النووية ستفشل إذا كانت فعلا تغلق الطريق على مشروعه النووي .ولن يقبل بها الا إذا تركت له ثغرات يستطيع استغلالها . وهذا متوقع من ادارة أوباما . لذلك يعتبر العمل على افشال المفاوضات هو الضمانة الوحيدة .
  • استمرار الضغوط عملية مجدية والنظام الايراني لا يستطيع تحملها طويلا.
  • مفهوم ضمنا أن المفاوضات هي بمثابة الفرصة الأخيرة قبل الانتقال للحل العسكري لتقويض قدراتها النووية الذي تستعد له ايران جيدا ، وتلعب على الوقت بطريقة ناجحة متناغمة مع البرود والضعف الغربي.
  • ايران المدعومة من روسيا تفكر في استغلال هذه الحرب لإكمال الخطوة الأخيرة من مشروعها النازي ( ايران العظمى ) بحرب اقليمية أصبحت هي الاحتمال الوحيد الذي تتجه نحوه الأمور ، وتجري التحضيرات لجبهاته في العراق وسوريا والخليج واليمن . وهي إن امتلكت السلاح النووي ستأمن الضربات الغربية ، وستتابع قضمها للمنطقة ، وإن تعرضت للضربة قبل امتلاكه سترد عليها بحرب شاملة تهدف لذات الهدف .
  • لا تتوقع ايران تدخلا فاعلا في الحرب الإقليمية من الغرب الضعيف المتراجع ، خاصة إذا كان لنصرة السنة الذين يغرقون أكثر وأكثر في التطرف والارهاب ، الذي تعمل هي على تقويته بطرق مختلفة منها الاستفزاز الطائفي والمساعدة غير مباشرة ، ولم يثبت حتى الآن أن داعش ليست جزءا من مشروعها النازي التطرفي  في المنطقة ، وأن القاعدة ليست ضمن مشروعها .
  • التباعد الخليجي التركي عنصر مشجع جدا لتمادي إيران، وتسعى روسيا لكسب حياد تركيا في أي حرب إقليمية . بينما يفترض على العرب التحالف مع تركيا العظمى ، ذات الطموحات العثمانية لكي تقف في وجه مشروع ايران العظمى . ووجه المشاريع المدعومة من الغرب لتفتيت تركيا التي تتزامن معه .
  • روسيا ستشاغل أوروبا وتضعها تحت ضغوط عسكرية هروبا من أزماتها الداخلية بذات الطريقة الايرانية … وستتبادل الافادة المشتركة مع ايران في هذه الحرب ، فهم حلفاء في المصالح ، وفي الدور ، والطبيعة التكوينية لكلا النظامين .
  • أمريكا ليست في وارد خوض مواجهة مع إيران لصالح العرب … إذا أعطتها ايران ضمانات تحفظ مصالحها النفطية ، بل إن ايران تتوقع علاقات طيبة مع أمريكا بعد بناء دولتها العظمى ، وجناح أوباما يقبل ضمنا بامتلاك ايران للسلاح النووي ولا يعتبر ايران العظمى سوى حليف طبيعي لأمريكا في مواجه الاسلام ، و لإحكام السيطرة على النفط . وهناك لوبي ايراني ذو نفوذ في الولايات المتحدة مدعوم من قبل بعض اليهود الفرس يسعى في هذا الاتجاه ، ويبدو أن أوباما يأخذ سياسته في المنطقة عنه ، ولا يصغي لغيره .

ملاحظة أخيرة

سبق وقادت نازيات وأحلام عظمة عنصرية أخرى أوروبا لحرب عالمية ، وجنون النظام الايراني  وخرافاته الطائفية هي من تدفع بالمنطقة نحو الحرب والدمار .. فالكثير لديه أحلام بالعظمة لكن تبقى وسيلة تحقيقها بالعمل والتراكم والتعاون ، أم بالحرب والابادة والجريمة ضد الإنسانية …  من الممكن دوما تحقيق طموحات الشعوب ( ايران العظمى ، وتركيا العظمى ، وكردستان العظمى ، والأمة العربية العظمى ، والخلافة الإسلامية …. واسرائيل الكبرى ) لكن من دون عنصرية ولا حروب ولا ارهاب ، لو اتبع مسار تعاوني اقليمي عابر للطوائف والقوميات ، يبنى على القيم الانسانية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة . فقدرنا هو العيش المشترك الذي حفظ وجود كل منا عبر التاريخ حيث لم يتمكن أحد من الغاء أحد لا بالحروب ولا بغيرها .

( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا . إن أكرمكم عند الله أتقاكم )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.