إدلبي لـ «المستقبل»: نسعى إلى إخراج الثوار مع أسلحتهم من حمص نحو الريف الشمالي «عاصمة الثورة» تصرخ من وجع الحصار

تعود أحداث حمص إلى الواجهة بعد عامين من الحصار الفتاك على الأحياء القديمة في القصور والقرابيص وجورة الشياح والحميدية وباب الدريب وباب تدمر وباب هود وباب التركمان وباب المسدود والصفصافة وبستان الديوان ووادي السايح ومنطقة السوق، 13 حياً محاصراً، يتواجد فيها 4000 شخص يعيشون ظروفاً انسانياً مأساوية وصعبة وتنعدم فيها وسائل الحياة، لا كهرباء ولا ماء ولا مواد غذائية ومئات الأطفال لا يجدون علبة حليب وجرحى يئنون من النزف واصابات لا تعالج، وأكثر من 150 شهيداً قضوا جوعاً أو نتيجة عدم تلقي العلاج. حمص اليوم تصرخ من جديد وهي التي تعرضت لحصارين وارتكبت في أحيائها المجازر، حي الخالدية الشاهد حيث سقط 34 شهيداً و 1800 جريح نتيجة أعمال القصف، بابا عمرو أيضاً الحي الذي قاوم جيش الأسد ببسالة إلى ان اضطر الجيش الحر إلى إخلائه بعد معارك دامت اسابيع عدة.

مجازر كثيرة وقعت أيضاً، في كرم الزيتون والرفاعي والعدوية. حمص التي عاقبها جيش الأسد على خروج أبنائها للتظاهر من كل الفئات والأعمار والطوائف».

حمص عبد الباسط الساروت حارس مرمى منتخب سوريا في كرة القدم الذي ترددت انباء عن اصابته اخيراً بعد ان استشهد أربعة من اخوته. حمص أغاني الثورة التي صدحت باسم شعب طمح إلى الديموقراطية والحرية والعدالة، وغنت مع الفنان وصفي المعصراني:

«ماتت قلوب الجيش.. ماتت بها النخوة.. ليش يقتلنا ليش.. الجيش والشعب أخوة».

يبحث الائتلاف الوطني السوري عن مخرج لأولئك الصامدين في حمص من جحيم البراميل والاسطوانات المفخخة فهل ينجح في انقاذهم، بعد ان فتحت قوات النظام نار حقدها على الثوار والآمنين؟ وماذا سيكون تأثير ذلك على معركة الساحل وما هي حقيقة ما يجري من عمليات كر وفر بين الجيش الحر وقوات «الدفاع الوطني» أي «الشبيحة»؟

يفنّد الناشط السياسي، عضو تجمع أنصار الثورة عمر ادلبي لـ«المستقبل» التطورات الأخيرة في حمص قائلاً: «الاوضاع في حمص المحاصرة على حالها، حيث تستمر عمليات القصف على الاحياء المحاصرة في المدينة، والتي لم تهدأ حدتها طوال الليل لاسيما وان القصف يجري بواسطة الاسطوانات المتفجرة وليس البراميل فقط، ولكن التطور الجديد هو بدء استخدام مدافع الهاون في قصف الاحياء الاهلة بالسكان، اي الحاضنة الشعبية للثورة في الاماكن المحاصرة، اي في الغوطة والحمرا»، مشيرا إلى ان المعارك لم تنقطع ابدا في حمص منذ بدء الحصار عليها منذ اكثر من سنة ونصف السنة، وخلال الفترة الماضية في الستة اشهر الاخيرة جرت محاولات لاقتحامها، لاسيما من معبر باب هود، الذي يشهد محاولات دائمة للاقتحام، ولكن نتيجة المفاوضات التي حصلت بشكل متواز مع مؤتمر جنيف، وتم بموجبه اتفاق على اخلاء المدنيين من الاحياء المحاصرة توقعنا حصول تصعيد عسكري ومحاولة اقتحام المدينة، وهذا ما يفسر التطورات الاخيرة من الحصار وانفجار وضع المحاور، والثوار المحاصرون ليس لديهم امدادات من اجل ايصال الذخائر اليهم هناك، وهناك انقطاع تام للمواد الغذائية والطبية، ومن هنا اعتقد النظام انه صار من السهل اسقاط المنطقة ولذلك تحرك الآن».

الثوار أهم من الحجارة

ويشير إلى ان لجنة المفاوضات بين الطرفين من النظام والثورة توصلت إلى مسودة اتفاق سابقا لاخلاء الاحياء المحاصرة من المسلحين الثوار والسماح لهم بالخروج باسلحتهم الفردية باتجاه الريف الشمالي، وآنذاك اعترضت على ذلك قوات الدفاع الوطني او المعروفون بالشبيحة، وهم حاليا خرقوا هذا الاتفاق وبدأوا عمليات القصف، ويبدو ان النظام اعطاهم هذه الفرصة بمحاولة اقتحام الاحياء المحاصرة، بشكل عسكري واسقاطها».

وردا على سؤال عما يعني حاليا اسقاط حمص يجيب ادلبي: «حتى نكون منطقيين في وصف الحالة فان سقوط اي مدينة او اي مكان من يد الثوار بيد النظام لا يغير شيئاً من مسار الثورة على الاطلاق، ربما يسبب بعض الاحباط لبعض الثوار او المدنيين او بعض من يتمنى ان تنتهي الأمور بشكل سريع، ولكن بالحقيقة انه لم تسقط اي منطقة حتى الآن من يد الثوار بطريقة غيرت فيها مسار الثورة السورية، ومن عزيمة الثوار وتوجهاتهم لتحرير مناطق اخرى، وكلنا يتذكر سقوط اول منطقة محررة في سوريا في حي بابا عمر عام 2012 اذا اعتبرها النظام سقوطاً للثورة وهذا لم يكن صحيحا، وبالتالي فان كل المناطق التي سقطت في القلمون ايضا لم تغير في واقع استمرارية الثورة، لكن نحن ننظر إلى حمص بما لها من رمزية خاصة، كونها عاصمة الثورة كما يسميها الثوار، وهذا يحز في انفسنا ونشعر بمرارة ان تسقط حمص ولكن حياة الثوار اهم من الحجارة واي اتفاقية تؤدي لخروج الثوار من الاحياء المحاصرة إلى ريف حمص الشمالي هو حل مناسب الآن افضل من استنزافهم كما يحصل حاليا».

الى اين سيكون الانسحاب حسب التقديرات، يقول ادلبي: «الى تلبيسة والرستن والقرى الاخرى، وبالامس قمنا بحملة ديبلوماسية وسياسية وتواصلنا مع كل الاطراف المؤثرة في الصراع في سوريا واوصلنا رسالة للصينيين من خلال رئيس الائتلاف الوطني السوري احمد الجربا، للضغط على النظام واجباره على تنفيذ الاتفاق الذي تم من خلال لجنة المفاوضات، ونحن نرى ان هذا حل مناسب الآن لحفظ دماء شبابنا وفي الوقت نفسه لحماية المدنيين في الوعر والغوطة والانشاءات وغيرها من الاحياء التي تتعرض للقصف الوحشي والتي لا يوجد فيها ثوار».

«اللعبة» كرّ وفرّ

وعن تأثير سقوط حمص على جبهة الساحل يؤكد «عدم وجود أي تأثير، فالثورة تنتقل من مكان إلى آخر حسب الاوضاع اللوجستية المناسبة».

ولا يوافق على ما يتم ترداده اعلاميا من ان الثوار يتراجعون في المناطق ويشرح: «على الاطلاق الوضع ليس مثلما يروج له، هذا عمل تضطر ان تقوم به اي مقاومة شعبية في الدنيا، اي الانتقال من منطقة إلى اخرى واخلاؤها، فكما يخسر الثوار مناطق يربحون مناطق اخرى، وهكذا في لعبة كر وفر، هناك نقص في امدادات الاسلحة للجيش الحر لا سيما الاسلحة الثقيلة التي يحتاجها الثوار بشكل عاجل، لأن النظام يعتمد عليها في المعارك لا سيما الطيران بشكل مكثف، قيادة اركان الجيش الحر والائتلاف غير قادرين على تأمين احتياجات ولو جبهة واحدة، هناك نقص حاد في الاسلحة، فالثوار يعملون بأقل قدر ممكن من الامدادات، وبالعودة إلى الخسائر والمكاسب الاكيد ان جبهة القنيطرة ودرعا فيها انجازات بشكل مستمر، اما في حمص الموجودة في منطقة جغرافية صعبة، وكذلك القلمون حيث حلفاء النظام من حزب الله على الحدود الغربية، ولكن هناك مكاسب جيدة في مناطق اخرى».

ويوضح ان «قوات «حزب الله» لا تقاتل في حمص المدينة كما لاحظنا ولكن هناك خبراء يتم الاستعانة بهم في عدة مجالات وقد رصدنا اثناء الحملة العسكرية الماضية خلال احتلال حي الخالدية وجودهم اثناء المعارك اذ عملوا على طائرات الاستطلاع واحداثيات المدفعية البعيدة باتجاه الاحياء المحاصرة. وما هو مؤكد حتى الآن هو وجود عناصر من الدفاع الوطني وعناصر الميليشيات العراقية تعمل على الارض اما الميليشيات اللبنانية فهي متواجدة في ريف حمص الغربي والقلمون وفي حماه وريف دمشق اما في حمص المدينة فحتى الآن لم نلحظ ذلك، ولكن اذكر بعض المناطق في شمال الوعر لاحظنا وجود مقاتلين شيعة من المواطنين السوريين دربهم حزب الله».

الحسن: أين الأسلحة النوعية؟

اما حول ما يجري في معركة الساحل السوري، فتشرح لنا عضو الهيئة العامة للثورة عن مدينة اللاذقية والمتحدثة الرسمية باسمها بنان الحسن التطورات، مشيرة إلى المعركة التي تجري حاليا في تشالما، وهي ما زالت مستمرة من 3 ايام حيث سقطت اجزاء من المنطقة امس وقام المجاهدون بطرد العدو الاسدي منها وبقيت المنطقة فارغة لا يستطيع اي من الطرفين احتلالها (نفس وضع 45)».

وقالت: «نحن في حرب ذات طبيعة متغيرة ومن الطبيعي أن يكون هناك غموض في المعارك العسكرية وليس من الحكمة للمتحاربين أن تكون أمورهم واضحة».

وعن ابرز التطورات الميدانية لاسيما في العلاقة بين حزب الله وقوات الاسد، اوضحت ان «قوات الأسد تضع عناصر ميليشيا حزب الله في المقدمة نظرا إلى خبرتهم في قتال العصابات وهي تسهل عملياتهم بالقصف التمهيدي وتساندهم ناريا من الجو وبسلاح المدفعية ثم تأتي لتحصد النتائج بعد أن تكون قوات الميليشيا أنهكت في القتال هذا إن أنقذوهم. إذ تصلنا معلومات من أرض المعركة عن خلافات كبيرة تحدث بينهم نتيجة زج ميليشيا «حزب الله» بوجه الثوار».

وعن عدم التنسيق او التفاهم بين الفصائل المقاتلة مما يؤدي دائما إلى التقدم ثم التراجع، توضح: «نحن لا نخوض حرباً طبيعية فحربنا أقرب إلى حرب العصابات ومن الطبيعي أن يكون هناك تقدم وتراجع فالحرب سجال كرّ وفرّ».

اما عن السلاح الجديد للمعارضة فتقول: «لقد وعدنا أصدقاؤنا أكثر من مرة بالتسليح بأسلحة نوعية ولكن هذا الأمر لم يتم حتى الآن بصورة تقلب موازين المعركة. وجل ما حصلنا عليه أعتدة عسكرية غير فتاكة ونطمح إلى أن نحصل على مضادات طيران ومدرعات من أصدقائنا بشكل يجعلنا نحافظ على المناطق التي نسيطر عليها وتكون مقراً آمنا للاجئين السوريين. وهذا الأمر فقط هو الذي سيمكننا من بناء ما خربته الحرب وإعادة الحياة للمدن المدمرة».

فاطمة حوحو – المستقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.