د. كمال اللبواني
سوريا كدولة فاشلة ستوضع تحت الوصاية الدولية وسيحكمها السفير الروسي والأمريكي بقوى أجنبية ومرتزقة محليين عملاء لها ، فالسلطة الانتقالية المطروحة هي سلطة انتداب …. ولا قيمة لصورة أو اسم أعضاء هذه السلطة لأنها ستكون ممسحة حذاء المندوب السامي ، ويبدو أن الاختيار قد تم وفقا لهذه المعايير .
بمجرد الاطلاع على القائمة المسربة والتي اعتقد أنها قريبة من الواقع ، نستطيع أن نقول أنها تشبه قائمة الجبهة الوطنية التقدمية ، مع فارق بسيط أن الإخوان قد انضموا اليها بحصة هزيلة ارضاء للمخابرات التركية … و أن بشار سيكون مرتاحا مع هكذا حكومة وسلطة تعمل بأمر أجهزته الأمنية … كما سيكون أعضاء هذه السلطة مسرورين بالعودة لحضن الوطن وحضن النظام ، عملا بأغنية نجاة الصغيرة : ما أحلى الرجوع إليه …
كنا في السابق نكتفي بصورة المرشحين في قائمة الجبهة حيث لا قيمة ولا وجود لبرنامج سياسي غير خدمة القائد … لكن في هذه القائمة تغيب البرامج وتغيب الصور أيضا، مع أنه توجد الكثير من الأسماء لم يحصل لنا الشرف وسمعنا فيها … أي مثلهم مثل المستقلين الذين كانوا يترشحوا تزيينا للديمقراطية الشعبية … فهو مستقل عن كل شيء بما فيها السياسة… وهكذا ستتابع هذه السلطة الانتقالية سكن الفنادق وتناول وجبات الطعام الفندقي ، وتنهي يومها بالتوقيع على ترجمة القرارات التي ستأتيها باللغة الروسية من مكتب المندوب السامي …
قلنا أن هذه القائمة المسربة تؤكد أن السلطة الانتقالية سوف تتشكل من وكلاء الدول المطيعين ، وليس من المناضلين الذين لديهم ثوابت ، والذين استبعدوا جملة وبشكل كامل من حيث المبدأ ومن قبل كل الدول ، حيث لم ولن يوجد بين الأسماء المطروحة ولا معارض حقيقي واحد ، بل هم جلهم لا لون ولا طعم لهم وتفوح منهم رائحة التسلق والانتهازية ، يحملون لا فتات تقول (سياسيون للإيجار )، نصفهم من أتباع أجهزة المخابرات السورية والنصف الثاني من وأتباع وكالات المخابرات الدولية ، وربعهم مشترك تكررت أسماؤهم ، ومع ذلك يفترض بنا القبول بهم كممثلي المعارضة .
وطالما نحن تحت الوصاية ، لا يهمنا من يختاره الوصي الدولي فهو مهما كان سيكون عبدا مأمورا عنده… بل يهمنا ماذا سيفعل هذا العبد المخصي : ولا نطرح مطالب سياسية محددة لها علاقة بالسلطة لا شكلا ولا مضمونا ، بل نطرح مطالب مجتمعية بسيطة تتلخص بأمرين أساسيين هما :
- وقف القتل والحصار والاعتقال والتدمير .
- واعادة السكان لبيوتهم من دون تهجير وتطهير وتغيير ديموغرافي وتقسيم …
والبقية مجرد تفاصيل . إذا نفذوا هذين البندين سنخرج مسيرات تأييد بالروح والدم . لكن إذا فشلوا وهذا هو الظاهر والمتوقع من هكذا أسماء … فماذا سنفعل بهم ؟ …. نحن لا ينقصنا أن يلعب أولاد جدد بمصيرنا بعد بشار القائد ، والائتلاف الممثل الشرعي والوحيد وكلهم بدع استخباراتية دولية سابقة …
إن أي نظام سياسي مستقر أو صياغة دستورية لا يمكن أن تفرض على الشعب بهذه الطريقة ، بل لابد أن تكون منتجا عنهم وهذا يتطلب حياة سياسية طبيعية في ظل سيادة القانون … فصندوق الاقتراع هو آخر شيء في العملية الديمقراطية … ولا بد أولا من فرض سلطة القانون وضمان الحريات السياسية … قبل الحديث عن أي شرعية .
وعليه وطالما أن الأمور سارت رغما عنا وبقوة الدول ومن دون استشارتنا … لذلك لا يجب أن نشترك في معارك هذه السلطة الانتقالية ضد أي جهة كانت ، فهي سلطة انتداب ووصاية غير منتخبة وغير شرعية وطنيا ، ومن أوجد داعش عليه أن يحاربها هو … ومن صنع الارهاب وأمده عليه مقاتلته هو بجنوده هو ، فمعاركهم لا تعنينا …
ولا يجب أن يترك شبابنا سلاحهم ، الا بعد اجراءات موازية تشمل تفكيك الميليشيات المحلية كلها وسحب الأجنبية من سوريا ، وامتناع جيش السلطة وجيوش الاحتلال عن استهداف المدنيين وضمان الحريات السياسية كاملة … عندها فقط يمكن إخفاء السلاح والعودة للنضال السلمي لاستكمال ثورتنا ثورة الحرية والكرامة من ضمن العملية الديمقراطية التي تعهدوا في رعايتها … إذا صدقوا … فإذا نكثوا عدنا .
أسوأ مافي المشروع هو نوعية هذه الشخصيات التي توحي بأن العملية هي استبدال كيم ايل سونغ ، بسونغ كيم ايل … وبشكل خاص أحذر من فكرة دمج الجيش الحر بجيش النظام … ومن غياب أي حديث عن عدالة ومحاسبة وكأن الميت كلب وليس شعب … ومن وجهة نظري لن يقوم سلام واستقرار مجتمعي بالقفز فوق الحقوق ، ومن دون عدالة ومحاسبة …
لذلك نقول نحن كشعب تحت الوصاية لم نعترف بسلطة النظام ، ولن نعترف بشرعية أي سلطة انتداب تفرض علينا ، ولا بدستورها ولا بجيشها ، و لن نشارك في أي من معاركها لأنها لا تمثل ارادتنا المستعبدة فالعبد لا يطلب منه الكر ولا الفر … من استبعد ارادة الشعب وداس على تضحياته وقدم الحصانة لقاتله ، لا يجب أن يتوقع من هذا الشعب أي تعاون أو مساندة … أنتم لا تريدونه وهو لا يريدكم …
مع كل هذا ستبقى الثورة مستمرة مع تغير الظروف وتغير الوسائل ، ولن يتوقف نضال الشعب السوري حتى تتحقق مطالبه بالعدالة والحرية والاستقلال …