د. كمال اللبواني
لا يمر علينا مبعوث أممي ولا يُمارَس جهد دولي (يغطي نفسه بالمساعي الإنسانية ) … إلا ويشارك عن عمد وجهل في جريمة تغيير ديموغرافي ، وهكذا يتحول العمل الإنساني لجريمة ضد الإنسانية ، وتحقق ايران غايتها في السيطرة على وسط سوريا .
ليس آخرها المسعى القطري للوساطة بين أحرار الشام وإيران الذي تتوج بهندسة عملية تغيير ديموغرافي واسعة تشمل تبادل غير مسبوق بين سكان الفوعة وكفريا وبين سكان منطقة الزبداني عامة بما فيها الوادي ، فقد نجحت ايران وحزب الله بعد سياسة الحصار والتجويع والقصف المنهجية لمدة سنوات في الوصول لغايتها وهي استبدال سكان الزبداني بسكان شيعة فقدوا منازلهم ليسكنوا منازل غيرهم ، وهكذا سيتحول سكان الزبداني لمشردين في قرى ادلب ( أمارة أحرار الشام ) وتصبح الزبداني حسينية لطم على ضفاف بحيرة بردى برعاية حزب الله ، ينضم إليها فيما بعد ألوف الحجاج القادمين للتبارك .
قبل ذلك نجح حزب الله بتهجير منطقة القصير كاملة واستقدم فلاحين شيعة من لبنان ليلطموا فيها ويزعوا الحشيش ويطوروا أسلحة الدمار في مغاراتها بعيدا عن أعين السلطات اللبنانية … وكذلك نجح في افراغ أحياء كاملة من حمص ، تمهيدا لتحويلها لمدينة أفغانية ، وفي تهجير نصف حلب تمهيدا لاستعادة هويتها القرمطية ، والآن يتقدم في دمشق وحولها بعد داريا والمعضمية ، والوادي ، لياتي الدور علي مضايا والزبداني واليرموك ، ومن ثم برزة والقابون وحرستا . وكل ذلك برعاية انسانية دولية ومساعي شقيقة عربية وتغطية ثورية من الفصيل الأكثر تنظيما وقوة في الثورة السورية …
بعد كل هذا ألم يدرك أخوتنا الثوار أن هدف أجهزة المخابرات الدولية من وراء تجميع المقاتلين الاسلاميين في ادلب هو ضربهم ببعضهم هناك في حرب تنافس بين زعماء نجحوا في زرعهم ولعبوا على طموحاتهم الشخصية ، يكون فيها القاتل والمقتول في النار ، وأنهم لن يسمحوا بقيام إمارة في ادلب حتى لو استخدموا أسلحة الدمار الشامل ، وأن عدم انخراط الثوار الإسلاميين في المشروع الوطني سيكون كارثة عليهم قبل غيرهم …
فعلا قد اختلطت المفاهيم ، ولم نعد ندري من هو الخائن ومن هو الوطني ، من هو النظام ومن هو الثوري ، من هو العدو ومن هو الشقيق ، من هو المجرم ومن هو الإنساني … لقد تغلبت المصالح الجزئية والخاصة على أي مبدأ أو قيمة أو شعار جامع ، وتحولت الحرب من ثورة وطنية إلى مجرد تنازع يسطوا فيه القوي على حق الضعيف … ويبيع فيه القادر حق المغلوب على أمره …
لقد اعتدنا على خذلان الأشقاء وتفاهة المعارضة وخياناتها ، وتآمر المجتمع الدولي ، لكن أخطر هذه الطعنات جاءتنا من أشد الفصائل الجهادية ، وأفضل الأشقاء العرب ، وبرعاية دولية ، والمدهش المثير أنها توصف بجهد انساني ، مع أنها جريمة ضد الانسانية قبل أن تكون جريمة وطنية وقومية ودينية .