واشنطن تكرر رفضها «التطبيع» مع دمشق

وصفت أنقرة، أمس، لقاء موسكو الرباعي لوزراء دفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات في تركيا وروسيا وإيران وسوريا بأنه كان مثمراً وجرى خلاله تبادل الأفكار حول مختلف القضايا الخاصة بتطبيع العلاقات مع دمشق. وجاء الكلام التركي في وقت كررت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، تمسك واشنطن برفض تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد «في ظل غياب تغيير سياسي دائم».
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في تغريدة على «تويتر»، أن باربرا ليف اجتمعت مع «هيئة التفاوض السورية» (المعارضة) لـ«التأكيد على أن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا لم تتغير: لا تطبيع مع نظام الأسد في ظل غياب تغيير سياسي دائم، والدعم القوي لقرار مجلس الأمن رقم 2254 بما في ذلك دور المعارضة السورية».
في المقابل، أعلنت «قوى الثورة والمعارضة السورية» أن وفداً من «هيئة التفاوض» برئاسة الدكتور بدر جاموس وعضوية سالم المسلط رئيس «الائتلاف الوطني» وإبراهيم برو ممثلاً عن «المجلس الوطني الكردي» وفدوى العجيلي ممثلة عن المستقلين، التقى باربرا ليف في واشنطن أول من أمس. وأضافت، في بيان، أن رئيس «هيئة التفاوض» أكد للمسؤولة الأميركية «أن أي حل سياسي في سوريا يجب أن يكون وفق قرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرار 2254، وأن غياب الحل السياسي وتحقيق المرحلة الانتقالية سيزيدان من مأساة الشعب السوري». وتابعت أن وفد المعارضة نقل للإدارة الأميركية مطلب «رفض التطبيع» والإصرار على «محاسبة ومساءلة النظام». كما شدد جاموس، خلال اللقاء، على «ضرورة تحييد اللاجئين السوريين في دول الجوار عن ضغوطات أو ممارسات تزيد من معاناتهم، وأن ملف اللاجئين هو ملف إنساني بالدرجة الأولى»، وأشار إلى خطورة ما يجري في لبنان من انتهاكات خطيرة بحق اللاجئين السوريين تودي بحياتهم بسبب تسليمهم للنظام، في إشارة إلى تقارير عن تسليم لبنان عدداً من السوريين لدمشق.
وفي أنقرة، قيّم وزير الدفاع التركي خلوصي أكار نتائج اجتماع موسكو الرباعي الخاص بمسار التطبيع مع دمشق، معتبراً أنه كان «مثمراً». وقال أكار إن بلاده سعت من خلال مشاركتها باجتماع موسكو لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بأقرب وقت ممكن، مضيفاً أنها تبذل الجهود للتخلص من «ابتلاء الإرهاب»، وتوفير أمن الشعب التركي وحدوده، وبالتالي تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بأقرب وقت ممكن.
وأشار أكار، في تصريحات عقب عودته من موسكو حيث شارك في الاجتماع الرباعي لوزراء دفاع وقادة استخبارات تركيا وسوريا وروسيا وإيران، الثلاثاء، إلى أن المشاركين فيه تبادلوا الأفكار حول مختلف القضايا، وأن الجانب التركي شدد على احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، وأن الغاية الوحيدة لوجود القوات التركية في شمال سوريا هي مكافحة التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمها «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تشكل امتداداً لإرهاب «حزب العمال الكردستاني» و«داعش» في نظر تركيا. وشدد الوزير التركي، في هذا الإطار، على أن بلاده ستواصل دون انقطاع مساعيها لتحييد الإرهاب، مبيناً أن هذا الأمر ليس لمصلحة أنقرة فقط، بل هو خطوة مهمة لوحدة الأراضي السورية أيضاً.
وكانت وسائل إعلام سورية قريبة من الحكومة قد أكدت أن الوفد السوري إلى اجتماع موسكو تمسك بمسألة انسحاب القوات التركية من الشمال السوري.
وذكر أكار «أنهم (الأتراك) يهدفون أيضاً إلى وقف موجة اللجوء من سوريا إلى تركيا، وذلك عبر تهيئة الظروف المناسبة في الأراضي السورية، ومن ثم تأمين العودة الطوعية للاجئين السوريين في تركيا إلى بلدهم». وتابع أن الجانب التركي نقل لأطراف الاجتماع الرباعي، تأكيد أنقرة على القرار الأممي رقم 2254، باعتباره حلاً للأزمة السورية بما يشمل جميع الأطراف، مشيراً إلى أنه أجرى مباحثات ثنائية «مفيدة وإيجابية» على هامش الاجتماع الرباعي في موسكو.
وشدد على أن أطراف الاجتماع الرباعي أجمعوا على الحاجة الملحة لمثل هذه اللقاءات من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستشهد اجتماعات مشابهة.
وأكد أكار أنه من غير الوارد أن تُقدم تركيا على خطوة «من شأنها أن تضع الإخوة السوريين في تركيا أو في الداخل السوري، في مأزق».
في سياق متصل، جدّد وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، اتهاماته للولايات المتحدة بالسعي إلى إقامة «دولة إرهابية» على الحدود التركية – السورية، معتبراً أن بلاده تحارب أميركا من خلال مكافحة الإرهاب، في إشارة إلى الدعم الأميركي لـ«الوحدات» الكردية.
وأضاف صويلو، في مقابلة تلفزيونية الأربعاء، أن أنقرة تطارد جميع المنظمات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة، قائلاً: «نحن لا نحارب حزب العمال الكردستاني، نحن نحارب الولايات المتحدة. هل نحن سذج حقاً لدرجة أننا لا ندرك ذلك؟ نحن نعلم ذلك. الولايات المتحدة تريد إنشاء دولة إرهابية على حدودنا مع سوريا».
وقبل أيام، وجّه صويلو الاتهام ذاته إلى الولايات المتحدة، معتبراً أنها تقوم بتشكيل «دولة إرهابية» قرب حدود تركيا، مؤكداً أن «هذا الخطر لن يختفي ما لم تتم إزالة عامل التأثير الأميركي في المنطقة».

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.