يثب

إعلان مبادئ ومعايير بشأن الإطار التنظيمي للجمعيات في العالم العربي

إن الخبراء القانونيين والنشطاء في مجال العمل المدني العربي المجتمعين في ورشة العمل عن “الإطار التنظيمي للجمعيات في العالم العربي” المنعقدة في عمان يومي 9 و10 أيار/ مايو 1999.
أ-) إذ يدركون أن العديد من البلدان تعاني من العديد من الإشكاليات والمعوقات بنسب متفاوتة، تقف عائقاً أمام تطوير مجتمعاتها والنهوض بالعمل الأهلي فيها، كغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، واستمرار البعد الأمني كمنظور أساسي لدى الحكومات العربية الذي ينعكس في العديد من القوانين الاستثنائية وعلى رأسها قانون الطوارئ، واتساع دائرة الفقر والبطالة والتفكك الاجتماعي المصحوبة بارتفاع نسبة الأمية وتخلف الأنظمة التعليمية، واستمرار حالة التمييز ضد النساء وإهمال حقوق الشباب والأطفال.
ب) وإذ يعون أهمية الدور المحوري الذي تلعبه الجمعيات، بالتكامل مع مؤسسات الدولة وسلطاتها المختلفة، في عدد كبير من الوظائف والميادين، أبرزها: التطور والتنمية الاجتماعية المستدامة، وتنمية اهتمام المواطن بالشأن العام، وتفعيل طاقة أفرادها وصقلها وتوجيهها وتأمين الديمومة المؤسساتية لها واستقلالها، وتعزيز الديمقراطية وثقافتها وتقوية المجتمع المدني.
ج) وإذ يؤكدون بأن الجمعيات لا يمكنها أن تؤدي هذه الأدوار الهامة إلا من خلال احترام مبدأ حرية الجمعيات، الذي نصت عليه أغلب الدساتير العربية، والمادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
والمادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، والإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة “الإعلان عن حقوق وواجب المجموعات ومؤسسات المجتمع في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً وتفعليها”، المعروف اختصاراً “بإعلان حماية مدافعي حقوق الإنسان”.
د) وإذ يؤمنون بأن حرية الجمعيات يتكامل دورها في تعزيز المجتمع المدني، بوجود النظم والأطر والأساليب الديمقراطية وتدعيمها، ويتعزز بوجود فعلي لمبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء.
ه) وإذ يسجلون بأسى أن التنظيمات القانونية والممارسات الإدارية في غالبية الدول العربية، وإن كانت بنسب متفاوتة، تضع عراقيل وعوائق في كل طور من أطوار وجود الجمعية، من تأسيسها إلى إدارتها وحتى حلها.
في انتهاكات فادحة واقعة على حرية الجمعيات، تعكس عدم الالتزام بأحكام الدساتير المحلية والمواثيق الدولية، ويزيد من خطورة هذه الانتهاكات ضعف الوعي بأهمية حرية الجمعيات وغياب ثقافة الديمقراطية.
و) وإذ يرون أن أهمية وضع مبادئ ومعايير توضح الحدود التي يمكن للقوانين أن تنظم من خلالها الجمعيات دون مخالفة مبدأ الحرية، يأتي تعميماً لمعرفتها من قبل أكبر شريحة ممكنة من المشرعين والمواطنين والجمعيات، وتسهيلاًُ لنشرها، واستعمالها في استراتيجيات محلية وعربية، ومن أجل أن تصبح الأنظمة القانونية العربية بهذا الخصوص متوافقة مع هذه المبادئ والمعايير، لذلك يعلن المجتمعون ما يأتي:
أولاً: في مبدأ حرية الجمعيات وحدود تنظيمها:
1. لكل شخص طبيعي أو معنوي حق المشاركة في تأسيس وإدارة الجمعيات والانتساب إليها والانفصال عنها بحرية، وذلك من أجل تحقيق هدف أو أهداف لا يبتغي منها اقتسام الربح، ويكون من حق الجمعية بدورها الاستفادة من الشخصية المعنوية المستقلة المتمتعة بالحقوق والحريات.
2. لا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير تلك المنصوص عليها في القانون والتي يستوجبها المجتمع الديمقراطي، ولا يجوز تفسير هذه القيود إلا تفسيراً ضيقاً وحصرياً، وفي حال الغموض يعمل بمبدأ الحرية.
3. على الدولة بمشاركة المجتمع المدني، العمل على وضع إطار تنظيمي يشجع على ممارسة حرية الجمعيات وتقوية مجتمع مدني مستقل، ناشط وديمقراطي، وعلى الإدارة أن تتعامل مع الجمعيات على قدم المساواة ودون أي تمييز.
ثانياً: في التأسيس :
1. المبدأ القانوني الأساسي الذي ترتكز عليه حرية الجمعيات، هو حق التأسيس دون الحاجة إلى ترخيص أو إذن مسبق، فالجمعيات تتأسس بمجرد اتفاق إدارة مؤسسيها ويجوز الإعلان عنها بمجرد الإعلام “الإخطار المسبق” ولا يمكن إخضاع التأسيس لأي تدخل مسبق من السلطة الإدارية أو من السلطة القضائية.
2. لا يجوز أن تكون أهداف الجمعيات أو أنظمتها أو مؤسسيها أو عددهم، أياً كانت مجالات عملها أو تصنيفها، سبباً لفرض أية قيود أو عراقيل على تأسيسها.
3. لا يجوز أن تشكل إجراءات التأسيس الإدارية، حتى عبر نظام الإعلام / الإخطار، عوائق وعراقيل أمام تأسيس الجمعيات ويجب أن تتسم هذه الإجراءات بالسرعة والوضوح والبساطة، وبدون تكلفة، وألا تخضع السلطة التقديرية للإدارة.
4. تتمتع الجمعيات بالشخصية المعنوية المستقلة عن أعضائها فور الإعلام / إخطار الإدارة بتأسيسها، مع كل ما يتصل بهذه الشخصية المعنوية من حقوق مثل: الذمة المالية المستقلة والأهلية وحق التقاضي في كل ما يتعلق بمصالحها أو تحقيق أهدافها، وأن تتملك أموالاً منقولة وغير منقولة وتقبل الهبات والتبرعات.
ثالثاً: في الأنظمة الأساسية والداخلية:
1. يتمتع مؤسسو الجمعيات بحق وضع أنظمتها بحرية ودون أي تدخل، ويجوز للإدارة العامة وضع نماذج اختيارية لمساعدة المؤسسين في عملية التأسيس.

2. يحق للجمعيات تعديل أنظمتها بحرية، بما في ذلك الأهداف ومجالات النشاط، في أي وقت طبقاً لأنظمتها، ووفق ذات الأصول المطبقة في تأسيس الجمعيات، دون تدخل من السلطات الإدارية.
رابعاً: في الإدارة:
1. تدار الجمعية بواسطة هيئاتها المنصوص عليها في أنظمتها الخاصة، ولا يحق للإدارة العامة التدخل في عملية تسيير اجتماعاتها أو انتخاباتها أو نشاطاتها أو التأثير عليها.
2. ويتضمن مبدأ حرية الجمعيات حرية الانضمام والانسحاب، وللجمعية حق وضع شروط العضوية.
3. لضمان الشفافية والعلانية والمصداقية، على الجمعيات مسك دفاتر وسجلات محاسبية وتعيين مدقق حسابات عند الضرورة، وتضمين أنظمة الجمعيات أحكاماً تمنع تعارض المصالح بين الجمعية وأعضائها.
خامساً: في مصادر التمويل:
1. للجمعيات الحق في تنمية مواردها المالية بما في ذلك: رسوم وتبرعات الأعضاء وقبول الهبات والمنح والمساعدات من أي مصدر طبيعي أو معنوي، محلي أو خارجي، والقيام بنشاطات من شأنها أن تحقق دخلاً وتدر ربحاً لها يستخدم في أنشطتها، شرط ألا توزع هذه الأرباح على الأعضاء.
2. على الدولة أن تضمن في قوانينها إعفاءات للجمعيات من الضرائب والرسوم وأن تشجع المانحين والمتبرعين عبر خصم قيمة ما يتبرعون به من وعائهم الضريبي بنسبة مقبولة.
ولا ينبغي أن تتحول هذه المزايا والإعفاءات الضريبية إلى وسائل للتدخل في شؤون الجمعيات.
سادساً: في الرقابة على الجمعيات
إن حرية الجمعيات لا تعني غياب المساءلة والرقابة، فعلى الجمعيات أن تكون مسؤولة تجاه كل ذي مصلحة وفي حدود تلك المصلحة التي تبررها الرقابة، وذلك من الهيئات التالية:
أ) أعضاء الجمعية في جميع شؤونها.
ب) الرأي العام والمجتمع في حال وجود مصلحة عامة مشروعة تتعلق بنشاط الجمعية (مثلاً: موجب الشفافية المالية إذا كانت الجمعية تطلب التمويل عن طريق الهبة العامة).
ج) القضاء العادي/ الطبيعي.
د) الإدارة العامة (رقابة مالية فقط) في حدود ما تستفيد منه الجمعية من مزايا وأنظمة ضريبية خاصة.
ه) الجهات المانحة بالنسبة للأموال الممنوحة منها.
سابعاً: في المخالفات:
. 1يجب الأخذ بمبدأ تناسب الجزاءات مع المخالفات ولا يجوز توقيع عقوبات جنائية على العمل المدني للجمعيات أو على أعضائها. وفي مطلق الأحوال لا يمكن أن يقرر أو يحكم بتلك الجزاءات إلا من قبل القضاء، بعد ضمان حق الدفاع في محاكمة علنية وعادلة.
ثامناً: في الحل
المبدأ أنه لا يحق للإدارة العامة حل الجمعيات، ولا يمكن أن تخضع الجمعيات للحل إلا بقرار صادر عن هيئاتها الخاصة، أو بحكم قضائي نهائي بات، وبعد أن تكون قد استفادت الجمعية من حق الدفاع في محاكمة علنية وعادلة، وفي حالات يجب أن يحددها القانون صراحة وحصراً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.