يثب

إيران الصفوية و ألمانيا النازية

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

عندما كانت الجيوش النازية المغرورة في قوتها تجتاح سهوب روسيا متقدمة نحو موسكو لم تكن تتوقع أن تحكم موسكوا عاصمتها برلين وتذل شعبها وتستعبده ولا تخرج منها الا طوعا بعد عشرات السنين … وعندما أدركت النازية حتمية خسارتها العسكرية سعت بشكل محموم لامتلاك السلاح النووي الذي كان من المفترض أن يحسم المعركة ، لكن الأمريكيين أخذوه منها وحسموا به معركتهم مع حليفها اليابان … هكذا ينقلب عادة السحر على الساحر ولا يحق في النهاية إلا الحق الذي  يزهق الباطل .

لقد بنت النظرية النازية مفاهيمها على تفوقها النوعي ، وقدرتها التنظيمية القسرية الترهيبية التي تحول كل مواطنيها لعبيد وآلات ، وبررت انحطاطها الخلقي وسلوكها الهمجي بشعارات قومية عنصرية … وسعت مستخدمة هذه الهمجية الحديثة للهيمنة على أوروبا والعالم بالقوة والقهر والدمار والمجازر ….

وهكذا تفعل ايران الصفوية في الشرق الأوسط فهي تدعي الوصاية على الدين والشأن الإلهي ، وتعمل ليل نهار لتدمير الآخر المنشغل بهمومه ، وتتاجر بكل القضايا ، وتبيح لنفسها وتبرر ارتكاب كل أنواع الجرائم تحت شعارات دينية مقدسة ، وتتقدم مسرعة نحو السيطرة على دمشق عاصمة الشرق الأوسط لتشكل دولة شيعية صفوية عسكرية نووية … مستخدمة كل أنواع القهر على غيرها وشعبها …. دون أن تدرك أنها ستفقد قريبا  طهران ذاتها …  فمصير طهران هو مصير برلين … نتيجة التشابه بين ايران الصفوية بقيادة الملالي ، وألمانيا النازية بقيادة هتلر .

وكما جاء المشروع القومي الأوروبي متأخرا للشرق الأوسط وفشل فيه ، كذلك يأتي المشروع الفاشي النازي متأخرا وسيفشل فيه أيضا ملتحقا بالمشروع الشيوعي الستاليني الذي غزانا وسبقه إلى حتفه … إن كان بالصيغة الشيعية الصفوية أو السنية الداعشية … فالحضارة التي تدوم لا تصنعها القوة والجريمة والقسوة والوحشية …. بل يصنعها الحق والقيم والخير والمشاريع الانسانية … لكن ماذا نقول إذا كان من يمتلك القوة الغاشمة يصاب عادة بسبب قوته بعمى عن رؤية الحقيقة ، فتسول له نفسه ، ويكرر خطيئة غيره … ليتكرر درس التاريخ ذاته …

إن مشهد التفتت والتردي والاهتراء  الذي تتصف به الدول العربية التي دخل معظمها مرحلة  الفشل والحرب الأهلية ، والصراع المحتدم بين التراث والحداثة ، وبين منظومات الأفكار والثقافات والقيم ، وبين الطبقات الاجتماعية ، والذي يتخذ أحيانا شكل صراع مذهبي … كل ذلك الغليان والتفكك والهدم هو تعبير عن انتهاء عصر التخلف والسبات والعودة لحالة اليقظة والوعي … والتي لن يطول الوقت حتى تنتج فكرها وثقافتها وعقائدها التي تتناسب مع ظرفها ومتطلباتها … فالشرق الأوسط الذي يخوض حربا أهلية طاحنة وحربا اقليمية شرسة وعالمية بالتقسيط والمفرق … يشهد تحولات اجتماعية اقتصادية سياسية ثقافية كبيرة وكبيرة جدا ، بعد قرون من الانحطاط والتخلف والانغلاق والجمود … والتغيير سيكون شاملا لكل بنيانه الاقتصادي الاجتماعي السياسي الثقافي ، وشاملا لكل المكونات وأطراف الصراع التي تعاني جميعا من أمراض قاتلة … خاصة تلك التي تحاول تجديد أشكال الماضي في زمن غير زمانها…

والذكي العارف يفهم أن ما ينفع الناس هو الذي يبقى ، وأن الحضارة بنيت فقط على الحق والقيم والأخلاق والخير … ولم تبن على القهر والقوة والعنف والجريمة … والمشروع الإيراني في المنطقة لا يحمل لسكانها الا الموت والدمار والتهجير والعنف والحقد الأعمى والأساطير التخريفية … ولذلك نقول  : بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين … وما أخذ بالسيف يذهب به … وما يزرعه الإيراني في دمشق وبغداد وبيروت سيحصده قريبا في طهران وقم وأصفهان … وكما كان مصير نازيي ألمانيا ، سيكون مصير حكم الملالي الفاشي المجرم ، وغدا لناظره قريب . والوجود العربي التاريخي في المنطقة يستطيع أن يهزم الغزوة الصفوية الجديدة كما هزم سابقا غزوات المغول والصليبيين …

كل التحية للشعب السوري العظيم ومجاهديه في كل الجبهات التي تشتعل نخوة وثأرا في زمن التخاذل والخذلان والتخلي … فهم يدافعون عن الحق في وجه أعتى الغزاة وأكثرهم شرا وحمقا … فقدر الشعب السوري أن يهزم النازية الجديدة المتحالفة مع الستالينية القديمة معا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.