يثب

اتفاق استراتيجي بين سوريا وتركيا والأردن

 د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

من الواضح أن مسار الحرب والتقسيم في الشرق الأوسط هو مسار ذو عوامل متشاركة بعكس مسار الاستقرار والسلام الذي يتطلب مشروعا اتحاديا يتجاوز الانقسامات الكثيرة التي لن يخدم التركيز عليها سوى استمرار حالة الصراع .. ولنا في الاتحاد الأوروبي نموذجا لكيفية بناء المكونات الاتحادية مع الاحتفاظ بالتنوع .. مما يجعل العمل على مشروع مشابه في الشرق الأوسط هو المخرج المنطقي الوحيد لإخراجه من دوامة العنف والصراعات والتخلف …

واضح في هذا السياق أن سياسة تركيا هي خروجها من عصبيتها القومية ، واستعادة علاقاتها وروابطها التاريخية في المنطقة ، تماشيا مع عصر العولمة التي تزيل الحدود الاقتصادية والاجتماعية السياسية تدريجيا بين الدول ، وأنها تستعمل الوسائل السياسية والاقتصادية الحضارية في سبيل ذلك …

وواضح أيضا أن سياسة النظام الايراني تقوم على فرض نفوذه واحتلاله في المنطقة من خلال سياسة عسكرية تقوم على زعزعة الاستقرار وإثارة النزاعات والحروب والتهجير السكاني …

وواضح أيضا أن الدول العربية في المشرق العربي هي ضحية هذا المشروع الايراني الخبيث الذي قوض وسيطر على أربع دول عربية حتى الآن ويهدد الباقي …

ومن الواضح أيضا أن مشاكل سوريا قد انعكست تهديدا وجوديا على الأردن ولبنان ، وأن الأردن بحاجة لسياسة هجومية تستبق انتقال المعركة لأرضه التي يخطط لها المحور الإيراني المنسجم مع محور الارهاب . وأن العالم أجمع قد أصبح متضررا من استمرار الوضع الراهن .

أما في سوريا التي تحتضر فيها الدولة والهوية والشعب ، فهي بحاجة لرافعة قوية لكي تستعيد عافيتها ، في مواجهة المشروع التدميري التقسيمي الإيراني الذي لن يجلب لها الحضارة ولا الأمن والاستقرار … وبالنظر لتهافت الموقف العربي وتشتته ، لذلك كان التحالف العربي أو السوري مع تركيا هو بوابة حقيقية لإنهاء الصراع وفرض مسار حضاري بناء جديد من أجل هزيمة من يستثمرون في زعزعة الاستقرار … أقصد النظام الإيراني وتبعاته من قوى الانفصال والتقسيم …

منافع مثل هذا التحالف :

  • عكس مسار الأحداث المأساوية الراهن المتجه نحو التوسع وتهديد كل الجوار .
  • تأمين غطاء سياسي سوري لتدخل تركي و أردني عربي أوسع وأعمق في الشأن السوري عسكريا ، دون أن يكون على حساب وحدة واستقلال سوريا في المستقبل ، أو على حساب مطالب الشعب السوري . حيث يكثر الحديث عن تدخل بري يتم التحضير له . مترافق مع حرب اقليمية في حال فشلت المفاوضات مع ايران بوضع حد لسلوكها في سوريا ولبنان واليمن والبحرين .
  • تقويض محاولات التقسيم واقتطاع الأراضي وإقامة الدويلات والإمارات في سوريا التي تصبح سلامة أراضيها ووحدتها واجبا على التحالف .
  • فتح بوابة تعاون عسكري بين حلف الناتو وأوروبا وبين المشرق العربي ، وفتح بوابة برية اقتصادية اجتماعية بينهما .
  • المساعدة في استقرار دول الخليج العربي وحماية أمنها .
  • تشكيل نواة ونموذج لتحالف اقليمي بين دول المنطقة التي تحترم الاستقرار والسلام وتطبق المعايير الديمقراطية خاصة لبنان والعراق ( وبما فيها ايران لكن بعد تغيير نظامها الشيطاني ).
  • فتح بوابة للدول العربية الضعيفة للدخول في حلف كبير يؤمن لها استقرارها ونموها .
  • دعم البنى الاقتصادية المشتركة وتسريع عملية اعادة بناء سوريا بعد انتهاء الحرب .
  • تهيئة وضع قانوني واقتصادي أفضل للسوريين الفارين لتركيا والأردن والخارج عموما . مع فتح امكانية استبدال وثائقهم بوثائق تركية أو أردنية مؤقتة بموجب اتفاق بين الطرفين .

العقبات التي ستواجه المشروع :

  • معاندة النظام السوري المتحالف مع ايران … وهذا سيؤدي لجعل مطلب اسقاط النظام ضرورة من أجل استكمال نجاحه .
  • ممانعة امارات التطرف والارهاب التي وجدت في سوريا تربة مناسبة . والتي تشكل تحالف دولي للقضاء عليها .
  • معاندة الأقليات الانفصالية المرتبطة بالمشروع الإيراني والتقسيمي .
  • معاندة قسم من الكرد الذي يريدون تحقيق مشروعهم القومي من خلال الانفصال التام ، وتوقع مساندة الكرد الذين يرون امكانية تحقيقه من خلال مسار اتحادي لا مركزي في المنطقة كلها .
  • تغير في ميزان القوة الذي تفرضه اسرائيل الصغيرة مع جيرانها ، وبالتالي اسراعها لتوقيع سلام نهائي في حال فشلت في الحفاظ على الواقع التشرذمي في محيطها وقررت الانخراط في مسار السلام جديا بعد أن اكتشفت خطورة هذه السياسة عليها أيضا ، وهو ما سيساهم ايجابيا في حل القضية الفلسطينية بإقامة الدولتين حيث يتوقع أن تكون دولة فلسطين جزءا من هذا التحالف .
  • تضرر قوى الفساد والاستبداد العربي التي أقامت مصالحها ضمن أطر قطرية عصبوية ضيقة .
  • معاندة الأقليات في تركيا التي تشعر أن دورها في الهوية قد تقلص لصالح الهوية الاسلامية
  • معاندة النظام الإيراني الذي يهرب من مشاكله الداخلية ومطالب شعبه بافتعال الصراعات في الخارج ، مع اعطاء أمل جديد للشعب الإيراني بالخلاص والعودة للمشاركة الإيجابية في بناء الاستقرار والسلام مع جيرانه العرب.
  • معاندة بقايا الفكر الاستعماري الغربي الذي يريد الهيمنة السياسية على دول هشة في المنطقة ، في مقابل مساندة قوى العولمة التي تفضل التعامل مع شريك قوي ومتقدم ومستقر في المنطقة .
  • محاولة جماعة الاخوان المسلمين تجيير المشروع لصالح أخونة الدولة السورية مستفيدة من الدعم التركي ، وهو ما سيثير حساسية بقية المكونات السياسية والاجتماعية ويقوض مسار الديمقراطية ويحول التحالف مع تركيا لاحتلال وهيمنة بشكل جديد . لذلك استبعاد الإخوان من الواجهة السياسية والتزام معايير الديمقراطية وبقاء تركيا على مسافة واحدة من كل المكونات المدنية والأهلية هو شرط تأمين غطاء شعبي لهذا المشروع .

من سيرعى المشروع :

كل من : مجموعة أصدقاء سوريا ، جامعة الدول العربية ، التحالف الدولي ضد الارهاب ، دول مجلس التعاون الخليجي ، مجموعة الدول الاسلامية ، الحكومتان التركية والأردنية ، الائتلاف الوطني لقوى الثورة ، الحكومة السورية المؤقتة ، مكونات مجتمعية وسياسية ، وشخصيات اعتبارية سورية .

تقوم لجنة سورية بالتشاور والتفاوض على مسودة المشروع ، وتحشد التأييد الشعبي عليه

تتخذ الحكومة التركية والأردنية قرارا أوليا بالموافقة على مسودة الورقة بالأحرف الأولى .

تقوم مؤسسات المعارضة ومكوناتها السياسية والأهلية والمدنية ، وشخصيات اعتبارية بالتوقيع على مسودة الاتفاق بالأحرف الأولى..

يتم استكمال التصديق والتوقيع بين الدولتين بالتزامن مع استكمال بناء الدولة السورية من حيث مؤسسات التمثيل والتشريع والتنفيذ الشرعية المنتخبة .

المبادئ الأساسية للاتفاق المقترح :

  • تتفق الدول على دعم النظام المدني الديمقراطي اللامركزي في سوريا ، وعلى احترام استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها .
  • تتعهد باحترام الحقوق المدنية والثقافية والخصوصية الدينية لكل مكونات المنطقة.
  • تتعهد باحترام كافة المواثيق الدولية و مواثيق حقوق الانسان بما فيها محاربة الارهاب .
  • تسعى للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط ، وتسعى لبناء تعاون اقليمي بين دوله .
  • تحتفظ بعلاقات مميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومع العالم الاسلامي ومع الاتحاد الأوروبي .
  • تتعهد بالدفاع المشترك عن أمن ووحدة وسلامة مواطنيها وأراضيها جميعا .
  • تلتزم باستمرار العلاقة المميزة مع حلف الناتو العسكري .
  • يتم التنسيق الأمني والقضائي بين سلطات البلدان .
  • تتعهد بمحاربة التطرف الديني والطائفي والعنصري والجريمة والارهاب وملاحقة المتهمين وسوقهم للعدالة .
  • تسمح لمواطنيها بالتنقل والإقامة والتملك والعمل فيها جميعا .
  • يصدر البنك المركزي السوري للحكومة المؤقتة عملة سورية جديدة يتم تثبيت سعر صرفها على الليرة التركية وبضمانة المصارف المركزية.
  • يعتمد نظام ضريبي منسجم ومتكامل .
  • تعتمد الشهادات والوثائق الصادرة في كل البلدان .
  • يتم تشكيل مجلس أعلى مشترك بين البلدان لمتابعة تنفيذ وتطوير صيغ التعاون .
  • يمكن توقيع اتفاقين منفصلين بين سوريا وتركيا ، وبين سوريا والأردن ، ويمكن ايجاد صيغة مشتركة توفيقية بين الدول الثلاثة .
  • لا يعتبر هذا الاتحاد ناديا مغلقا، بل يرحب بانضمام دول المنطقة بالصيغ التي ترعى المصالح المشتركة خاصة لبنان والعراق .

الخطوات التنفيذية المقترحة :

  • الدعوة لتشكيل لجنة عمل من أجل صياغة المبادئ الأساسية للمقترح بعد طرحه للنقاش العام .
  • تقوم بالتواصل مع الجهات المعنية في البلدين الشقيقين .
  • تقوم بشرح المشروع للإعلام والرأي العام ، وللدول الصديقة المعنية و الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة .
  • بالتشاور مع رئاسة الائتلاف والحكومة تختار لجنة تفاوض مع الطرف التركي و الطرف الأردني بهدف التوصل لمسودة اتفاق أولي مع كل منهما . بالتشاور مع أكبر قدر ممكن من مكونات الشعب السوري ومؤسساته .
  • يتم حشد أكبر قدر من التواقيع على مشروع الاتفاق . ثم توضع أليات التنفيذ بيد الجهات المعنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.