يثب

قلعة دمشق

د. كمال اللبواني 

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

قلعة دمشق التي تقع عند الباب الغربي  لسورها التاريخي ( باب النصر ) الذي صار بوابة لسوق الحميدية المعروف الذي ينتهي بالمسجد الأموي ، وينفتح على شارع النصر الذي فتحه جمال باشا كميدان يصل بين الباب ومحطة الحجاز وينتهي بالجامع الأموي … عبر سوق تجاري مسقوف وسمي باسمه حتى خروج العثمانيين … قلعة دمشق المطلة على ساحة المرجة … التي يمر منها نهر بردى و تنصب فيها أعمدة المشانق عادة ( شنق بها طلاب الحرية ) … هذه القلعة التي بقيت صامدة وحدها في وجه تيمور لنك ورفضت أن تسلم له وبقيت رمز العزة .. حولها الاستعمار الفرنسي (كما طغاة دمشق) لرمز للذل وسجن وبقيت كذلك حتى تقدمت مسيرة التصحيح الأسدي فوجدتها صغيرة على الشعب ولا تتسع لضحاياها ، فنقلت هذا السجن لصحراء عدرا الفسيحة … فحمل سجناؤها معهم تسميات تلك القلعة التقليدية من قبيل (يطأ ومعزبة وميدان وبخشة وسيلول وتأمين وسخرة وقروانة وابن سفرة وابن دعوى … وبعض المهن والحرف الخاصة بالكركونات ) وحافظوا على تراثها التقليدي في السجن الحديث الموحش التصميم …

ومع ذلك استطعنا أن ندخل مصطلحات جديدة لهذا التراث القمعي ، لم يكن مسموحا تداولها خارج السجن ، كمصطلح معارضة سياسية وسجناء المعارضة ليصبح رسميا في تداولاتهم … وذلك  قبل أن تفرض المعارضة اسمها ووجودها على النظام بفعل ثورة الشعب . حيث بقي النظام ينكر وجود معارضة سورية ( لا في الداخل ، ولا في الخارج كما صرح وليد المعلم ) وبقي سجن عدرا يحتفظ بغطاء شكلي من سلطة القانون … لدرجة أن الذي يحول إليه اليوم من الموقوفين هو كمن يكتب له عمر جديد .

في سوريا التحديث والتطوير يقوم النظام باعتقال واخفاء وتصفية كل من تقع يده عليه من شباب ونساء سوريا الأحرار المسالمين ، في فروع وأقبية وزنزانات ومعسكرات فروعه الأمنية وجيشه وشبيحته ، ولا نعرف ماهي الظروف والشروط والتسميات والأمراض المنتشرة هناك، لكننا نعرف يقينا وبالتوثيق أنها أقبية للقتل والتعذيب حتى الموت وبكل فنون التعذيب والقتل بشهادة شاهد حمل معه 55 الف صورة و 11 الف اسم … (سيزر) . فهي النفق الذي يقود الشعب للذل كما كتبت سميرة المسالمة .

ولتقدير عدد الضحايا الذين يقتلهم النظام في سجونه نكتفي بمثال بسيط أعرفه جيدا هو مدينتي الزبداني المهجورة كليا والمدمرة ، والتي قتل من أهلها المئات  (بحدود 400 شهيد موثق) عدا من قتل من اللاجئين إليها ، بينما يوجد من أبنائها بحدود 1600 معتقل أغلبهم انقطعت أخباره ويرجح أنه قضى في سجون النظام، أي أربع أضعاف عدد الشهداء ، فإذا وثق الحقوقيون والنشطاء مقتل أكثر من مئتي ألف فعلينا أن نتوقع أضعاف هذا الرقم يقعون تحت باب الاختفاء القسري ، وبمعرفة أن عدد سكان الزبداني هو 30 ألف على دفاتر النفوس فهذا يعني أن 7%  من السكان قد قتل أو فقد، أغلبهم من الشبان بين سن 20-30 . وقد  وهجر 99 % من سكانها داخل وخارج سوريا ، وجرح بجراح بالغة أكثر من 10% ودمرت أو تضررت 80%  من المنازل ، مع دمار اقتصادي تام وخراب كامل للبنية التحتية …لنعدد الآن المدن التي تعرضت لما تعرضت له حمص وحلب ودرعا والدير وادلب والغوطتين ، ولنضرب الآن بعدد سكان سوريا سنعلم ما هو العدد الحقيقي لمن قتلهم هذا النظام والذي يتجاوز كثيرا نصف مليون انسان … مما يجعل هذا النظام هو ملك الارهاب لا ينازعه على عرشه أحد .. لا داعش ولا القاعدة ولا غيرها … فهي لا شيء بالمقارنة به كما ونوعا .

وبعد ذلك يريدون منا أن نتصالح ونتعاون مع النظام  لمحاربة الإرهاب … ! لأن النظام وايران شريك أمريكا في هذه الحرب ، وهم يحتاجون لقواته التي يجب أن لا نشغلها في الدفاع عن أنفسنا .. غريب وعجيب هذا المنطق . والأغرب والأعجب أن هناك من أهالي دمشق ومشايخها وتجارها من يعرف تماما هذه القلعة وهذا السوق وهذا الجامع ، ومع ذلك يسعى بمبادرات في هذا الطريق  ويرى الشمس تشرق من موسكو وطهران ؟؟؟

أما في الغرب فيقولون لنا بكل وقاحة البليد ، لن تحصلوا على دعم حتى تحاربوا الارهاب فقط .. فمحاربة النظام والارهاب معا ممنوعة لأن ذلك يقوض التحالف ضد الارهاب ؟ … وقد تتعرض قواتكم أيضا لضربات التحالف الذي يحارب الإرهاب ؟؟ ولكن أي ارهاب يحاربون ومع من يحاربون  ولصالح من يضربون . ومن يقتل بنيرانهم الصديقة  غير الشعب السوري وشباب وأطفال ونساء سوريا ؟؟؟

فاذا كان استهداف النظام ممنوع . واسقاطه ممنوع … من سيسقط إذن ، ستسقط الكرامة وستسقط القلعة ويسود الذل ؟

نقول لكل هؤلاء … عندما تنطق حجارة قلعة دمشق ، وتهتف نعم لبشار ، أو عندما تتحول لتراب ورماد كما تحول خيرة شباب أهلها، أو عندما تتكلم عظام أخوتنا ورفاتهم الطاهر الذين قتلوا بأبشع وأخس الطرق من قبل مؤسسة اسمها الأمن والجيش ودفنوا بالجرافات في حفر بعيدة ،… و ما نزال نسمع أنين عذابهم في آذاننا…  عندها فقط تستطيعون أن تجدوا من يتحالف معكم على هذا العار …

إما أنتم مجانين أو حاقدون أو تريدون منا أن نتحول لمجانين حاقدين كما فعلتم بشبابنا الذين ذهبوا لمبايعة من يقارعكم ويقول لا لمنطقكم وحقدكم  …

هلا تستمعون لعظام شهدائنا أو لصخور قلعة دمشق العتيقة تتكلم وتسألكم: أليس منكم رجل رشيد ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.