للمجتمعين في القاهرة و موسكو

د . كمال اللبواني 

أصدر المجتمعون في القاهرة بيانا كان يفترض به كأي بيان أن يجيب على الأسئلة التالية التي يسألها كل سوري :

هل يوجد في سوريا شعب له حق أن يعبر عن نفسه ويختار ممثليه هو بنفسه أم يجب أن تختار أجهزة مخابرات الدول من يمثله ؟

هل يوجد في سوريا نظام قمعي حكم سوريا بالحديد والنار طيلة عقود ثم عمل على تدميرها بشكل منهجي وشامل منذ أربع سنوات وما يزال ؟.

هل يوجد في سوريا ثوار حملوا راية الثورة ثم السلاح في وجه جريمة النظام ، وهل يوجد حل من دون مشاركتهم وموافقتهم ؟

هل يوجد في سوريا احتلال ايراني بكل ما لكلمة احتلال من معنى ؟

ألا توجد حتى الآن عشرات البيانات والوثائق والتوافقات والبرامج التي اتفقت عليها المعارضة منذ عام 1978 وصولا لوثائق القاهرة وكلها شبه متطابقة ، وما الداعي لاجتماع جديد إلا للقفز فوقها ؟.

هل يحق لثلاثين شخصا دعوا بصفتهم الشخصية من جهة لم تعلن عن نفسها أن يمثلوا الشعب السوري ويقرروا مصير ثورته؟.

ما هي أحزابكم وما هي برامجكم ، وما حجمها ، وأين تقع في الخريطة السياسية العسكرية لكي تساهموا في الحل .. أعدد لكم عبد القادر سنكري ، رندة قسيس ، سهير سرميني ، مجد نيازي ، حسن عبد العظيم ، هيثم مناع ، جمال سليمان ، سمير عيطة ، وليد البني ، فايز سارة ، عارف دليلة ، خالد محاميد ، أيمن أصفري ، سمير سعيفان ، أحمد الجربا …. هل يوجد شخص واحد في سوريا يقول عن أي واحد منكم يمثلني ؟.

هل توجد جرائم ارتكبت في سوريا على يد النظام وأجهزته ، يجب أن يعاقب عليها القانون المحلي والدولي ؟.

هل تتوقعون استقرار مجتمع من دون عدالة وفي ظل حكم المجرمين ؟

هل النظام بوارد التراجع عن خياره العسكري لمجرد حضوركم ومحاورته؟ .

هل تتوقعون أن روسيا تتحكم بالأسد ، وإذا كانت كذلك ألا يعني أنها مسؤولة عن جريمة عمرها أربع سنوات . وكيف تكون الخصم والحكم …؟

هل تستطيعون أن تعدونا أنكم ستظلون متفقين عندما سيختار النظام ثلاثة منكم للحكومة ويطرد الباقين ؟

هل المطلوب هو عودة قدري جميل نائبا لرئيس مجلس الوزراء ، وتضاف وزارة تافهة لحسن أو مرعي ، وهذا أقصى ما يقبل به النظام ؟.

هل المطلوب تسليم السلاح للجيش العربي السوري الذي يستخدمه ضد شعبه قبل تفكيك هذا الجيش كمؤسسة واعدام ضباطه . بتهمة الخيانة العظمى وقتل نصف مليون مواطن . ولماذا لا تطالبون بتسليحه واعادة الكيماوي له ؟

هل المطلوب التسامح مع أجهزة الأمن التي اعتقلت واعدمت مئات الآلاف من الشباب والنساء بالطريقة التي وصفها قيصر … أم المطلوب اعدام ضباطها وسجن عناصرها مدى الحياة مع الأشغال الشاقة .. ؟

هل سيقبل سوري واحد دفع ما دفع بأي حل من دون عدالة ، أم أن غياب العدالة سيحافظ على العنف والجريمة والتطرف والإرهاب لجيلين كاملين على الأقل ؟

هل تقبلون حقيقة أنكم ليس لديكم مشكلة مع النظام بل لديكم كل المشكلة مع الشعب ؟

لماذا لم تجتمعوا في دمشق ؟

لماذا لم تتعرضوا لأي انتقاد او شتائم من قبل الشبيحة كالمعتاد ؟

في هذه الحال ماذا تتوقعون الجواب بعد أن قفزتم فوق كل هذه الحقائق ؟

منذ بداية الثورة وهناك من يريد سرقة قرارها لبيعه ، ومنذ بداية الثورة المطالبة بإسقاط النظام يسعى الكثير من الدول والناشطين لتخفيض سقفها ، وذلك بالتزامن مع السماح للأسد بكسر عنقها ، وابادة الشعب وتهجيره ، وبالتزامن مع الحرب الهمجية للنظام ، تجري حرب لئيمة يخوضها السياسيون المرتزقة ضد هذا الشعب ، والتي لا تقل بشاعة وهولا عن جرائم النظام ذاته …

وباستعراض أسماء الحاضرين لاجتماع موسكو نجد أنها لا تحتوي معارض واحد … فمنهم
فنانين كانوا مقربين جدا من رأس النظام وخلافهم معه شخصي ، رجال أعمال هم غسالة لأموال حيتان النظام ، عملاء ك جي بي ، عملوا ضباطا في جيش النظام ، زعماء عشائر لا يغيبون عن شاشة الدنيا ، معارضين شبيحة في خدمة أجهزة الأمن ، وجزء لا يتجزأ منها ، ممثلي ميليشيا تعمل بأمرة المخابرات العسكرية وتقاتل إلى جانب قوات النظام ، وهكذا لم تكن بينهم وبين النظام إلا كل ود وشراكة ، وبقدرة قادر صاروا ممثلي المعارضة السورية …

قد لا يستطيع الشعب المقهور أن يوقف هذا التيار الانتهازي وهذا الطابور الخامس المدعوم دوليا … لكنه سيختزن في ضميره كل أنواع الحقد والكراهية ، وسيزداد اصرارا على الثأر لأن الأمل في العدالة قد تبخر ، قد يفرح هؤلاء بكلمات الثناء من قاتلي الشعب ، ومن الديبلوماسيين الذين ما كانوا يوما يخافون أكثر من حرية هذا الشعب … لكنهم يجب أن يدركوا أنهم أعلنوا الحرب على أقدس مقدساتنا ، وهي دماء شهدائنا وعذابات جرحانا ومعتقلينا ولوعة أمهاتنا ، ومعاناة مشردينا، و أنهم قد أصبحوا هدفا للانتقام قبل النظام ، لأن النفاق أشد من الكفر ( أن يقفوا في صف النظام كفر وحرابة ، وأن يدّعوا المعارضة ويسرقوا قرارها لخدمة النظام فهو كفر وحرابة وخيانة وغدر وخسة وإخفاء معالم جريمة ومكافأة المجرمين ) …

ماذا دهى الإتلاف الذي ابتلع القط لسانه ، والمجلس الوطني الذي عودنا على المزاودات ، والأحزاب والمكونات وشباب الفضائيات … كلهم يخشون أن يخرجوا خارج دائرة القرار الدولي…… غير عجيب هل يتكلمون بالمال القطري ، ثم يسكتون بغيابه … أرونا بيانا مقالا تصريحا … ألهذه الدرجة يحبون المناصب ويخشون على ضياعها ، وينتظرون مستعدين لركوب الموجة لو ارتفعت وسارت … ؟

نقول باسم كل من عانى من هذا النظام ومن يشعر بمرارة الخيانة والغدر والخسة التي أبدتها المعارضة . نقول لكل انتهازي ومنتفع ومتسلق ومدعي، ولكل من سمته أجهزة المخابرات السورية أو العربية أو الدولية معارضا وممثلا عن الشعب السوري… ولكل من ذهب للقاهرة وشارك في هذا العهر وحمله لموسكو نقول : خسئتم ، قاتلكم الله . فو الله أنتم أشد علينا منه وأكثر لؤما وقباحة ، بيننا وبينكم الحرب كما هي بيننا وبين النظام ، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا …

ونقول للدول التي عملت على هذه الطبخة القذرة والتي سرقت تمثيل الشعب السوري وأعطته لعملائها الانتهازيين الصغار : خاب ظنكم لقد أغلقتم بفعلتكم هذه كل باب للحل السياسي ، وقدمتم أفضل هدية للتطرف إنه الشعب السوري الذي صمم على كسب هذه الحرب والله وليه وناصره عليكم وعلى تآمركم ، وإن غدا لناظره قريب .

{ فستبصر ويبصرون ، بأييكم المفتون ، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين }

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.