إيران تنسحب من سورية بعد «استقرار نسبي»

خففت إيران من لهجتها تجاه الانسحاب من سورية، وربطت أمس وجودها بتحقيق «استقرار نسبي»، في وقت كشفت مذكرة وجهتها روسيا إلى الولايات المتحدة، استمرار التباين في شأن التعامل مع عودة اللاجئين وإعادة الإعمار في سورية.

وفي خطوة لافتة، أكد الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن بلاده «يمكن أن تخفض أو تنهي وجودها الاستشاري في سورية في حال شعرت باستقرار نسبي هناك، وأنهت مهمة القضاء على الإرهاب». وقال في تصريحات نشرتها وكالة «بانا» الإيرانية: «دخولنا إلى سورية جاء بناء على طلب الحكومة، وسنخرج منها في حال شعرنا باستقرار نسبي هناك».

ويتناقض هذا الموقف مع تصريحات إيرانية سابقة كانت ترفض الانسحاب من سورية، وتطالب بخروج القوات الأجنبية الأخرى الموجودة في شكل غير شرعي. وقال قاسمي رداً على سؤال عن دعوات روسيا وأميركا وإسرائيل لإخراج القوات الإيرانية من سورية: «وجودنا لم يكن بطلب من دولة ثالثة كي نخرج بطلب من تلك الدولة، نحن قادرون على تحديد مصالحنا الوطنية في شكل جيد، ونتخذ خطواتنا بناء على تلك المصالح، تماماً كروسيا التي تتبع مصالحها القومية في العالم». وزاد: «لدينا أهداف مشتركة مع روسيا، كالتعاون في محاربة الإرهاب، ولروسيا كذلك في سورية قوات عسكرية نتعاون معها في شكل جيد وبناء». وأضاف: «أجرينا محادثات جيدة مع كل من روسيا وتركيا، وسنستمر بالتعاون ما دام ذلك ضرورياً».

يأتي ذلك في وقت عزز النظام السوري قواته العسكرية في محيط محافظة السويداء (جنوب شرقي سورية) تمهيداً لعملية عسكرية تستهدف جيوب تنظيم «داعش» الإرهابي في المدينة، بعد أقل من أسبوعين من تنفيذ التنظيم عملية دموية قُتل خلالها 200 مدنياً وخُطف 30، غالبيتهم من النساء.

وأوضح ناشطون محليون أن التعزيزات التابعة لـ «الفرقة العاشرة» النظامية، وتضم مئات العناصر وعشرات الآليات العسكرية، انتشرت على تخوم البادية السورية. وأعلنت ميليشيا «الدفاع الوطني» الموالية للنظام في مدينة حماة أنها أرسلت «سرية المهام الخاصة» و «سرية الدبابات» التابعة لها إلى السويداء للمشاركة في العملية العسكرية، ونشرت عدداً من الصور لعناصرها بعد الوصول إلى المحافظة. وأفادت وسائل إعلام محسوبة على النظام بأن «خطة الجيش تقضي بشن الهجوم انطلاقاً من المحور الشمالي الشرقي لإنهاء وجود داعش في آخر بؤر تجمعاته في الجنوب الشرقي لسورية.

تزامن ذلك مع إعلان «قوّات سورية الديموقراطية» (قسد) تحرير حقلي نفط الأزرق والمالح اللذين استخدمهما «داعش» في تمويل نشاطاته، ضمن حملة «عاصفة الجزيرة» لتحرير الريف الشرقي لدير الزور والخط الحدودي الفاصل مع العراق. وأوضحت أن قواتها ذات الغالبية الكردية «أحرزت تقدّماً كبيراً بمسافة تقارب 37 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي، في المنطقة الصحراويّة الفاصلة بين بلدة الدشيشة وأقصى شرق نهر الفرات. ودمرت خلال المعارك نقاط لداعش وأسرت عدداً من عناصر التنظيم».

إلى ذلك، كشفت مذكرة أميركية أن روسيا قدمت اقتراحاً للتعاون في إعادة إعمار سورية وملف اللاجئين. وأشارت إلى أن الاقتراح أرسله منتصف الشهر الماضي رئيس أركان الجيش الروسي فاليري غيراسيموف إلى نظيره الأميركي جوزيف دنفورد، لكن الخطة الروسية لقيت استقبالاً فاتراً في واشنطن. وقالت المذكرة إن واشنطن يمكنها أن تدعم مثل هذه الجهود فقط إذا تم التوصل إلى حل سياسي، بما في ذلك إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.

وجاء في المذكرة: «يقول الاقتراح إن النظام السوري يفتقر إلى المعدات والوقود والمواد الأخرى والتمويل اللازم لإعادة بناء البلاد من أجل استيعاب عودة اللاجئين». وأشارت إلى أن الاقتراح يتعلق بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، موضحة: «الولايات المتحدة لن تساند عودة اللاجئين إلا إذا كانت آمنة وطوعية وبكرامة».

وسارعت وزارة الدفاع الروسية إلى تأكيد تقديمها اقتراحات التعاون مع الولايات المتحدة في ما يتعلق باللاجئين ونزع الألغام، معربة عن «الأسف لخرق الجانب الأميركي التعهد بعدم كشف محتوى اتصالاتنا إلا بتوافق الطرفين». وأضافت أن رسالة غيراسيموف كانت في جزء منها «حول استعداد الجانب الروسي للعمل مع السلطات السورية لتوفير ضمانات أمنية للاجئين في مخيم الركبان في منطقة التنف الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة وتهيئة الظروف لعودتهم إلى مناطقهم»، كما اقترحت موسكو «التنسيق» في إزالة الألغام، بما في ذلك من مدينة الرقة.

الحياة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.