يثب

خيارات الوفد التفاوضي

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

اليوم الثالث من شباط … يعقد الوفد اجتماعا صباحيا ، وبعد الظهر يحضر منسق الهيئة رياض حجاب حاملا معه توجيهات جديدة ، وقد يعقد مؤتمرا صحفيا …

وبعد أن لوح الوفد بامكانية تعليق التفاوض أو الانسحاب … خاصة وأن الضمانات المزعومة التي قدمت له قد انكشف أمرها ووقع الوفد في حرج بعد التصعيد الروسي الأخير …

فقد حضر بالأمس مساء عدد من سفراء مجموعة الكور ( أصدقاء سوريا ) وناقشوا الوفد نقاشا طويلا وحثوه على الاستمرار في التفاوض والتعاون مع ديمستورا كالعادة … هم يحضرون في كل مرة ليقدموا التطمينات بأن الإنخراط في العملية السياسية هو الحل الوحيد ، وأنهم سيدعمون … دون ذكر كيف ومتى سيتوقف الهجوم البربري الروسي الإيراني … فهذا غير قادرين على ايقافه . بل يجب انتظار اقتناع روسيا وايران والأسد بأن أهدافهم قد تحققت من الهجوم ضمن العملية السياسية لكي يتوقفوا عن العملية العسكرية ، فبمقدار الاسراع في الاستسلام السياسي بمقدار تخفيف عدد الضحايا … ، هذا هو منطق العملية السياسية الراهنة ، فالاستسلام السياسي هو الوسيلة الوحيدة لوقف القتل.

 وهذا هو منطق ومحتوى مبادرة معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السابق الذي قال أن الشمس ستشرق من موسكو وأن الاستسلام لها سيكون هو أقصر طريق لوقف القتل، بعد أن رفض الأسد النظر في عيون أطفاله ، وهو سبب زعل معارضة موسكو التي غيبت عن مبادرتها واستبدلت بشخوص آخرين لم يستسلموا بعد.

 … باختصار تستمر العملية السياسية الاستسلامية بالتوازي مع السحق العسكري وبالتناغم معه ( القضم السياسي مع القضم العسكري) وما هو مطلوب سياسيا هو شرعنة استمرار القتل والتهجير ، وتوفير الوقت والمناخ الديبلوماسي المناسب لاستمرار العلمية الهمجية فشعوب الدول تتخدر بدخان العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة ، بينما تختفي صور الضحايا والأشلاء … ولا مانع من ارسال بعض الأكل لمنطقة وتجويع غيرها ، واطلاق سراح معتقلة ثم اعتقال أختها …

إكتفى الوفد بالتنديد والبكاء على الضحايا وقال أنه لا يملك أوراق الضغط في مؤتمر صحفي أمام الأمم المتحدة قرب خيمة هيئة المتابعة الشعبية … هو ينتظر الشفقة والرحمة من الدول والضمير الإنساني …

لا يملك الوفد من خيارات سوى المناشدة والمطالبة … والإقامة في الفندق وتناول وجبات الطعام والاجتماعات التي لا موضوع لها سوى كونها منبرا للتعبير عن الرأي وإظهار المواهب التحليلية والتنظيرية … بينما يقضون جل الوقت مع الاعلام الذي مل من مقابلاتهم والديبلوماسيين الذين أجبروا على الاقامة معهم وتحمل ادعاءاتهم الغليظة، ونساء المجتمع المدني اللاتي أحضرهن دي مستورا ليشركهن اعتبارا من اليوم بالعملية السياسية … بعد أن اختار 12 عشر امرأة والشمس والقمر من أصل خمسين من أبرز وجوه المعارضة النسائية التي جمعها ليدربها على فنون التفاوض وتحضير الملفات … وليساهموا في تغيير صورة المجتمع السوري الداعشية إلى صورة أخرى سيلفي نصف كم … ولكي يضيفوا شيئا جميلا على العملية السياسية القبيحة التي يسير فيها خاصة وأنه لا يعرف من يقصف الشعب السوري …

يحتفظ الوفد بسلاح وحيد هو الانسحاب الذي يعني نهايته كوفد وهيئة وسحب الشرعية منه والأهم فقدان الامتيازات، وهو خيار انتحاري شخصي لشخوص الوفد لن يصوتوا عليه ولن يتخذوه لأسباب شخصية حتى ممثلي المجموعات الاسلامية ، فكل واحد منهم يقول إذا انسحبت سأترك المكان للآخرين … وأنا أفضل من غيري … وهذا الانسحاب سيحدث فقط عندما تتصل السعودية وتطلب منهم ذلك تحت طائل كنسلة الحجز الفندقي …

ما يستطيعون فعله هو البكاء والمناشدة وعدم مقابلة وفد النظام وجها لوجه … وصمودهم ممكن فقط على هذه الجبهة ، وليسوا في وارد مناقشة أي استراتيجية جدية جديدة .. لسبب بسيط أنه ليس لديهم الوقت ولا التنظيم القادر على إدارة نقاش منتج، فعادة يضيعون في التفاصيل والتعريفات والتشعبات وتنتهي الإجتماعات بمناقشة كل شيء غير المعروض على جدول الأعمال..

ما نقترحه والهامش الوحيد المتاح للحركة هو التأكيد على أن سوريا دولة فاشلة ومحتلة من قبل ايران وروسيا ، وأن حماية المدنيين تحت الاحتلال منصوص عنه في اتفاقيات جنيف خاصة الرابعة ، والمطلوب من الدول فرض احترام اتفاقيات جنيف لحالة الحرب …

روسيا تريد التنصل من مسؤولياتها كدولة محتلة عبر التدخل بدعوة من الأسد الولد وباتفاقية رسمية معه ، والذي تستمر باعتباره رئيسا شرعيا ، وتريد من المعارضة عدم التطرق لشرعيته لهذا السبب … لكي يبقى مباحا لها ولإيران فعل كل الجرائم دون تحمل المسؤولية … ولا مانع لو انضم من يريد من المعارضة لمشاركة الأسد في تحمل المسؤولية الجنائية أو شرعنه الجريمة لكونها بطلب من السلطات الشرعية القابلة لتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة لكن بقيادة الأسد وتلتزم بتوقيعه واتفاقياته … وهذا هو مفهومهم عن السلطة الحاكمة التي هو موضوع التفاوض ….

يجب التحضير جيدا لخيار الانسحاب وحل الهيئة ومؤسسات المعارضة واعلان سوريا دولة محتلة والاحتفاظ بحق مقاومة الاحتلال بكل أشكال المقاومة التي لا يمكن توصيفها بأنها ارهابية في ظل الاحتلال … هذا هو المطلوب اليوم العمل عليه:  إما التزام الاحتلال بتفاقية جنيف أو الانسحاب الكامل والنهائي من العملية السياسية ومنع أي جهة من التفاوض مع المحتل … فهل يفعلها شباب الوفد ويعودوا لحضن وطنهم وشعبهم كأبطال أم تتغلب على ضمائرهم متعة السياحة والإعلام التي تزين منظرالدماد التي تسفك على تراب الوطن ؟؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.