يثب

التقسيم ….

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

إن الضجر وعدم القدرة على قراءة المقال حتى أخره يوحي إذا لم يكن المقال تافها أن القارئ هو جزء من قوى الاجتزاء والتقسيم وتعبير عنها حتى دون أن يتبناها فكريا . فالتقسيم المعلن هو ناتج حالة التسرع والسطحية والانغلاق السائد ، والذي لا يستطيع أن يستمع إلا لصوته ، ولا يدرك عوامل تشكل الدول واستقرارها … الوضع في سوريا يتجه نحو التقسيم والاجتزاء ظاهريا ، لكنه عمليا هو تقسيم للفشل والاهتراء ، يعبر عنه تخبط  وتشوش التصريحات الروسية والأمريكية والدولية حول مستقبل سوريا : فلا هي مقسمة قابلة أقسامها للحياة والإدامة ، ولا هي قابلة للحياة كدولة واحدة بعد خمس سنوات من الحرب في كل ربوعها ، ولا يمكن عمليا إيقاف الصراع فيها وعليها ، نتيجة عمق الجراح وتباعد وجهات النظر وتكاثر وتناقض المتدخلين الذين يتصارعون على أرضها ، فكيف الحل وما المخرج إذن ، ومن أين ؟

في مثل هذه الحالات : عندما تعجز عناصر الأزمة ومكوناتها عن الخروج بذاتها من حالة الانسداد الذي وقعت فيه،  لا بد من بروز عوامل غير منظورة تخرج بالصراع عن دائرته المنغلقة تلك ، وتضعه في سياق آخر يقبل الحل ، لكنه حتما سيأتي من خارج صندوق التفكير والاحتمالات السابق وخارج إطاره المحبط ، فيطرح طريقة وسوية أخرى للتفكير والحل، لم تكن ضمن الحسابات المفكر فيها ، ويحشد منظومة بشرية أيديولوجية مختلفة، من بين المسجونين في قفص الدائرة المغلقة والمحبطين من إمكانية الخروج … فيجد المجتمع نفسه فجأة في فلك مسائل أخرى ليست ذاتها التي أدخلته في ذاك النفق المظلم … وهنا دور الفكر والابداع  والشجاعة في التفكير خارج المعتاد والمتكرر ، والبحث عن آفاق جديدة للحل حيث لا يتوقع وجودها . وإن بدا ذلك مغامرة وحماقة مستهجنة في البداية ، وخروج عن القضية الأساسية المنشغلين والمستغرقين حتى النخاع فيها، والتي تعمي أبصارنا عن الحقيقة التي لاتخفي نفسها عنا إلا بقدر ما نتجاهلها نحن.

هناك فارق كبير بين (التدخل في ترسيم خطوط الجبهات العسكرية الفاصلة بين المتحاربين و تقاسم مناطق النفوذ والاحتلال) ، وبين (قيام الدول وتأسيسها على قواها الذاتية) … فما يجري في سوريا هو حتى الآن تقسيم عسكري طائفي ، تُرسَم خطوط جبهاته بقوات أجنبية وتغيير ديموغرافي ، أي هو تقاسم احتلالات أجنبية  وخلق مناطق نفوذ ، التقسيم الواقع اليوم يعبر عن حالة الدولة الفاشلة المحتلة ، يعبر عن فشلها ويظهر مكوناتها الفاشلة أيضا ، والتي لا تستطيع البقاء من دون سند عسكري خارجي …  فهو إذن لا يعبر عن قيام ونهوض دول مستقرة قابلة للحياة ذاتيا على حساب دولة مريضة هدها المرض ، بما في ذلك المشروع الكردي الذاتي ، والعلوي النصيري ، والفارسي الشيعي ، والدولة السنية في الرقة أو ادلب …  فقيام الدول اليوم لم يعد بالأمر السهل في زمن الاتحادات الكبرى ، فكيف باستقرارها وتطورها … كيف سيصبح الكانتون الطائفي الذي قام على جريمة حرب دولة،  إذا كانت الدولة السورية هي ذاتها دولة مصطنعة مشوهة هشة انهارت بمجرد أن تحطمت سيطرة النظام المستبد عليها ، بحيث لم يعد ممكنا تجديده بسبب اهتراء بنيته الداخلية وبنية الاستبداد ذاتها . و لا يمكن الحفاظ عليها موحدة من دونه لتفكك بناها . فالنظام موجود اليوم ويمَدد بقاؤه كرمز لفشل الدولة السورية وانهيارها ، ولمتابعة ذلك الدور الذي لعبه في تقويضها .  أما قيام كانتونات طائفية وعنصرية على أنقاضه فليس إلا تعبيرا عن حالة الخراب وفشل استمرار الدولة بحدودها المعترف بها وبأجزائها المقترحة معا … وهذا كله يطرح الحاجة الفعلية لمفاهيم وقيم وجغرافيا بشرية مختلفة أوسع وأشمل يمكن من خلالها تجاوز الحالة الراهنة ، فالتاريخ يسير نحو توحيد المقسم ، وليس تقسيم الواحد والمتشابك ، وهذا يعني أن الدولة العنصرية والطائفية ودولة الاستبداد والفساد هي أيضا نكوص نحو الوراء حضاريا ، فكيف يستقر هذا وهو مخالف لمقتضيات الاقتصاد الذي هو عصب السياسة وعنصر استقرارها ؟

الساحة السورية اليوم عبارة عن ساحة استنزاف عسكري لقوى التشدد الشيعي والسني التي تقسمه عسكريا ، هكذا أرادها المجتمع الدولي بمحاوره وتدخلاته ، فمن سيُستزف أولا وينسحب من اللعبة : السنة المشتتين أم الشيعة الموحدين وراء نظام الملالي ؟  طالما أن الدول توازن بين هذه القوى مما بجعل الطرفين لا غالب ولا مغلوب ، ومع ذلك لنفترض أنه قد توقف التدخل الدولي ( وهو لن يتوقف) ، عندها سوريا ستعود لتتوحد تدريجيا ، ليس كسوريا المعروفة سابقا فقط ، بل ضمن سياق اقليمي مختلف ، فالأغلبية العربية السنية تستطيع بالقوة والاقتصاد أن تعيد بناء دولة اتحادية بالتعاون مع الشعوب الجارة في كامل المنطقة ، ودمشق عبر التاريخ كانت من أهم عواصم الدولة العربية الاسلامية … هنا معضلة الغرب الذي يشعر أنه فقد السيطرة على المنطقة وشعوبها ، ولا حل عنده إلا بإعادة احتلالها أو تقاسمها كما حدث في الحرب العالمية الأولى واستمر حتى ما بعد الحرب الثانية ، أو أن يديم حالة الفشل في دولها أطول فترة ممكنة بعد خراب نظام الاستبداد الذي وكله فيها … يعجز الغرب عن احتلال سوريا و يتهيب من ذلك بسبب تجربته في أفغانستان والعراق ، فيكتفي بالضربات الجوية التي توازن الصراع ولا تحسمه ، ويستعين على الأرض بالمرتزقة من كل الأشكال ، وهي تشمل بقايا قوات النظام  الطائفية والحشد الشيعي والمنظمات التي تتلقى أوامر خارجية وقوات الحماية الكردية ، فينمو مقابل ذلك التشدد السني ، وتنمو ظاهرة الارهاب التي تستهدف معاقل الجهات المتوارية خلف اللعبة وتنقل التوتر والحرب إلى عقر دارها ، فالحرب في سوريا واقعة بين شعب يقاتل بامكانات هزيلة أصبح التشدد سلاحه الوحيد ، و مرتزقة مدعومة دوليا … والعقل السياسي الغربي يرفض فهم ما يحدث و يعجز عن السيطرة عليه ، لذلك فكل طروحات الحل تبدو منذ البداية غير موفقة رغم العدد الهائل من المؤتمرات الدولية ومسارات السلام ومشاريعها ومبعوثيها … تصور أنهم يكتبون دستورا لسوريا الموحدة المستقلة المدنية اللاطائفية ليرسموها كما يتوهمون ، وكأن الدساتير تصنع دولا ، وكأن الثورات لم تحطم الدول والنظم ودساتيرها الخرقاء التي لم تحترم  في يوم . وبنفس الوقت يدفعون بمن هب ودب لسوريا لإدامة حالة الفوضى فيها ، رغم ادعائهم بذل الجهود من أجل السلام ، ويمنعون ارسال قوات عربية اسلامية خوفا من انطلاق مسار وحدة المنطقة من جديد … ويعرقلون ارسال مساعدات انسانية إيمانا منهم بالسلام وحقوق الانسان . لذلك يعتبر فشل الدولة السورية فشلا لصناع القرار والسياسيات في المجتمع الدولي ، بل فشل عقلهم السياسي وهزالة قدراتهم أيضا .

أما مشكلة السياسيين السوريين فهي هشاشتهم السياسية بسبب حاجتهم للاقتصاد ، خاصة بعد تدمير سوريا ، فالاقتصاد هو من يصنع السياسة ، والسياسة لا تستطيع صنع اقتصاد ولا تنتج من دونه ، فتصبح مجرد عمالة وارتهان للغير ، فهل الدول المقترحة تملك امكانية قيام اقتصاد قوي أو تتوجه . وإلى متى تتحمل الدول الخارجية دفع فواتير تدخلها … فهي تنزف أيضا ، وعملية إدامة الفوضى في سوريا قد أصبحت مكلفة للجميع ، ليس فقط ماليا بل أمنيا بفعل الترهيب الذي صار ظاهرة عالمية ، وهكذا فإن طول مدة الاستنزاف ستكون في صالح الشعب الذي غُلب على أمره طويلا ، وستكون للاقتصاد الكلمة الأولى مرة أخرى بعد أن حطمه الإذعان للأيديولوجيات السياسية الحمقاء .

التقسيم الراهن يخدم مصالح الدول المتدخلة : المطلوب أمريكيا دويلة كردية منغلقة عدائية تحتوي قواعد عسكرية أمريكية تضمن بواسطتها أمن مصالحها النفطية ، المطلوب روسيا دويلة علوية ضعيفة مهددة تشكل قاعدة عسكرية لها وتضع يدها من خلالها على المزيد من مصادر الغاز ، ايران تسعى لضم أكبر قسم من سوريا وتهجير سكانها السنة لتتحول هي لدولة عظمى ، وهكذا فالتقسيم هو هدف مشترك لعدوان خارجي ، لا يعبر عن حاجات أو ضرورات داخلية . ولا يمر عبر كيانات قوية متماسكة ، بل هشة وضعيفة وخرقاء ، أما ما تبقى من سوريا التي تقاوم التهجير فتتقاسمه المنظمات التي تتنازع عليه : دولة اسلامية ، وجبهات وجيوش اسلامية أخرى لا تعطي لمفهوم الوطن اهتماما حتى الآن ، لذلك فالشعب السوري أصبح بعمومه لاجئا مشردا في وطنه أو خارجه لو تمكن من ذلك . وبقيت سوريا دولة غاب وغيّب عنها شعبها جسديا أو سياسيا،  ودمر اقتصادها ، وهذا ليس تقسيما بل قتلا .  فما يجري هو عملية قتل منهجي لسوريا …   و هذا يدفعنا للسؤال : إذا ماتت سوريا وهي كذلك ، فكيف ستكون الصورة في القادم من الأيام في المنطقة ؟

الأساس النظري الذي تقوم عليها الدول في العصر الحديث هو القومية الموحدة البنى الاقتصادية والاجتماعية ، وسوريا لم تكن أمة ذات سوق قومية مستقلة ومتمركزة مكونة من مجتمع مدني موحد ، لتقوم عليها دولة قومية بموصفات نموذجية تعطيها استقرارها ، بل كانت مجرد مستعمرة ، تحولت لما يشبه سجن عسكري انهارت جدرانه بانهيار سلطة المستبد فيه ، وظهرت الحاجة لمفاهيم وعوامل أخرى لقيام الدول تراعي تكوين المنطقة وجغرافيتها البشرية ومستوى تطور شعوبها  .. حدث ذلك في زمن العولمة وتراجع النظرية القومية كلها ، وطغيان الاقتصاد كعامل مباشر في السياسة وتأثيره الحاسم على شكل الدول ووظيفتها ، من دون ضرورة للتخفي أثناء مروره في عالم الثقافة والرموز التي تنتج الدولة وتحدد هويتها …  سوريا المصطنعة تلك قد فشلت ولن تستقر لا هي ولا جيرانها من دون أسس أخرى وعناصر حقيقية فعالة في قيام الدول واستقرارها ، فالذي يحدث ليس تقسيما بل فوضى وموت المشوه بانتظار ولادة جديدة مختلفة ( وتوصيف ما يحدث فلسفيا بحسب ديالكتيك هيغل هو فعل قانون نفي النفي ، الذي ينطبق على الدينامية الاجتماعية السياسية  )

فالأساس الذي قامت عليه دول الشرق الأوسط فاسد وطبيعي أن ينهار ، انهياره سيترجم لخطوط عسكرية وطائفية وأمارات تعبر عن حالة ما قبل الدولة تحكم حالة التفكك فيها … قبل أن تنشأ قوى التوحيد من جديد على أسس مختلفة تأخذ بعين الاعتبار العامل الأهم في زمن العولمة وهو الاقتصاد .

طبيعة المنطقة تحتاج لنمط آخر من الدول الاتحادية تعبر عن المصالح الاقتصادية المشتركة وتجمع المكونات الثقافية المختلفة ، عبر التاريخ كانت الجامعة الامبراطورية الاسلامية هي التي توحد معنويا الممالك والسلطنات وتلطف الصراع بينها … واليوم تعود مثل تلك الطروحات للحياة كبديل عن حالة الفوضى وبديل عن حالة التبعية والوصاية والتآمر الغربي الذي ما يزال يعيش عقلية الحروب الصليبية ( التي يشكل التشدد والارهاب الإسلامي ضدها ونظيرها أو الوجه الآخر لها ) . وما عودة تلك الأطروحات الاسلامية الفيدرالية للظهور لولا الحاجة لجغرافيتها السياسية الجامعة التي تسمح بقيام اقتصادات واسعة قادرة على العيش والمنافسة وتحقيق حاجات المجتمعات . لذلك فالجامعات الاقليمية سياسيا هي البديل الفعلي عن القومانية المركزية . والتي لا بد أن تبحث عن هوية موحدة ( هي حتما الاسلام )  .

إذا الفيدرالية المقترحة يمكن أن تكون حلا لو كانت جامعة وليست مقسِمة ، فيدرالية ( توحد سورية ولبنان والعراق والاردن وحتى تركيا ) … حيث يمكن لهذه الفيدرالية أن توحد مكونات المنطقة العرقية والدينية والطائفية المتداخلة جغرافيا والمتشابكة المصالح ، لكن تقسيم سوريا ذاتها لفيدرالية قومية طائفية فهو يعني ادامة حالة الفشل والاستبداد و إدامة عناصر الصراع ، وتقسيم العرب والكرد والعلويين وتهجير وتبادل ديموغرافي بما يتضمنه من جرائم حرب وضد الانسانية … فمشروع الفيدرالية السورية المقترح هو مشروع لارتكاب المزيد من المجازر والتهجير يشارك فيه المبعوث الأممي والمجتمع الدولي … ويتنطح لتنفيذه عدد من المنظمات الطامعة في الإمارة … يديم التبعية والاحتلال ولا يحقق الحرية والسيادة والأمن ناهيك عن الرفاه . وهذا لا يدوم بل يذهب جفاء كغثاء السيل .

بقاء سوريا هو بقاء للتقسيم الذي فرضه المستعمر  ، وزوالها يعني بداية مسار تكويني جديد للشرق الأوسط ، الذي سيخضع لهوية الغالبية فيه طال الزمان أو قصر ، فسوريا ذات دور مفتاحي في المنطقة ، وإذا ماتت سوريا فهذا أمر طبيعي لكونها مصطنعة ، لكن موتها سيفتح الباب نحو ولادة جديدة لكامل الشرق الأوسط وربما العالم الاسلامي ، ومسار التقسيم الذي يدفعون إليه هو ذات مسار توحيد المنطقة لكنهم لا يعلمون . فالمنطقة لن تستقر إلا على نظام اتحادي شامل يحقق وحدتها الاقتصادية و يبرز هويتها الطبيعية (الاسلامية) التي حاول المستعمر جاهدا إخفائها تحت غطاء القوميات التي انهارت بسبب العولمة ، بدءا من القوميات المصطنعة وأهمها القومية السورية واللبنانية والأردنية والفلسطينية والعراقية ووو ، وكلها دول رسمها متقاسموا النفوذ وطلبوا من سكانها أن يصبحوا قومية ، فتوهم من فعل ذلك أنه نجح ، فإذ بهذه الدول تفشل وتموت في طول وعرض الشرق الأوسط الكبير الذي لن يستقر من دون عودة الجامعة الاسلامية التقليدية له ، ولكن أي اسلام ؟ وأي نمط من الدول الاتحادية سيكون ؟

لا بد من المرور في مخاض ومرحلة تجريبية معقدة ، قد يظهر خلالها أن الغرب قد نجح في تدمير خصمه التاريخي لكن إلى حين . لأن البنى التحتية سرعان ما تعيد بناء البنى الفوقية بشكل جديد يتناسب معها …

سوريا التي نعرفها قد تموت وربما يجب أن تموت ، لكن إذا ماتت سوريا سايكس بيكو  فهل تحيى بلاد الشام ….

نصيحة : إذا أردتم الخروج من هذا المأزق السياسي فعليكم التفكير بالاقتصاد ، وأفضل طريق نسير عليه هو المتجه نحو اقتصاد قوي ، فهو الذي سيحقق الوحدة والسلام ويحدد نظامكم الآيديولوجي والسياسي … لا تستغرقوا كثيرا في شعاراتكم المعنوية ، فليس لها قيمة راسخة في مواجهة قوة المصالح التي يشبعها الاقتصاد … هذه رسالة من روح العصر الجديد الذي لا يقاوم ، والذي نفهم أنه يعاني من نقص هائل في صعيد القيم التي لا توجد إلا في المقدس الديني الذي اهتم في أمور الدنيا والآخرة معا ، وهذا مايجب علينا الاهتمام به داخل ديننا ، لكن شكل صياغة وتعبير هذه القيم الدينية سياسيا سيحدده الاقتصاد وبشكل قاهر …

لقد صدمتني هذه الحقيقة عندما شاهدت سقوط معظم المناضلين الذين عرفتهم وناضلت معهم أمام امتحان المال ، و شاهدت كيف تحكم المال السياسي بثورة شعب عظيم لم تهزمها الجيوش الكبرى ، ولا أرى أن هذه الظاهرة مقتصرة على القلة أو شخوص الائتلاف ، ففي داخل الكثيرين نفس البنية التي تنتظر فرصتها للظهور … وقد كنت فيما سبق أعتبر ذلك خيانة ، لكن بتغيير جدول الأولويات قد لا تستمر كذلك ، فتبدو الشعارات التي لا تحقق المصالح نوعا من الخديعة والكذبة التي نكذب بها على بعضنا وأنفسنا … فعندما تغيب المشاريع الوطنية التي تحقق المصالح العامة والتي تعتمد المؤسسات ، تنوب عنها المصالح الفردية المباشرة كآيديولوجيا وحيدة مضمرة تحرك جميع السياسيين ، ليصبح كل من يسقط في هذه الحرب ( مجرد فطيسة ) ذهب ضحية طمعه وحمقه ، إلا اللهم إذا كان يقصد مرضاة الله والحياة الاخرة ، وتقبله ربه المطلع على النوايا شهيدا من أجلها .

فكل من أيد النظام كان بهدف الانتفاع من فساده ، و الكثير ممن ثار عليه أصبح تحت سلطة المال ( متعيش أو مرتزق ) إلا من رحم ربي ، هنا نتذكر ما قال الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي :     دينكم ديناركم !!! … معبودكم تحت قدمي هذا .  ألا تشير حكمته لما قاله ماركس من أن الاقتصاد هو من يحدد طبيعة البنى الفوقية كلها … فلماذا نستغرق في مقاومة النتيجة ولا نذهب للسبب ؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.