يثب

الجوازات ومعاذ وعيون حفيفظ

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

منذ عامين أي في ربيع عام 2013 أطلق الشيخ معاذ الخطيب مبادرته الشهيرة على صفحات الفيس ، والتي عرض فيها الحوار المباشر مع النظام بشرط تجديد جوازات السفر ، واطلاق سراح 250 الف معتقل ثم اختصرها باعلان أسمائهم فقط ، واطلاق النساء والأطفال …

اليوم بعد عامين نفذ النظام هذه الشروط فهو قد أطلق سراح المعتقلين على طريقته … وصور الجثث التي خرج بها سيزر تؤكد أرقامهم والفروع التي اعتقلوا فيها … وأخرج معهم من سجلات الحياة نصف مليون سوري آخر … ومن سجلات المواطنة والسكن عشرة ملايين سوري … ولكنه تأخر كثيرا قبل النظر بعيون ولده حفيفظ وقبل أن يقرر تلبية آهم الشروط تمهيدا للحوار المنتظر الذي يحضر له ديمستورا والمخابرات السيسية والروسية والتي يتعاون معها فريق من المعارضة صار يسمى بالمعارضة الوطنية ، للتمييز عن المعارضة السياحية الفاشلة الفاسدة التي تتجسد في الائتلاف الذي كان يرأسه معاذ يوم أطلق المبادرة .

طبعا الحوار القادم لن يتطرق حسب وثيقة القاهرة وموسكو لمصير الأسد ( لأن المطلوب بقاءه إلى الأبد ) بشكله أو بمضمونه بشخصه أو بأخيه أو ولده أو تابعه أو من يرضى عنه لا فرق ، لكن يتطرق أساسا للقضاء على الثورة وأهدافها وحصر مطالبها بالقضايا المتعلقة بالطعام والشراب وفك الحصار والعودة لحظيرة الوطن وحضن النظام الذي يحارب الارهاب …

طبعا معاذ والمناع وغيرهم هم من رواد هذا المشروع الحواري الذي سيبحث مع القاتل عن حل سياسي يرضى عنه … والكثير جدا من الدول التي ضاقت ذرعا بعناد الشعب السوري واصراره على اسقاط النظام ، بالرغم مما حصل له وبه … هم ينتظرون بفارغ الصبر لحظة طلب الشفقة والرحمة واعلان الاستسلام … والأسد يريد أن يكون محاوريه القادمين على بقائه … من هذه الأشكال التي تتبنى منطقا يقول أن الأسد يقتل ، ونحن لا نستطيع اسقاطه، لأن الدول لا تدعمنا ، لذلك فنحن الذين نطيل أمد القتل ، لأننا لا نحاوره ونحل المشكلة معه … ( طبعا يتناسون أن المشكلة هي أنه يريد أن يحكم بالقتل والحديد والنار ومستعد لابادة سوريا كلها ، وأن الحل الوحيد الذي يقبل به هو الرضوخ لمشيئته وشبيحته ، وأن العلاج الوحيد مع هكذا مرض هو الكي بالنار )

الدول التي تآمرت على الثورة السورية والربيع العربي بكذا طريقة ووسيلة ، وأرادت أن تجعل من مصيبة الشعب السوري درسا لبقية شعوب المنطقة ، وأن تجعل الثورة السورية عبرة لمن يعتبر حفاظا على عروش وكلائها … هي من تروج اليوم للحل السياسي الذي لا يتطرق للمقدس الذي لا يقبل التدنيس وهو مصير النظام ، وتروج في هذا السياق للفريق المعتدل المفاوض وتلمعه بكل أنواع البرنيش والبوليش ، وهي من تطلب من بشار تقديم بعض التنازلات التجميلية … وتلبية بعض الشروط التي أهما وأولها عند معاذ هو الجوازات … وها هو أخيرا قد حصل على شرطه ، فهل ستشرق الشمس من دمشق ؟

الموضوع ابسط من ذلك بكثير : عندما علم النظام أن الائتلاف ممثلا بالجماعة المهيمنة عليه قد بدأ فعلا في اصدار جوازات برعاية فرنسية قطرية تركية ، وتقبل دولي بعد تضررهم الأمني من كل هذه الفوضى التي تعمدوا احداثها… قرر هذا النظام أن يسحب البساط ويقول أنا أقبل باعطاء جوازات للجميع وهذا ما حصل طمعا بالمال واحتفاظا بالشرعية . خاصة وأنه غير شرعي ولا يفوقه في عدم الشرعية سوى الائتلاف المعارض الذي ينافسه في عدم الشرعية و في اصدار الجوازات أيضا ، بعد أن نافسه وتفوق عليه بالفساد والفشل والتدليس والاختلاس والخيانة للأمانة … بينما انسحب من منافسته في الإجرام وتخلى عن هذه المهمة لداعش ، وأصبح من حمائم السلام والحل السياسي وتخلى عن مهماته العسكرية في الدفاع عن الشعب .

ماذا لو فعلها أصدقاء سوريا منذ زمن ، وقبلوا حل مشكلة الجوازات ؟؟ … لقد رفضوا منذ أيام المجلس الوطني… ولو أرادوا لحلوها بسهولة يومها … وقدمنا لهم الكثير من الوسائل والطرق … ولكن عبثا حاولنا … وماذا سعوا لحل القضية السورية منذ البداية … لكنهم لم يريدوا … ولو أرادوا لأوقف الأسد قتله للمتظاهرين ولامتنع عن استخدام الجيش … لكنهم فضلوا اعطاء الإشارات الخضراء له ولإيران عبر الروسي وغيره … والهدف الغير معلن هو استنزاف الأعداء ببعضهم .. أي الشعب السوري الذي توزع بين مشرد ونازح وجريح ومعتقل وقتيل … أنعم بها من صداقة …

أخيرا ، وبعد حصولنا على الحق بحمل جواز السفر السوري نريد تقديم الشكر لأصدقاء سوريا ، والشكر موصول للسياسيين الوطنيين المعارضين ، وأيضا لعيون حفيفظ الديكتاتور المنتظر ، الوريث الشرعي الوحيد لسلطة الفساد والإجرام في سوريا … ونهنئ كل المنتظرين على أبواب السفارات بحصولهم على وثيقة التشرد في كل بقاع الأرض … ونهنئ لمعاذ حصوله على مبرر المشاركة الفاعلة في جنيف 3 بدعوة من ديمستورا وبمشاركة الجوقة المعروفة … فالمهم أن لا تنتصر الثورة ولا يسقط النظام ، بل يسقط الشعب .

يتبع في المقال القادم : كيف تآمرت الدول لاسقاط الثورة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.