مصادر دبلوماسية غربية: الصراع السوري سيستمر لسنوات وعلينا الاستعداد له

بدأت العواصم الأوروبية تنسق بين أجهزتها الأمنية والدبلوماسية بشكل حثيث لمواجهة ما باتت تعده تهديدا متناميا من المقاتلين المتشددين الذين يتوجهون إلى سوريا للقتال مع مجموعات متطرفة مثل «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وبعد إعلان لندن وباريس ولاهاي وغيرها من دول أوروبية إجراءات ضد من يتوجه إلى سوريا للقتال ضمن قوانين «مكافحة الإرهاب» هذا الأسبوع، تستعد دول أوروبية مع دول أخرى معنية بالملف السوري للاجتماع يوم 8 مايو (أيار) المقبل للتنسيق في مواجهة التهديد المتنامي من «المقاتلين» الأجانب في سوريا. وأفادت وزيرة الداخلية البلجيكية جويل ميلكي أن تسع دول أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة وتركيا والمغرب والأردن وتونس ستجتمع في بروكسل للتنسيق بشكل أفضل في هذا الملف.

وأفادت مصادر دبلوماسية غربية أمس أن «النزاع السوري سيكون نزاعا طويلا جدا، وعلينا الاستعداد له بشكل جيد». وهناك تصور في واشنطن ولندن وغيرهما من عواصم غربية بأن الحرب في سوريا باتت تشكل تهديدا أمنيا على تلك الدول بعد الكشف عن تجنيد المئات من الشباب المسلمين للقتال إلى صفوف المسلحين المتشددين في سوريا المعارضة للنظام السوري برئاسة بشار الأسد.

وأضحت المصادر الغربية أن هناك «الكثير من التعاون بين البريطانيين والفرنسيين والهولنديين والبلجيكيين وغيرهم من أوروبيين لمعالجة هذا التهديد الذي يتصاعد ضدنا». وأضافت أنه «بات عنصرا مهما ولكنه لا يمكن أن يشكل الشكل الكلي للاستراتيجية السورية، هناك جانب إنساني وجانب لمكافحة الإرهاب وجانب سياسي». ويشدد الدبلوماسيون في العواصم الأوروبية على أهمية «معالجة أساس المشكلة» في سوريا، وهو النظام السوري، وأوضحت المصادر الدبلوماسية التي تحدثت لها «الشرق الأوسط» أمس أن «علينا حل الأزمة السورية لإنهاء التهديد الإرهابي».

ولكن في الوقت نفسه بات الهم الأكبر للساسة في الدول الأوروبية فيما يخص سوريا منع وقوع عمليات إرهابية على أراضيهم في حال عاد المسلحون من سوريا بأفكار متطرفة وإرهابية. ويذكر أن منفذي تفجيرات 7 يوليو (تموز) 2005 في لندن كانا قد تدربا في باكستان قبل تنفيذ الهجمات التي هزت بريطانيا، وهناك مخاوف من تكرار مثل هذه العمليات من قبل بريطانيين يعودون من سوريا مستقبلا.

وبعد أن حسمت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، موقفها بعدم التدخل العسكري في سوريا، تتخذ تلك الدول إجراءات أمنية لمواجهة تداعيات الأزمة. وشهدت الأشهر الأخيرة من العام الماضي جهودا لإطلاق عملية سياسية لحسم الصراع، ما أدى إلى مفاوضات في سويسرا بين وفدي النظام والمعارضة السورية بداية العام الجاري التي عرفت بـ«جنيف2». إلا أن المفاوضات «تعطلت، وإن لم تكن ميتة فوضعها سيئ جدا»، بحسب المصادر الغربية الدبلوماسية، خاصة بعد إعلان النظام السوري عن إجراء انتخابات من المتوقع أن تكون صورية وعاجزة عن تحقيق أي تقدم سياسي في البلاد. وأضافت المصادر أن المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر «الإبراهيمي كان واضحا أن إعلان (النظام السوري) إجراء انتخابات في هذا الوضع سيعني غلق الباب على العملية السياسية». ولكن هناك أيضا وعي غربي بأن «الكثير من السوريين ليسوا تماما مع النظام أو المعارضة»، بحسب المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» مما يعني ضرورة العمل على إقناعهم بأن النظام السوري لن يخدم مصالحهم.

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.