يثب

حرب التحرير الشعبية

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

ترتفع أصوت الصراخ والتهويل في أوساط المعارضة المسلحة بعد اشتداد الهجوم الروسي الإيراني الأخير على أمارات المعارضة التي تبين عجزها عن المواجهة، والتي صارت مهددة بالسقوط تباعا كإمارات وسلطات وامتيازات تطورت ونمت على جسد الثورة مبتعدة بالتدريج عن مصالح الوطن … بينما ترتفع في الجهة المقابلة أصوات الطابور الخامس الذي لا يكل ولا يمل من طرح مبادرات الاستسلام والاذعان على ثورة لم يؤمن بها ولا بأهدافها يوما …

سابقا عندما بدأت الثورة الشعبية لاسقاط النظام، تحول الكثير من المنظمات الناشئة نحو استراتيجية تهدف للاستيلاء على السلطة بعد سقوط النظام وليس اسقاط النظام الذي أصبح مهمة يدفع إليها الآخرون، وأصبحت سياسة تخزين السلاح والاحتفاظ بالقدرات وقضم الجيش الحر سياسة رائجة في الجماعات المؤدلجة، والتي لافرق كبير بينها وبين داعش سوى أن الأخيرة مستعجلة على اعلان الدولة قبل التمكين، لكن النظام بقي بسبب ضعف التنسيق والادارة في صفوف المعارضة، ثم بسبب مساعدة العالم هذا النظام ، خاصة بعد ظهور الأمارات والدول الجهادية كبديل وحيد له ، والتي تتبنى أيديولوجيا عدائية لكل العالم والآخر، والتي أدت في النهاية لتوحدهم شرقا وغربا ضدها، وهي الدول التي اجتمعت وتفاهمت في فيينا وأصدرت بيانها الشهير الذي وافقت عليه جميعها حيث يرفض صراحة اسقاط الأسد أو نزع شرعيته … فتحول الصراع الجهادي من أجل السلطة لصراع بين هذه المنظمات وبين جيوش عالمية محتلة جاءت لمساعدة النظام على البقاء ، وصارت هزيمة هذه المنظمات هزيمة للثورة بحسب وجهة نظرها ، لذلك يعلوا صراخها بالتزامن مع سقوط إماراتها ، بينما يستعجل الطابور الخامس اعلان انتصار النظام وركوب الحافلات لحضنه …

حدث بنتيجة هذا التدخل الدولي المتوافق عليه بين الجميع، وهنا لا أستثني أحدا من دول فيينا، تحول جوهري في اهداف واستراتيجيات الحرب التي تدور في سوريا ، والتي لم يعد هدفها السلطة كما يتوهمون بل الوطن والبقاء في الأرض، نظرا لعمليات القتل والتهجير المنهجية التي تقوم بها ايران وروسيا لتغيير طابع سوريا السكاني وتخفيض الأغلبية فيها لأقلية، مستفيدة من التفويض الدولي بسوء نية ، ومنتقمة لما حدث في ليبيا ، والتي ربما حظيت بضوء أخضر أمريكي أوروبي ضمن تفاهمات متعلقة بتقاسم مناطق النفوذ والمصالح مع ايران وروسيا على حساب العرب وتركيا ، والتي تعني بشكل واضح وصريح السكوت عن الاحتلال الإيراني الروسي لسوريا، بشرعنة من نظام الأسد الذي حاولوا جاهدين اعادة شرعيته عبر مسار جنيف… بالاعتماد على قوى ومكونات سورية تتعاون مع الاحتلال وتساعده وحواضن مجتمعية تقع تحت قبضته، ومعارضة تنطق باسمه … وكان الأمريكي يأمل من المعارضة التي وكلها نيابة عن الشعب أن تقبل بما يقدمه لها الأسد ، لكي لا تقوم روسيا بفرض تنفيذ التوافق على طريقتها … وهذه كانت وجهة نظرها .

لكن الروسي والنظام أعلنوا استمرارهم بتنفيذ التفويض الدولي في القضاء على كل المجموعات المسلحة وأمارات الحرب في سوريا خلال أشهر، بينما تتقلص امكانية صمود الجبهات أمام هذا الهجوم الدولي في مناخ من الحصار وتقليص الدعم وتشرذم المجموعات المعارضة … وبالتالي لم يتركوا للشعب السوري أي فرصة للاختيار غير الرضوخ والاستسلام … ولكي لا تضيع تضحيات الشعب ويعلو صوت البوم  معلنا هزيمة الشعب وانتصار الشبيحة …

لذلك نرى ما يلي :

  • – سياسيا يجب اعلان سوريا دولة فاشلة تحكمها عصابة مجرمة وتقع حاليا تحت الاحتلال الروسي والإيراني وعصابة داعش … ووقف كل أشكال التفاوض مع المحتل والنظام المجرم .
  • – السعي لالزام المجتمع الدولي باحترام اتفاقيات الحرب ووضع المدنيين تحت الاحتلال، وعدم الدخول بأي مسار تفاوضي على أي موضوع آخر قبل الوقف التام لارتكاب جرائم الحرب.
  • – تفعيل الحراك السياسي الشعبي في الداخل والمخيمات ومناطق اللجوء … وتفعيل عمليات المقاومة الشعبية وتنظيم العمل الاغاثي بطريقة وآليات جديدة وتفعيل الرقابة الشعبية عليها.
  • – تفعيل العمل الإعلامي الموجه للرأي العام العالمي والذي يفضح ويوثق جرائم الحرب … وتشكيل فريق تواصل ديبلوماسي مهتم بهذا الموضوع.
  • – التمسك بحق مقاومة الاحتلال بكل أشكال المقاومة التي تسقط عنها صفة التطرف والارهاب بوجود الاحتلال. فالثورة باقية سلمية وعسكرية، وانهيار منظمات وأمارات لا يعني هزيمة شعب …
  • – ابعاد المدنيين عن ساحة الحرب وتشكيل ضغط انساني متزايد على الدول، والضغط على دول الجوار للسماح للاجئين بالتحرك نحو أوروبا، وتطوير وسائل نقل المهاجرين وتقديم العون لهم وتنظيم الهجرات الجماعية التي تنقلهم عبر البحار مستخدمين حقهم المشروع باعادة التوطين الذي تقره المنظومة الحقوقية الدولية.
  • ا- لتخلي عن استراتيجية الإمارات وحرب الجبهات والتحول حسب الظروف وتدريجيا لحرب الأنصار التي تستنزف قوات الاحتلال، وتشكيل مجموعات عسكرية صغيرة محلية تقاتل من الحركة، تهدف لاستنزاف المحتل وانهاكه.
  • – تنظيم عمليات التجنيد والتطوع بين الشباب السوري وتجهيزهم للعودة لساحات القتال، وكذلك الدعوة الواسعة للمتطوعين من الدول الشقيقة لنصرة بلاد الشام وأهلها، وتنظيم انتقالهم لأرض الرباط .
  • – حل التشكيلات السياسية والآيديولوجية الراهنة التي أثبتت عجزها وتشتتها وصارت مستهدفة وجوديا، وسببا دوليا للابقاء على النظام، والتحول لحرب التحرير الشعبية هروبا من التصنيفات المزعومة … واعادة بناء القيادة العملياتية تبعا للواقع الجديد الذي يجب أن ينظم مكانيا ومحليا ووطنيا وليس أيديولوجيا ضمن مسمى حركة تحرير سوريا.
  • – عزل وابعاد كل قيادي أو فصيل يرفض الانخراط في حرب التحرير الشعبية والتعاون معها … واعتبار كل موارد الثورة والفصائل ملكية عامة توزع حسب برنامج متفق عليه .
  • – دعوة الدول العربية والاسلامية للتدخل عسكريا لتحرير سوريا من الاحتلال وانقاذ أهلها من التشرد في اصقاع الأرض …
  • – الإبقاء على المقاومة بأعلى درجاتها وتوسيع جبهات القتال وساحته، لمنع المحتل من الاستقرار بانتظار اندلاع صراع اقليمي واسع العام القادم بسبب رعونة وهمجية وغطرسة الروس والإيرانيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.